“تحية من القلب إلى مراقبي وزارة الإقتصاد الأبطال وكل الثقة بأجهزة الدولة القضائية والأمنية الذين يقومون بواجبهم وبحماية حقوق المواطنين تحت سقف القانون، ولتكن مصادرة المولدات المخالفة عبرة للذين يعتبرون أنفسهم أقوى من القانون وقرارات الدولة اللبنانية“. هكذا غرّد وزير الإقتصاد رائد خوري عبر حسابه على تويتر، إثر مصادرة مولد كهرباء في منطقة الحدث، على خلفية إمتناع صاحبه عن تركيب العدادات. وكان خوري قد لوّح منذ أيلول الفائت[1] أن “كل صاحب مولد يتمرد أو يُطفئ مولده ويمتنع عن توزيع الكهرباء، ستتم مصادرة مولده من قبل البلدية لتشغيله، لأن الأمر يتعلق بخدمة عامة من غير المسموح حرمان المواطن منها”.
لحق المصادرة الحاصلة في منطقة الحدث بتاريخ 27 تشرين الثاني 2018، إجراءات مماثلة في منطقة سن الفيل. المصادرات تحصل من قبل جهاز أمن الدولة ومراقبي وزارة الإقتصاد بناءً على المدعي العام المختص. وسيتم تشغيل المولدات من قبل البلديات المعنية في المنطقة بصفتها حارس قضائي، وفقاً لما حصل في الحدث وسن الفيل.
يظهر من التغطية الإعلامية لمصادرة العدادات،[2] أن قرارات المصادرة تتخذ إثر عدم إلتزام صاحب المولد بمهلة الـ 15 يوم القضائية لتركيب العدادات، وعدم تفعيله للعدادات التي قام بتركيبها. وقد صرحت المراقبة في مديرية حماية المستهلك كرستين ملحم، خلال مصادرة مولد في سن الفيل أن هذه القرارات “تتخذ بعد تحقيق مع صاحب المولد من قبل مراقبي الوزارة، يحال إلى الجهات المعنية لإتخاذ القرار بالمصادرة، تتضمن الأدالة الكافية أن العدادات غير مفعلة”. اللافت خلال المصادرة نفسها تصريح مستشار وزير الاقتصاد جورج عبد الساتر رداً على قول أحد أصحاب العدادات أن “الزبون راضٍ أن نبدأ بتفعيل العداد أول الشهر القادم” أن “القرار (قرار الوزير) والقانون ليس إستنسابيا”، ليكمل متسائلاً: “حدن بصدق من العالم إذا واحد بوفر 70% من الفاتورة الشهرية، بيرفض يركب عداد؟”
وكان قد تبين لـ المفكرة في تحقيق سابق نشرته إستمعت فيه إلى مجموعة من المشتركين في مناطق مختلفة وبصيغة عشوائية، حول تفاعلهم مع قرار الوزير، وما مستوى الحماية التي تمكن من التمتع بها في ظل هذه القرارات، أن المسألة ليست بهذه البداهة بالنسبة للمشتركين – أو المستفيدين المفترضين من قرار الوزير. فقد تراوحت الآراء بين المتمسك بفرصة الحماية التي تؤمنها الدولة، إلى الذي يجد أنه على مستوى التطبيق الأمور لا تسير كما هو متوقع وصولاً إلى آخرين لم يهتموا حتى بمتابعة الموضوع ولا يريدون تركيب العدادات، مطالبين بحلول جذرية للكهرباء. الأهم وجود فئة واسعة بقيت غير معنية إما بسبب تأمين مولدات شبه مجانية في مناطقها بتدخل من حزب سياسي مسيطر، أو بسبب إجبارهم على توقيع تنازلات عن المطالبة بالعدادات من قبل حزب سياسي محتكر لاستثمار الموتورات في منطقتهم.
حاولت المفكرة التواصل مع وزارة الإقتصاد والوزير خوري مراراً للوقوف على تفاصيل آلية المصادرة. إلا أنها لم تلقَ تجاوباً. من جهته، ينتقد رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برّو في حديث مع المفكرة إجراءات الوزارة واصفاً إياها أنها “حروب دونكشوتية (حروب وهمية)”. يعتبر برّو أن الدولة “تهدر الطاقات والأموال على أمور هامشية، أيضاً على تنظيم قطاع بحد ذاته غير شرعي، كنا نفضّل بدل صرف كل هذا الجهد أن تؤمن الكهرباء للمواطنين من قبل الدولة”. فإخضاع أصحاب المولدات لعقوبات بسبب قطعهم الكهرباء لساعتين، يبدو غير منطقي بالنسبة إلى “برو”، حيث أن “الدولة ذاتها تقطع الكهرباء على المواطنين خلال ساعات تقنين طويلة”. الأسوأ بالنسبة إليه، أن هذه المصادرات تشكل تحويراً للأولويات ليس فقط على صعيد دور الدولة في تأمين الكهرباء، بل أيضاً على صعيد القضايا التي يجب على وزارة الإقتصاد أن توليها أولوية، لا سيما سلامة الغذاء. يقول برو أن “سلامة الغذاء بحالة تدهور مستمر، وأمس تبين أن السوق وطعامنا مليئ بالملونات المسرطنة، لم نسمع بالمصادرات ولا نعلم ماذا فعلت الوزارة وإن تحركت فعلاً”.