تمر الصحافة المصرية بوقت من أصعب الأوقات تهديداً لحريتها. فقد ارتفع اجمالي عدد الانتهاكات التي وقعت على صحفيين أو مصورين بسبب عملهم إلى أكثر من 170 حالة بنهاية شهر يونيو 2015[1]. وحسب النشرة الدورية الصادرة عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير لأشهر يناير-يونيو 2015، فإن هذه الانتهاكات تعددت لتشمل القبض، الاحتجاز غير القانوني، منع التغطية الميدانية، الايقاف التعسفي، مداهمة واقتحام مقار عمل مؤسسات صحفية واعلامية وغيرها من الانتهاكات. وذلك بالإضافة إلى حبس صحفيين احتياطيا على ذمة قضايا نشر أو قضايا جنائية مثل المصور الصحفي محمود عبد الشكور أبو زيد (المشهور بشوكان)، ومحمد علي حسن حسن محمود رجب القباني وغيرهم[2].
فضلاً عن ذلك، توسعت النيابة العامة المصرية في الآونة الأخيرة في إصدار قرارات حظر النشر في تحقيقات جنائية مثل حظر النشر في قضية اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات، وحظر النشر في قضية مقتل السائحين المكسيكيين. وهو ما يعني اعاقة عمل الصحفيين ومنع الوصول الى المعلومات من المواطنين.
من جهة أخرى، مرت بعض الصحف المصرية بأزمات مالية في الفترة الأخيرة، ومثال على ذلك جريدتا الشروق والتحرير، مما أدى في بعض الأحيان الى فصل الصحفيين تعسفاً على خلفية هذه الأزمات، مما يهدد مهنة الصحافة بشكل عام.
ونضيف إلى ذلك المشاكل التي يعاني منها الصحفيون غير النقابيين والصحفيون الالكترونيون حيث تنكر السلطات عليهم هذه الصفة. ووصل الأمر في بعض الحالات الى تقديم بلاغات ضدهم بانتحالهم لصفة صحفي[3].
في ظل هذا الوضع، أصدرت نقابة الصحفيين في شهر أغسطس 2015 مسودة مشروع قانون تنظيم الصحافة والاعلام، تمهيداً لتقديمه الى مجلس الوزراء والى البرلمان القادم. وذلك في ظل انتقاد عملية كتابة المشروع لخلوها من شباب الصحفيين، والاعتماد على الأجيال القديمة في الصحافة، بالإضافة الى عدم مجاراة المشروع للتطورات في مجال الصحافة والاعلام[4]. فهل تضمن المشروع حلولاً للمشكلات المطروحة على الساحة الصحفية؟ وهل يحقق هذا القانون حرية الصحافة ويمنح الصحفيين حقوقهم المهنية والحماية المطلوبة؟ هذا ما يركز عليه هذا المقال.
توسيع دائرة القانون
في حين يركز القانون الحالي[5] على الصحافة فقط، تم توسيع دائرة القانون المقترح ليشمل الصحافة والاعلام. والصحافة، حسب مشروع القانون، تشمل الاعلام الورقي والالكتروني[6] عكس القانون الحالي الذي يقتصر على الصحافة بمعناها التقليدي فقط أي الورقية. وتضمين الصحافة الاكترونية في مشروع القانون ينهي الجدال الحالي حول ماهية الصحف الالكترونية في اتجاه الاعتراف بها كجزء من الصحافة. كما أن خضوع الصحفيين الالكترونيين لمواد القانون المقترح تعني تسهيل عملهم، وحمايتهم أثناء تأديته، وحماية حقوقهم المهنية والوظيفية، فيتمتعون بنفس الحقوق المضمونة للصحفيين ويتحملون نفس واجباتهم. ويدلل ما سبق على تغيير النظرة الى الصحافة من الصحافة بمعناها الضيق الى معناها الواسع الحديث بما تتضمنه من وسائل اعلام مسموعة ومرئية والكترونية. وهو ما يؤدي الى تعزيز مهنة الصحافة وحريتها.
انشاء وملكية الصحف ووسائل الاعلام
فيما يخص كيفية انشاء واصدار صحيفة، فقد تم دمج المواد الخاصة بانشاء المطابع في مشروع القانون الخاص بتنظيم الصحافة والاعلام، وذلك بعدما كان ينظمها مرسوم خاص هو المرسوم رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات. وهو الدمج المنطقي بسبب دور المطابع الرئيسي في اصدار الصحف.
أما بخصوص إصدار الصحف، فقد حصرت المادة 52 حق اصدار الصحف الورقية والالكترونية بالمصريين دون الأجانب سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أو اعتباريين. كما نصت المادة على ضرورة تقديم اخطار كتابي الى المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام، وهو المجلس المستحدث بموجب المادة 211 من الدستور المصري الصادر عام 2014، وللمجلس الحق في الموافقة أو رفض اصدار الصحفية، حسب مشروع القانون. وهو ما يفرغ مفهوم "الإخطار" من مضمونه. فالإخطار هو مجرد تبليغ ولا يكون للسلطة الحق بالقبول أو الرفض. وكان من الأفضل أن تتخذ نقابة الصحفيين خطوة جدية نحو حرية الصحافة، وتنص في مشروع القانون الصادر من جانبها على اصدار الصحف بمجرد اخطار السلطات، لتجنب استخدام السلطات لحقها في القبول أو الرفض للسيطرة على التوجهات الصحفية والعصف بالصحف المعارضة.
ونلاحظ أن المادة ساوت بين الصحيفة الورقية والصحيفة الالكترونية. ويكون بذلك القانون قد تدخل لتنظيم الصحف الالكترونية، التي تتمتع بنوع من الحرية التامة غير المنظمة في الوقت الحالي. ويترتب على ذلك ضرورة الحصول على ترخيص في المستقبل لإنشاء صحيفة الكترونية، بالإضافة الى انشاء شركة مساهمة لا يقل رأسمالها عن نصف مليون جنيه، وهو الأمر الذي يحد بصورة كبيرة من حرية انشاء مواقع الكترونية "صحفية". كما ان مشروع القانون اشترط في تعريفه للصحيفة الالكترونية/الورقية ان يتولى مسؤولية تحريرها أو بثها صحفيون نقابيون، وهو الأمر الذي يعيدنا مرة ثانية الى مشكلة قيد الصحفيين الالكترونيين. وهو الأمر غير الواضح في مشروع القانون. فهو لم ينص على انشاء نقابة مستقلة لهم، فيمكن استخلاص انه يجب قيدهم في نقابة الصحفيين، وهو الأمر الذي ما زالت النقابة تناقشه، ولم تتخذ قرارا صريحا فيه بالموافقة.
أما بخصوص انشاء وسائل الاعلام، فان المادة 62 من مشروع القانون حصرت ملكية وسائل الاعلام بالمصريين، ولكن تم حظر هذا الحق على الأحزاب، رغم أنه يحق لها انشاء صحف[7]. وتم توسيع مفهوم وسائل الاعلام ليشمل الاعلام الرقمي بجانب المرئي والمسموع.
وفي صدد اجراءات انشاء الوسائل الاعلامية، فان المصطلحات واضحة في هذا الشأن، اذ تنص المادة 63 على ضرورة تقديم طلب كتابي الى المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام، والحصول على ترخيص قبل الانشاء.
وقد عنى مشروع القانون باشكالية سيطرة شخص أو جهة على الصحيفة أو الوسيلة الاعلامية، فنص في بعض مواده على أمور من شأنها الحد من ذلك، وهو ما سنتناوله أدناه.
نحو ضمان مهنية الصحف ووسائل الاعلام
اهتم مشروع القانون بضمان مهنية الصحف ووسائل الاعلام وابتعادها عن الانحياز وسيطرة الدولة على القومية منها. فبخصوص الصحف والوسائل الاعلامية الخاصة، نصت المادتان 59 و75 من مشروع القانون على أحقية الفرد الواحد وزوجته واولاده بملكية 10% من أسهم الصحيفة كحد أقصى، كما لا يجوز لهم الجمع بين ملكية أكثر من صحيفة يومية أو اسبوعية أو الكترونية. ومن شأن ذلك الحد من السيطرة على الصحيفة من قبل شخص واحد، مما يؤدي في أحيان كثيرة الى رسم خط للصحيفة يخدم مصالح مالك الاسهم الاكبر فيها والبعد عن المهنية. وإلى جانب ذلك، تضمن المشروع تدابير للحد من احتكار شخص واحد لجزء كبير من السوق الصحفية وهو ما ينتج عنه الاضرار بالصحف وتحويل الامر الى مشروع يدر ربحا، ومساحة لإعلانات المحتكر (الذي يكون من أصحاب رؤوس الأموال في أغلب الأحيان)، دون الاهتمام بدور الصحيفة المهني.
أما بخصوص وسائل الاعلام، فقد حصر القانون الملكية ب 10% من الأسهم على الشخص الطبيعي أو الاعتباري، سواء كانت الملكية بطريق مباشرة أو غير مباشرة، ومع اعتبار الزوج والزوجة وأصولهما وفروعهما القاصرين بمثابة شخص واحد، وذلك لضمان عدم استحواذ شخص أو عائلة على أغلبية الأسهم والتحكم باتجاه الوسيلة الاعلامية.
اما فيما يخص الصحف القومية[8]، فموجب المادة 78 من مشروع القانون أصبحت الهيئة الوطنية للصحافة، المستحدثة بموجب دستور 2014، هي التي تمارس حقوق الملكية على الصحف القومية بدلا من مجلس الشورى المُلغي بموجب دستور 2014 كذلك، والذي كان يمارس هذا الحق[9].
والهيئة الوطنية للصحافة هي "هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة من الدولة وتطويرها، وتنمية أصولها، وضمان تحديثها واستقلالها، وحيادها، والتزامها بأداء مهني، وإداري، واقتصادي رشيد"[10]، وفقا للمادة 212 من الدستور. وهي تتكون من 13 عضواً يتم اختيارهم من قبل رئيس الجمهورية، مجلس النواب، مجلس نقابة الصحفيين، مجلس النقابة العامة للعاملين بالصحافة والنشر، المجلس الأعلى للجامعات والمجلس القومي لحقوق الانسان، ويمثلون هذه الجهات[11]. وهي بذلك، ليست هيئة حكومية، ولا تابعة للسلطة التنفيذية. ويترتب على ذلك تحقيق قدر كبير من الاستقلالية للصحف القومية عن السلطة والتخلص من كونها مجرد صوت السلطة الحاكمة كما هو الوضع حالياً.
بالاضافة الى ذلك، نصت المادة 78 صراحة على أن تكون الصحف القومية مستقلة عن السلطة التنفيذية، وعن الأحزاب، وضرورة ان تعبر عن مختلف الآراء السياسية والفكرية وأن تضمن المساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع عند مخاطبة الرأي العام. ولكن لم ينص القانون على أي جزاء مثل غرامة مالية اذا تمت مخالفة هذه القواعد. وكذلك الأمر بالنسبة الى وسائل الاعلام العامة[12] التي تمارس الهيئة الوطنية للاعلام نيابة عن الدولة، حق الملكية عليها، بديلا عن اتحاد الاذاعة والتليفزيون الحالي.
وفقا للمادة 213 من الدستور، الهيئة الوطنية للاعلام هي هيئة مستقلة لادارة "المؤسسات الاعلامية المرئية والاذاعية والرقمية المملوكة للدولة، وتطويرها، وتنمية اصولها، ومضان استقلالها وحيادها، والتزامها بأداء مهني، وإداري، واقتصادي رشيد"[13]. وتتشكل الهيئة من 13 عضوا[14] يختارهم رئيس الجمهورية، مجلس النواب، مجلس ادارة اتحاد الكتاب، المجلس الأعلى للجامعات، الاتحاد العام للنقابات الفنية، مجلس ادارة النقابة العامة للصحافة والطباعة والاعلام. بالاضافة الى ذلك نصت المادة على ثلاثة أعضاء يرشحهم مجلس نقابة الاعلاميين، وعضو يرشحه مجلس الدولة، دون توضيح لمن سلطة الموافقة على هذا الترشيح، فهل هو رئيس الجمهورية الذي يصدر قرار تشكيل اللجنة؟ ولماذا تم النص على ترشيح هذه الهيئات للأعضاء الممثلين عنها دون غيرها من الهيئات المذكورة التي لها حق اختيار الأعضاء الممثلين عنها؟
وبخضوع المؤسسات الاعلامية العامة للهيئة الوطنية للاعلام واستقلالها عن اتحاد الاذاعة والتليفزيون يتحقق مطلب للأعلاميين منذ سنوات طويلة. ويحقق ذلك استقلال المؤسسات الإعلامية العامة عن الدولة وخطوة نحو مهنية هذه المؤسسات وتوقيف سيطرة الدولة عليها.
بالاضافة الى ذلك، نلاحظ استحداث المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام الذي نص عليه الدستور في مادته ال 211، وهو المجلس الذي يستبدل وزارة الاعلام المُطالب بإلغائها من سنوات. ويشكل هذا المجلس من 15 عضوا يختارهم رئيس الجمهورية، مجلس النواب، مجلس نقابة الصحفيين، مجلس نقابة الاعلاميين، مجلس الدولة، الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، المجلس الاعلى للجامعات، بالاضافة الى ممثل عن الرأي العام يختاره اتحاد كتاب مصر[15]. وهذا المجلس المستقل عن السلطة التنفيذية من شأنه المحافظة على استقلالية الصحافة والاعلام المقررة في الدستور ومشروع القانون[16].
ونلاحظ من تشكيل مختلف الهيئات المذكورة، انها لا ترتقي الى ان تكون هيئات مستقلة بشكل كامل، ولكنها ليست هيئات تابعة للدولة بشكل كامل أيضا. حاول واضعو القانون تحقيق نوع من التوازن في تشكيل هذه الهيئات، لتصبح هيئات "شبه حكومية". وهو الأمر الذي يعد خطوة الى الأمام، إذا اخذنا بعين الاعتبار الوضع الراهن من السيطرة الحكومية على هيئات الرقابة على وسائل الاعلام والصحف.
حقوق الصحفي والإعلامي المهنية
عمل مشروع القانون على ضمان حقوق الصحفي الرامية الى تسهيل عمله من جهة، وحقوقه الوظيفية من جهة أخرى. فنصت المادة 8 من مشروع القانون على "تمكين" الصحفي والإعلامي من الحصول على المعلومات والبيانات والأخبار، عكس القانون الحالي الذي ينص على "تسهيل" حصوله عليها فقط. بالإضافة الى ذلك، نصت المادة 10 من مشروع القانون صراحة على عقوبة إهانة الصحفي والإعلامي أو التعدي عليهما "بسبب عملهما أو في اثنائه، بالحبس وبالغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف جنيه".
أما في ما يخص حقوقه الوظيفية، فنصت المادة 11 على ضرورة النص على السياسة التحريرية[17] للصحيفة أو الوسيلة الإعلامية في العقد المبرم بينها وبين الصحفي/الإعلامي. كما نصت المادة ذاتها على ضرورة ابلاغ الصحفي/الاعلامي بأي تغيير جذري على هذه السياسة. ويحق للصحفي/الإعلامي في هذه الحالة، فسخ التعاقد المبرم بينهما بإرادته المنفردة، ودون الاخلال بحقه في التعويض. ويعد اطلاع الصحفي/الإعلامي على السياسة التحريرية للصحيفة/الوسيلة الإعلامية خطوة إيجابية لتحقيق الشفافية بين الطرفين، بالإضافة الى احترام حرية الصحفي/الإعلامي في الانتماء أو عدم الانتماء للصحيفة/المؤسسة الإعلامية حسب هذه السياسة. بالإضافة الى حمايته من اجبار الصحيفة/المؤسسة الإعلامية له على القيام بأمور تتنافى مع معتقداته ومُخالفة للعقد بين الطرفين.
ولحماية الصحفي من الفصل التعسفي، نصت المادة 16 من مشروع القانون على إجراءات فصل الصحفي/الإعلامي من عمله. وتتدخل النقابة المعنية[18] بهدف حل النزاع بين الطرفين. وإذا لم تنجح، تقوم بإحالة النزاع الى هيئة خاصة لتسوية النزاع التي تصدر قرارا ملزما للطرفين، يمكن الطعن عليه استئنافيا أمام المحكمة المختصة. وبذلك، يكون مشروع القانون ألغى قرارات الصرف التي تصدر من الصحف أو الوسائل الإعلامية دون اتفاق بين الطرفين، وحمى الصحفي من صرفه دون وجه حق والنتائج المترتبة على ذلك.
وفي ما يخص تأديب الصحفي والإعلامي، استحدث مشروع القانون في المادة 33 لجنة الشكاوى المهنية، التي تتولى فحص الشكاوى التي تقدم لها ضد أعضاء النقابة، وتقرر اما حفظها أو احالتها للتحقيق. ثم يقوم النقيب، بعد العرض على مجلس النقابة، بإحالة العضو الى التحقيق. وبذلك، تمت حماية الصحفي/الإعلامي من التعسف ضده من قبل النقابة، حيث ينص القانون الحالي على احقية النقيب في إحالة العضو الى التحقيق بعد عرض الأمر على مجلس النقابة، دون ان يتم فحص الشكوى من قبل أي لجنة.
وبخصوص التنظيم النقابي، نص القانون على نقابة الإعلاميين، وهي النقابة التي ما زالت تحت التأسيس، وأعطى لها مشروعية مثل نقابة الصحفيين. ولم ينص المشروع على نقابة خاصة للصحفيين الالكترونيين، كما أشرنا سابقا.
بالإضافة الى ما سبق، خلا مشروع القانون من عقوبات الحبس للصحفيين في ما يخص الجرائم التي تقع بواسطة الصحف أو وسائل الاعلام، وتم استبدالها بالغرامة المالية. كما نصت المادة 43 صراحة على عدم جواز الحبس الاحتياطي أو الافراج بكفالة في هذه الجرائم. وتجدر الإشارة إلى أن الصحفيين والاعلاميين، ومنظمات المجتمع المدني يطالبون منذ فترة طويلة بإلغاء الحبس في جرائم النشر، وهو ما حققه مشروع القانون.
قيد الصحفيين: مشكلة تحتاج الى حل سريع
بينما يحتوي مشروع القانون على عديد من الإيجابيات، ويعد بديلا جيد لقانون الصحافة الحالي، انما يجعلنا نطرح عدة تساؤلات حول تشريعات الصحافة والاعلام في المجمل.
فالصحافيون عانوا خلال السنوات الماضية من مشكلات تتعلق بالقيد في نقابة الصحفيين، الفصل من الصحف، ملاحقة من الأمن وتضييق على عملهم، بالإضافة الى حبسهم. وبينما عمل مشروع القانون على حل المشكلات التي تتعلق بالتضيق على العمل، وملاحقة الامن والحبس، بالإضافة الى حل مشكلة الفصل، لا نجد في المشروع أي حل لمشكلة القيد في النقابة. وهو الأمر المفهوم، نظرا لأن الأمر يخضع لقانون نقابة الصحفيين وليس لقانون تنظيم الصحافة والاعلام. ولكن، حتى الآن، لا نجد سعيا جديا من النقابة الى تعديل هذا القانون.
وقد وافقت النقابة مؤخرا على تعديلات على لائحة قيد الصحفيين، وألزمت بمقتضاها الصحف بإخطارها بأسماء المتدربين فيها كل 6 أشهر للقيد في النقابة، مع إلزامها بتعيين الصحفي بعد سنة من تاريخ القيد[19]. وهو ما يعد خطوة نحو حل المشكلة. ولكن تبقى مشكلة الصحفيين الالكترونيين قائمة ومبهمة، في ظل عدم موافقة النقابة حتى الآن على قيدهم فيها، أو انشاء نقابة خاصة بهم، أو الاعتراف بالنقابة التي قاموا بإنشائها. وخلو مشروع القانون من أي ذكر لهذه النقابة خير دليل على ذلك. وبما انه تم اخضاع، بمقتضى مشروع القانون، الصحف الالكترونية لنفس شروط الصحف الورقية، من الأفضل ان ينتسب صحافيوها الى النقابة كذلك.
ولذلك، نعتقد ان الحل الشامل لمشكلة الصحافة والاعلام في مصر، يتضمن كذلك مراجعة شاملة لقانون نقابة الصحفيين. ومناقشة قوانين النقابات المعنية مع أصحاب المهنة والمعنيين لتعزيز دور هذه النقابات كمدافع عن الحقوق والحريات.
[1] راجع النشرة النصف سنوية لبرنامج حرية الصحافة والاعلام، نشرة دورية عن أوضاع الصحافة والاعلام، يناير-يونيو 2015. صادرة عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
[3] راجع مصطفى يحيي، "من يحمي الصحفيين غير النقابيين؟" نشر على موقع مدى مصر الالكتروني، بتاريخ 28-5-2015.
[4] راجع محمد حمامة، "تنظيم الاعلام الرقمي: من أين نبدأ؟ مشروع قانون الصحافة قد ينتهي من الى خنق الصحافة الالكترونية الوليدة بدعوى تنظيمها"، نشر على موقع مدى مصر الالكتروني بتاريخ 12-10-2015.
[5] القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة.
[6] تنص المادة 52 من مشروع القانون على: "ويقصد بالصحيفة في تطبيق هذا القانون كل اصدار ورقي أو الكتروني يتولى مسئولية تحريره أو بثه صحافيون نقابيون، ويصدر باسم موحد وبصفة دورية في مواعيد منتظمة، ويصدر عن شركة مملوكة لشخص أو أشخاص طبيعيين أو اعتباريين".
[7] راجع المادة 59 من مشروع القانون.
[8] تنص المادة 78 من مشروع القانون ان الصحف القومية هي:"الصحف الورقية والالكترونية التي تصدر حالياً أو مستقبلاً عن المؤسسات الصحفية القومية والشركات الصحفية المملوكة لها، ووكالات الأنباء، وشركات التوزيع التي تملكها الدولة ملكية خاصة وتمارس حقوق الملكية عليها الهيئة الوطنية للصحافة".
[9] مادة 55 من قانون تنظيم الصحافة الساري الصادر عام 1996.
[10] راجع المادة 169 من مشروع القانون التي تنص تفصيلا عن اختصاصات الهيئة.
[11] راجع المادة 159 من مشروع القانون.
[12] تنص المادة 102 من مشروع القانون:" قنوات التليفزيون الارضية، والفضائية ومحطات الاذاعة السلكية واللاسلكية والرقمية، التي تبث حالياً أو مستقبلاً، وشركات الانتاج والتوزيع والتسويق التي تملكها الدولة ملكية خاصة، أو تمتلك الأغلبية بها، ويباشر اتحاد الإذاعة والتليفزيون حق الملكية عليها عند صدور القانون".
[13] راجع المادة 189 من مشروع القانون التي تنص تفصيلا عن اختصاصات الهيئة.
[14] راجع المادة 178 من مشروع القانون.
[15] راجع المادة 136 من مشروع القانون.
[16] راجع المادة 142 من مشروع القانون التي تنص تفصيلاً عن اختصاصات المجلس.
[17] تنص المادة 11 من مشروع القانون ان السياسة التحريرية هي: "أهداف الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية وانتماءاتها السياسية والثقافية العامة والمعايير الحاكمة لتحريرها".
[18] نقابة الصحفيين أو نقابة الإعلاميين حسب الحالة.
[19] نشر الخبر في جريدة الشروق بتاريخ 11-10-2015، تحت عنوان "الصحفيين توافق على إجراءات القيد الجديدة، وتحيل واقعة جائزة النقابة الفرعية للتحقيق.