شهد نهار السبت 17/10/2015، تحرك نسائي عفوي قادته مجموعة من سيدات المجتمع وناشطات وذلك دعماً للحراك الشعبي وللمطالبة بحل أزمة النفايات في البلد. النساء رفعن شعار "women uprising"أو "انتفاضة نسائية" وذلك للتأكيد على دور المرأة في صناعة التغيير في المجتمع ومواجهة الفساد داخل الدولة.
التحرك الذي انطلق من منطقة السوديكو -الاشرفية، تخلله مسيرة الى منزل رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في المصيطبة. أرادت النساء إيصال رسالة تمني بإسم سيدات وأمهات لبنان على سلام بأن" يكون رجل المرحلة الصعبة" وأن يسهم في حل أزمة النفايات. لكن للأسف وعلى الرغم من الحديث عن موعد مسبق للقائه، الاّ ان المسيرة تأخرت نحو ساعة من الوقت فما كان من سلام الاّ أن غادر منزله تاركاً لقائد الحرس مهمة استقبال النساء والاستماع لهن.
اذاً عند الساعة الواحدة والنصف من بعد الظهر بدأ تجمع السيدات أمام مبنى "السوديكو-سكوير"، وقد كان تحركهنملفتاً ان لناحية الملابس او سلوكهن العام. فبعد ان اعتاد الناس على التحركات الشعبوية التي تتسم بالتواضع جاء تحرك سيدات لبنان نخبوياً الى حدٍ كبير يعتمد "اتيكات" معيناً، ان من حيث الرداء الموحد وهو اللون الأبيض أو الشعارات التي رفعوها والتي طغت عليها اللغة الانكليزية ومما جاء فيها، "رئيس الوزراء تمام سلام نقف الى جانبك…ساعدنا للخروج او حل الأزمة"، "لا تحرقوا مستقبلنا"، "كان لبنان أخضر …صار لبنان مطمر"، "تمام ما تخاف من الحرامية هني أصلا مش لبنانية"، "نريد ان نحاط بالجمال وليس النفايات"، "حان وقت النساء لتنظف…نداء من تحت الزبالة". أما الشعار الأبرز واللافت فهو "#أنا_لبنانية_متطرفة". وبسؤال إحدى السيدات عن السبب في رفعها لهذا الشعار قالت: "لأن مظاهرتنا تضم نساء لبنانيات وحسب دو جنسية أخرى ونحن ننتمي الى هذا البلد ونريد البقاء فيه والا نتركه للاغراب".
عند الساعة الثالثة عصراً، وعلى وقع النشيد الوطني اللبناني وأغاني الثورة، تحركت النساء بإتجاه منزل رئيس الحكومة، وقد وضعت بعضهن الكمامات وحملن المكانس والسطول فيما رفعت أخريات شماسي بألوان قوس قزح. وان كانت معدات التنظيف تشير الى الرغبة في التخلص من أزمة النفايات وإزالتها من الشوارع فإن الشماسي ترمز بحسب البعض الى اقتراب فصل الشتاء والأمطار فيما تعدد الألوان فيها تدل على شعار "كلكن_يعني_كلكن".
وعن هذه الخطوة تحدثت رولا تلج المنظمة للحراك فقالت: "لقد بدأ التحرك من مجموعة على الفايسبوك "group"تحمل اسم women uprisingضمت آلاف الأشخاص ونأمل أن تتحول لاحقاً الى جمعية تقوم بعدة نشاطات. نحن مجموعة نساء من أمهات وأخوات وسيدات مجتمع قررنا بعد أن تعرض الشباب الناشطون في الحراك الشعبي للعنف والاساءة لهم ان نحاول بطريقة نسائية حضارية أن نوصل وجع الناس وحالة الاستياء التي وصل اليها البلد وخاصة في موضوع النفايات وكامل الفساد المستشري في الدولة".
في الطريق الى منزل الرئيس تمام سلام شهد التحرك مواكبة أمنية رمزية، أمنت عبور السيدات لجادة بشارة الخوري والبسطة التحتة. وعند الوصول الى المكان كان مخيباً معرفة ان رئيس الحكومة قد غادر منزله وما من أحد قادر على ايصال الرسالة اليه سوى رئيس الحرس. وقد تحدثت رولا تلج بإسم المشاركات في الحراك معه وطلبت ان ينقل الي سلام رسالة على اعتبار انه "رأس السلطة التنفيذية". وقالت: "لبنان ينهار، والدولة تنهار. نتمنى ان يكون رجل المرحلة لانه رئيس السلطة التنفيذية الوحيدة غير الغائبة عن الوعي والبلد يضيع من بين أيدينا. اليوم لا يجب ان يستمع الى بعض الحرامية الموجودين داخل مجلس الوزراء والذين نعرفهم بالإسم والذين طمروا أولادنا وطمرونا بالنفايات وهم من اربعة أشهر يختلفون فيما بينهم من يريد مطمر أكبر. نحن نعلم أنه لا يملك القوة الكاملة لإسكاتهم والقيام بالصواب. نحن جئنا لنقول له ان كل شعب لبنان يقف الى جانبك وعليك أن تكون رجل المرحلة وإلاّ سيدخل البلد في ما لا يحمد عقباه. الحرامية الملتفين حوله يمنعونه من القيام بما هو صحيح لذا لا يجب ان يستمع إليهم. شعبه هو الاهم وهو الذي يعطيه الشرعية وليس هؤلاء الوزراء الذي يجلس معهم ونحن نعلم أنه قد يأس منهم".
وكان من أبرز المشاركات في التحرك المخرجة نادين لبكي التي حضرت معتبرة ان في الامر واجب وأنه من الطبيعي المشاركة في أي حراك شعبي سلمي لصناعة التغيير. وقالت:"هذه آخر خرطوشة نقوم بها وانا ادعم اي تحرك ممكن ان يؤدي الى أي تغيير". وعن الدور الذي بإمكان المرأة أن تلعبه في صناعة التغيير في المجتمع، أجابت" نحن نصف المجتمع وبإمكانننا القيام بالكثير. هناك مثل يقول "ان المرأة التي تهز السرير بيسارها تهز العالم بيمينها"، ونحن لا نريد أن نهزّ العالم انما نريد ان نهز ضمائر الحكام الذي لا يبالون بالخطر الذي بات وشيكاً. فالشتاء قادم وستدخل الأمطار الى المياه الجوفية وسوف نأكل خضار وفاكهة ملوثة وهذا ليس بالشيء الجديد او غير المعروف. حتى ان المستشفيات بدأت تستقبل حالات مرضية من جراء النفايات لذلك من الطبيعي وجودنا اليوم هنا".
بدورها اعتبرت الناشطة عزة قباني أن من أهداف هذا التحرك هو إظهار أن "هناك نساء يخافون على أولادهن، وللرد على ما قيل للفتيات اللواتي جرى توقيفهن بأنهن لسن بنات شارع".
كذلك أكدت رجاء هاشم أن: "التحرك جاء ليقول إن كل أم وكل أخت وكل سيدة في هذا البلد تشعر بالخوف على أولادها من العيش في جو يُنبئ بالسرطانات والامراض التي تنهش أجسادنا يوما بعد يوم. وأنه من حق أولادنا ان يعيشوا في بيئة صحية وسليمة".
الصورة من ارشيف المفكرة القانونية تصوير علي رشيد
متوفر من خلال: