مجزرة آل عثمان في بعلبك: أطفال بحثوا عن الأمان في منزل جدّهم


2024-10-23    |   

مجزرة آل عثمان في بعلبك: أطفال بحثوا عن الأمان في منزل جدّهم
الفجوة التي أحدثتها الغارة الإسرائيلية

ليس بعيدًا عن ساحة ناصر في بعلبك، في أحد أزقّة حي النبي إنعام القريب من السوق القديم في مدينة الشمس، سقطت أميرة ونادين عثمان والأطفال علي وحسن وحسين وفاطمة عثمان الذين تراوحت أعمارهم بين 3 و11 سنة، شهداء في غارة من مسيّرة إسرائيلية على منزل جدّهم علي عثمان وجدّتهم مهى عودة عند الساعة الخامسة و50 دقيقة صباح الإثنين 21 تشرين الأوّل.   

قصد الأطفال بيت جدّهم الذي يقع في الحي ذي النسيج المختلط والذي يعدّ أحد أحياء نواة المدينة، بعد أن طالت الغارات العنيفة أطراف بعلبك في الشهر الأوّل الذي تلا تصاعد إجرام العدوان منذ 23 أيلول المنصرم. ظنّ الجميع أنّ هذا الحي الشعبي ذي الأزقّة الضيّقة والبيوت المتكدّسة والمكتظّة بالعائلات من أولاد “البلِد” كما يعرّفها السكان، سيكون آمنًا. توزّع الأطفال وأهلهم وعمّاتهم وخالتهم في الطابقين العلوي والسفلي في تلك الليلة، لكن الصواريخ الإسرائيلية أصابتهم في أمانهم فسقطوا بين شهيد وجريح.  

استشهد في الغارة الشقيقان فاطمة وعلي حسين عثمان (11 و9 سنوات) وحسين وحسن عبدو عثمان (3 و4 سنوات) وهم أبناء الخالة والعمّة، والعمّة نادين علي عثمان (50 عامًا) وأميرة عبدو عثمان (30 عامًا). وأصيب 13 فردًا من العائلة بينهم الجد والجدّة وابنتهم مهى وزوجة أخيها ومن تبقّى من أطفالهم أصيبوا بحروق وجروح وكسور في حرب ليسوا إلّا ضحاياها.

الأضرار التي خلفتها الغارة الإسرائيلية

صعوبة الإنقاذ  

يروي حسن، جار العائلة، أنّ سكان الحيّ ستفاقوا على أصوات انفجارات قويّة. هرع هؤلاء من منازلهم ليجدوا الركام يتكدّس في الطريق الضيقة. وعلى هذا الركام ركضوا باتجاه دخان ووهج نار يتصاعدان من داخل منزل علي عثمان، حيث يتعالى صراخ الإستغاثة وطلبات نجدة قبل أن تصل سيارتا إسعاف تابعتان للصليب الأحمر اللبناني والهيئة الصحّية الإسلامية. لحقت سيارات الإسعاف، سيّارة إطفاء صغيرة الحجم كون الطريق ضيّقة جدًا لا يتجاوز عرضها ثلاثة أمتار دخلت إلى مقدّمة الحي وتمّ توصيل الخراطيم لمسافة مئة متر. 

شهداء مجزرة آل عثمان

“عدد الضحايا يفوق العشرة”، هكذا ورد التقييم الأوّلي إلى غرفة العمليات بحسب وائل أحد المسعفين الذين توجّهوا في سيارة إسعاف إلى هناك. “حين وصلت رأيت رجالًا يحملون طفلين شهيدين إلى مستشفى بعلبك الحكومي”، يقول وائل لـ “المفكرة”، قبل أن تصل جرّافة “بوبكات” لتشقّ الطريق المغمور بالركام.

يتابع وائل رسم المشهد: “بدأ نقل الشهداء والجرحى وكلّ سيارة إسعاف كانت تنتظر السيارة التي قبلها لتخرج فلا إمكانية للاستدارة داخل الحي ولا إمكانية للخروج من الجهة الشمالية حيث هناك سيّارتان تضرّرتا وأغلقتا الممر”. وُجهة الإسعاف كانت مستشفى الريان في حي الشراونة والمستشفى الحكومي قرب مرجة رأس العين، حيث توزّع الشهداء والجرحى، الشهيد الطفل علي حسين عثمان وست جرحى في الريّان، والشهداء الخمسة الباقون إضافة إلى 7 جرحى في الحكومي.  

مضت ساعاتان وبدأ الضوء يتسلّل إلى الحي مع ارتفاع شمس بعلبك في يوم عدوان كان من الأعنف على كامل البقاع الشمالي، نفض اليمام غبار الغارات عن ريشه ووقف على أعمدة إنارة مطفأة مطلّة على منزل الجد علي عثمان.

خرجت آخر شاحنة تحمل الركام من الحي وانقشع الغبار وبان المشهد: الباب البنّي للمدخل ذو الدرفتين والذي يشبه أبواب المنازل القديمة في بعلبك مخلوع، وفي الجدار الخارجي فتحة بحجمه تظهر من خلالها فتحتان في السقف دخلت منها الصواريخ التي عبرت الأسطح وحرقت ودمّرت ذكريات هذا المنزل، وخطفت ضحكات الأحفاد. باحة المنزل تحوّلت إلى ركام أثاث محروق وخشب سطح قديم عمره من عمر عراقة هذا الحي يخرج منه عسيس دخان رسم على حيطان الجيران قصة جديدة. قصة عائلة التجأت إلى أمان لا يبدو أنّهم موجود في ظلّ عدوان يقتل المدنيين أيمنا حلّوا. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

حقوق الطفل ، لبنان ، مقالات ، العدوان الإسرائيلي 2024



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني