نلتقي اليوم تحت عنوان عريض: “معا لاسترداد 30 ألف متر مربع من بحر المينا: أي دور للنواب في حماية الأملاك العامة؟”، بحضور لافت لنائبين مستقلين ولرئيس بلدية الميناء. تفاصيل القضية باتت معروفة ونستعيد أبرز فصولها بشكل مقتضب:
في 1935، تم تحديد وتحرير منطقة الميناء، وتاليا تم تصنيف المساحة المكونة من 30 ألف متر مربع موضوع هذا المؤتمر ضمن الأملاك العامة البحرية، طالما أنها مساحة تدخل ضمن تعريف الملك العام الذي يشمل البحر والرمول وكل منطقة يصل إليها فقش الموج وفق قرار 1925. لم يعترض على التحديد والتحرير أي كان خلال الفترة القانونية لتقديم طعون وهي سنتين،
في الستينيات، بعد أكثر من 30 سنة من الصمت، تقدم ورثة مالكي الأراضي المحاذية بطلب إعادة البحر إليهم بحجة أن ثمة خطأ ماديا أدى إلى إسقاط هذه المساحة من أملاكهم الخاصة سهوا. وقد ردت هذه الدعاوى بداية واستئنافا لغياب أي خطأ مادي وانتهت القضية بأحكام مبرمة مع صدور حكم محكمة النقض في 1987، وقد أثبتت هيئة الاستشارات والتشريع في 1993 عدم جواز المس بهذا العقار لصدور هذه الأحكام القضائية المبرمة،
ابتداء من 1988، دأب الورثة على مراجعة وزراء الأشغال العامة ليحصلوا منهم على ما لم يحصلوا عليه في القضاء، بل خلافا لأحكام القضاء المبرمة. وقد شكلت هذه القضية إذ ذاك فعليا مقياسا لحرص هؤلاء الوزراء على الأملاك العامة. وقد تميز هنا الوزير عمر مسقاوي الذي رفض الطلب صراحة على أساس الأحكام القضائية ولكن أيضا على أساس أن هذه المساحة هي فعليا جزء من البحر. فكل التحية للوزير مسقاوي. وعلى نقيض هذا الموقف المشرّف، طلب الوزير غازي العريضي مرتين تسجيل المساحة على أسماء الورثة من دون أي تعليل.
في المرة الأولى (2010)، لم ينجح طلبه بعدما أوقفته وزيرة المالية ريا الحسن آنذاك بفعل إشرافها على السجل العقاري عن ذلك. فكل التحية للوزيرة الحسن.
في المرة الثانية (2013)، توجه الوزير العريضي إلى قاض متقاعد هو القاضي الذي أشرف على الضم والفرز في الميناء (وهو قاض غير مختص البتة في النظر في وضعية الأملاك العامة). الوزير العريضي طلب منه اتخاذ القرار بنقل هذه المساحة إلى ملكية الورثة الخاصة. وفعلا هذا الذي حصل. وبذلك، خرجت 30 ألف متر من الملكية العامة لتصبح ملكية خاصة.
ما أن علمت بلدية المينا في طرابلس، حتى بادرت إلى تقديم اعتراض على هذا القرار بحث من رئيسها عبد القادر علم الدين الذي له كل التحية. كما تقدم الخط الأخضر وناشطون من الحملة المدنية لحماية شاطئ الميناء باعتراض بالتعاون مع المفكرة القانونية. أدّت الاعتراضات إلى تجميد العقار ومنع إجراء أي قيد عليه بانتظار البت فيها. وفيما انتظرنا أن يعمد وزير الأشغال العامة الحالي يوسف فنيانوس خلال هذه الدعوى إلى تصويب عمل الوزارة والتأكيد على الملكية العامة للمساحة المذكورة، فوجئنا بموقف معاكس تماما: فعدا عن أنه تحول من حامٍ لأملاك الدولة إلى محامٍ للجهة التي استولت عليها، طلب من القاضي رد دعوانا بحجة أنه ليس لنا أي صفة في المطالبة بحماية الملك العام. وذلك عملا بقاعدة أنه لا يريد حماية الملك العام، ولا يريد لأحد أن يحميه.
ومذ ذاك ما تزال الدعوى عالقة. وفيما كان يفترض اليوم أن تنعقد الجلسة الأخيرة، تم إعلامنا هذا الصباح، وتبعا للإعلان عن هذا المؤتمر الصحافي، بإرجاء موعد الجلسة لأسباب صحية.
تبعا لذلك،
وحفاظا على ما تبقى من الشاطئ اللبناني والأملاك العامة البحرية،
ووقفا لممارسات الاستهتار بكل ما هو ملك عام بل بكل ما هو عام،
وسعيا إلى مكافحة الفساد ووقف مفاعيله،
ومن باب مكافأة الوزراء الذي حموا الملك العام (وفي مقدمتهم ريا الحسن وعمر مسقاوي) ومحاسبة الذين تخلوا عن مسؤولياتهم في حمايته،
والأهم دعما لحظوظ استرداد الشاطئ،
ارتأينا أن ننقل هذه القضية اليوم إلى الفضاء العام وأن نحمل كل النواب والقوى السياسية مسؤوليتهم الرقابية في حماية الأملاك العامة. وإذ وجهنا رسائل إلى جميع النواب، نعبّر عن سرورنا العميق لأن نائبين استجابا لهذه الرسائل وهما حاضران هنا. وسنتابع التواصل مع سائر النواب لحثهم على اتخاذ الموقف المناسب في هذه القضية.
مطلبنا اليوم هو واضح: على وزارة الأشغال العامة التسليم بأن المساحة المستولى عليها هي ملك عام، بموجب أحكام مبرمة وملزمة، والقيام بكل ما هو ضروري لاستعادة هذا الشاطئ، وحماية ما أؤتمنت عليه. ونحن ندعو النواب وفي مقدمتهم النائبين الحاضرين إلى ممارسة كل ما توليهما إياه صلاحياتهما الرقابية من ضغوط لإرغام الوزارة على ذلك. ونحن على أتم الاستعداد للتعاون معا للوصول إلى هذه الغاية.
* ألقيت هذه الكلمة في المؤتمر الصحافي الذي انعقد بتاريخ 12/03/2019 في مكاتب المفكرة القانونية.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.