مع انطلاقة الحراك، تكوّنت مجموعات شبابية عدة في بيروت والمناطق كما أعيد إحياء مجموعات كانت تكوّنت في سياق الحراك الحاصل في 2011 تحت عنوان: “إسقاط النظام الطائفي”. وبدا تكوين المجموعة المبادرة “طلعت ريحتكن” التي نشأت في 21 تموز 2015 نموذجياً في هذا السياق. وقد نشأت أو نشطت غالبية هذه المجموعات بعد 22 آب، الذي شكل منعطفاً أساسياً من حيث حجم التظاهرة وأيضاً من حيث إفراط الأجهزة الأمنية في استخدام العنف. غالبية المجموعات الكائنة في بيروت تتلاقى بشكل شبه يومي لتنسيق المواقف والدعوة إلى تحرّكات كبرى وتنظيمها. المفكرة طلبت من أبرز هذه المجموعات التعريف عن نفسها، وستقوم بنشر بطاقات التعريف التي وصلتها بهذا الخصوص تبعاً وعلى نحو يومي (المحرر).
أعدّ الملف رانيا حمزة
حملة حلّوا عنّا
تأسست مجموعة “حلوا عنا” سنة 2011 في وقت “حملة إسقاط النظام الطائفي”. حينئذ، كنا نشارك في التظاهرات كأفراد ووجدنا أنّ هناك مشكلة تنظيمية كبيرة بما أن الناس في حينها ترفض الأحزاب. وكانت النقابات لا تزال مصادرة والأندية مقسمة الى طوائف ومذاهب. لذا، عملياً لم يكن هناك شيء يجمع الناس التي نزلت كأفراد. فعندما كنا نريد الاجتماع لتنظيم تظاهراتنا وخطاباتنا كان الاجتماع التنسيقي يضم ما بين 80 و 120 شخص. وبالتالي رأينا أنه من غير الممكن العمل على هذا النحو وبما أن الأفراد خارجون من طائفيتهم وأحزابهم ومناطقهم، فعليهم أن ينشؤوا مجموعات جديدة يعملون من خلالها. وهكذا يصبح التنسيق أسهل بين مقومات هذا الحراك. وبدأنا بأنفسنا: مجموعة من المستقلين الذين كانوا يشاركون في التظاهرات في وقت حملة “إسقاط النظام الطائفي” أسست مجموعة اسمها “البديل” ولكن شعارها “حلّوا عنا”.
اخترنا هذه التسمية لأن “حملة إسقاط النظام الطائفي” كانت تنادي بإسقاط النظام الطائفي. وفي الخطاب، كنا نقول أننا نريد إسقاط النظام الطائفي ورموزه. في حينها، كنا عندما ننهي تظاهراتنا، يطل علينا نبيه بري ووليد جنبلاط ويقولان أنهما معنا ويؤيدوننا وأن مطالبنا هي مطالبهم. أدركنا أننا بحاجة إلى صياغة خطاب واضح يظهر أنه لدينا مشكلة معهم وبالتالي كيف يمكن لمسؤول لديّ مشكلة معه أن يدعمني، فذلك يبدو بمثابة محاولة لركوب الجسر. وقلنا في حينها أننا ضد فريقي 8 و14 آذار ووضعنا الصورة الشهيرة التي تضم كل رموز السلطة ونزلنا بها الى التظاهرة. وكانت هذه الإطلالة الأولى لـ “حلّوا عنّا” في الشارع. ولذا سميناها “حلوا عنا” وقد لاقى شعارنا هذا تجاوباً من الناس.
لقد كان هدف المجموعة واضحاً منذ الأساس. ومفاده أن هذه السلطة السياسية وأمراء الطوائف إضافة الى الجماعات الممسكة لاقتصاد البلد، يجب أن تسقط فنذهب الى سلطة بديلة تُراعي مصالح المواطن على حساب الدول التي يقومون بتمثيلها وأن يكون التمثيل حقيقياً لكل فئات المجتمع. فمن غير المعقول أن يكون الفلاح والرأسمالي في منطقة كسروان مثلاً ممثلين من قبل الشخص نفسه. فيما تظهر التركيبة الحالية الفلاح الشيعي ضد الفلاح المسيحي، فلا يمثلهما شخص واحد الخ.. وبالتالي، فإن مطلبنا الأساسي هو تغيير شكل الإنقسام في البلد من انقسام طائفي ومذهبي يولد حروباً أهلية الى انقسام مصالحي وطبقي.
في “حملة اسقاط النظام الطائفي”، الفوضى التنظيمية والتطور الدراماتيكي للثورة السورية وانعكاسه على الساحة اللبنانية والتخويف من التحركات، كلها عوامل أدّت الى توقيف الحراك. ومنذ ذلك الوقت، باتت التحركات هزيلة جداً وقد شاركنا في تحركات هيئة التنسيق النقابية والتحركات ضدّ التمديدين الأول والثاني. ولكن هل بالإمكان القول ان كان لدينا خطة عمل واضحة في حينها؟ كلا. بل كان هناك إحباط مسيطر على المجموعة مثل معظم الناشطين والتغييريين في لبنان.
ومع تراكم أزمة النفايات، شاركنا في التحركات التي حصلت الى حين الوصول الى منعطف 22 آب. عندها، وجدنا أن هناك حاجة لإعادة إحياء المجموعة لأن هناك شيئاً على الأرض بالإمكان المساعدة به. وهكذا حصل. وهذا تكريس للفكرة التي أطلقناها في 2011 بأن يكون العمل من خلال مجموعات للمستقلين. والآن، كلما تنشأ مجموعة جديدة للإنخراط في الحراك، نفرح. هناك أشخاص يقولون أن وجود مجموعات كثيرة ضمن الحراك يسبب ضعفه ولكن هذا الامر من وجهة نظرنا ممتاز. فالناس يرفضون الأحزاب والنقابات غير مستقلة، فأين يلتقي الأفراد للتفكير سوياً؟ من هذا المنطلق، المجموعات التي تنشأ ليست شرذمة وانما هي عملية تجميع للناس. هذه المجموعات ما زالت في طور التنظيم. وهناك العديد من الأمور التي تحتاج إلى العمل عليها، ولكن هي مرحلة أولى أساسية في إتجاه إنشاء تجمّعات غير طائفية تسهم في بناء دولة مدنية وعلمانية في لبنان.
لقد شاركت في الاجتماعات التنسيقية التي كانت تحصل في العام 2011. وأشارك اليوم في الاجتماعات، وأجد أن الأمر أسهل بكثير على الرغم من وجود صعوبات. فيجب ألا ننسى أنه ضمن المجموعة الواحدة هناك عدة وجهات نظر وبالتالي هناك صعوبة في اتخاذ القرارات ولكن يبقى ذلك أفضل من العام 2011. كما أن الوضع التنظيمي أفضل. هناك آليات تواصل وحوار بين المجموعات تؤدي في أماكن معينة الى نتيجة. نحن نعمل بشكل سريع جداً وفقاً للاحداث التي تحصل وإن أخذ النقاش أحياناً وقتاً أطول. ولكن هذا الأمر طبيعي فنحن لا نعمل على أرض صلبة جداً وانما متحركة. كما ان الأعداء كثر والمحاذير كبيرة. لذا نعمل على أن يحظى القرار المتخذ بإجماع جميع ممثلي مواقع القرار في هذا الحراك.
نشر في العدد 32 من مجلة المفكرة القانونية
الصورة من ارشيف المفكرة القانونية تصوير علي رشيد
متوفر من خلال: