تُرك الناشط سلطان يعقوب بسند إقامة ظهر الأربعاء في 17 حزيران من مركز الشرطة العسكريّة في صيدا، بعد التحقيق معه من قبل تحرّي النبطيّة. حُقّق مع سلطان في محضرين مسطّرين من قبل النيابة العامة الاستئنافيّة في النبطيّة بإشارة القاضي رمزي فرحات: الأوّل من مصرف لبنان كون فرعه في النبطية تعرّض لبعض الأضرار يوم الجمعة، والثاني من مصارف عودة وسوسيتيه جنرال وبيبلوس وفرنسبنك التي تعرّضت واجهاتها للتكسير.
خلال التحقيق معه، اعترف سلطان بمشاركته في تكسير واجهات مصارف لم تدّع عليه، وذلك احتجاجاً على سياسات المصارف وعلى ارتفاع سعر الصّرف. وتحدثت “المفكّرة القانونيّة” إليه فور إخلاء سبيله حيث عبّر عن غضبه من سياسة المصارف التي اتهمها بأنها هي التي تعتدي على الناس. وأكّد أنّه تلقّى معاملة جيدة ولم يتعرّض لأي عنف خلال التوقيف.
وأضاف متهكّماً أنه خلال تكسير الواجهات، مزّق زجاج المصارف حذاءه، مطالباً بتعويض “عطل وضرر” بسبب “هذا الاعتداء”.
المخابرات تتولّى الاستدعاءات في القضية
وكان سلطان قد استدعي من قبل فرع مخابرات الجيش اللبناني في النبطيّة صباح السبت في 13 حزيران 2020 على خلفيّة فيديو يظهره تكسير واجهة البنك اللبنانيّ الفرنسيّ في النبطيّة. ومن مخابرات النبطيّة إلى مخابرات صيدا، نُقل سلطان في اليوم نفسه، ومن بعدها تمّ تحويله إلى الشرطة العسكريّة في صيدا. وأوقف قيد التحقيق لمدة تجاوزت المهلة القانونية الأقصى التي حددها القانون بأربع أيام.
نقل سلطان إلى الشرطة العسكريّة على اعتبار أنّ أسلحة كانت بحوزة موقوفَيْن آخرين، لا معلومات واضحة عنهما حتّى الآن، تمّ توقيفهما في اليوم نفسه، وخلال الاحتجاجات على المصارف. وعلى إثر ذلك، تمّت مخابرة النيابة العامّة العسكريّة بشخص القاضية مايا كنعان التي قررت إبقاءه موقوفاً وردّت بأنّ محضراً عدليّاً يجب أن يسجّل لسلطان، وذلك رغم عدم وجود أي جرم عسكري ورغم أن البنك اللبنانيّ الفرنسيّ لم يدع عليه.
يطرح المحامي مازن حطيط السؤال عن مدى صلاحيّة المخابرات لاستدعاء سلطان للتحقيق معه في هذا النوع من أفعال التخريب، ولم يتبيّن في الفيديو، الذي استدعي سلطان على إثره، وجود أيّ سلاح يمكن أن يحيل القضيّة إلى القضاء العسكريّ؟
كريستينا يعقوب تحكي عن شقيقها
تواصل سلطان عبر الهاتف من مكان احتجازه مع شقيقته كريستينا التي أكّدت أنّه بخير ولم يتعرّض لتعذيب، وأنّها شعرت أنّ “صوته مرتاح”. أخبرت كريستينا “المفكّرة القانونيّة” أنّ سلطان، وفور تكسيره زجاج المصرف، قصد جنوداً من الجيش كانوا يقفون بالقرب منه، وأعطاهم بطاقة هويّته، لأنّه “ما بيقبل على نفسو يجوا يفتّشوا عليه بالبيت”. سلطان الموقوف هو نفسه الطالب الذي اختلف مع أحد المانحين في الجامعة العربيّة المفتوحة حيث كان يدرس قبل 14 سنة لأنّه عايره بوضعه الماديّ، وهو الشاب عينه الذي عاش 12 عاماً في كفررمان من دون أن تتعرّض سمعته لأيّ كلمة، بحسب شقيقته.
سلطان ابن الـ37 عاماً، “ما عنده شي يخسره” كما تقول أخته كريستينا. يعيش ابن قرية حولا الجنوبيّة في كفررمان-النبطيّة هو ووالدته، في بيت لا يستطيع أن يدفع بدل إيجاره بشكل دائم. والدته، التي تحتاج لعناية صحية خاصّة، لا تعرف عن توقيفه حتّى الآن أيّ شيء، لأنّها لن تتحمّل الصدمة. عمل سلطان في مجالات مختلفة حتّى يؤمّن لقمة عيشه، فاشتغل في “الباطون” والنجارة، وعمل في فرن وفي مطعم، وفي مكتب تأمين، ومكتب لتوزيع الإنترنت، وكان يعمل في محلّ “كومبيوترات” في كفررمان قبل أيّام من توقيفه. تخبر كريستين “المفّكرة” أنّ سلطان لم يستطع تأمين عمل دائم، ولم يتمكّن من العمل في وظيفة رسميّة كونه وحيداً (السلك العسكري)، وبسبب خسارته لإحدى عينيه في صغره.
تعيد كريستينا غضب أخيها الأساسيّ إلى عدم تمكّنه من متابعة شهادته في “علوم الكومبيوتر” في الجامعة العربيّة المفتوحة بعد أن أنهى سنة ونصف من الاختصاص. وحاولت شقيقاته مساعدته حتّى يتابع دراسته الجامعيّة، ويؤمّن منحة لمتابعة سنته الأخيرة، ولكن الجامعة لم تتواصل معهما وقامت بإلغاء المواد التي نجحها من رصيده الجامعيّ، بحسب ما روت للمفكّرة.
استدعاء شاب آخر على “فنجان قهوة” بعد توقيف سلطان
بعد يوم على توقيف سلطان، ظهر فيديو للشابّ مازن أبو زيد يستنكر فيه توقيف سلطان معتبراً أنّه من الأجدى للأجهزة التي أوقفت سلطان أن تقوم بملاحقة الفاسدين ومثيري النعرات الطائفيّة. وعلى خلفيّة هذا الفيديو، وتصريحات لشبان آخرين، تمّ استدعاء كلّ من مازن أبو زيد، ويوسف عاصي وشاب ثالث إلى فرع المخابرات في النبطيّة صباح يوم الاثنين. بقي مازن أبو زيد حوالي ثلاث ساعات في فرع المخابرات، لم يسجّل محضر له أو للشابين الآخرين، وتبيّن أنه لم تصدر إشارة قضائيّة باستدعائه وهو أمر مخالف للقانون. اقتصر الاستدعاء، الذي اعتبره فرع المخابرات استدعاء على “فنجان قهوة”، على “توضيح” فرع المخابرات لمازن أنّ توقيف الفاسدين ليس ضمن صلاحيّات مديرية المخابرات، وهذا الأمر يحتاج إلى قضاء. وكذلك، طلبوا منهم “التواصل معهم” قبل مهاجمتهم. ويقول مازن أبو زيد لـ”المفكّرة” إنّ ما حصل هو بمثابة رسالة تفيد أنّ كل تعرّض أو ذكر للمخابرات يقابله استدعاء من قبلها.