محكمة الرباط تمنع سفر المحضون درءا للإصابة بالكورونا: الإذن بالسفر إهدار لمصلحة الطفل الفضلى


2020-03-14    |   

محكمة الرباط تمنع سفر المحضون درءا للإصابة بالكورونا: الإذن بالسفر إهدار لمصلحة الطفل الفضلى

بتاريخ 11 مارس 2020 أصدرت نائبة رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط القاضية رشيدة أحندار أمرا استعجاليا[1]، قضى برفض منح إذن بسفر أطفال محضونين إلى الخارج لقضاء العطلة المدرسية، وذلك توقيا لمخاطر إصابتهم بفيروس كورنا.

الأمر القضائي الذي ننشره مرفقا بهذا المقال، اعتمد في حيثياته على مقتضيات القانون المغربي التي تخوّل رئيس المحكمة الابتدائية التدخل في الأمور الاستعجالية التي تهم مصالح الأطفال. كما استند هذا الأمر بشكل لافت وغير مألوف على مقتضيات العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل.

ملخص القضية

تعود فصول القضية إلى مقال استعجالي تقدمت به أمّ إلى رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط، تعرض فيه بأنها طليقة المدعى عليه، وقد رزقت منه بثلاثة أبناء ما زالوا قاصرين، وأنها اعتادت السفر بهم كل عام خلال العطلة المدرسية إلى فرنسا، إلا أنها تفاجأت بامتناع طليقها خلال العام الجاري من الإذن لها بالسفر رفقة أبنائهما إلى الخارج. وأضافت أنها تشتغل كطبيبة أسنان، وتملك عيادة خاصة، كما تتوفر على عقار في ملكيتها، والتمست من المحكمة الإذن لها بالسفر رفقة الأبناء إلى فرنسا خلال العطلة الربيعية الممتدة من تاريخ 17/04/2020 إلى 04/05/2020.

موقف المحكمة

بناء على عرض وقائع القضية على نظر نائبة رئيس المحكمة، أصدرت قرارها الذي جاء فيه أنه: لئن كان “يحق للحاضنة اللجوء إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات للإذن لها بالسفر العرضي بمحضونها خارج التراب الوطني عند امتناع نائبه الشرعي، إلا أن مناط ذلك هو مراعاة المصلحة الفضلى للمحضون التي أوكل للقضاء مسؤولية حمايتها والحرص على ضمانها”.

وأضاف القرار أن “لمؤسسة القضاء الاستعجالي التدخل بحكم وظيفتها لاتخاذ أي إجراء يروم حماية الحقوق الأساسية للطفل المكفولة له بموجب الدستور والقوانين والمواثيق الدولية، في حال وجود ضرر محدق قد يؤثر سلبا على حياة المحضون الآنية والمستقبلية”.

وعليه قضت نائبة رئيس المحكمة برفض طلب السفر بالأطفال المحضونين لقضاء عطلتهم المدرسية بفرنسا، معللة قرارها بالعلل التالية:

– الوضع الراهن للعالم الذي يشهد تفشي فيروس “كورونا كوفيد-19” بالعديد من دول المعمورة (ومن بينها فرنسا)، وباعتبار الحق في الحياة والحق في الصحة من الحقوق الأساسية لكل طفل، وخشية ما قد ينجم عن الإذن بالسماح للمحضون بالسفر في الظروف الحالية مما قد يهدد صحته وحياته وينعكس سلبا على وضعيته وعلى حقه الأصيل في التمتع بكافة حقوقه بشكل عادي وسليم”؛

-عدم وجود حالة الاستعجال القصوى أو حالة الضرورة التي ينجم عن عدم السفر بالمحضون إلى الخارج إلحاق ضرر فادح بحياته أو صحته أو دراسته؛

-ضرورة الحفاظ على الأوضاع الهادئة والقارة للمحضون.

في نفس السياق استندت نائبة رئيس المحكمة في قرارها على مقتضيات المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنص على أنه: “تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه”، كما “…تشمل التدابير التي على الدول الأطراف في هذا العهد القيام بها الوقاية من الأمراض الوبائية والمستوطنة”، إلى جانب مقتضيات الفقرة الأولى من المادة الثالثة من اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 والتي نصت على أنه “في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى”.

لتخلص في الأخير إلى رفض إعطاء الإذن بسفر الأطفال “حرصا على مواجهة الوضع الاستثنائي المتعلق بخطر تفشي فيروس كورونا، وإعمالا للإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من انتشاره، ولكون منح الإذن بالسفر من عدمه يدور مع مصلحة المحضون وجودا وعدما، وباعتبار الإذن له بالسفر في ظل الظروف الحالية فيه إهدارٌ لتلك المصلحة التي تبقى هي الأولى بالحماية”.


[1]أمر رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط، عدد275  في الملف223/1101/2020 بتاريخ 11/03/2020.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، الحق في الصحة والتعليم ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني