كلمة جمعية “سكر الدكانة “
في 1 أيّار 2017، أصدرت “سكر الدكانة” دراسة تفصيلية عن مشروع مياه عين الزرقا في البقاع الغربي بعد أن تسرّبت إليها معلومات تشير إلى انبعاث رائحة الفساد من المشروع المذكور.
الدراسة كشفت ومن دون خجل عن شبهة الفساد في مشروع عين الزرقا، وبيَّنت هدر المال العام وتجاوزات مجلس الجنوب. فتنفيذ المشروع تأخَّر أربع سنوات بكلفة إضافية غير مبرَّرة وصلت الى ٣٠ مليون دولار أميركي – أي بفارق مرَّتين ونصف المرّة عن المبلغ الأصلي الذي كان مقرّرًا للتنفيذ.
انقسم المشروع إلى ثلاث مراحل، واستمر من العام 2003 وصولًا حتى العام 2009، في حين كان من المفترض أن يُنجَز خلال سنتين (بعد احتساب فصل الشتاء). والأمر سيَّان بالنسبة إلى التكلفة الأساسية التي كانت مقرَّرة بـ23.9 مليار ليرة، ولكنَّها انتهت عند 77،5 مليار ليرة – أي بفارقٍ تخطى الخمسة عشرة في المئة المسموح بها. وتتوالى الأمثلة على الخروقات، ومنها كمية الحفريات. فالكمية التي كانت ملحوظة أساسًا هي 1500 متر مكعب انتهت بـ55،000 متر مكعب، من دون اتّباع أي آلية للتحقّق من التنفيذ ولا حتى من الضرورة الفعلية لتلك الزيادة على الأرض. انسحبت المخالفات أيضًا على أعمال الدراسات والتخطيط. فقد برز انتهاكٌ للمبادئ العامة المرعية في هذا المجال، من خلال تلزيم المتعهد نفسه أعمال الدراسة والتخطيط من جهة، والتنفيذ من جهة أخرى. هذا وتقدّم الدراسة تفاصيل عن منشآتٍ نُفِذَت بأكلافٍ خيالية لا يتصوّرها أي منطق.
الجدير بالذكر هو أنَّ بعض التحقيقات في شبهات الفساد في هذا المشروع انطلقت ثمّ عادت وتوقفت من دون أن تستكمل أجهزة الرقابة في البلد – مثل ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي – عملها لأسبابٍ لربَّما علينا أن نعود إلى المعنيِّين في تلك الأجهزة من أجل كشف النقاب عنها. ومنذ العام 2009 وحتى تاريخه، أي على مدى 9 سنواتٍ تقريبًا، لم تكن هناك أي متابعة لهذا الملف، وهي مدّةُ بالكاد يمكن اعتبارها مجرّد مصادفة.
ولكنَّ “سكّر الدكانة”، الحريصة دومًا على دعم كلّ مسعًى لكشف الفساد في لبنان، قد نشرت تقرير الدراسة على موقعها الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي لديها، وعبر إحدى نشرات الأخبار التلفزيونية. كان المتوقَّع أن يتلقّف المعنيّون التقرير بحماسةٍ تدفعهم إلى المتابعة من أجل إظهار الحقيقة. ولكنَّ الواقع جاء عكس ذلك. الواقع كان بيانًا هجوميًا يتناول أعضاء الجمعية شخصيًا، ويتهمّهم بالفساد وزرع الفتن والقدح والذمّ؛ وكذلك قرًارًا من محكمة الأمور المستعجلة في بيروت يمنع الجمعية من نشر التقرير، وتغريم الناشر 10 ملايين ليرة لبنانية عن كل يوم نشر. كنّا نتوقّع أن يكون الردّ تقنيًا وعلميًا، عوضًا عن استهدافٍ جائر لأشخاصٍ، بهدفٍ وحيد هو التخويف والردع.
بطبيعة الحال، التزمت “سكّر الدكّانة” قرار المحكمة احترامًا منها للأصول القانونية، وإيمانًا منها بأنَّ مجريات التحقيق العادل ستظهر الحقّ في النهاية. وهذا ما حصل فعلًا اليوم مع صدور قرارٍ آخر لمحكمة الأمور المستعجلة بالعودة عن منع “سكّر الدكّانة” من نشر التقرير، حيث أنَّ مجلس الجنوب لم يستطع أن يثبت نيّة التشهير لدى الجمعية. وعليه، فإنَّ التقرير قد عاد مجددًا إلى موقعنا، مرفقًا بقرار المحكمة وكافة تفاصيل هذه القصية.
إنَّ جمعية “سكّر الدكانة” تعتبر هذا القرار انتصارًا لها ولكلّ صوتٍ حرّ يصرخ في وجه الفساد في لبنان. وهي تشيد بالموظفين الرسميّين “الأوادم” من أصحاب الضمير في إداراتنا، الذين ينتظرون فرصةً ودعمًا من أجل إيقاف الفاسدين وكشف الستارة عنهم. لهؤلاء، نقول: أنتم أملنا في استعادة مؤسّساتنا، نحن هنا لدعمكم مهما كلّف الأمر! إنَّ هذا القرار يشدّ من عزيمتنا ويجعلنا مصرّين أكثر في دعوتنا لكم لمشاركتنا أي معلومة أو خبر يقودنا إلى فضح حالات الفساد في لبنان. زورونا عبر موقعنا sakkera.com وساهموا في DekkeneLeaks. أسماؤكم ستبقى مجهولة، ولكنَّ صوتكم سيصدح عاليًا.
كذلك، ندعو كافة السلطات الرسمية في لبنان إلى أن تحذو حذو محكمة الأمور المستعجلة في حماية كاشفي الفساد وفي احترام المواثيق الدولية، وتحديدًا معاهدة مكافحة الفساد، بانتظار إقرار قانون حماية كاشفي الفساد. كما ندعو ديوان المحاسبة والنيابة العامّة المالية إلى استكمال التحقيق في هذا الملف وسائر الملفات العالقة.
تودّ أسرة “سكّر الدكّانة” أن تشكر القاضية هالة نجا على قراراها الشجاع الذي يذكّرنا بأنَّ الإنصاف ممكنٌ، والعدالة مكوّنٌ أساسي لبناء مؤسّساتنا وتعزيز ديمقراطيتنا.
يمنكم الآن الإضطلاع على التقرير و على قرار المحكمة على الرابط التالي:
تقرير حول شبهات فساد وهدر مال عام وتجاوزات منسوبة إلى مجلس الجنوب
http://www.sakkera.com/report.php?i=787&l=a
قرار قاضي الأمور المستعجلة في قضية سكر الدكانة ضد مجلس الجنوب
http://www.sakkera.com/report.php?i=792&l=a