مستجدات القضاء الفلسطيني عام 2012: رؤى سياساتية ومجابهة مجتمعية


2013-06-10    |   

مستجدات القضاء الفلسطيني عام 2012: رؤى سياساتية ومجابهة مجتمعية

فراس ملحم
“وبشكل مختصر تعد الولاية القضائية الفلسطينية ناقصة بحرمان ما نسبته 15% من مجموع سكان الضفة الغربية من مدينة القدس من الوصول إلى مرفق العدالة الفلسطيني. وفي المنطقة (ج) يجوز للمحاكم الفلسطينية أن تتولى الاختصاص القضائي في بعض الأمور المتعلقة بالمواطنين فيها … (من دون أن يكون باستطاعتها) النظر في القضايا التي تتعلق بالأموال غير المنقولة. كما أنه لا يسمح للمأمورين القضائيين من مبلغين وأجهزة التنفيذ من الوصول إلى مناطق ج بدون تنسيق أمني مسبق مع الاحتلال[1]. كما أن بعض القرى التي حوصرت نتيجة جدار الفصل العنصري الاسرائيلي بقيت من دون ولاية قضائية فعلية بسبب عدم تمكن المأمورين القضائيين والأجهزة التنفيذية من الوصول إليها، وبسبب قيود التنقل المعقدة التي توضع على سكانها. كما منعت الاتفاقية المحاكم الفلسطينية من مساءلة أي إسرائيلي وإن ارتكب جريمة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية الأمر الذي يضيع حقوق الضحايا الفلسطينيين. كما أن ولاية المحاكم الفلسطينية منقوصة حسب الاتفاقية التي تضع قيودا على التشريع في بعض الأمور مثل الإقامة والجنسية والضرائب غير المباشرة والعملة حقوق ملكية الأموال غير المنقولة في المناطق (ج). باختصار يعمل القضاء الفلسطيني في ظل ظروف صعبة، وذلك في ظل الاحتلال الفعلي المفروض من قبل إسرائيل. وعليه، يمكننا القول أن القضاء، كما هي الحال لباقي المرافق العامة، يخضع لوضع “مميز وخاص” بحيث أنه يعمل ويتطور في ظل الاحتلال،
وهنا التحدي في بناء المؤسسات ودولة القانون في ظل نقصان السيادة الفعلية على الأرض”.
هذه الكلمات التحذيرية وردت حرفيا في التقرير الفلسطيني للتذكير بالظروف الصعبة التي يعمل بها القضاء الفلسطيني. وما يزيد من صعوبة العمل القضائي، هو التعقيدات الحاصلة تبعا لوقف المساعدات بعد فوز حركة حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي في 2006، وبشكل خاص بعد الانقسام الفلسطيني بين غزة والضفة الغربية، مما أدى إلى تعددية في الجسم القضائي، فشكل في قطاع غزة مجلس قضاء أعلى بجانب مجلس القضاء الأعلى في الضفة الغربية وعين وزير عدل لغزة بجانب وزير العدل في رام الله. وقد استمر هذا الوضع حتى آخر 2012. وبالطبع، كان لقلة الموارد ولهذا الانقسام وقع كبير على النقاشات الحاصلة في 2012 حول الإصلاحات القضائية في الضفة الغربية (وهي المنطقة التي يتولى هذا التقرير درسها).
الا أن هذه الصعوبات، على كبرها، لم تحل دون حصول نقاش عام واسع حول اشكاليات اصلاح القضاء الفلسطيني، التي قاربت في كثير من جوانبها الإشكاليات المطروحة في العالم العربي، مثل تكوين مجلس القضاء الأعلى وصلاحياته وعلاقة النيابة العامة بالسلطة التنفيذية وتطهير القضاء والمسائل المتصلة به بشكل أو بآخر كتخفيض سن التقاعد أو اعتماد بنود خاصة للتقاعد المبكر فضلا عن مسألة عدم جواز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. ويسجل أن هذا النقاش الواسع قد تمحور حول التصور الشامل لإصلاح العدالة والذي وضعه وزير العدل (والذي ننشره كاملا على الموقع الالكتروني للمفكرة تعميما للفائدة).
كما شهد عام 2012 نشوء تجمع قضائي جديد، هو نادي النيابة العامة والذي يضاف الى جمعية القضاة الفلسطينيين (2002) ونادي القضاة (2008)، على نحو يعزز تعددية الهياكل القضائية في هذا المجال. ويلحظ الكاتب أنه كان لهذه التجمعات دور أساسي في تعزيز النقاش العام حول تصورات وزير العدل الإصلاحية وأنها “تجاوزت مجرد كونها نوادي ثقافية وإجتماعية لتتدخل في تطوير القضاء وإسماع صوتها في حال وجود مبادرات بشأن القضاء”. كما يشير التقرير الى وجود تحالفات مدنية إما لمؤازرة الإصلاح القضائي وتقديم تصورات تشريعية مساندة للمجهود الحكومي، أو لمراقبة ورصد التطورات داخل منظومة القضاء مثل مؤسسة مساواة.
ويخلص التقرير الى القول بأن سنة 2012 حملت “حراكا فلسطينيا ونقاشا مجتمعيا محتدما، وهذا أمر إيجابي بحد ذاته، لكن من المؤسف القول أن هذا العام لم يحمل إصلاحا شاملا أو إستراتيجيا لمؤسسات العدالة. وهناك أسباب تؤثر في الوصول إلى إصلاح شامل، وعلى رأسها غياب المجلس التشريعي الفلسطيني. ومن الايجابيات التي نراها أن مؤسسات العدالة من محاكم ونيابة عامة ووزارة العدل وأجهزة تنفيذية تعمل بشكل مرض، وذلك في ظل معوقات كبيرة منها: الاحتلال الاسرائيلي والانقسام الفلسطيني الداخلي وغياب الموارد المالية التي تتيح دفع رواتب (معاشات) العاملين في القضاء بشكل ثابت ودوري. نأمل أن يكون عام 2013 أفضل، وإن كان الأمل بالتطور الشامل غير متاح في ظل غياب الحرية”.

لقراءة الدراسة انقروا هنا


[1]كميل منصور، إستقلال القضاء في فلسطين، http://lawcenter.birzeit.edu/iol/ar/project/outputfile/7/49da97dd28.pdfتاريخ الزيارة 14-12-2012
انشر المقال



متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، فلسطين ، دراسات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني