لقطات شاشة مأخوذة من ستوري وفيديو الصحافي أحمد حجازي تظهر سقوط قنابل الفوسفور على مدرسة ذكور الشاطئ "أبو عاصي". نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
أنتج هذا التحقيق “مختبر نوى ميديا” في إطار وضع موارده وقدراته في مجال تحليل المواد الإلكترونية والبصرية، ضمن مساعي كشف الحقائق وتبديد الأضاليل التي ترافق الجرائم الإسرائيلية المستمرة ضدّ غزة. وللسبب نفسه يهمّ “المفكرة القانونية” أن تنشر هذا التحقيق وتحقيقات أخرى تحمل الهدف نفسه لاهتمامها بنشر محتوى متخصّص مهني يشكّل إضافة قيّمة على المحتوى الذي تعمل عليه حاليًا والمرتبط بكشف الجرائم الإسرائيلية المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
حتى 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قُتل أكثر من 14,800 فلسطيني في غزة، بينهم أكثر من 6 آلاف طفل، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي. كما أنّه بين 7 و27 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023 تضرّر أكثر من 200 مبنى مدرسي في قطاع غزة، أي ما يعادل 40% من إجمالي المباني المدرسية الموجودة في القطاع، وقد تعرّض أربعون مبنى تقريبًا لأضرار بالغة حسب بيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
وقد تحوّلت مباني المدارس إلى ملاجئ للنازحين الفلسطينيين حيث أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وفقًا لأحدث تقديراتها، أنه منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر استضافت حوالي 700,000 شخص. وتقع 25 من هذه المدارس التي تحوّلت إلى ملاجئ في شمال غزة وتستضيف 112,000 شخص، وقد استهدفت بعضها بصورة مباشرة كما تضرّر بعضها الآخر أيضًا.
يتناول هذا التحقيق أربع هجمات وقعت على أربع من المدارس التابعة لـ “الأونروا” في شمال قطاع غزة خلال الأيام الثلاثة الأولى من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023. وقد وقعت هذه الهجمات في 2 و3 و4 نوفمبر/تشرين الثاني مخلّفةً عددًا من الضحايا والإصابات.
مدرسة ذكور الشاطئ الإعدادية للاجئين “مدرسة أبو عاصي”
نشر حساب قناة “الجزيرة” – فلسطين على “إكس” (تويتر سابقًا) منشورًا حول سقوط 5 قتلى وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي استهدف محيط مدرسة لـ “الأونروا” في مخيّم الشاطئ غرب مدينة غزة، الساعة 08:23:46 صباحًا بتوقيت مدينة غزة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023. سبقه حساب محمود مقداد الذي نشر عند الساعة 7:54 صباحًا بلاغًا عن قصف مدرسة أبو عاصي التي تضم آلاف النازحين غرب مدينة غزة.
وبعد مرور حوالي الساعة نشر الصحافي أحمد حجازي على صفحته على إنستغرام مقطع فيديو “ريل” الساعة 06:53:49 UTC أي الساعة 08:53:49 صباحًا بتوقيت مدينة غزة عن قصف بقنابل الفوسفور الأبيض على مدرسة الوكالة في مخيّم الشاطئ . ثمّ ألحق الفيديو بمجموعة فيديوهات نشرها كـ “ستوري” على صفحته على إنستغرام أيضًا والتي انتشرت على “إكس” لاحقًا.
وثق حجازي عبر مقاطع الفيديو المنشورة قصفًا متتاليًا على مدرسة الأونروا ومحيطها في مخيم الشاطئ شمال قطاع غزة، كان القصف حسب ادعاءه بقذائف المدفعية وقنابل الفسفور الأبيض. يجدر الإشارة أيضًا أنّ دخان القذائف جعل من الصعب تحديد الزمن الدقيق لحدوث الهجوم عبر تحليل الظل، لكن أمكن وضع زمن محتمل للهجوم وهو بين 7:54 صباحًا – توقيت النشر الأول للخبر- و8:53 وقت نشر فيديو يوثق الهجوم.
الموقع الجغرافي
من خلال البحث عن الموقع بالكلمات المفتاحية كـ “مدرسة الشاطئ” و”مدرسة أبو عاصي” و مطابقة العناصر الظاهرة في فيديو نشره الصحافي أحمد حجازي على ستوري “إنستغرام” في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أمكن تحديد الموقع الجغرافي لمدرسة ذكور الشاطئ الإعدادية للاجئين المعروفة بمدرسة “أبو عاصي” في مخيّم الشاطئ بقطاع غزة، عند إحداثية 31.537304, 34.449559.
هجمات بالفوسفور الأبيض
أظهرت سلسلة الفيديوهات التي شاركها حجازي سقوط عدد من القذائف بفارق ثوانٍ استخدم فيها الجيش الإسرائيلي قنابل فوسفورية سقط بعضها على مباني مدارس الوكالة وساحة المدرسة ومنازل مجاورة لها.
أظهر مقطع فيديو نشره Dogukan لطفل قُتل بفعل الهجوم وقد ظهرت على جلد يديه وقدميه بعض الحروق التي تؤكد إصابته بقنابل الفوسفور الأبيض، كونها في العادة تعطي التأثير نفسه. يمكن ملاحظة الجروح نفسها أيضًا لدى المصابين الذين وصلوا إلى المستشفى. لن نرفق الصور التوضيحية كونها تُصنّف كمحتوى حساس.
وكانت منظمة العفو الدولية قدمت في وقت سابق أدلة حول استخدام الجيش الإسرائيلي لقنابل الفوسفور الأبيض في هجماتها على جنوب لبنان في إطار الحرب الدائرة حاليًا، ما يجعل من المحتمل أيضًا استخدامها لتلك القنابل في استهدافها لمدرسة أبو عاصي التابعة لوكالة الأونروا. يؤكد ذلك أيضًا شكل انفجار القذائف وتصاعد الدخان والحروق المكوّنة على أجساد الضحايا والمصابين إثر الهجوم.
مدرسة بنات جباليا الابتدائية (أـ ب) “مدرسة أبو حسين للبنات”
تناقل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الأخبار بلاغات عن هجوم آخر على مدرسة أخرى في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، كان البلاغ الأوّل للحادثة على منصّة “إكس” الساعة 9:54 صباحًا بتوقيت مدينة غزة، نشره حساب Foad_derbas وتضمّن فيديو يفيد فيه أنّ “طيران الاحتلال يستهدف مدرسة أبو حسين التابعة للأونروا في قلب مخيم جباليا شمال غزة”.
نشرت وزارة الداخلية الفلسطينية على تلغرام فيديو للحظات الأولى من الهجوم. عند تحليل اتجاه الظلّ عبر أداة SunCalc يمكن تقدير وقت تصوير الفيديو 9:30 ±20 صباحًا بالتوقيت المحلي لمدينة غزة. أي يمكن تقدير وقت الهجوم بين 9:30 – 9:54 صباح يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023. تسبّب الهجوم في مقتل ما لا يقل عن 20 شخصًا وإصابة خمسة آخرين وفقًا للأونروا كما تعرّضت المدرسة لأضرار في مخيم جباليا للاجئين.
الموقع الجغرافي
عند البحث عن موقع مدرسة أبو حسين واسم المدرسة الظاهر في أحد الفيديوهات: “مدرسة بنات جباليا الابتدائية (أ- ب)” ومطابقة العناصر الظاهرة في فيديو نشره مركز سونار الإعلامي في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023. أمكن تحديد الموقع الجغرافي لمدرسة بنات جباليا الابتدائية (أ- ب) جوار مدرسة أبو حسين الابتدائية للبنين في منطقة جباليا بقطاع غزة، عند إحداثية 31.537128, 34.498239 .
مطابقة: صورة عبر الأقمار الصناعية من خرائط غوغل تظهر موقع مدرسة أبو حسين للبنات، ولقطات من فيديو نشره مركز سونار الإعلامي. نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
أظهر فيديو Foad_derbas ومركز سونار الإعلامي اللقطات الأولى بعد الهجوم التي أظهرت تجمّعًا للمدنيين والمسعفين أمام بوّابة المدرسة من الداخل، حيث كان انتشار الضحايا الأكبر خلال ذلك الوقت. وعند العودة إلى فيديو قناة الغد والذي صوّر موقع الحادثة بعد يومٍ من الاستهداف، أجريت مقابلة لأحد المدنيين النازحين وهو والد أحد الضحايا ذكر سقوط القذيفة بجانب البوابة ووفاة ابنه جرّاء الإصابة، بالإضافة إلى لقطات أظهرت الحفرة المتكوّنة جرّاء اصطدام القذيفة بالأرض القريبة من البوابة في الداخل، يمكن ملاحظة آثار تشظّي قذيفة على الجدار المقابل للحفرة المتكوّنة.
هذا النوع من الحفر والتشظّي قد يتشكّل نتيجة قذيفة ذات عيار 120 ملم، بزاوية سقوط 90 درجة وتشظّي 360 درجة. لم نستطع تحديد نوع السلاح لعدم وجود بقايا ذخيرة محتملة في موقع الحادثة من خلال المعلومات المتاحة علنًا. لكن يمكن أن نعطي احتمالًا آخر بناءً على حديث الصحافي عبدالله عبيد أنّ الهجوم كان بصاروخ من طائرة استطلاع إسرائيلية، هذا يقودنا إلى احتمالية استخدام نوع جديد من الصواريخ التي تطلقها الطائرات من دون طيار الإسرائيلية والتي وثقته سابقًا منظمة العفو الدولية في غزة والتي أعطته اسم “قنيبلات على شكل مكعّبات” وهي صواريخ تفجّر عددًا من المكعّبات المعدنية الحادّة الأطراف، يحدث الصاروخ حفرة صغيرة وعميقة في الأرض قطرها 10 سنتم أو أقلّ.
يعيدنا ذلك لفيديو وزارة الداخلية الفلسطينية الذي أظهر عددًا من الإصابات، هذه الإصابات لم تكن عبارة عن بتر أعضاء وإنّما ظهرت معظمها بجروح ونزيف كثيف، أي ربما يؤكد ذلك استخدام هذا النوع من الصواريخ.
مدرسة أسامة بن زيد، الصفطاوي جباليا
في اليوم التالي في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إخبارية خبرًا عن قصف جديد استهدف مدرسة في منطقة الصفطاوي تضمّ عددًا كبيرًا من النازحين. كان أوّل الناشرين على “إكس” إسراء حيث كتبت في منشورها “حسبي الله عليهم بيقصفوا في مدرسة جنب المستشفى” الساعة 19:27 بالتوقيت المحلي لمدينة غزة.
نشر مستخدم آخر الساعة 20:22 عن “مجزرة في مدرسة أسامة بن زيد في منطقة الصفطاوي”، جاء البلاغ الرسمي من قناة “الجزيرة” بعدها بدقائق على حسابها على تلغرام تحديدًا الساعة 20:35 بالتوقيت المحلي لمدينة غزة عن سقوط قتلى وجرحى جراء الهجوم.
يمكن تقدير الوقت المحتمل للهجوم بين 19:27 -20:22 بالتوقيت المحلّي لمدينة غزة. تسبّب الهجوم في مقتل أكثر من 20 شخصًا وإصابة العشرات وفقًا للمركز الفلسطيني للإعلام وقناة “الجزيرة“.
الموقع الجغرافي
عند مطابقة العناصر الظاهرة في فيديو مباشر لقناة “الجزيرة” في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 والبحث عن اسم المدرسة في خرائط غوغل بالإضافة إلى مطابقة بعض العناصر البصرية للمدرسة من خلال صور نشرها موقع المدرسة على فيسبوك أمكن تحديد الموقع الجغرافي لمدرسة أسامة بن زيد الثانوية للبنين في منطقة الصفطاوي جباليا بقطاع غزة، عند إحداثية 31.538148, 34.479256 .
بالنظر إلى شكل وحجم الضرر المتكوّن على جدار أحد الفصول الدراسية بالإضافة للجدار المقابل له بالاتجاه المعاكس مع سقف المدخل، أمكن تحديد احتمالية تعرّض المدرسة لقصف مباشر بمقذوف عيار 122 ملم، قوّة دفع ارتطام المقذوف بجدار المدرسة دفعت بعض الجثث والشظايا في دائرة قطرها 10 أمتار يمكن ملاحظة توزّع الضحايا في فيديو الناشط حمزة المصري.
مدرسة ذكور الفاخورة الإعدادية للاجئين ، جباليا
في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، صباح اليوم التالي من قصف مدرسة أسامة بن زيد، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بلاغات عن قصف جديد يستهدف مدرسة تابعة لوكالة “الأونروا”. كان أوّل الناشرين على “إكس” حساب “فلسطين الآن” الذي نشر بلاغًا عن “استهداف مدرسة الفاخورة شمال قطاع غزة وأنباء عن إصابات” الساعة 9:50 صباحًا.
وعند تحليل الظل لفيديو نشره حساب وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينيين على فيسبوك يبدو أنّه صُوّر قرابة الساعة 9:50 ±10 صباحًا بتوقيت المحلي لمدينة غزة.
ومنه يمكن تقدير وقت الهجوم بين 9:50 و 10:00 صباح يوم 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أدّى الهجوم لمقتل 15 شخصًا وإصابة 70 آخرين وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية/غزة.
الموقع الجغرافي
عند مطابقة العناصر الظاهرة في فيديو مباشر لقناة “الجزيرة” نُشر في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 صُوّر عقب الهجوم وفيديو آخر نشره الصحافي محمد النجار على تيكتوك والبحث عن اسم “مدرسة الفاخورة” على خرائط غوغل. أمكن تحديد الموقع الجغرافي لمدرسة الفاخورة الإعدادية للاجئين على شارع الشهداء في منطقة جباليا بقطاع غزة، عند إحداثية 31.542273, 34.495187 .
مطابقة: صورة عبر الأقمار الصناعية من خرائط غوغل لمدرسة ذكور الفاخورة. الصور مأخوذة من فيديو قناة “الجزيرة”. نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
نشرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية فيديو يظهر تضرّر سقيفة مبنى المدرسة مع تضرّر بعض أنابيب توصيل المياه والذي يفسّر تساقط المياه عبر الفتحة التي ظهرت في سقف أحد الفصول المتضررة في كلا الفيديوهين، فيديو الوكالة وأيضًا فيديو قناة “الجزيرة”. بالإضافة لذلك ظهرت الفجوتان على السقيفة على شكل مربّع بداخلها تجويف يشبه إلى حد ما الأسقف المبنية من مادة “بلوك الهوردي” وهذا يفسّر التفتّت الموجود على الأرضيات المقابلة للسقيفة المتضررة.
بناءً على التحليل أعلاه وبالنظر في المحتوى البصري المنشور علنًا كـ فيديو “الجزيرة” وفيديو وزارة الخارجية وفيديوهي الصحافي النجار 1,2 وحديث الشهود منهم الطفل الذي حضر الحادثة بالإضافة إلى اتجاه قدوم القذائف وتشكّل ضررها، يمكن الاستنتاج أنّ الهجوم كان بعدد من القذائف المدفعية الإسرائيلية بعضها أصاب الجزء الخلفي للمدرسة “موضع إعداد الطعام والخبز للنازحين”، وقذائف أخرى أصابت مبنى المدرسة مكوّنة فجوات على سقف أحد الفصول الدراسية المستخدمة كملجأ للنازحين ، وأخيرًا قذائف سقطت على الساحة الداخلية “أصابت إحداها خيمة أحد النازحين”.
هجمات جديدة خلال أيام
نفّذ هجوم آخر على مدرسة الفاخورة وأيضًا مدرسة أبو حسين بعد أيام في أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وقد تسبّبا بأضرار كبيرة في الأرواح والمباني، لكن لم يدخلا في نطاق هذا التحقيق الذي ركّز على أربعة استهدافات في الأيام الثلاثة الأولى من نوفمبر/تشرين الثاني وخلص إلى نتائج تُدين الاستهدافات المباشرة على أربع مدارس تتبع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” التي تأوي النازحين باعتبارها ملاجئ آمنة لهم وهي مدرسة الشاطئ “أبو عاصي”، ومدرسة بنات جباليا “مدرسة أبو حسين للبنات”، ومدرسة أسامة بن زيد، وأخيرًا مدرسة ذكور الفاخورة .
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.