أربعة أيام فقط بعد صدور قرار محكمة الإستئناف في بيروت الآيل الى وقف الملاحقة بحق شخص مدمن على المخدرات وإحالته الى لجنة مكافحة الإدمان عملاً بمبدأ “العلاج كبديل عن الملاحقة” – والذي نشرت المفكرة القانونية نصه وتعليقاً عليه–، أصدرت محكمة الجنايات في جبل لبنان (المؤلفة من الرئيس عبر الرحيم حمود والمستشارين راجي هاشم ورانيا بشارة) في 02/06/2014 قراراً بوقف السير بإجراءات المحاكمة في حق شاب مدمن وإحالته أمام لجنة مكافحة الإدمان لمتابعة علاجه تحت إشرافهامعتبرة، هي الأخرى، أن طلب إحالة الشخص المدمن الى لجنة مكافحة الإدمان يشكل دفعاً شكلياً وذلك تماشياً مع ما أقرته محكمة التمييز في قرارها التاريخي في 10/03/2013.
وفضلاً عما يرشح عنه هذا القرار من إثبات جديد لمفعول الدومينو، فهو لافت للأسباب التالية:
– أنه القرار الأول الذي يصدر في قضية تضم الى جانب الشخص المدمن كبار تجار المخدرات ومروجيها، بحكم التلازم بين أفعالهم (التاجر الذي يؤمن أو يبيع المخدرات والمدمن الذي يشتريها). ففي الحالتين السابقتين المشار اليهما في قراري التمييز (2013) واستئناف جنح بيروت (2014)، كان الشخص المعني يلاحق الى جانب أشخاص مدعى عليهم بالتعاطي أو متعاطين آخرين، بغياب أي مروج أو تاجر. ومن المعلوم في قضايا المخدرات، أنه غالباً ما تتم ملاحقة المروجين والتجار عن طريق الأشخاص الملاحقين على أساس استخدام المخدرات أو العكس، بحيث يتحول وضع اليد على أي مروج أو أي تاجر الى مناسبة لتحديد هوية الأشخاص الذين اعتادوا شراءها منه (وهذا بالضبط ما حصل في الملف الذي كان معروضا على محكمة الجنايات هنا)، فيتم الادعاء عليهم جميعاً بشكل مشترك[1]. والمعضلة هنا تكمن في الاختلاف في وضعية كلا من هؤلاء الأشخاص: ففيما يفرض القانون افساح المجال أمام الشخص المدمن للعلاج قبل انتهاء المحاكمة سنداً لما نصت عليه المادة 194 من قانون المخدرات، فان الأمر ليس كذلك بالنسبة للمروجين، مما يضعنا أمام محاكمة يشترك فيها أشخاص لهم حق بوقف الملاحقة ضدهم تبعاً لتعهدهم بالعلاج، وأشخاص تستمر الملاحقة ضدهم من دون توقف. وعلى ضوء ذلك، أرفق الشخص المدمن بطلب وقف الملاحقة واحالته الى لجنة مكافحة الادمان، طلباً آخر بفصل دعواه عن الأظناء والمتهمين الآخرين تمكيناً له من متابعة علاجه دون أن يؤثر ذلك على ملاحقة هؤلاء. فما كان من المحكمة الاّ أن استجابت لطلبه هذا، مكلفة إياه بتسليم نفسه الى لجنة مكافحة الادمان ضمن مهلة أسبوع من تاريخ تبلغه القرار.
– من الملفت أيضاً أن ممثل النيابة العامة، لم يطلب رد الدفوع التي تقدم بها الشخص المدمن، انما ترك الأمر للمحكمة بعدما كان استمهل لاصدار مطالعة بهذا الشأن. وهذا الأمر انما يؤشر الى تطور في ذهنية المدعين العامين في هذا المجال أيضاً. فلا ينظرون الى الأشخاص المدمنين تلقائياً على أنهم مجرمون، إنما على أنهم اشخاص يضمن لهم القانون العلاج كبديل عن الملاحقة والعقاب.
المزيد عن الحكم على الرابط أدناه.
الصورة منقولة عن موقع www.thewire.org.au
[1] تراجع الدراسة التي أعدها أ. نزار صاغية بالتعاون مع جمعية “سكون” في كانون الأول 2011 بشأن الملاحقات القضائية المتعلقة بتعاطي المخدرات سنة 2010 تحت عنوان “الشرطي والقاضي والأشخاص الذين يتعاطون المخدرات“.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.