لا يزال رفاق فَرَحْ عمر وزملاؤها على وعدهم لها بحمل اسمها، وبعد أسبوعين من استشهادها، ثُبّت هذا الاسم اليوم الإثنين، على قاعة الإنتاج والمونتاج في كلّيّتها، كلّية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانيّة، وأُطلق على دفعة العام من خرّيجي شهادة الماجستير. كما منحتها رئاسة الجامعة، بدرجة ممتاز، شهادة الماجستير التي أنهت فرح سنتيها، الأولى والثانية، وكانت تستعد لتقديم رسالتها فيها. جاء ذلك في حفل حضرته عائلتها وعدد من رفاقها وزملائها، إضافة إلى شخصيّات رسميّة وأكاديميّة وإعلاميّة.
وقال بسّام، شقيق فرح، في كلمة مؤثرة غالب فيها دموعه: “قالت أختي كلمتها الأخيرة من الجنوب وارتقت، وكلّ ما يمكن أن يقال أمام الدماء التي نزفتها قليل”.
وكانت أوراق تسجيل فرح لتقديم رسالة الماجستير في طريقها من الكلّيّة إلى مركز العمادة صباح الثلاثاء 21 تشرين الأول 2023، حينما اغتالتها إسرائيل بصاروخين في طيرحرفا، مع زميلها المصوّر الصحافيّ ربيعمعماري والمتعاون حسين عقيل. وقال بسّام إنّ “وجود فرح في الصفوف الأمامية مع الصحافيين كان لنقل معاناة أهل الجنوب ومساندة صمودهم ونقل واقع الاعتداءات من قتل وحرق وتدمير لأرزاق الناس وأرواحهم”.
بدوره خاطب الزميل إبراهيم الزيّات رفيقته فرح قائلًا إنّ “هذا التكريم وإن كان واجبًا علينا، فهو لن يفِ يا فرح ما تستحقين”، وتابع عبر “المفكرة القانونية”: “في عامين قدّمتِ وأبدعتِ أما اليوم فأنت شهيدة الصحافة وقمرها المضيء”. وأضاف إبراهيم “زميلة الدراسة أصبحت أستاذتي في الصحافة”، وتابع: “عروس البقاع، البطلة التي ستشتاق لها تلال طيرحرفا وبيوت الجُبيّن، سيشتاق لها الجنوب، هي من كانت تقف هناك تنقل الحقيقة إلى العالم أجمع”.
وتابع باسم الطلّاب والخرّيجين: “لكِ يا فرح، وعدٌ بأن تكوني قضيتنا جميعًا، في وجه احتلال مجرم لم يشبع من القتل، أنتِ وربيع معماري وحسين عقيل وعصام عبدالله، وكلّ صحافيّ شهيد سقط في لبنان وغزة”.
وشكّلت كليّة الإعلام خلال الأسبوعين الأخيرين نقطة تجمّع للخريجين والطلّاب من رفاق فرح وزملائها، وهم نظّموا وقفة شموع يوم الثلاثاء 28 تشرين الأوّل، في ذكرى الأسبوع على استشهادها. ويوم الأربعاء 22 تشرين الثاني، وبعد يوم من الجريمة، كانوا يتجمّعون أمام بوابتها للانطلاق نحو التشييع الكبير الذي شهدته مشغرة.
ونقطة التجمّع الثانية للرفاق والزملاء، هي قبر فرح عمر حيث ترقد في جبّانة البلدة على كتف مشغرة قريبة من أشجار الزيتون التي كانت تهوى قطافها، أما الثالثة فهي بيت فرح عمر، مع أهلها وشقيقها بسام وشقيقتها فريال.
ومن قاعة “الشهيدة فرح عمر”، وقرب طاولة وضعت عليها ملابس فرح يوم استشهادها، ووردتان، واحدة حمراء وأخرى بيضاء، تحدّث والد فرح في دردشة مع رفاق ابنته، قائلًا: “كونوا كلكم فرح، ولا تخافوا”. وأضاف “فرح لم تذهب إلى الجنوب كي تموت، ونحن نعرف أنّ الصحافيين في كل العالم يقفون ويغطّون حينما تتعرّض بلدانهم لهجوم أو اعتداء، ويقومون بواجبهم المهنيّ، وهو ما فعلته فرح”، وتابع: “أمّا أنّها قد استشهدت، فالموت لا مفرّ منه”. وحاول الوالد التخفيف عن رفاق ابنته موصيًا إياهم: “بدكم تكونوا أقوياء، ويضلّ عندكم عزم، وفرح موجودة بوجدانكم وقلبكم وكلمتكم”.
بدوره الزميل محمد بزّي يستذكر زميلة الدراسة – قبل أن تكون زميلة العمل – في بيتها القديم، كلّية الإعلام. وقال لـ “المفكّرة”: “منذ اليوم الأوّل، استقبلتني فرح عند التسجيل في الجامعة، وفي يومي الأوّل في الميادين كانت أيضًا فرح إلى جانبي في غرفة الأخبار”، ليوجّه رسالته إلى الطلّاب الجدد: “اتخذوا من فرح سيرة، مراسلة بعمر الورد أصبحت أستاذة في التغطية الميدانية بدرجة شهيدة”.
وقد عُرض خلال التكريم، التقرير الأوّل في أرشيف فرح، الطالبة في الكلّية حينها، والذي أعدّته لمادّة “التقرير المصوّر”، حيث روَت فرَح فيه رحلة تعلّمها للغة الإسبانيّة خلال فترة الحجر الصحيّ بسبب وباء كورونا. وقد رأينا في التقرير ضحكة فرح وحِرفيّتها وشغفها فيما أخبرتنا أستاذة المادّة زينب خليل أنّ التحدّي أمام الطلّاب حينها كان إعداد تقارير من منازلهم في ظلّ قرارات حظر التجوّل.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.