قاضية الأمور المستعجلة في بيروت زلفا الحسن أصدرت بتاريخ 7-9-2012 قرارا بحماية الحرية النقابية من خلال منع صرف الهيئة التأسيسية لنقابة موظفي سبينس وتحديدا في الفترة الفاصلة بين تقديم طلب تأسيس النقابة والحصول على الترخيص. وكانت الشركة قد صرفت رئيس الهيئة التأسيسية في الأسبوع الماضي.يسر المفكرة القانونية أن تنشر مقتطفات من الاستئناف الذي قدمه المحامي نزار صاغية لتأمين هذه الحماية أمام قضاء الأمور المستعجلة، واصفا ابعاد هذه القضية وأهمية الحقوق المراد حمايتها في ظل الوضع القانوني الحالي الذي يربط وجود النقابة بالحصول على ترخيص مسبق من وزارة العمل، وهو أمر بات في تعارض تام مع التزامات لبنان الدولية.
واليكم المقتطفات المذكورة:
موضوع هذه العريضة وأبعادها الحقوقية والاجتماعية
المستدعون كلهم أعضاء في الهيئة التأسيسية لنقابة العاملين في SPINNEYS في لبنان وهم يعملون في محلاتها في الأشرفية. وقد تم تسجيل تأسيس النقابة لدى وزارة العمل بتاريخ 26 تموز 2012 تحت الرقم 583/4 وتم وصف الطلب من قبلها بـــ"طلب تأسيس نقابة" (مستند رقم 2 مبرز ربطا: نسخة عن طلب تسجيل النقابة، ومستند رقم 3: الوكالة الوطنية عن تأسيس النقابة، خبر منشور في 31-7-2012). وكان يرأس الهيئة التأسيسية ميلاد فرج الله بركات الذي تم صرفه من العمل في 25-8-2012.
وهم يلجؤون الى رئاستكم الموقرة لحمايتهم وحماية حريتهم النقابية ازاء التدابير الانتقامية والتخويفية للشركة والتي تجلت واضحة وضوح الشمس من خلال صرف نقابيين اثنين على خلفية أعمالهم النقابية، وهما السيدين سمير طوق وميلاد بركات، وتوجيه كتاب صرف لنقابي ثالث من أعضاء الهيئة التأسيسية قبل التراجع عنه خلال 24 ساعة. وبالطبع من شأن وقائع الصرف التي حصلت حتى الآن والتي وثقها أكثر من مرجع (أبرزهم منظمة العمل الدولية، مستندرقم 1) أن تشكل تهديدا محدقا ضد الحقوق والحريات الأساسية للمستدعين خلال هذه الفترة الفاصلة بين تقديم طلب تأسيس نقابة واتخاذ وزارة العمل قرار بشأن طلب الترخيص فعليا، طالما أن القانون اللبناني لا يمنحهم بنصوص وضعية صريحة أي حماية قانونية خاصة خلال هذه الفترة.
وما تحاول هذه العريضة اثباته هو أن الشركة سعت وتسعى الى الاستفادة من غياب الحماية القانونية خلال هذه الفترة للتخلص من القيادات العمالية داخل الشركة (المستدعين، أعضاء الهيئة التأسيسية للنقابة) ومعهم من شبح النقابة التي يخشى أن يتم اجهاضها وتفريغها من أعضائها قبلما يتسنى لها الحصول على ترخيص. وتاليا، هي – أي هذه العريضة – تهدف الى استشراف سيناريو مختلف تماما للمستقبل: فهي تروم من القضاء المستعجل أن يؤمن من خلال تدابير حمائية ومؤقتة الحماية الضرورية للحق في العمل والحرية النقابية خلال هذه الفترة الحاسمة أي الفترة التأسيسية للنقابة بما يضمن لها مقومات الخروج الى الضوء وبالنتيجة لأجراء الشركة بتحصيل حقوقهم من دون انتقاص أو تمييز وأن يتمتعوا بشروط عمل أكثر توازنا وعدالة.
والذي يعلم أن هذه النقابة هي أولى نقابة عمالية تؤسس منذ عقود في لبنان بفعل التحالف بين أصحاب الرساميل والطبقة السياسية الزبائنية المهيمنة (الأخطبوط)، يعي تماما أهمية الدور الاجتماعي الريادي المطلوب من القضاء المستعجل أن يؤديه في هذه القضية. فأي قرار حمائي منه للحقوق والحريات موضوع هذه الدعوى يشكل رسالة ناصعة في اتجاه مجمل الأجراء بأن حقوقهم وحرياتهم، وعلى رأسها حريتهم بالتجمع، محفوظة وبحمى القضاء. وهكذا، وبدل أن تخنق النقابة في مهدها، تتحول الى كرة ثلج تمهد لحيوية جديدة من شأنها استعادة الحراك العمالي والمواطني الحاصل في الفترة الذهبية للبنان، بمنأى عن منطق الزبائنية والطائفية والمحسوبيات.
وبكلمة أخرى، موضوع هذه العريضة مهم جدا واستثنائي جدا: فلأي قرار يصدر عن القضاء المستعجل آثار حقوقية واجتماعية بالغة الأهمية، وهي آثار لا بد أن تدخل حكما في أي معادلة أو موازنة بين مختلف المصالح المعروضة أمامكم.
ثانيا: ما هي الحقوق والحريات المطلوب حمايتها بموجب هذه العريضة؟
الحقوق والحريات المطلوب حمايتها في هذه العريضة والمكرسة وفق المعاهدات الدولية والنصوص والمبادئ القانونية هي الآتية:
أولا، حق القيادات النقابية (المستدعين) كما أي أجير آخر بالتمتع ببيئة عمل سليمة خالية من عوامل الضغط والتخويف. فالوقائع المبينة تثبت أنه منذ تاريخ تأسيس النقابة، بات المستدعون يحيون في أجواء ضغط غير اعتيادية بهدف التأثير على ارادتهم في تأسيس النقابة.
وهذا ما نقرؤه بوضوح كلي في الكتاب الصادر عن منظمة العمل الدولية والمرفق ربطا حيث شجبت المنظمة ما تثبتت منه من "عمليات فصل من العمل وترهيب وتخويف وحجز حريات بما في ذلك الاستخدام غير المشروع للوسائل الأمنية والبوليسية في قمع الحريات النقابية"؛
ثانيا، حق القيادات النقابية (المستدعين) بحماية فعلية ازاء التدبير التمييزية والانتقامية والتعسفية على اختلافها وتحديدا ازاء الخطر المحدق المتمثل في احتمال قيام الشركة بصرف القيادات العمالية (المستدعين) تعسفا استباقا لاكتسابهم الحماية القانونية المنصوص عليها في المادة 50 ه (شروط خاصة للصرف، اعادة الى العمل مع تعويضات تبلغ ثلاث مرات التعويض المعطى عادة) والتي لا تعطى لهم الا بعد الحصول على ترخيص النقابة وفق القانون اللبناني، وبذلك تصطاد الشركة القيادات واحدا واحدا فتصرف كل ما تسوله نفسه انشاء نقابة قبلما تتوفر له الحماية القانونية، بما يشكل تحايلا واضحا على القانون. والواقع أن قانون العمل اللبناني (50 ه) لحظ أهمية ايلاء حماية خاصة للقيادات النقابية عملا بقناعته بوجود ارتباط وثيق وحتمي بين حماية هذه القيادات وصون الحرية النقابية، فحمى القيادات المنتخبة بعد تأسيس النقابات عملا بمبدأ وجوب حماية القيادات النقابية، الذي يشكل بالواقع جزءا لا يتجزأ من الحرية النقابية. فأي حرية نقابية تبقى اذا ترك لأرباب العمل امكانية التنكيل بالقيادات النقابية من دون أي حماية خاصة؟ ومن الطبيعي في ظل مبدأ كهذا، أن يتوجب على القضاء تأمين الحماية لهذه القيادات ليس فقط في الفترة التي شملها المشرع في أعماله، بل أيضا وعلى وجه الخصوص في الفترات الأخرى بما فيها الفترة التأسيسية، عملا بروحية النص والمبدأ الذي بني عليه نفسه، كلما تبين وجود ظروف تهدد حقوقهم بشكل فعلي كما في القضية الحاضرة. والقول بخلاف ذلك (أي القول بأن لا حق للقيادات بأي حماية في فترة ما قبل التأسيس) يؤدي الى نتائج عبثية مفادها أن حماية القيادات واجب بعد التأسيس وليس قبله، مما يشكل دعوة صريحة الى أرباب العمل بوجوب التصرف بسرعة (الانقضاض على القيادات العمالية وتصفيتها في فترات انشاء النقابة) استباقا لاكتسابها الحماية القانونية الخاصة، مما يؤدي الى القضاء على النقابة قبلما تنوجد والى نتائج مخالفة تماما لما تتوخاه المادة 50 ه.
واثباتا لذلك، يراجع لطفا:
« la discrimination antisyndicale est une des violations les plus graves de la liberté syndicale puisqu’elle peut compromettre l’existence même des syndicats. »
(Voir Chapitre 13, paragraphe 769 de la liberté syndicale, Recueil de décisions et de principes du Comité de la liberté syndicale du Conseil d’administration du BIT, 2006 ; 331e rapport du comité de la liberté syndicale, cas no 2169, paragr. 639).
Nul ne devrait faire l’objet de discrimination dans l’emploi en raison de son affiliation ou de ses activités syndicales légitimes, présentes ou passées.
(Voir Recueil 1996, paragr. 690 et, par exemple 300e rapport, cas no 1823, paragr. 440; 304e rapport, cas no 1819, paragr. 155; 306e rapport, cas no 1867, paragr. 67; 310e rapport, cas no 1930, paragr. 364; 320e rapport, cas no 1963, paragr. 226; 325e rapport, cas no 2068, paragr. 316; 327e rapport, cas no 2098, paragr. 757; 331e rapport, cas no 2187, paragr. 441; 336e rapport, cas no 2380, paragr. 794 et 338e rapport, cas no 2200, paragr. 325.)
771. Nul ne doit être licencié ou faire l’objet d’autres mesures préjudiciables en matière d’emploi en raison de son affiliation syndicale ou de l’exercice d’activités syndicales légitimes, et il importe que tous les actes de discrimination en matière d’emploi soient interdits et sanctionnés dans la pratique.
(Voir Recueil 1996, paragr. 696 et 748 et, par exemple 305e rapport, cas no 1874, paragr. 270; 309e rapport, cas no 1925, paragr. 116; 316e rapport, cas no 1972, paragr. 708; 320e rapport, cas no 1998, paragr. 254; 321e rapport, cas no 2055, paragr. 355; 327e rapport, cas no 2125, paragr. 778; 330e rapport, cas no 2203, paragr. 808; 331e rapport, cas no 2097, paragr. 277; 333e rapport, cas no 2229, paragr. 108 et 334e rapport, cas no 2239, paragr. 394.)
772. Nul ne doit faire l’objet d’une discrimination ou subir un préjudice dans l’emploi de son affiliation ou de ses activités syndicales légitimes et les responsables de tels actes doivent être punis. (Voir 299e rapport, cas no 1808, paragr. 377.)
وعن انطباق مبدأ حماية النقابيين على الدول التي لم توقع معاهدة منظمة العمل الدولية بشأن الحرية النقابية وعلى العمال الذين انضموا الى نقابات لم تكتسب بعد الشخصية المعنوية، يراجع أدناه الآراء المنشورة في مجموعة آراء اللجنة الناظرة في النزاعات المتصلة بالحرية النقابية في منظمة العمل الدولية:
« nul ne doit être licencié ou faire l'objet de mesures préjudiciables en matière d'emploi en raison de son affiliation syndicale ou de l'exercice d'activités syndicales légitimes, et qu'il importe que tous les actes de discrimination en matière d'emploi soient interdits et sanctionnés dans la pratique ».
« A cet égard, même si le gouvernement a souligné qu'il existait des irrégularités qui empêchaient de reconnaître au syndicat en question la personnalité juridique, le comité constate que le gouvernement n'a pas nié le licenciement massif de travailleurs affiliés au syndicat, et qu'il s'est borné à souligner que le nouveau syndicat ne compte pas le minimum légal de 35 travailleurs. Dans ces conditions, ne pouvant avoir la certitude que les licenciements allégués soient liés à l'affiliation syndicale des travailleurs, le comité demande au gouvernement de diligenter une enquête à cet égard et, si la véracité des allégations est confirmée, de prendre les mesures nécessaires pour que les travailleurs licenciés puissent obtenir leur réintégration dans leurs postes de travail et pour que les sanctions prévues par la loi soient appliquées ».Citations prises du 304eme rapport du Comité de la liberté syndicale, cas n 1853, p.88, paragr.300 et 302,http://www.ilo.org/public/libdoc/ilo/P/09635/09635(1996-79-series-B).pdf
وثالثا، حق المستدعين بالتمتع بالحرية النقابية وبانشاء نقابات:
فهذا الحق يكون معرضا لخطر محدق في حال وضع المستدعون عمليا، وبفعل قرارات الصرف الموجهة الى القيادات الأخرى وبفعل الضغوط المستمرة، بين خيار من اثنين: اما التخلي عن انشاء النقابة أو عن الانضمام اليها، أو التخلي عن العمل في الشركة. فهكذا خيار ليس خيارا أبدا. ونسارع الى التوضيح بأن عددا من المؤسسين قد انسحبوا من النقابة باستقالات رسمية أو بانكفاء فعلي بنتيجة هذه الضغوط.
كما أن هذا الحق يكون معرضا لخطر محدق من خلال تفريغ الهيئة التأسيسية من أعضائها العاملين، اما صرفا واما تخويفا، الأمر الذي قد يؤدي الى انهاء النقابة قبل نشوئها، طالما أن طلب تأسيس النقابة يسقط فور سقوط الحد الأدنى اللازم لتقديم طلب تأسيس نقابة وهو 4. وبالفعل فان صرف ميلاد بركات من الشركة شكل عامل تخويف أدى الى انتزاع تواقيع عشرات الموظفين على رفضهم للنقابة (مستندرقم 2، مقال الأخبار في 3-9-2012).
وهذا ما نقرؤه بوضوح كلي في كتاب منظمة العمل الدولية حيث جاء حرفيا الآتي:
"ان رفض ادارة الشركة لحق العاملين المشروع في ممارسة نشاطهم النقابي بحرية وما رافق ذلك من اجراءات انتقامية ضد النقابيين، بما في ذلك عمليات الفصل الأخيرة التي طالت رئيس الهيئة التأسيسية للنقابة العاملين في سبينس، انما يشكل انتهاكا للحقوق والحريات النقابية التي كفلها الستور وشرعة حقوق الانسان ومعايير العمل الدولية… ان التدخل في الشأن النقابي الداخلي – من اي جهة كانت- والعمل ضد النقابيين، ان كان من خلال تشجيع المحسوبية أو اللجوء الى ممارسات بوليسية وأمنية أو من خلال عمليات الضغط والترهيب التي تمارسها الادارة على العمال أو عم طريق رفض الاعتراف بقادة المنظمة النقابية في تأدية نشاطاتها المشروعة أو بواسطة اساليب أخرى هدفها التأثير على العضوية النقابية للعمال، من شأنه ان يقيد الحقوق المنصوص عليها في معايير العمل الدولية ويعيق ممارستها".
وهذا أيضا ما نقرؤه في آراء واضحة للجنة حماية الحرية النقابية لدى منظمة العمل الدولية (وهي اللجنة الناظرة في النزاعات المتصلة بالحرية النقابية) ولا سيما في هذا القرار الذي آل صراحة الى وجوب تأمين حماية خاصة ضد قرارات الصرف وسائر التدابير التمييزية ضد النقابيين والتي من شأنها أن تؤدي الى القضاء على النقابة ولا سيما في الحالات التي تضم فيها النقابة عمال شركة واحدة (كما هي الحال مع نقابة عمال سبينس).
Du fait que des garanties inadéquates contre les actes de discrimination, notamment contre les licenciements, peuvent conduire à la disparition des syndicats eux-mêmes lorsqu’il s’agit d’organisations qui ne comprennent que les travailleurs d’une seule entreprise, d’autres mesures devraient être envisagées afin d’assurer aux dirigeants de toutes les organisations, aux délégués et aux membres des syndicats une protection plus complète contre tous actes discriminatoires.
(Voir Recueil 1996, paragr. 700; 304e rapport, cas no 1853, paragr. 299; 316e rapport, cas no 1970, paragr. 556; 336e rapport, cas no 2316, paragr. 55 et 337e rapport, cas no 2291, paragr. 136.)
رابعا، حق المستدعين بالحوار والتفاوض الحر مع الشركة بصفتهم ممثلين عن الأجراء عملا بالاتفاقية الدولية رقم 98 الخاصة بتطبيق مبادئ الحق في التنظيم النقابي وفي المفاوضة الجماعية التي صادق عليها لبنان. وهذا هو أيضا ما أشار اليه كتاب منظمة العمل الدولية، ليضيف بأن "الامعان في هذه الممارسات المرفوضة التي تتعمد اقصاء العمال وتجاهل حقوقهم المشروعة في التنظيم والمفاوضة الجماعية رغم كل المواقف المنددة بها انما يشكلاستهتارا بكل ما صدر من مواقف ونداءات، بالاضافة الى ما يمكن ان يشكله ذلك من مخالفة جسيمة للقوانين المرعية وضربا بعرض الحائط لالتزامات لبنان الدولية".
عن هذا الأمر، يراجع أيضا من ضمن مجموعة قرارات اللجنة الناظرة في الحرية النقابية لدى منظمة العمل الدولية:
« La recommandation (no 91) sur les conventions collectives, 1951, donne la préférence, en ce qui concerne l’une des parties aux négociations collectives, aux organisations de travailleurs et ne mentionne les représentants des travailleurs non organisés qu’en cas d’absence de telles organisations. » (Voir Recueil 2006 paragr. 944; 299e rapport, cas no 1512, paragr. 424; 302e rapport,cas no 1781, paragr. 253; 308e rapport, cas no 1926, paragr. 628; 321e rapport, cas no 1926,paragr. 65; 327e rapport, cas no 2138, paragr. 545; 331e rapport, cas no 2243, paragr. 618;332e rapport, cas no 2216, paragr. 909 et 333e rapport, cas no 2251, paragr. 977.)
: « Le comité a signalé l’importance qu’il attache au droit de négociation des organisations représentatives, qu’elles soient enregistrées ou non » (Voir chapitre 15, paragraphe 884 du Recueil de décisions et de principes du Comité de la liberté syndicale du Conseil d’administration du BIT 2006, paragr. 784; 318e rapport, cas no 2012, paragr. 423; 329e rapport, cas no 2140, paragr. 296, cas no 2133, paragr. 546 et 333e rapport, cas no 2133, paragr. 60.)
« le principe énoncé à l'article 4 de la convention no 98, qui a été ratifiée par la Bosnie-Herzégovine, à savoir que des mesures appropriées aux conditions nationales doivent être prises pour encourager et promouvoir le développement et l'utilisation les plus larges de procédures de négociation volontaire et il souligne l'importance qu'il attache au droit de négociation des organisations représentatives, qu'elles soient enregistrées ou non »
هذه هي الحقوق التي تطلب هذه العريضة من القضاء حمايتها، وهي حقوق يشكل صونها ضرورة لتأمين الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية.
ولا يرد على ذلك بأنه ليس للقضاء المستعجل التدخل في علاقات العمل، بحيث يكون لكل من فريقي التعاقد حق انهاء العمل تحت طائلة التعويض اللاحق، في حال التعسف في استعمال هذا الحق كما جاء في القرار المطعون فيه. فمن الثابت أن التذرع بحرية الصرف في القضية الحاضرة لا يصمد ولو دقيقة عند موازنته بمجمل الحقوق المشار اليها أعلاه والمطلوب حمايتها والتي تتمتع هي بمرتبة الحقوق الدستورية. فقد التزم لبنان بالحرية النقابية من خلال التزامه بالاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولكن أيضا سندا لدستور منظمة العمل الدولية واعلان مبادئ فيلادلفيا الذي يكرس الحرية النقابية (أي حرية انشاء النقابات من دون ترخيص مسبق) ويعدها شرطا أساسيا للتقدم. كما التزم بالحق في العمل في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما التزم بمبدأ التفاوض بموجب اتفاقية 98 من منظمة العمل الدولية. وهذه كلها من المواثيق الدولية التي باتت جزءا لا يتجزأ من الدستور تحظى بالفعل بقوة دستورية بموجب مقدمة الدستور.
فبفعل ذلك، نكون قد أصبحنا أمام المعادلة الآتية:
حرية صرف الأجراء منجهة، ومنجهة أخرى، حق العمل في بيئة سليمة من دون تخويف أو تهديد،حق القيادات العمالية بالحماية، حرية انشاء النقابات والحرية النقابية بشكل عام،والحق بالحوار والتفاوض الحر مع الشركة، (وكلهاحقوق لها مرتبة دستورية فضلا عن كونها تشكل التزاما دوليا)
وهي بالطبع معادلة تحتم على القضاء ترجيح كفة الحقوق المطلوب حمايتها عملا بمدأ التناسب الذي يجيز تقييد حق ما اذا بدا هذا التقييد ضروريا لحماية حقوق وحريات تتجاوزه من حيث الأهمية وتسمو عليه. فمن النافل القول بأن للحريات والحقوق المطلوب حمايتها في هذه العريضة حقوق لها مرتبة دستورية ودولية تسمو بأية حال على حرية الصرف المنصوص عليها في المادة 50 من قانون العمل.
وهذا ما فعله القضاء المستعجل في قضايا عدة غلب فيها حماية الحقوق ذات المرتبة الدستورية على اي حقوق أخرى من مرتبة أدنى أو أقل أهمية.
عن هذا الأمر، يراجع لطفا:
قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، 29-10-2011:
"وحيث لقاضي الأمور المستعجلة التدخل بصورة مسبقة للحد من حرية التعبير المصانة بالدستور، في حالات استثنائية جدا وبعد الموازاة بين أثر التدبير المطلوب على حرية التعبير والضرر الذي قد ينشأ في حال عدم اتخاذ التدبير المطلوب، وذلك فقط متى ثبت له وجود تعرض وشيك مؤكد الحصول ومن شأنه التسبب بأضرار جسيمة غير قابلة للتعويض وفي حال عدم التدخل المسبق لوضع حد لها".
وأيضا قاضي الأمور المستعجلة في طرابلس، 12-4-2010:
"حيث أن حق الطفل بالتعلم هو من الحقوق الأساسية المكرسة في عدد من المواثيق الدولية وتحديدا في المادة 26 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اكتسب بعد الاحالة اليه في الفقرة "ب" من مقدمة الدستور مكانة القاعدة الدستورية في النظام القانوني اللبناني.. وحيث أن امتناع المعترضة عن تسليمكم الافادتين المطلوبتين من شأنه المساس بشكل واضح وأكيد بهذا الحق، عبر حرمان الولدين من متابعة تحصيلهما العلمي لدى مدرسة اخرى، وان ترتب مبالغ مالية بذمة والد التلميذين لا يسبغ أي مشروعية على هذا الامتناع".
ومن باب الاستفاضة، نذكر وعملا بمبدأ التناسب نفسه، أن حرية انهاء عقود العمل من قبل أرباب العمل تلقى في جميع قوانين الدول (بما فيها لبنان) تقييدا لكيفية ممارستها في مجال العمل ولا سيما في حال تعارضها مع مصالح عليا أكثر سموا منها. فألا يمنع الصرف في فترات اجازة الأمومة من باب احترام الأمومة والمساواة بين الجنسين؟ وألا يمنع الصرف في فترات الاجازة السنوية واجازة المرض وغيرها من الاجازات احتراما للحق بالراحة أو الاستشفاء؟ بل ألا تدخل المادة 50 قيودا عدة على حرية الصرف في محلات عدة ومنها ما نصت عليه المادة 50 ه بخصوص القيادات النقابية؟