مع مرور أكثر من سنة على محاولة الإنقلاب الفاشل تغيرت الكثير من الأمور في تركيا. تراجع التنافس الجدي على السلطة بين الأحزاب والقوى الفاعلة، وباتت دفة الحكم ومراكز القوة في يد حزب "العدالة والتنمية" بشكل كامل. كما أطبق هذا الأخير على الإدارات والمصالح الحكومية والقضائية بعدما تم طرد واعتقال أنصار الداعية الإسلامي "فتح الله غولن" المتهم بالتخطيط للمحاولة الانقلابية. من ناحية أخرى، شهدت البلاد بعض التعافي الإقتصادي والاستقرار الأمني، إلا أن الحريات العامة تدهورت بشكل دراماتيكي.
ومع إزدياد حدة الخطابات والاستقطاب السياسي والإجتماعي، برزت مؤخراً عدة قضايا ذات طابع قانوني وقضائي بدأت تطفو على سطح الشأن العام التركي، وأبرزها البدء بمحاكمة آلاف الأفراد الذين شاركوا في محاولة الإنقلاب، كما كثرة الحديث عن إعادة العمل بعقوبة الإعدام. بالإضافة إلى اعتقال معارضين آخرين بتهم متعددة، وإمكانية بروز معارضة جدية تأخذ من المطالبة بالعدالة والإصلاح في القضاء شعاراً ومطلباً أساسياً لها.
مَن يُحاكم ولماذا؟
مع توقيف حوالى 50 ألف شخص مرتبطين بمحاولة الإنقلاب الفاشل التي وقع في 15 يوليو / تموز من العام 2016، بدأت تركيا منذ بداية العام الحالي بأكبر محاكمة في تاريخها. تتعدد الاتهامات الموجّهة إلى هؤلاء، فبعضها يتعلق بإثارة الشغب حصراً، وغيرها مرتبط بالعضوية في جماعات إرهابية، وأخرى بالقتل المتعمد والخيانة. وكانت السلطة القضائية قد اعتمدت بشكل شبه كامل على محكمة واحدة تم بناؤها خصيصاً داخل سجن في العاصمة أنقرة لإجراء المحاكمات لآلاف الأشخاص[1]، الأمر الذي من المتوقع أن يخلق أزمة تُبطئ في سير المحاكمات، وتمدد فترات إقامة الكثيرين في سجون التوقيف.
ويواجه المتهمون أحكاماً قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد، وهم بمعظمهم من الجنرالات العسكريين والضباط في قوى الأمن والشرطة كما معظم أعضاء قاعدة "أكينجي" الجوية التي انطلقت منها الطائرات ليلة الإنقلاب وقصفت بعض التجمعات السكنية والمباني الحكومية والبرلمان وغيرها، وأدت في نهاية الأمر إلى وفاة حوالى 250 وجرح 2000 شخص[2]. في موازاة ذلك، تجري في تلك المحكمة محاكمات غيابية للكثيرين من الذين فرّوا إلى الدول الأوروبية بعد فشل محاولة الإنقلاب، ومن بينهم الداعية الإسلامي "فتح الله غولن" الذي يسكن في الولايات المتحدة الأميركية والمتهم بشكل مباشر بأنه الرأس المدبر الذي يقف خلف المحاولة الإنقلابية، وهي التهمة التي ما برح ينكرها جملة وتفصيلاً.
وفي السابق تم توقيف معظم الذين سيتوجهون إلى المحاكمة وفقاً لقانون الطوارئ الذي أصدرته الحكومة التركية وصادق عليه البرلمان التركي بعد أيام من فشل المحاولة الإنقلابية. وقد طالت التوقيفات العديد من الأفراد غير العسكريين أو مِمَن لم يشارك في الإنقلاب بطريقة مباشرة، وهم بمعظمهم من الموظفين الإداريين، والمحامين، والفنانين، والكتّاب والصحفيين والطلاب. هذا في وقت ينظر الكثيرون مِمَن هم داخل تركيا وخارجها إلى هذه المحاكمات على اعتبارها امتحاناً جدياً للحرية والعدالة وحكم القانون في تركيا، وذلك لأنها تتم خلال الفترة التي يسري فيها قانون الطوارئ، والذي يُعطي أولوية للمسائل الأمنية ولاستنساب السلطة على حساب الحقوق العامة والخاصة المنصوص عنها في القانون العادي.
إختبار لإستقلالية القضاء التركي
تم الإستناد إلى قانون الطوارئ خلال طرد حوالى 100 ألف من وظائفهم وتوقيف آلاف آخرين خلال العام الماضي، وهو القانون الذي بات سارياً منذ الأيام الأولى التي تلت محاولة الإنقلاب الفاشل ولا يزال كذلك إلى اليوم بعد تجديده لمرات عدة. وعلى الرغم من أن فرض هذه الحالة الجديدة التي تحكم العلاقة بين الدولة والمواطن قد تمت بشكل قانوني، إلا أن هذا الأمر طرح علامات استفهام كثيرة حول العدالة التي يمكن أن تغيب عند توقيف ومحاكمة الأفراد تبعاً لهذا القانون.
قد تكون قضايا كل من الصحافيين "أحمد ألتان" و "محمد ألتان" أمثلة حقيقية عن إمكانية غياب العدالة والمحاكمات العادلة والإجراءات الصعبة التي تواجه الأفراد عند تطبيق حالة الطوارئ. وهذان تم توقيفهما بعد محاولة الإنقلاب وتم تأخير موعد محاكمتهما "لأسباب لوجستية"، ووُجهت إليهما تهم بدعم الإنقلابيين ومحاولة الإنقلاب على السلطة الشرعية والنطق بإسم منظمة أرهابية. الصحافيان، والكثير غيرهم، هم أمثلة حيّة عن عشرات الصحافيين الآخرين الذين تم اعتقالهم بسبب آرائهم السياسية والإيديولوجية، وذلك أكان بسبب إبدائهم آراءً متعاطفة مع أفكار الداعية الإسلامي "فتح الله غولن"، أو لأنهم عارضوا الحكومة التركية لسبب أو لآخر. وهم يواجهون اليوم تهماً قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد، بسبب مقال كتبوه أو حديث أدلوا به على وسيلة إعلامية.
وتمثل محاكمة هؤلاء امتحاناً جدياً لنزاهة واستقلالية القضاء التركي. وذلك يعود بشكل أساسي إلى أن حوالى ثلث العاملين في السلطة القضائية، من قضاة ومدعين عامين، تمت إقالتهم أو فرضت الحكومة عليهم الإستقالة بين عامي 2016 و 2017. وهذا ما يعطي فكرة عن كيفية سير الأمور في تركيا، ووقوع السلطة القضائية في يد السلطة السياسية بشكل كامل ربما، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى غياب العدالة عند الحكم على المتهمين لوقوع القضاء تحت سيطرة الحكومة المعادية للموقوفين.
خلال مرافعته ودفاعه عن نفسه، اعتبر "محمد ألتان" أن أفكاره هي التي تُحاكم اليوم، فيما يتم إسكات كل معارض عبر معاقبته قضائياً أو سياسياً، فيما اعتبر "أحمد ألتان" أنه قبع في السجن لأشهر دون وجه حق. في موازاة ذلك، اعتبرت بعض المنظمات المعنية بحقوق الصحافيين أن الإعتقالات التي لحقت ببعض الصحفيين هي تعسفية، وتخوفت من عدم إمكانية إجراء محاكمات عادلة بسبب الظرف الحالي الذي تمر فيه تركيا[3]، وبسبب وضع اليد على القضاء التركي.
هذا وكان قانون الطوارئ قد ألقى بثقله على الموقوفين والمحاكَمين، حيث بات بالإمكان اعتقال الأفراد لمدة أطول من المعتاد، وفرض نوع من الإجراءات المعقدة لإختيار محامين للدفاع عنهم، بالإضافة إلى تسجيل مكالماتهم ونقاشاتهم مع المحامين وأهلهم ومصادرة أوراقهم الرسمية وجوازات سفرهم. كما فرض قانون الطوارئ أموراً أخرى تؤخر البت في طلبات الموقوفين الخاصة والتواصل الخارجي، الأمر الذي يسمح به القانون العادي عادة. فتكون السلطة قد بدأت، بسبب الإجراءات التي يسمح القانون تطبيقها، بفرض نوع من الضغط المعنوي على موقوفيها حتى قبل إصدار الأحكام بحقهم، ما تعتبره الكثير من المنظمات الحقوقية العالمية مخالفاً لحقوق الإنسان[4].
من بات يسيطر على القضاء التركي؟
لم يكن السلك القضائي التركي يوماً إلا مسيساً. في الماضي، كانت القوى العلمانية والقومية التركية التي تدور في فلك المؤسسة العسكرية تسيطر عليه بشكل كبير، وتستخدمه لتحقيق مصالحها وأوامرها. ثم أتى دور حزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي راح يسحب بساط النفوذ والسلطة من تحت أقدام هؤلاء رويداً رويداً وذلك منذ قدومه إلى الحكم عام 2002. غير أن الحزب القادم حديثاً إلى السلطة كان يفتقر إلى الكادر البشري المتمرس في الإدارة، فتعاون مع الداعية الإسلامي "فتح الله غولن" وسمح لأنصاره (المنتمين بشكل عام إلى الطبقات الغنية والبيروقراطية المتعلمة) بالسيطرة على الوظائف العامة والمهمة بالدولة تحقيقاً لهدف إبعاد العلمانيين والقوميين وأنصار المؤسسة العسكرية عن الإدارة.
إلا أن "غولن" راح منذ العام 2002 وإلى العام 2013 يزيد نفوذه بشكل كبير في الإدارات العامة، وخاصة في السلك القضائي والأمني، كما في المؤسسات الخاصة كالقطاع التربوي والإعلامي، مستفيداً من تحالفه مع الحزب الحاكم. ثم كان افتراق الأخوة نهاية العام 2013 عندما دب خلاف كبير بين الحليفين وتحوّلا إلى ألد الأعداء. ومنذ تلك السنة، راح الحزب الحاكم، والذي كان قد درّب عدداً مقبولاً من الأنصار والموالين على أساليب الإدارة وفنون القيادة، بإزاحة مئات القضاة والمدعين العاميين من السلك القضائي الموالين لـ"غولن" واستبدالهم بآخرين، إلى أن وقعت المحاولة الإنقلابية الفاشلة عام 2016، ما أدى إلى طرد أكثر من 4000 قاضٍ ومدعٍ عام[5] واستبدالهم بآخرين[6] موالين أو مُرضى عنهم من قبل الحزب الحاكم حسب ادعاءات المعارضة التركية الدائمة.
من ناحية أخرى، وعند البحث عما يجري داخل السلطة القضائية التركية ومراكز القوة فيها، لا يمكن إغفال نفوذ الطرق الصوفية هناك أو في الإدارات الرسمية بشكل عام، خاصة أن الطرق الصوفية تملك أفضل الكوادر والإداريين وأن أعضاءها متمرسون في الشأن العام ومتعاضدون فيما بينهم. إذ أن جماعة "فتح الله غولن" هي بالأساس جاعة متحلقة حول داعية ديني يمثل تياراً داخل الطريقة الصوفية النورسية القوية في تركيا، في حين أن طرد الموالين لهذا التيار الصوفي فتح المجال أمام تيارات وطرق أخرى للتقدم الوظيفي، ومنها تيار "منزل" المتفرع عن الطريقة النقشبندية الأقوى في تركيا، كما الطريقة الصوفية السليمانية المقرّبة من قيادات حزب "العدالة والتنمية" الحاكم. وهاتان الطريقتان، وغيرهما، استطاعا خلال العام 2017 إدخال الكثير من الموالين إلى السلك القضائي والإدارات الأخرى، مستفيدين من العلاقة الحسنة مع الحزب الحاكم، كما من خلو الإدارة من المناصرين لـ"غولن"[7].
على الرغم من رؤية بعض المتابعين للشؤون الداخلية التركية على أن الصراع داخل الإدارة والدولة يمكن اختصاره بأنه مجرد صراع بين الطرق الصوفية وليس الأحزاب أو التيارات السياسية، إلا أن هؤلاء لا يزالون يمسكون بدفة الحكم بطبيعة الحال ولهم من القوة والنفوذ ما يخوّلهم التدخل في السلطة القضائية أو أي سلطة أخرى، وهم يفعلون ذلك بسهولة. في المقابل، يبقى تبسيط الصراع في تركيا على أنه صراع بين حزب حاكم وأحزاب معارضة أمراً مغلوطاً، إذ أن الطرق الصوفية تلعب دوراً بارزاً في السلك القضائي كما في الإدارات الأخرى، وتستطيع منافسة أقوى الأحزاب في بعض الأماكن، الأمر الذي يدفع هذه الأخيرة إلى التحالف مع بعض الطرق للحصول على الدعم الشعبي وتنفيذ أهوائها في الإدارات.
بعد إخراج أنصار "غولن"، باتت السلطة القضائية مكوّنة من أنصار للحزب الحاكم وموالين لطرق صوفية أخرى متحالفة معه. فيما بات أنصار الداعية الإسلامي في منازلهم، أو في المنفى، أو في سجون التوقيف بانتظار محاكمتهم مِمَن أخذ مراكزهم في السلك القضائي. وفي إنتظار نتائج المحاكمات، برزت قضيتان جديدتان أخذتا الكثير من حيز الاهتمام في الصحافة التركية والأوروبية، وهي إعادة العمل بقانون الإعدام في تركيا، وإمكانية بروز تيار شعبي يستمدّ من العدالة والإصلاح القضائي قضيته الأولى.
مطالب الناس: الإعدام والعدالة
منذ ما قبل بدء محاكمات الموقوفين، ارتفعت في تركيا مطالب تعزز الرأي القائل بضرورة عودة العمل بعقوبة الإعدام. ثم تتابعت هذه الحملة بقوة أكبر عندما عبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عدم معارضته لهذه الخطوة، والتي أرفقها بضرورة موافقة البرلمان عليها[8]. الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى بروز كتلة نيابية وشعبية مؤيدة لإعادة العمل بهذا القانون الذي تم إلغاؤه في الماضي، فبدأ بعض الناشطين المتحمسين بالتظاهر بشكل دائم أمام المحاكم للمطالبة بالانتقام من المتهمين وتنفيذ عقوبة الإعدام بحقهم[9].
إلا أن تعديل القانون وإعادة العمل بعقوبة الإعدام ليس بنزهة أو أمراً بسيطاً يمكن للسلطة التركية القيام به. وذلك يعود بشكل أساسي إلى أن إلغاء هذه العقوبة كان قد تم في الماضي تلبية لرغبة تركية – أوروبية على اعتباره شرطاً أساسياً لدخول الإتحاد الأوروبي. لذلك، فـ "إن إعادة العمل بها سوف يؤدي إلى تعليق التفاوض مع تركيا في شأن الدخول إلى الإتحاد"[10] بحسب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جونكر. لذا، يبدو قانون الإعدام الذي يؤيده جزء كبير من المجتمع التركي خاضعاً للمصالح التركية العليا كما لضغوطات الدول الأوروبية التي لا تزال تملك قدرة على فرض بعض الأمور على تركيا، وتمنعها من سن قوانينها الخاصة. لذلك، أمام هذا الواقع، يُجاري أردوغان الرغبة الشعبية من ناحية والمطالب الأوروبية من ناحية أخرى، فيدعم عودة تنفيذ قانون الإعدام أمام الشعب، ويرفض القيام بأي خطوة عملية تحقيقاً لهذا الأمر ممالقة للعلاقة مع أوروبا.
عدا المطالب الشعبية المؤيدة لإعادة العمل بقانون الإعدام، يبرز في تركيا مؤخراً تيار سياسي – اجتماعي يأخذ من المسائل القضائية والقانونية قضية له. ويتحلق هذا التيار الجديد حول عدد كبير من الجمعيات القانونية والناشطين الإجتماعيين والسياسيين والأحزاب مِمَن يرون أن الحريات العامة والعدالة واستقلالية القضاء تمر بمرحلة خطرة. وعلى الرغم من عدم التنسيق فيما بين الفاعلين في هذا التيار، إلا أن بعض التحركات الشعبية والقانونية برزت بشكل كبير في الفضاء التركي خلال العام 2017، وباتت المسائل المتعلقة بنزاهة القضاء والحريات العامة مواضيع تُلحظ بشكل متزايد على وسائل الإعلام وفي التحركات الشعبية والندوات الأكاديمية والدراسات الجامعية.
من هذه الخطوات مثلاً تقديم حوالى 25 ألف تركي لشكاوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على خلفية الاعتقالات والتوقيفات والمحاكمات التي تبعت محاولة الانقلاب الفاشل[11]، كما تنظيم آخرين للكثير من الوقفات الاحتجاجية المطالِبة بحماية الحريات العامة وحقوق الإنسان الأساسية[12]. بالإضافة إلى قيام رئيس حزب "الشعب الجمهوري" المعارض بمسيرة سيراً على الأقدام بين أنقرة وإسطنبول استمرت لخمسة وعشرين يوماً حيث رفع فيها لافتة واحدة تطالب بـ "العدالة". وعلى الرغم من أن هذه الخطوة تخللها الكثير من البروباغندا الإنتخابية، إلا أن مسيرته هذه أخذت الكثير من الضجة الإعلامية وأعطت الشؤون المتعلقة بالقضاء والحريات العامة مساحة كبيرة في الإعلام التركي، ثم انتهت بتنظيم مظاهرة شارك فيها أكثر من مليوني شخص في اسطنبول تطالب بالعدالة[13]، في خطوة هي الأبرز في مسيرة الأحزاب أو القوى المعارضة للحكومة التركية الحالية.
مع بداية المحاكمات الممهدة لصدور الأحكام، وتنوّع مطالب الناس ذات العلاقة بالشؤون القانونية والقضائية، تبرز هذه المطالب على المسرح التركي هذه السنة كواحدة من المواضيع الأساسية التي بات الجميع معنيا بها ومتابعاً لها. وعلى الرغم من أن بروز تيار شعبي وسياسي جارف مُطالب بالإصلاح والعدالة وإبعاد السلطة السياسية عن تلك القضائية قد لا يبدو واقعياً، إلا أن مجرد اهتمام الأتراك بموضوع نادراً ما يأخذ حيّزاً مهماً في حياتهم قد يُبنى عليه في المستقبل من أجل بناء تركيا أكثر عدلاً وحرية.