مصابو 4 آب – كرم الأعور أصغرهم بدأ يتخطّى الصدمة ويلفظ كلماته الأولى


2024-08-03    |   

مصابو 4 آب – كرم الأعور أصغرهم بدأ يتخطّى الصدمة ويلفظ كلماته الأولى
كرم اليوم

 
“كنت أنتظر ابني، وقع الانفجار وتغيّر المشهد، انقطعت الكهرباء، لم يستطع الأطباء إكمال عمليّة كرم الجراحيّة، أُصيب بنزيف، بطنه كان مفتوحًا، سكّروا له الجرح بشريط لاصق طبي، عملوا على سحب البنج من جسده، أخبروني أنّه يجب عليّ نقله إلى مستشفى آخر بأسرع وقت، وفي الوقت ذاته كان عليّ إخراج ابني الثاني وأخوتي وإيجاد والدة زوجتي التي لم أجدها جانبي”.

كرم الأعور (4 سنوات) هو أصغر مصابي الرابع من آب، إذ شاء القدر أن يكون في ذلك اليوم، وهو ابن الأشهر الأربعة،  في مستشفى الكارنتينا الذي يبعد بضع مئات من الأمتار من المرفأ، وشاء القدر أيضًا أن يكون داخل غرفة العمليات، وأن يُنقل من مشفى إلى آخر وهو ينزف، لينجو في آخر المطاف حاملًا داخله صدمة أفقدته القدرة على النطق.  

يروي علاء والد كرم تفاصيل ذلك اليوم لـ “المفكرة” يتحدّث عن خروج المستشفى في لحظة عن الخدمة وعن ابنه الموجود داخل غرفة العمليات وعن الإصابات حوله. يتحدّث عن قلقه على أفراد الأسرة الذين كانوا ينتظرون كرم معه، عن ليلة بدت وكأنّها دهرًا، وعن والدة زوجته التي لا تزال حتّى اليوم تُعاني من إصابتها بالانفجار رغم إجرائها 9 عمليّات جراحيّة. 

“كنت أنتظر ابني، وقع الانفجار وتغيّر المشهد، انقطعت الكهرباء، لم يستطع الأطباء إكمال العمليّة، أُصيب ابني بنزيف، بطنه كان مفتوحًا، سكّروا له الجرح بشريط لاصق طبي، عملوا على سحب البنج من جسده، أخبروني أنّه يجب عليّ نقله إلى مستشفى آخر بأسرع وقت، وفي الوقت ذاته كان عليّ إخراج ابني الثاني وأخوتي وإيجاد والدة زوجتي التي لم أجدها جانبي”.

بعد دقائق من التفجير أخرج علاء أخويه وابنه كريم، ابن السنوات الأربع حينها، من المستشفى. أمّن لهم سيّارة تقلّهم إلى مستشفى آخر وهم مصابون إصابات طفيفة، ومن ثم بدأ يبحث عن والدة زوجته ليجدها مصابة ودمها يسيل من رأسها ورجليها. 

“حملت والدة زوجتي ووضعتها على المقعد الخلفي للسيّارة، لففت رأسها بشاش، وفي المقعد الأمامي حملت زوجتي ابننا كرم وهو ينزف أيضًا، بدأت أبحث عن مستشفى، كانت السيّارة بلا زجاج، وكنّا نسير بصعوبة بين الركام، وأنا أريد أن أصل إلى مستشفى بأسرع وقت ممكن” يقول علاء.

وصل علاء بعد ساعات لا يذكر عددها إلى مستشفى الجبل في قرنايل حيث أخبره الأطباء بأنّ ابنه يُعاني من نقص حاد في الأوكسجين وأنّ عليه نقله إلى مستشفى آخر وإكمال عمليّته الجراحيّة بسرعة، فاضطر إلى الذهاب إلى مستشفى في البقاع حيث أدخلوا ابنه العناية المركّزة، وفجرًا جاء طبيبه من الكارنتينا وأكمل له العمليّة.

صمد كرم، نجحت عمليته الجراحيّة وبعد أيام تعافى. ظنّ والداه بأنّ الرابع من آب أصبح وراءهم أقلّه لجهة كرم لأنّهما عرفا ومنذ اللحظة الأولى أنّ جدّته ندى الأعور تحتاج إلى مسار علاجي طويل. لم تسر الأمور كما ظنّا إذ ومع بلوغ كرم سنًّا يبدأ فيه الأطفال عادة بالكلام، لم ينطق. راجعت العائلة أطبّاء واختصاصيين وبعد سلسلة فحوصات تبيّن أن كرم لا يُعاني من أيّ مشكلة فيزيولوجيّة تمنعه من الكلام بل يُعاني من صدمة أفقدته القدرة على النطق.

كرم في الرابع من آب

لم يكن من السّهل على والدي كرم أن يتعاملا مع وضع ابنهما وأن يؤمّنا له المتابعة المطلوبة لاستعادة قدرته على النطق فالأمر مكلف جدًا. “لولا وجود أقارب حولنا وأصدقاء صودف أنّ بينهم اختصاصي، لما استطعنا متابعة وضع كرم” يقول الوالد مشيرًا إلى أنّ فقدان كرم للنطق أثّر على صحّته النفسيّة إذ كانت تنتابه نوبات غضب في كلّ مرّة يعي فيها بأنّه عاجز عن الكلام وأنّ من حوله لا يفهم ما يُريد.

بينما يتحدّث علاء عن حالة كرم النفسيّة يذكر أيضًا أنّ ابنه الأكبر كريم (8 سنوات) يصرخ حتّى اليوم حين يسمع أي صوت عال، وتنتابه أيضًا نوبات غضب وبكاء إذا ما سمع كلمة بيروت. فبيروت بالنسبة له باتت تعني ما سمعه لحظة الانفجار من صراخ الجرحى وما رآه من مشاهد دمويّة فضلًا عمّا تسبّب به هذا الانفجار لأخيه وجدّته. “يرفض كريم الذهاب إلى بيروت، بيروت بالنسبة له مكان غير آمن، هي انفجار الرابع من آب”.

لا يحظى كرم وكريم كمعظم ضحايا الرابع من آب بأيّ دعم نفسي، فهذا الدعم يتطلّب تكاليف لا تستطيع العائلة تكبّدها ولاسيّما أنّ في العائلة نفسها ضحيّة أخرى أي الجدّة وهي لا تزال بحاجة إلى مسار علاجي طويل، رغم مرور أربع سنوات على التفجير.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، لبنان ، مقالات ، مجزرة المرفأ ، ضحايا 4 آب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني