متظاهرو طرابلس: إعادة الاستجواب بتهمة “الإرهاب” وموقوف جديد


2021-02-26    |   

متظاهرو طرابلس: إعادة الاستجواب بتهمة “الإرهاب” وموقوف جديد
من اعتصام الأهالي المستمر أمام المحكمة العسكرية

مرّت أربعة أسابيع على بداية التحقيق مع الموقوفين على خلفيّة التظاهرات في طرابلس منذ نهاية كانون الثاني بدون أي تقدّم إيجابي ملحوظ. فقد بدأ الأسبوع الجاري بادّعاء النيابة العامّة العسكرية على 35 متظاهراً بجرائم الإرهاب والسرقة، وكان 18 منهم موقوفين، ليصطدم الملف يوم الأربعاء بتعذّر إعادة استجواب الموقوفين عبر الإنترنت لأسباب تقنية، فأرجئ إلى يوم الخميس حيث تمكّن قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل من استجواب جميع الموقوفين حضورياً. وعليه، قرر إخلاء سبيل ثلاثة منهم خلافاً لرأي النيابة العسكرية. في موازاة ذلك، تستمر ملاحقة أشخاص آخرين في هذه القضية، وآخرهم الشاب موسى الحسامي الذي انضّم منذ أيّام إلى الموقوفين.

قاضي التحقيق ينهي إعادة الاستجوابات

إذاً، بعد ادّعاء مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي فادي عقيقي بجرائم الإرهاب والسرقة على 35 شخصاً من المدعى عليهم من متظاهري طرابلس، أضيفت هذه الادّعاءات إلى جملة من الادعاءات السابقة التي اتّصلت بـ”محاولة قتل مدنيين وعسكريين، ومعاملة قوى الأمن بالشدّة، والمشاركة في تظاهرات الشغب، والتخريب، وإضرام النار بالأبنية المأهولة، وتحقير رئيس الجمهورية”. وفي 25 شباط، وتزامناً مع اعتصام الأهالي المستمر أمام مبنى المحكمة العسكرية، “بدأ قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل إعادة استجواب الموقوفين صباحاً منذ الساعة التاسعة وأنهى الاستجوابات جميعها في اليوم نفسه من دون أن يتخذ قرارات بشأن طلبات إخلاء سبيلهم” حسبما يقول أيمن رعد أحد المحامين المكلفين بالدفاع عن المتظاهرين من البقاع لـ “المفكرة”.

وعقد القاضي باسيل جلسات الاستجواب بحضور الموقوفين في قاعة المحكمة للمرّة الأولى، وذلك على خلاف الاستجوابات السابقة التي حصلت إلكترونياً من مراكز الشرطة العسكريّة بين 10 و15 شباط. وبحسب تغريدة “للمفكرة” حول مسار التحقيقات في هذا الملف، فإنّ “الحضور الجسدي أمام القاضي هو من ضمانات الدفاع الأساسية التي تشهد تحدّيات كثيرة تبعاً لتعليق نقل الموقوفين بسبب أزمة انتشار فيروس كورونا الذي يحرم الموقوفين من الخروج جسدياً من زنزانات تنهك نفس وصحّة الآلاف الّذين ينتظرون استئناف عمل القضاء المعطّل منذ أشهر عديدة”.

وارتأى المحامون ألّا يتّجهوا لتقديم الدفوع الشكليّة تفادياً لتأجيل الاستجوابات. ويوضح المحامي نايف عليوة أنّه “في حال تقدّمنا بالدفوع الشكليّة فذلك سيؤدي إلى إرجاء الملف لأيام إضافية للجواب على هذه الدفوع ثم هناك احتمال أن يتم رد هذه الدفوع، وبالتالي لن نكون جنينا شيئاً سوى تأخير البت في الملف”.

إخلاء سبيل 3 موقوفين والنيابة تطلب استمرار توقيف الآخرين

وبعد انتهاء جلسات إعادة الاستجواب، أرجأ القاضي باسيل إصدار القرار بشأن طلبات إخلاء السبيل بسبب انتهاء دوام مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة (النيابة العامة العسكرية) الذي يتوّجب عليه إبداء الرأي. ويوم الجمعة، أفاد المحامون أنّ القاضي عقيقي طلب رد طلبات إخلاء السبيل لجميع الموقوفين، وأن القاضي باسيل وافق على إخلاء سبيل ثلاثة منهم خلافاً لرأي النيابة. ولن يفرج عن هؤلاء الثلاثة إلّا في حال موافقة القاضي عقيقي أو موافقة محكمة التمييز العسكرية إذا قرر عقيقي الطعن بقرارات إخلاء سبيلهم. وعليه، سيتابع المحامون مسار المطالبة بإخلاء سبيل الموقوفين يوم الاثنين في 1 آذار.

توقيف مدعى عليه جديد

بدأ هذا الملف مع حملة توقيفات أعقبت أحداث إحراق بلديّة طرابلس وجزء من السراي في 28 كانون الثاني، فجرى توقيف عشرات الشبّان وإصدار مذكرات توقيف بحق 17 شخصاً وإخلاء سبيل 6. وينقل المحامون أنّ العدد الإجمالي للمدعى عليهم هو ما يقارب 35 شخصاً، إذ يوجد نحو 11 شخصاً غير موقوفين. لكن القضاة ورؤساء الأقلام امتنعوا عن إعلام المحامين المكلّفين من نقابتي المحامين بأسماء المدعى عليهم الذين لا يحوذون تكليفاً بالدفاع عنهم. ومن المرجح أن تكون النيابة العامة قد أصدرت بلاغات بحث وتحرٍّ بحق هؤلاء كما يلحظ من توقيف الشاب موسى الحسامي في مكان عمله قبل أيّام ليرفع مجموع الموقوفين إلى 18. وقد جرى التحقيق معه للمرة الأولى يوم الخميس من قبل قاضي التحقيق بحضور وكيله محمد هولو زعيتر.

يروي والد موسى، سيف الدين الحسامي المتواجد من أمام مبنى المحكمة العسكرية خلال الاعتصام المستمرّ لأهالي الموقوفين، لـ”المفكرة” أنّه “قبل بضعة أيّام أوقف ابني موسى (25 عاماً) خلال تواجده في عمله في مرفأ طرابلس،” وذلك بعد أن تبيّن وجود بلاغ بحث وتحرّ بحقه في هذه القضية، فسلّمه الأمن العام إلى شعبة المعلومات”. ويلفت الحسامي إلى أنّ أحد المحامين أخبره أنّه في إحدى المرّات حين كان القاضي باسيل يستجوب جزءاً من الموقوفين، تمّت المناداة باسم ابنه. ويقول إنّه كان متواجداً خارج المحكمة هو وابنه موسى حين علم أنّ اسم الأخير في الملف. ويضيف “أبلغت للضابط المتواجد في المحكمة العسكرية أنّ ابني مستعد الدخول الآن إلى المبنى، فردّ عليّ أنّه لا داعي لذلك لأنّه سيجري إبلاغه لاحقاً أنّ يأتي إلى المحكمة”. ويستغرب حسامي المعروف في طرابلس، خصوصاً من قبل الأجهزة الأمنية بسبب تواجده الكثيف خلال التظاهرات الشعبيّة، لـ”المفكرة” عدم إبلاغ ابنه بضرورة مثوله للتحقيق. وبأسف لوجود ابنه داخل الاحتجاز، ويأمل “خروجه من المكان الذي لا يستحق أن يتواجد فيه”. ويقول: “ابني لا يعتدي على الناس ويمارس حقه في التعبير عن رأيه في الشارع مثل غيره من المواطنين، فهو انضم إلى التظاهرات بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وانعدام فرص العمل أمامه”. ويُضيف: “منذ انضمامنا إلى ساحات التظاهر في 17 تشرين الأول 2019 كنّا مصممين على سلمية التحرّكات، ورفضنا جميع أشكال العنف إن كان ضدّ العناصر الأمنية أو الممتلكات العامّة”. ويسأل “لماذا لم تلاحق القوى الأمنية من رمى القنابل الحارقة فعلاً ومن كان وراء أحداث الشغب؟”.

نقل موقوف إلى المستشفى نتيجة انهيار نفسي

كان الأهالي المتواجدون أمس الخميس خارج المحكمة العسكريّة ينتظرون أن يسمعوا خبراً مطمئناً عن مصير أولادهم، لكنّ إرجاء الملف زادهم إحباطاً. كما أنّ الأخبار المقلقة عن الأحوال النفسية لبعض الموقوفين، زادت الأهالي خشية من المماطلة في هذا الملف أو مواجهة عراقيل جديدة تقف بوجه الإفراج عنهم.

فالأسبوع الماضي نقل الموقوف عمر البقاعي إلى المستشفى العسكري ثلاث مرّات بعد إصابته بانهيار نفسي، بحسب ما قال شقيقه لـ”المفكرة”. وخرجت رسالة كتبها عمر ووجّهها لوكيليه المحاميين أيمن رعد وواصف الحركة من مركز توقيفه قال فيها: “اليوم صاروا 20 نهار، بملف إنتو أكتر شخصين بتعرفوا إنّه فارغ بس للأسف العيشة هون أصعب من أي شي ممكن يمرّ فيه إنسان. للأسف صرت متعرّض لأكثر من نوبة أعصاب وتمّ نقلي إلى المستشفى العسكري، وهناك تناولت حقنتين من دواء الأعصاب”. وأضاف البقاعي: “النوم، قسماً بالله ما بشوفه من دون حبة دواء أعصاب”. وأعلن البقاعي الإضراب عن الطعام من داخل مركز احتجازه: “أنا أعلنت إضراب عن الأكل ويلّي كاتبه الله رح يصير، مكمّلين، وأنا من جوّا ما رح كون مقصّر. بعرف مش مقصّرين، إنتم متل أهلي بس التعب كبير كبير صار”.

ويقول شقيقه إنّ عمر لم يستطع استكمال إضرابه بعد تفاقم وضعه الصحي، مؤكّداً أنّ وضعه النفسي صعب جداً وهو بحاجة لأن يراه طبيب مختصّ وإلى أدوية مناسبة. ولكن يتعذّر على العائلة أن تدخل له أي دواء من دون وصفة طبية ولا يمكن الحصول على وصفة طبية من دون أن يراه طبيب.

عمر هو أحد شباب البقاع الستة الذين تم توقيفهم على خلفية مشاركتهم في التظاهرات في طرابلس، ويتمسّك وكلاؤهم ببراءتهم بسبب عدم تواجدهم في الشارع أثناء إحراق السراي وبلدية طرابلس، حيث كانوا متواجدين في منزل أحد أصدقائهم وكانوا قد نشروا صورة على فيسبوك تثبت خروجهم باكراً من التظاهرة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة وتعذيب ، قضاء ، لبنان ، حريات ، مقالات ، المرصد القضائي ، حراكات اجتماعية ، أطراف معنية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، أجهزة أمنية ، انتفاضة 17 تشرين ، محاكم عسكرية ، احتجاز وتعذيب ، قرارات قضائية ، اختفاء قسري ، حرية التعبير ، حرية التجمّع والتنظيم



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني