عقد مؤتمر صحافي في وزارة الاعلام في 20/11/2015للإعلان عن "المبادىء المهنية لمعالجة الاعلام العربي قضايا حقوق الطفل العربي". اتت هذه الخطوة بعد التفجيرات الإرهابية في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية في بيروت وما أتبعها من تفجيرات في باريس والفرق الشاسع في أسلوب التعاطي الإعلامي والتغطية للأحداث في كلا البلدين.
وكان المؤتمر برعاية كل من وزير الاعلام رمزي جريج ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي مثله مستشاره فهمي كرامة، وبمشاركة الامين العام للمجلس العربي للطفولة والتنمية الدكتور حسن البيلاوي. وتأتي رعاية وزارة الشؤون الإجتماعية لهذا المؤتمر في وقت تواجه فيه قضايا إنتهاكات يتعرض لها أطفال لبنان في دور الرعايا الإجتماعية منذ سنوات فيما لم تبادر الأخيرة الى فتح تحقيقات حولها.
وقد أكد الإعلان على "جملة القيم والمبادىء والاهداف التي تضمنتها اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الاختيارية الملحقة بها، وبالمواثيق والاتفاقات الدولية والعربية والمبادرات التي تستهدف صون حقوق الطفل العربي".
ونوّه بخطورة المرحلة التي يمر بها لبنان والمنطقة العربية وما تواجهه من تحديات سياسية وإقتصادية وإجتماعية، والمعاناة غير المسبوقة للأطفال العرب الذين يتعرضون للعنف والقتل والنزوح واللجوء وسوء الاستغلال وامتهان صارخ لحقوقهم. مما يستلزم تضافر وتكامل كل الجهود من أجل إتاحة مستقبل أفضل للأطفال في المنطقة العربية.
كما أشار الى "المسؤولية المهنية والانسانية لخلق اعلام تنموي مستنير، وصولا الى اعلام صديق للطفولة يدفع الى رفع مستوى الوعي العام بقضايا الاطفال بحقوقهم وحمايتهم بما يضمن تنشئة جديدة لأجيال جديدة قادرة على بناء مستقبل اكثر حرية وانسانية".
كما جرى الاعلان عن "التوافق والالتزام بالمبادئ والمعايير المهنية لمعالجة الاعلام لقضايا حقوق الطفل ودعوة المؤسسات الإعلامية العربية الى تبني تلك المبادئ لتكون مؤسسات صديقة للطفل". وتمّ "تشكيل شبكة الإعلاميين أصدقاء الطفولة، لتكون جزء من الشبكة العربية لإعلام صديق للطفولة وتحمل المسؤولية تجاه إكتشاف ورعاية وتنمية مواهب وإبداعات الاطفال ودعم مشاركتهم في إعداد وبث البرامج الإعلامية".
كما تضمن "إعلان بيروت" سلسلة من التوصيات منها:
·"ضرورة تفعيل ومراجعة القوانين ذات الصلة بالطفولة ومواءمتها مع الدساتير والمعايير الدولية لحقوق الطفل كما نصت عليها إتفاقية حقوق الطفل والاتفاقيات الأخرى الداعمة لها.
·الطلب من الجهات المعنية وضع منظومة متكاملة من أجل الوصول الى "عدالة صديقة للأطفال" تضمن توفير الحماية للأطفال قانونياً ونفسياً وإجتماعياً وإعلاميا".
·التأكيد على"أهمية وضع سياسة إعلامية موحدة تجاه قضايا حقوق الطفل" وفق مقاربة تنموية حقوقية تراعي بنود "شرعة أخلاقيات التعامل الإعلامي مع الطفل".
·الدعوة الى "إدماج حقوق الطفل وحمايته ضمن مناهج التعليم العام ومقررات كليات ومعاهد الإعلام وإنشاء أقسام متخصصة في إعلام الطفل في الجامعات.
·العمل على تعزيز الشراكة بين المؤسسات الإعلامية والإجتماعية في مجالات حماية الطفولة وصون حقوقها.
·تفعيل إيجابية الرأي العام في تقييم المضامين الإعلامية المقدمة في وسائل الإعلام المختلفة وتشجيعه على التواصل والتفاعل مع وسائل الإعلام من اجل ترشيد الأداء المهني للإعلام في التعامل مع قضايا الأطفال.
·دعوة المجالس المختصة بالإعلام الى تفعيل دورها في عملية الرصد والمحاسبة تجاه الخروقات المهنية في قضايا الطفولة".
من جهته، لفت وزير الاعلام رمزي جريج في كلمته الى بعض الآراء التي اعتبر أنها مهمة لتحقيق الهدف الذي يصبو إليه المجتمعون. رأي جريج انه من المفيد السعي إلى إنشاء قنوات تلفزيونية متخصصة تتناول شؤون الأطفال من جوانب تعليمية وترفيهية وصحية. وحث القنوات العربية على إنتاج برامج تهدف إلى تقديم مادة تنمي وتطور قدرات الأطفال على أن تكون متجددة وقادرة على مواكبة متطلبات التربية الحديثة. كما دعاها الى الاستفادة من الخبرات الإعلامية عبر البرامج المخصصة للأطفال التي حققت نجاحا على المستوى العالمي والاستعانة بوسائل التواصل الاجتماعي من اجل افادة الأطفال من امكاناتها في سبيل توعيتهم وتزويدهم بالمعرفة".
وفي كلمته اعتبر البيلاوي أن المبادئ التي خرج بها "إعلان بيروت" "تمثل مرحلة هامة من خطوات تأسيس المرصد الاعلامي لحقوق الطفل الذي يتبناه المجلس العربي بالتعاون مع شركائه ليكون آلية لمتابعة وتحليل ما يدور في الاعلام العربي من تأييد ومناصرة لقضايا حقوق الطفل وكذلك الوقوف على الخروقات المهنية والانتهاكات خلال التغطية الاعلامية لقضايا الاطفال". كما شدد على "ضرورة السعي الى إعلام صديق للطفولة يناصر قضايا الأطفال بوضوح وموضوعية وشفافية وحيادية ويقوم على المساواة وعدم التمييز والمصداقية وحماية مصلحة الطفل الفضلى. ويوفر مناخا ايجابيا داعما لمشاركة الاطفال وحمايتهم ويمنحهم في الوقت ذاته حرية الرأي والتعبير وحق الرد والتصحيح مع ضمان حقهم في الخصوصية وعدم الاستغلال السياسي".
وعن مراحل تأسيس المرصد الإعلامي لحقوق الطفل العربي قال: "هناك ثلاث مراحل متتالية، بدأت الاولى بإجراء دراسة عربية تناولت تقييم تناول الاعلام العربي لقضايا حقوق الطفل في ست دول عربية من بينها لبنان ومصر وكانت نتائجها تدعو للقلق. كما انتهينا من المرحلة الثانية وهي المبادىء المهنية، التي يتم اعلانها اليوم لكي يسترشد بها الاعلاميون في تناولهم لقضايا حقوق الطفل. اما المرحلة الثالثة التي سوف نسعى اليها مع شركائنا فهي تشغيل المرصد من خلال التعاون مع مؤسسات اعلامية ورصد الاداء الاعلامي في مجال حقوق الطفل واصدار تقارير دورية".
وفي كلمته تحدث ممثل الوزير رشيد درباس، فهمي كرامي عن الرغبة في تجنيب الأطفال المعاناة وربما غفل عما يعانيه أطفال بعض دور الرعايا في لبنان، وقال :"ما نريده تجنيب طفلنا المعاناة فاذا وقع فيها نعفيه من ألم معاناتها وإذا عانى فتجنيبه عواقب تعريته بنشرها أمام المجتمع". أضاف: "يدنا ممدودة للجميع وتواقفنا على الشرعة والمبادئ عهد لا يجب ان ينكسر. فلنقم العهد ولنؤكد الشراكة اجتماعيا واعلاميا من اجل طفل عربي سليم الجسد والروح والعقل مصانة حقوقه محفوظة آلآمه ولنكن لأنفسنا ولبعضنا رقباء على التنفيذ لا للانتقاد والتهديم انما لأداء أفضل نحو رقي إعلامي وسمو في مفهوم الحرية".
قمعٌ من أجل الحماية
وقد وجهت مجموعة من الأسئلة لوزير الإعلام رمزي جريج اذ اراد المشاركون توضيح سبل محاسبة الاعلام المنتهك لـ "اعلان بيروت" لاسيما في اظهاره صوراً مسيئة للاطفال. اعتبر جريج ان: "لبنان دولة قانون على الرغم من كل شيء والاساءة في الاعلام وتجاوز القانون يمكن ان يحاسب عليه لدى القضاء. هناك محكمة المطبوعات عندما تقام الدعاوى لديها تغرّم الاعلاميين والصحافيين. نحن بلد الحريات يجب ان نوازن بين الحرية الاعلامية الحريصين عليها التي تميز لبنان عن غيره من دول المنطقة، وبين ضرورة مراعاة المصلحة العامة وأحكام القانون وحقوق الناس وحقوق الاطفال".
وأشار جريج الى دور الوساطة السياسية في حماية الإعلاميين فقال: "نواجه العديد من الصعوبات في ملاحقة الاعلاميين للاسف، فهناك تضامن يحصل ليس من الاعلاميين فيما بينهم، وانما من قبل السياسييين لان الاعلام منبر للسياسيين ولذلك يراعوه".
وعند السؤال عن مصير الجنود المخطوفين وتغييب ملفهم عن وسائل الإعلام، لفت جريج الى قيامه "قدر الامكان بإجراء حوارات مع وسائل الاعلام. فهذه الاخيرة كانت تصوّر اهالي الجنود وكأن الدولة هي المسؤولة عن خطف أبناءهم وليس الجهة الخاطفة. استطعت من خلال الحوار مع محطات التلفزة الوصول الى عدم إبراز صور الجنود المخطوفين وأهاليهم".
حتى ان الحراك المدني لم يغب عن بال وزير الإعلام على الرغم من أنه كان خارج نطاق السؤال الموجه اليه وعنه قال:"عند انطلاق الحراك المدني شهد تغطية اعلامية تجاوزت المألوف سواء بمداها الزمني او سواء بوقوف الاعلام الى جانب الحراك كجزء منه وليس كتغطية له. فحاولت الحد من ذلك، لم تتجاوب جميع القنوات معي وبقيت بعض الاصوات الشاذة". وختم معتبراً ان المشكلة لا تكمن في وجود القوانين انما في تطبيقها.
اغتصاب الأطفال في دور الرعاية
وفي حديث "المفكرة القانونية" مع البيلاوي حول المتابعة لمدى التزام لبنان بإعلان بيروت أجاب: "نحن معا ومع المجلس الاعلى للطفولة والتنمية في لبنان سنبني مرصداً على هذا الاساس وهذه المبادئ. كما سنقدم الدعم التربوي الداعم للاعلاميين كما سنقوم بعملية تقويم الأداء الاعلامي في حال تم التوافق مع الاعلاميين".
وعند سؤال البيلاوي عن مدى معرفته بقضايا الانتهاكات في دور الرعاية في لبنان ومصيرها وكيف يتعاطي المجلس مع هذه المسألة، اكتفى بالقول: "في الحقيقة في مثل هذه القضايا يأتي دور تطبيق القانون بفاعلية. ونحن نحتاج مشاركة كل منظمات المجتمع المدني لنكون وحدة واحدة. فكلما كانت كل القوى الاجتماعية والسياسية موحدة، عندها نستطيع ان نتغلب على الارهاب والاساءة للطفل وكل ما يخترق حقوق الانسان".