صادق مجلس النواب المغربي مؤخرا بالإجماع على مشروع القانون التنظيمي المتعلق للجهات، في إطار تنزيل مقتضيات دستور 2011، بما يتصل بتحقيق التنمية الجهوية. وقد عرف تحضيره نقاشا مستفيضا قبل إحالته على البرلمان، من خلال تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية، ومذكرات الأحزاب الموجهة لوزارة الداخلية، بالإضافة إلى المذكرات التي قدمتها في إطار اللقاء التشاوري مع رئيس الحكومة، والنقاش العمومي للمجتمع المدني في إطار الديمقراطية التشاركية[1].
نص الدستور في الفقرة الأخيرة من الفصل الأول، على أن التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لا مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة، ما يعني أن التنظيم الترابي تقدم على مستوى الجهوية. لكن لم يعد الأمر متعلقا بجهوية موسعة وإنما بجهوية متقدمة.
أكد كذلك الباب التاسع من الدستور على الجهات والجماعات الترابية الأخرى، أي العمالات والأقاليم والجماعات، ما يفيد تغيير مصطلح المحلية بمصطلح الترابية، انسجاما مع التوجهات الجديدة للتنظيم الترابي. غير أن الجهة ذُكرت بشكل مستقلّ بالرغم من أنها تعدّ من فصيلة الجماعات الترابية. وهذا الأمر يعني أنها أصبحت تتبوأ مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى وفق مدلول الفصل 143 من الدستور.
ولا شك أن مسلسل إصلاح جهوي جاد وفعلي، يعتمد على التعبئة القصوى للموارد الجهوية، ليس فقط في جوانبها المالية[2]، بل كذلك في جوانبها الإدارية، لما لها من أهمية كبرى في توفير إطار للاشتغال، سعيا إلى تحقيق إصلاح فعّال وبلورة تنمية جهوية مستديمة. ولذلك يثار التساؤل حول متطلبات الإصلاح هاته.
إن بروز متدخلين جدد للتنمية، وتزايدهم على المستويين الجهوي والمحلي بالمغرب، يتطلب تكريس الجهة كإطار للتشاور والتنسيق لبرامج التنمية، بناء على منهجية التخطيط الجهوي. وبما أن الموارد غالبا ما تكون محدودة، فإن الرفع من وتيرة التنمية يستلزم تحقيق تكامل بين جهود المتدخلين والاستفادة من مردودية التعاون. كما أن متطلبات الحكامة الجيدة في تسيير الشأن العام الجهوي والحد من الاختلالات التي تعرفها الجهوية الحالية، يستوجب تأهيل العنصر البشري. فالدور الهام الذي يضطلع به المنتخبون يفترض تعبئة شاملة لتجاوز الصعوبات التي يمكن أن تواجههم. وهذا ما سنسعى الى تفصيله أدناه.
1-تعاون الجهة مع باقي الفاعلين
إعتبارا للدور الحيوي للجهة والمهام المنوطة بها، فإن اللجوء إلى مفهوم التعاون على أرض الواقع لتدعيم صيرورة اللامركزية من جهة، وجعل الجهة الإطار الأنجع لتحريك النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، يعد ضروريا لضمان مساهمة أوسع في مجهودات التنمية. والملاحظ أن هناك مبادرات للدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والغرف المهنية بالإضافة إلى القطاع الخاص، دون أن تندرج في تصور مجالي شمولي يجعل منها أدوات حقيقية للتنمية الجهوية. ولذلك، وجب تجميع مختلف المبادرات في إطار أكثر ملاءمة وتماشيا مع مستجدات الدستور. وعليه فإن قدرة الجهة على الاضطلاع بمهامها وأعبائها في مجال التنمية، يقتضي تطوير علاقة الجهة بالدولة وبباقي الجهات وبالجماعات الترابية الأخرى، في اتجاه تجاوز تلك العلاقة التقليدية إلى نوع من التعاون والتشارك في مختلف مجالات تدخلها.
لذلك فقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من مشروع القانون التنظيمي للجهات، على ضرورة ارتكاز التنظيم الجهوي على مبدأي التعاون والتضامن بين الجهات، وبين الجهات والجماعات الترابية الأخرى، من أجل بلوغ أهدافها.
اعتماد إطار من التعاون والتشارك بين الجهة والدولة
أمام ضعف الإمكانات الجهوية الذاتية، لن تجد الجهات بدّاً من التعاون لتحقيق أهداف التنمية، على اعتبار أن التشارك أصبح أحد السبل لسدّ ولو جزء من الخصاص الذي تعاني منه في إمكانياتها. فتداخل الاختصاصات، إلى جانب الاختلالات التي أفرزتها بعض التقطيعات الجهوية السابقة، وضعف الوسائل البشرية والمادية، كلها عوامل دفعت إلى اللجوء الى هذا الأسلوب.
وكان القانون رقم 96-47[3] أسند للجهات عدة اختصاصات تصب في اتجاه تكريس البعد التنموي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للجهة. إلا أن هذه المجالات صيغت بشكل عام وفضفاض استعصى معه ضبط حدود الشؤون الجهوية، مما نتج عنه تداخل وتضارب الاختصاصات بين كل المتدخلين في مجال ترابي معين “جماعة – إقليم/عمالة – جهة”[4]. وقد حاول مشروع القانون التنظيمي للجهات، تخويل هذه الأخيرة اختصاصات متعددة تهم كل القطاعات، وتسمح لها بالاضطلاع بدورها المتعدد في مختلف المجالات التنموية. وهو نفس التوجه الذي أفرزه الدستور من خلال وضع قواعد جديدة تؤسس لتصور جديد لمكانة الجهة ولأدوارها، وإعطاء مفهوم جديد للعلاقة بين الدولة وامتدادها المجالي. فقد أصبحت الجماعات الترابية وحدات إدارية تتمتع بالشخصية المعنوية، وتقوم بتدبير شؤونها بشكل حرّ وتضامني، ضمن سياق وحدة الدولة غير القابلة للتجزئة[5].
وقد أضحى إحتدام المنافسة بين الدولة والجهة في مجالات التنمية يفرض على الدول النّامية مزيدا من التطور لمواجهة المستجدات والتطلعات المحلية، عبر تحسين قدرات الجماعات الجهوية على القيام بالاختصاصات التي تمارسها نظيراتها في التجارب المتقدمة. وفي هذا السياق، اعتبرت مسألة توزيع الإختصاصات والإمكانيات بين الدولة والجهة، الركن الأساسي والرقم المربح في معادلة البناء الجهوي المتقدم.
فمن خلال توسع وتعدد مجالات تدخل الجماعات الجهوية، مع توفير الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لممارسة اختصاصاتها، تبرز درجة اللامركزية الجهوية وقدرتها على بلورة الديمقراطية المحلية والتنمية الذاتية[6]. ولتلافي إشكالية تداخل الاختصاصات، حدد مشروع القانون التنظيمي للجهات اختصاصات الجهات الذاتية والمشتركة والمنقولة. على أنه وبناءً على مبدأ التفريع، سيضحي للجهة اختصاصات اضافية مشتركة مع الدولة بموجب مقتضيات مشروع القانون التنظيمي المذكور[7]، وهي اختصاصات لم يكن منصوصا عليها في القانون 47-96. وستتم ممارستها، إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الجهة، في إطار تعاقدي وطبقا لمبدأي التدرج والتمايز[8]، وهي تشمل الاختصاصات التي يتبين أن نجاعة ممارستها تكون بشكل مشترك[9].
نصت كذلك المادة 94 من مشروع القانون المذكور على أن يراعى مبدآ التدرج والتمايز بين الجهات عند نقل الاختصاص من الدولة إلى الجهة. ولهذه الغاية، يتم نقل الاختصاص وفق هذين المبدأين عن طريق التعاقد معها، ويمكن أن يكون لمدة محددة وعلى سبيل التجربة، إما لإحدى الجهات أو لبعضها بشكل متمايز.
وبالطبع، يتطلب بناء علاقة شراكة من هذا النوع دعما من طرف الدولة. ولهذه الغاية، نظم مشروع القانون تدخل هذه الأخيرة، ليس من خلال الوصاية المشدّدة والمعقدة المعمول بها سابقا، انما من خلال ارساء آليات للتعاون والشراكة، من قبيل تمكين مجلس الجهة من التداول بشأن إحداث مجموعات الجهات ومجموعات الجماعات الترابية، وإبرام اتفاقيات التعاون والشراكة مع القطاع العام والخاص، والعقود المتعلقة بممارسة الاختصاصات المنقولة والمشتركة[10].
كما لحظ مشروع القانون آلية أخرى للتعاون بين الجهات والدولة، تمثلت في عقود التخطيط وتنفيذ البرامج المسطرة في سياسة التخطيط. فعن طريق هذه الآلية، يتم القيام بأعمال مشتركة في إطار احترام استقلال كل جماعة، مما يسمح بتلاقي الجهود، وتماسك المبادرات المحلية.
وكخلاصة، نسجّل ضرورة التعاون المثمر بين الدولة والجهات[11]. فهو يسهل اندماج الدولة في الوحدات الإدارية ويساعدها في تنفيذ برامجها السياسية واختياراتها الاقتصادية، عبر اطلاعها عن قرب على متطلبات الجهات ومطامحها. ويمثل أسلوب التعاقد بين الدولة والجهات، كعقود التخطيط المعتمدة في فرنسا مثلا، مظهرا من مظاهر التعاون والتنسيق فيما بينها[12].
علاقة الجهة بالجماعات الترابية وباقي الفاعلين
تفرض رهانات المستقبل على الجهات، أن لا تعمل بمعزل عن باقي الجماعات الترابية والفاعلين الآخرين. بل يجب العمل على علاقات تعاون وتنسيق واع بالتحديات المحيطة بها جهويا وقاريا ودوليا. كما ينبغي على الجهة أن تصبح الإطار الذي يهدف إلى إعادة تنظيم العلاقات بين الدولة والجماعات الترابية الأخرى، وهي مدعوة إلى السير في اتجاه تكريس التعاون اللامركزي، وأيضا مع الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام أو الخاص.
ويمكن للجهات أن تتضامن فيما بينها سواء عموديا أو أفقيا، خاصة في المجال الاقتصادي الذي له أدوار هامة في توفير فرص الشغل، والرفع من مستوى إنتاج القطاعات المختلفة. وهذا التعاون يفرضه عائق شح الموارد المالية من أجل إنجاز المشاريع[13]. وإلى جانب تنسيق الجهود والتعاون بين الجهات والدولة والجماعات الترابية[14]، على الجهة أن تنفتح على باقي الفاعلين لبلورة تنمية اقتصادية وتهيئ الجو الملائم للاستثمار[15].
إن السعي إلى تنسيق المبادرات القطاعية وإشراك الفاعلين الاقتصاديين في القطاعين العام والخاص، وكذا ضم مجهودات المؤسسات العمومية الأخرى لتجاوز المشاكل والصعوبات التي تعانيها الجهات حاليا، يتوقف أساسا على العنصر البشري الذي اعتبر أحد أبرز الجوانب التي انصبت عليها الانتقادات داخل التنظيم الجهوي، والذي ينتظر أن ترتكز عليه الإصلاحات لما له من دور في تأهيل الجهة مستقبلا.
2- تأهيل العنصر البشري كعامل أساسي لكل إصلاح
هناك اعتقاد شائع مفاده أن الموارد المالية وحدها كفيلة بنجاح اللامركزية، لكن الموارد البشرية لا تقل أهمية. فالموظفون والمستشارون يعدون حجر الزاوية في البناء الجهوي[16]. إذ بقدر كفاءتهم يمكن أن تنجح الجهة في أداء مهامها. كما أن العنصر البشري وسيلة وغاية كل إصلاح، للانتقال إلى إدارة خدمات أو مشروعات. فالدور المهم الذي أصبح من المفروض أن تقوم به الجهة كأداة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، يفرض على الأحزاب السياسية اعتماد إصلاحات حقيقية وجدية في اتجاه استقطاب طاقات بشرية مؤهلة، وتجاوز البحث عن الأعيان مع كل دورة انتخابية.
استقرار الموظف الجهوي
لا يمكن الحديث عن تجربة ناجحة بدون إدارة جهوية فعالة، تتولى تحضير عمل المستشارين الجهويين وتتبع مختلف المقررات التي يصدرونها. فإعداد الملفات وتتبع المشاريع يجب أن تسهر عليه إدارة جهوية مؤهلة، تكون رهن تصرف المجالس الجهوية حتى تتفرغ لتسطير الاختيارات التنموية الكبرى للعمل الجهوي.
ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى أن القانون رقم 96-47 كان قد أحدث مؤسستين تكونان تحت تصرف رئيس المجلس الجهوي، هما الكاتب العام، وعدد محدود من المكلفين بمهمة والمكلفين بدراسة، ملحقين من الإدارة أو متعاقدين. وبالرغم من أهمية هؤلاء المكلفين، فإن وضعيتهم لا تنسجم والمشاكل الجهوية المتراكمة التي قد تمتد لفترة زمنية طويلة. وهو ما لا توفره هذه الظروف، فحصر العاملين في إدارة الجهة في مجموعة من الموظفين المؤقتين بموجب عقد محدد المدة، لا ينسجم مع ممارسة جهوية فعّالة، والتي تستلزم توفّر خبرة وتجربة، كما تتطلّب استقرارا في الوظيفة، فضلا عن إقرار إدارة جهوية ذاتية. فوجود وظيفة عمومية جهوية يكرس مبدأ الاستقلال الإداري للجهة، فيما تبقى الجهة بغيابها منغلقة في دائرة التبعية لمصالح الولايات. وكانت فعاليات سياسية وإدارية وأكاديمية عدة، طالبت بمنح الجهات نظاما استثنائيا يسمح باجتذاب أطر عليا متخصصة وذات كفاءة[17]، من شأنها أن تساهم في تطويرها وتنميتها[18]. وليس الموظفون الجهويون وحدهم الطاقات البشرية المتاحة لتحديث طرق التسيير، بل إن المنتخبين المؤهلين يمكن أن يحدثوا نفس التحول، باعتبارهم جوهر الإصلاح، كما يمكن أن يشكلوا عائقا أمامه.
تأهيل المنتخب الجهوي
إن دور الجماعات الترابية المتمثل بالخصوص في إعداد وتنفيذ ومراقبة وضبط مختلف المشاريع التنموية، لا يمكن أن يحقق النتائج المرجوة، إلا بتأهيل أولئك الذين أوكل إليهم أمر تحقيقها. فالإنجازات التي يتم تحقيقها، لا يمكن أن تكون ذات تأثير إيجابي إلا إذا صاحبتها تدابير موازية في ميادين الاتصال والإعلام والتكوين، موجهة لفائدة المنتخبين المحليين.
وعليه، تستدعي المهمة المناطة بالجماعات الترابية، تحسين النظام الأساسي الخاص بالمنتخب الجهوي.فالوضعية الهشة والخلل المسجل في سير آليات عمل المنتخب الجهوي والقصور في التشريع المرتبط بظروف اشتغاله، سواء في ممارسة مهمته التداولية أو التسييرية، يؤثر على مردودية عمل هذا الأخير، ويعيق المجالس الجهوية في الاستجابة لحاجيات ساكنتها.
فالجهة لا تتمتع بإدارة خاصة يمكن الاعتماد عليها. لذا يعول على المستشارين الجهويين وخبرتهم ومؤهلاتهم وتجربتهم وتكوينهم في مختلف المجالات لتحقيق التنمية المنشودة. كما يقع عليهم عبء اتخاذ القرارات التي تهم مصير الساكنة.
والقيام بكلّ هذه المهام، يتطلب توفّر المنتخب على مستوى تعليمي معين، لطرح وجهة نظره واختياراته ومبادراته والدفاع عن اختصاصاته القانونية سواء الاستشارية أو التقريرية أمام ممثلي السلطة المركزية[19].
من هنا تأتي أهمية تكوين المنتخب الجهوي في التسيير المالي والاقتصادي[20]، بالموازاة مع توفير المؤسسات التي تسهر على هذه العملية، ويمكن الاعتماد هنا على الدولة والجماعات الترابية وعلى الأحزاب السياسية التي يجب أن تتحمل مسؤولياتها في اختيار وتكوين المنتخبين والرفع من ثقافتهم السياسية[21].
ختاما، تجدر الاشارة الى أن مشروع القانون التنظيمي للجهة يحمل إصلاحات حقيقية من شأنها أن تجعلها مستقبلا إطارا لتحقيق التنمية. ولذلك يعول عليه لإيجاد إطار جديد لاستغلال أفضل للموارد البشرية والطبيعية. وهذا الأمر ينسجم مع اعتبار الجهة إطارا أساسيا لممارسة السلطة التشريعية والتنفيذية، فتضطلع بدورها التنموي الجديد، وتحدد سلم أولوياتها وتعبر عن طموحاتها، فتكون الناطق والمنعش والمخطط والمنفذ على ترابها.
كما يعوّل على مشروع القانون المذكور ليشكل ثورة في مجال اللامركزية، وقاطرة للتنمية المحلية، ومدخلا لإصلاح هياكل الدولة والتنظيم الترابي، خاصة فيما يتعلق ببعض المستجدات كمبدأ التدبير الحر والتفريغ، والاقتراع العام والتداول الديمقراطي، وتنفيذ المقررات، وإعطاء الصدارة للجهات، وتضمينه لقواعد الحكامة…
نشر في العدد 2 من مجلة المفكرة القانونية في تونس
[1]– في إطار تطبيق مسطرة التشريع بالمغرب، يلزم مصادقة مجلس المستشارين كذلك ليخرج هذا المشروع لحيز التنفيذ قبل الانتخابات الجماعية المنتظر تنظيمها في شتنبر المقبل.
[2]– فيما يتعلق بالموارد المالية، فقد تم تمكين الجهات في إطار مشروع القانون التنظيمي من موارد تتمثل في نسب لا تقل على 5 بالمائة من حصيلة الضريبة على الشركات، و 5 بالمائة من حصيلة الضريبة على الدخل، و 4 بالمائة من حصيلة الضريبة على القيمة المضافة، إضافة إلى ما لا يقل عن 50 بالمائة من حصيلة الضريبة على عقود التأمين وحصيلة واجبات التسجيل والرسوم البريدية وحصيلة الضريبة الخصوصية السنوية على السيارات.
[3]– القانون رقم 96-47 المتعلق بتنظيم الجهات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.84 الصادر في 23 من ذي القعدة 1417 (2 أبريل 1997)، الجريدة الرسمية عدد 4470، الصادرة بتاريخ 24 من ذي القعدة 1417 (3 أبريل 1997)، ص 556.
[4]– فالتحديد الدقيق للاختصاصات بالنسبة لكل مستوى ترابي، مطلب عبرت عنه مختلف الأطراف المهتمة بتدبير الشأن العام المحلي والجهوي، غير أن طبيعة الميادين التي تنصب عليها التنمية حالت دون فصلها، لذا فكل مسعى إلى وضع الحدود بين الاختصاصات بشكل صارم اصطدم بالفشل، ما جعل اللجوء إلى الأسلوب التعاوني أمرا دقيقا من أجل تحقيق التنمية.
يعد اتخاذ كل قرار تنموي على المستوى المحلي يجب أن يمر باستشارة الجميع بما في ذلك الفاعلين المحليين الآخرين وإشراكهم في العمل بشكل فعلي، وذلك بحكم أن وضع أي سياسة لأي جماعة ترابية ليس حكرا عليها، بل يعني أيضا الجماعات الأخرى، على أنه في فرنسا، وبالرغم من أن قوانين اللامركزية سعت إلى وضع الحدود الفاصلة بين اختصاصات الجماعات الترابية عبر منح كل مستوى مجموعة الاختصاصات
« blocs des compétences » فإن ذلك لم يمنع من التداخل فيما بينها، ما أسفر عن العديد من الإشكالات، فرسم الحدود في الاختصاصات يبقى عملية صعبة في العديد من الميادين، كالميدان الثقافي الذي هو اختصاص كل أصناف الجماعات الترابية.
أنظر بهذا الخصوص:
– Véronique Hemery, « Le partenariat une notion juridique en formation ? » R.F.D.A , N° 14(2) Mars-Avril, 1998, p 350.
[5]– محمد الأعرج، مداخلة خلال ندوة نظمتها مؤسسة علال الفاسي بمقرها، بتاريخ الجمعة 6 مارس 2015، تحت عنوان “التنظيم الترابي والحكامة الجيدة”.
[6]– لمزيد من التوسع بهذا الخصوص أنظر:
عبد الواحد مبعوث، “التنمية الجهوية بين عدم التركيز الإداري واللامركزية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية 1999– 2000.
[7]– الميلود بوطريكي، “مقارنة بين القانون 96-47 المتعلق بالتنظيم الجهوي ومسودة مشروع القانون حول الجهة وأد الجهوية المتقدمة”، مقال منشور في موقع العلوم القانونية.
[8]– أنظر المادة 91 من مشروع القانون التنظيمي للجهات.
[9]– تنص المادة 92 من مشروع القانون التنظيمي للجهات على أنه: ”يمكن للجهة، بمبادرة منها واعتمادا على مواردها، أن تتولى تمويل إنجاز مرفق أو تجهيز مشروع داخل ضمن الاختصاصات المشتركة للجهة إذا تبين أنه يساهم في بلوغ الأهداف المنوطة بها، وذلك في إطار التعاقد المنصوص عليه في المادة 153 أعلاه”.
[10]– من هنا يجب أن يشكل التعاون ضابط العلاقة بين المركز والجهات، ولذلك فقد نصت المادة 99 من المشروع على قيام السلطات العمومية باستشارة مجلس الجهة في السياسات القطاعية التي تهم الجهة، وكذا التجهيزات والمشاريع الكبرى التي تخطط الدولة لإنجازها فوق تراب الجهة، وهي من الأمور التي تتجلى فيها آلية التعاون والشراكة.
[11]– Michel Rousset, « La solidarité des espaces et la solidarité des hommes », in « démocratie et aménagement », ouvrage collectif S/D jaques de LANVERSIN, L.G.D.J Paris, 1996, P 75.
[12]– BRAHIMI .M : « Rôle de la région en matière de développement et d’aménagement du térritoire » R.E.M.A.L.D, série thèmes actuel,N° 52, 2006, p 66.
[13]– أمام الاختلالات التي تطبع مسيرة الجماعات المحلية والمتمثلة في ضعف الإمكانيات وتكاثر الحاجات الجماعية، لن تجد الجماعات بدا من التعاون فيما بينها من أجل فرض وجودها والتخفيف من حدة مشاكلها، لأنه بالتعاون تشكل الجماعات قوة ومخاطبا ذا وزن أمام الدولة وتكون الإدارة المركزية في هذه الحالة ملزمة بالأخذ بعين الاعتبار المشاريع الجماعية عند وضعها لمخططاتها الوطنية.
أنظر في هذا السياق:
–A. Akla, « La décentralisation à l’épreuve, cas de la ville de sale, Essai pratique de recherche en sciences administratives », D.E.S en droit public, F.S.J.E.S Agdal Rabat, 1980, P 116.
[14]– إذا كانت المادة 5 من قانون 47.96 قد أحالت مسألة تنظيم علاقات التعاون بين الجهة والجماعات المحلية الأخرى إلى الباب السادس فإن هذا الأخير لم ينظم إلا المقتضيات المتعلقة بعلاقة الجهات فيما بينها، وهذا ما اعتبر ثغرة يجب على المشرع تداركها في إطار سياسة إصلاحية للتنظيم الجهوي المعمول به حاليا.
[15]– من خلال بعض النقاط منها:
– تطوير علاقات التعاون مع المؤسسات العمومية والمجتمع المدني لخلق دينامية جهوية، دون إغفال دور المؤسسات الجامعية في تطوير البحث العلمي وربطه بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي.
– تعاون الجهة والقطاع الخاص لإحداث مرافق عمومية وتسييرها.
[16]– يمكن في هذا الصدد التساؤل عن مدى توفر الجهة على عنصر بشري قادر على التخطيط والتدبير ووضع الاستراتيجيات التنموية ولو بعد خروج القانون الجديد إلى حيز الوجود، على اعتبار أن الجهة تعرف نقصا في مواردها البشرية على مستوى الاختصاصات والتكوين والتكوين المستمر، ولذلك وكمدخل للإصلاح، يمكن لنظام تدبير الموارد البشرية أن يتمحور حول النقاط التالية:
– اعتماد نظام وظيفة محلية ترابية يجمع النصوص القانونية؛
– إعادة النظر في منظومة التوظيف الكلاسيكية؛
– اعتماد نظام جديد لتقييم أداء الموظفين؛
– إصلاح نظام الترقي والإلحاق؛
– اعتماد سياسة حقيقية لتدبير الموارد البشرية قائمة على تصور وتخطيط ناجع وفعال؛
– على الإدارة في اعتماد استراتيجيتها في تدبير الموارد البشرية.
[17]–
M. Brahimi, « La région au Maroc entre le virtuel et le réel », in « Etat nation et perspectives des territoires », op.cit, p 316.
[18]– إن أولوية الحركة وحرية التنقل بين إدارة الدولة والوظيفة العمومية الترابية تستحق أن تشجع وتنظم عبر نصوص في وقت تعد حركة الانتقال والترقيات من أكبر المشاكل التي يعرفها موظفوا الجماعات الترابية والتي يجب أن تنصب عليها مختلف الإصلاحات لكي توفر الجو الملائم للعمل واستقرار الوظيفة المحلية والجهوية.
[19]– سبق أن سجل الدكتور محمد الصبيحي، في تحقيق أجراه على مجموعة من الجماعات، تخلي المنتخبين الجماعيين عن اختصاصاتهم، نظرا للطبيعة التقنية المعقدة للجوانب المالية والميزانية لفائدة الموظفين التابعين لسلطة الوصاية.
أنظر في هذا الصدد:
– Mohamed Sbihi, «La gestion des finances communales », Ed Badel, Rabat 1992, p 16.
– محمد بحيحي، “اللامركزية وإشكالية تكوين المنتخبين الجماعيين”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق الرباط، أكدال، 1999-2000، ص 66.
[20]– طرحت أول مبادرة من أجل إنشاء معهد لتكوين المنتخبين منذ المناظرة الأولى المنعقدة بمراكش 1977، غير أنه لم توجد أي مؤسسة تهتم بهذا المجال، باستثناء مديرية الجماعات المحلية، التي من بين مهامها وضع خطة أو استراتيجية، أو فقط فتح الطريق أمام السلطات العمومية من أجل تبني سياسة لتكوين المنتخبين.
– أنظر محمد بحيحي، مرجع سابق، ص 107.
[21]– حتى تضمن لسياسة تكوين المنتخبين الالتحام والدوام الضروريين، يجب تسهيل وصول المستفيدين إلى حقول المعرفة الملائمة مع رغباتهم، والقريبة من اهتماماتهم، والسماح لهم باكتساب مهارات خاصة لحل مشاكلهم الواقعية، خصوصا في المواضيع الأكثر دقة وتقنية، كإعداد وتنفيذ الميزانية، الضرائب، تنسيق وإدارة المشروعات، تدبير الموارد البشرية، تدبير الممتلكات، التنشيط الاقتصادي، إعداد التراب…