“
تقدّم حزب التقدم والاشتراكية -المشارك في الحكومة المغربية- بمقترح قانون جديد أمام مجلس النواب يتعلق بتسجيل الأسماء الأمازيغية في سجلات الحالة المدنية، وهو الموضوع الذي سبق وأن أثار جدلا واسعا في المغرب بين نشطاء الحركة الأمازيغية ووزارة الداخلية. وما يزال يثير جدلا أوسع في عدد من البلدان المغاربية.
مقترح لملاءمة قانون الحالة المدنية مع دستور 2011
أشارت ديباجة مقترح القانون الجديد إلى أسباب هذه المبادرة ومن بينها الرغبة في ملاءمة قانون الحالة المدنية مع مقتضيات دستور 2011، الذي نص صراحة على الحقوق الثقافية، واعترف بالأمازيغية بوصفها أحد مقومات الهوية الوطنية الموحّدة الى جانب الحسانية والروافد الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية.
كما يدخل مقترح هذا القانون ضمن الجيل الجديد من الحقوق التي كرسها دستور 2011، ومن أهمها حظر التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو أي اعتبار آخر.
تتويج لمسار نضالي للحركة الحقوقية
تعود جذور اشكالية تسجيل المواليد الجدد بالأسماء الأمازيغية بالمغرب إلى حوالي عقدين من الزمن، حينما قرر رئيس اللجنة العليا للحالة المدنية، ووزير الداخلية الأسبق إدريس البصري وضع لوائح تحدّد الأسماء التي على المغاربة اختيارها لأبنائهم، وهي اللوائح التي تحمل الأسماء الشخصية العربية المشرقية لا غير، وتنكر وجود الأسماء الأمازيغية بالمغرب.
بعد تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية[1]، كان ملف الأسماء الممنوعة موضوعا ضمن أولويات أجندا المعهد، خاصة بعد تصاعد احتجاج الحركة الأمازيغية على استمرار ظاهرة منع تسجيل المواليد الجدد بأسماء أمازيغية. ودخلت على الخط لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجنيف، التي أثارت الموضوع، وطالبت الدولة المغربية بالتراجع عن سياسة حظر الأسماء الأمازيغية. كما تضمنت ملاحظات اللجنة الأممية من أجل القضاء على كل أشكال التمييز العنصري الإشارة إلى هذا الموضوع، تلتها تقارير «هيومن رايتس واتش»، التي أدانت السلوك العنصري لمكاتب الحالة المدنية بالمغرب، مما حدا بوزارة الداخلية الى إصدار المذكرة رقم 3220 المؤرخة ب 09 أبريل 2010 لحث موظفي الحالة المدنية على تسجيل الأسماء الأمازيغية[2].
إشكاليات عملية عجّلت بتقديم مقترح القانون
يخضع تسجيل أسماء المواليد في المغرب للقانون رقم 37.99 الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2002، وتؤكد المادة 21 منه على ضرورة أن يكتسي الاسم الشخصي طابعاً مغربياً وألا يكون مكوناً من أكثر من اسمين أو يحمل اسم مدينة أو قرية أو قبيلة، ولا يمس بالأخلاق والنظام العام.
وقد أشارت المذكرة التقديمية لمقترح القانون الجديد للإشكاليات التي تثيرها المادة 21 من قانون الحالة المدنية والتي تشترط في الاسم الشخصي أن يكون اسما ذا “طابع مغربي”، وهو المقتضى الذي كان تطبيقه يخضع أحيانا لتفسيرات ضيقة من طرف الإدارة، التي كانت تمتنع عن تسجيل الأسماء الأمازيغية للمواليد الجدد بعلة كونها لا تكتسي طابعا مغربيا.
ورغم أن القضاء كان يستجيب في غالبية الأحيان لطلبات تسجيل أسماء المواليد الجدد، إلا أن ممارسات بعض الإدارات كانت تحرم العديد من المواطنين من اختيار أسماء أبنائهم بكل حرية.
مضامين مقترح القانون
يشير نصّ المقترح إلى تعديل المادة 21 من القانون 37.99 بتعويض شرط الطابع المغربي بالهوية المغربية، فضلا عن إضافة مقتضى جديد ينص على أن “الأسماء الأمازيغية جزء لا يتجزأ من الأسماء المغربية”. كما يقترح النص تعديل المادة 21 مكرر بالتنصيص على وضع لائحة للأسماء الشخصية الأمازيغية، تُعدّها اللجنة العليا للحالة المدنية رهن إشارة ضابط الحالة المدنية.
كما يسعى المقترح أيضاً إلى تعديل المادتين 23 و24 مكرر من القانون 37.99 بالتنصيص على وجوب تحرير الدفتر العائلي للحالة المدنية ورسم الولادة باللغتين العربية والأمازيغية، مع كتابة البيانات المتعلقة بالأسماء الشخصية والعائلية ومكان الولادة وأسماء الأبوين بالحروف اللاتينية بجانب كتابتها بالحروف العربية والأمازيغية.
مواضيع ذات الصلة:
اشكالية تسجيل المواليد الجدد بالأسماء الأمازيغية بالمغرب
مطالب متجددة في المغرب بجعل بداية السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمي بالمغرب
تدريس الأمازيغية للملحقين القضائيين بالمغرب
سابقة في المغرب: أول حكم قضائي معلل يقر بإمكانية التقاضي باللغة الامازيغية
الأمازيغية في مشروع التنظيم القضائي الجديد
محكمة صفاقس تتصدى لتعريب أسماء المواليد الجدد قسرا: تأكيد قضائي على تعدد روافد الثقافة الوطنية
القرى البربرية في تونس: تمييز قائم ورؤية غائبة
بعد تكريس تمازيغت لغة رسمية في التعديل الدستوري الأخير: الإعتراف برأس السنة الأمازيغية في الجزائر
[1] – تأسس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية طبقا صادر بتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2001. ويهدف المعهد إلى تقديم المشورة في كل التدابير التي من شأنها الحفاظ على الثقافة الأمازيغية والنهوض بها في جميع تعابيرها. كما يشارك المعهد بتعاون مع السلطات الحكومية والمؤسسات المعنية في تنفيذ السياسات التي تساعد على إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني والجهوي والمحلي.
[2] – أشارت مذكرة وزارة الداخلية الى أن “لائحة الأسماء الشخصية المقبولة والمرفوضة التي وضعت من طرف (اللجنة العليا للحالة المدنية)، على سبيل الاستئناس ليس إلا، و لم يعد معمولا بها منذ دخول القانون رقم 99/37 المتعلق بالحالة المدنية حيز التنفيذ بتاريخ 7 مايو 2003، وبالتالي تعتبر لاغية بحكم القانون”.
كما وضحت المذكرة معنى الأسماء المغربية والتي تشمل :
“أ- الأسماء العربية المتداولة منذ القدم بالمغرب.
ب- أسماء الله الحسنى متى سبقت بلفظة عبد وجرّدت من أداة التعريف أل.
ج- الأسماء الأمازيغية، والتي قد يختلف معناها من منطقة إلى أخرى.
د- الأسماء التي أصبحت متداولة في المغرب في السنوات الأخيرة. ذات نطق عربي سليم أو ذات أصل إسلامي.
ذ- الأسماء العبرية بالنسبة إلى اليهود المغاربة“.
“