كما كان متوقعاً، طرح وزير الاتصالات جوني قرم، من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء الذي عقد أمس جلسته الأخيرة قبل الانتقال إلى تصريف الأعمال، مرسوميْ تعديل تعرفة الخدمات الهاتفية الإنترنت والاتصالات الخلوية. الاقتراح لم يكن مفاجئاً، إذ كانت رئاسة الحكومة مطلعة مسبقاً على هذه الخطوة. كما عُلم أن قرم سعى ليلاً إلى التواصل مع أغلب الوزراء للتأكيد على أهمية إقرار المرسوم على القطاع الذي سيتعرّض لمخاطر كبيرة في حال الاستمرار في الأسعار الحالية.
وبالفعل، لم يشهد المرسومان نقاشاً جدياً إلا في الشقّ المتعلق بضبط شبكات التوزيع والربط المخالفة أو المنشأة من دون ترخيص والمستعملة لنقل وتوزيع خدمات الإنترنت ونقل المعلومات (أو ما يعرف بشبكات توزيع الإنترنت غير الشرعي)، على أن توضع في تصرّف وزارة الاتصالات لإداراتها إلى حين اتخاذ القرار بشأنها من قبل القضاء المختص، ومن ثم التعاقد مع القطاع الخاص لصيانة هذه الشبكة.
بدا جلياً أن هذه النقطة تطال مواقع نفوذ حزبية وسياسية ومناطقية تستفيد أو تملك الشركات المخالفة. ولذلك كانت التخريجة بإقرار المرسوم “مبدئياً” وتشكيل لجنة مؤلفة من وزراء الاتصالات والعدل والمالية والطاقة مهمتها التدقيق في مدى مواءمة المرسوم لرأي مجلس شورى الدولة. وقد فسر وزراء يؤيدون إلغاء هذه الحالة الشاذة الخطوة بأنها سعي لعرقلة تنفيذ المرسوم بالكامل والإبقاء على مافيا الشركات غير الشرعية، خاصة أن المرسوم عرض على “الشورى” مسبقاً”.
وإلى حين الانتهاء من بحث هذا الموضوع، فإن الشق المتعلق بتعديل التعرفة سيتحوّل إلى أمر واقع ابتداءً من الأول من تموز بعدما كان المرسوم يشير إلى الأول من حزيران موعداً لبدء التنفيذ. وقد برّرت الوزارة ذلك بأن أوجيرو وشركتي الخلوي لم تعد تستطيع في الفترة التي تسبق نهاية الشهر الحالي إعداد أنظمتها بما يتلاءم مع التسعيرة الجديدة وإصدار الفواتير وفق السعر الجديد.
التعديل طال أيضاً تعرفة الاتصالات الخلوية. وفيما كان وزير الاتصالات قد قدّم اقتراحين، الأول يخفّض سعر الاتصالات 75% بالدولار المحتسب على سعر صيرفة والثاني يخفضها 66.7%، سار الوزراء بالاقتراح الثاني الذي يزيد الكلفة على المشتركين، لكنه يتيح لشركتي الخلوي قدرة أكبر على مواجهة المصاعب المالية التي يمكن أن تعترضها، بحسب وزير الاتصالات.
وعليه، فإن أسعار الخلوي ستكون متحرّكة، تبعاً لحركة سعر صيرفة. وهو ما لا مثيل له في أي دولة في العالم. إذ أصرت وزارة الاتصالات على الاستمرار بتسعير خدمة عامة بغير العملة الوطنية. وهي لم تحول الرصيد إلى الليرة إلا لمنع الناس من الاستفادة من فارق سعر الصرف.
بالنتيجة، ستخفض قيمة الاشتراك الشهري للخطوط اللاحقة الدفع من 15 دولاراً إلى 5 دولارات نقدية محولة إلى الليرة على سعر صيرفة، وسعر الدقيقة من 11 سنتاً إلى أربعة.
وعلى سبيل المثال، من يدفع اليوم 50 دولاراً شهرياً وفق سعر صرف (1515 ليرة للدولار)، سيدفع بدءاً من الأول من تموز 16.7 دولارات وفق سعر صيرفة. أي أن الفاتورة سترتفع من 75 ألف ليرة إلى نحو 400 ألف ليرة وفق السعر الحالي لمنصة صيرفة، أي ما يعادل 533%. ووفقاُ لهذه الزيادة سيكون سعر الدقيقة في الخطوط مسبقة الدفع 8 سنتات بدلاً من 25 سنتاً.
ولكي يوحي المجلس أنه يشعر مع الفقراء، تم الاتفاق على إصدار بطاقتين جديدتين للإنترنت. الأولى بقيمة 4.7 دولار والثانية بقيمة 7 دولارات.
كل ذلك مرّ من خارج جدول الأعمال، أما من ضمن الجدول، فقد أقر المجلس المادة الرابعة المتعلقة بإلغاء شبكة الجيل الثاني في قطاع الخلوي و82% من شبكة الجيل الثالث، من دون أي اعتراضات، ومن دون أن يتأكد الوزراء من مضار هذه الخطوة على الشبكة. وقد تقرر أن تؤمن الوزارة مبلغ 8 مليون دولار للأجهزة الأمنية لاستبدال التقنيات المعتمدة حالياً (تنفيذ مشروعي الاعتراض القانوني وتحديد الموقع الجغرافي – الحل التفاعلي واستبدال ما يقدر ب5364 جهازاً خلوياً). لكن بالمقابل، لم تعر الوزارة ولا الحكومة أي اهتمام لل232 ألف مشترك الذين يستخدمون أجهزة قديمة تعمل على شبكة الجيل الثاني.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.