لجوء أسر مغربية إلى التعليم العمومي تحت وطأة الكورونا: المصلحة الفضلى للطفلة تفرض تسجليها في التعليم العمومي تفاديا لضياع السنة


2020-07-02    |   

لجوء أسر مغربية إلى التعليم العمومي تحت وطأة الكورونا: المصلحة الفضلى للطفلة تفرض تسجليها في التعليم العمومي تفاديا لضياع السنة

أصدر القاضي سعيد بوهلال نائب رئيس المحكمة الإبتدائية بمكناس مؤخرا أمرا استعجاليا[1] يقضي بالزام مدير مؤسسة تعليم عمومية، بتسجيل تلميذة انقطعت عن متابعة دراستها في إحدى المدارس الخاصة، نظرا للظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيشها أسرتها.

الأمر القضائي -الذي تنشره “المفكرة القانونية” مرفقا- استند على مبدأ المصلحة الفضلى للطفل التي تقتضي تقديمها على أي اجراءات ادارية، وعلى صلاحية قاضي المستعجلات في تحوير طلبات الأطراف لتحقيق العدالة.

ملخص القضية

تعود فصول القضية إلى السادس من فبراير من العام الجاري، حينما تقدمت أم بمقال استعجالي أمام المحكمة الابتدائية بمكناس تعرض فيه أنها أصبحت تعيش ظروفا مادية صعبة لم تكن تتوقعها، اضطرتها لإيقاف ابنتها عن متابعة دراستها بإحدى المؤسسات التعليمية الخاصة، وأنها حينما حاولت تسجيل ابنتها في مدرسة للدولة، فوجئت بعدة عراقيل إدارية أدت إلى حرمان ابنتها من متابعة دراستها لهذا الموسم، مند تاريخ انقطاعها عن التمدرس بالمدرسة الخاصة ومغادرتها بتاريخ 9/12/2019. وقد التمست تبعا لذلك من رئيس المحكمة إصدار أمر استعجالي بتسجيل ابنتها قصد متابعة الدراسة بالمدرسة العمومية مع النفاذ المعجل.

وقد أرفقت المقال بشهادة مدرسية وشهادة المغادرة التي تثبت إنقطاع البنت عن الدراسة بمدة ناهزت 5 أشهر.

موقف المحكمة

تبيّن لرئيس المحكمة إنطلاقا من وثائق الملف أن الطفلة غادرت مؤسستها الخاصة بتاريخ 23/12/2019 بفعل الظروف المادية الصعبة التي تمرّ بها أسرتها، وأنه لم يتمّ تسجيلها بأي مؤسسة عمومية منذ ذلك التاريخ. كما أن انقطاعها عن التمدرس استمر طيلة فترة تزيد عن أربعة أشهر من الموسم الدراسي الحالي، أي ما يعادل نصف الموسم.

واعتبر رئيس المحكمة أن “المصلحة الفضلى للأطفال تقتضي أن يتابعوا دراستهم بشكل انتظامي في أية مؤسسة عمومية”، وأنه “كان على مصالح التعليم التابعة للدولة إيجاد حل للطفلة ضحية الظروف الاجتماعية، لا عرقلة تسجيلها بإحدى مؤسسات التعليم العمومي”.

ليخلص إلى أن “حالة الإستعجال القصوى قائمة في نازلة الحال لتفادي ضياع سنة دراسية كاملة للطفلة”.

وكان لافتا في هذا الأمر أن رئيس المحكمة لجأ إلى تحوير طلب المدعية حيث اقترح على المؤسسة العمومية عدة خيارات بهدف متابعة الطفلة لدراستها من خلال “ربط الاتصال بمؤسستها الخاصة للحصول منها على نقط المراقبة المستمرة”، أو “إفرادها بامتحان في مختلف المواد للتأكد من مدى جدارتها لاجتياز الدورة الأولى”، معللا ذلك بصلاحية قاضي المستعجلات في تحوير طلبات الأطراف تحقيقا للعدالة.

وعليه أصدر رئيس المحكمة أمرا استعجاليا بإلزام “مدير مؤسسة التعليم العمومية المدعى عليها بتسجيل الطفلة بنفس المؤسسة، بمستوى الأولى إعدادي، والقيام بكافة الإجراءات لجعلها مواكبة للسنة الدراسية الحالية بما في ذلك الحصول على نقط المراقبة المستمرة الخاصة بها من مؤسستها التعليمية الخاصة، أو إفرادها بامتحان للتأكد من مدى جدراتها باجتياز الدورة الأولى، وإدماجها ضمن السنة الدراسية الحالية مع تحميل المدعية الصائر وشمل الأمر بالنفاذ المعجل بقوة القانون”.

تعليق على الحكم

تبرز أهمية هذا الأمر القضائي في كونه يعتبر من بين التطبيقات القضائية المهمة التي تستند على الاتفاقيات الدولية عوض الإكتفاء بمواد القانون الداخلي، فهو يكرّس مبدأ اعمال المصلحة الفضلى للطفل المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989؛

كما أنه يجسد تطورا في تصور القاضي لوظيفته القضائية التي لا تجعل دوره ينحصر في مجرد تطبيق القانون بكل حرفي، وإنما يمتدّ إلى التماس التطبيق العادل للقانون، وهو ما عبر عنه رئيس المحكمة صراحة حينما أسس حكمه على “صلاحية قاضي المستعجلات في تحوير طلبات الأطراف تحقيقا للعدالة”.

من جهة أخرى تبرز أهمية هذا الأمر القضائي في أن نشره يتزامن مع النقاش الدائر داخل المغرب بعد إعلان فترة الطوارئ الصحية على خلفية الخلاف بين أصحاب مؤسسات التعليم الخصوصية وأهالي التلاميذ الذين يرفضون أداء واجبات تمدرس أبنائهم خلال فترة الحجر الصحي، حيث يتمسك الطرف الأول بضرورة أداء الأسر واجباتها كاملة؛ فيما يقول الطرف الثاني إنهم لن يؤدّوا مقابلا لقاء خدمات لم يستفد منها أبناؤهم وبناتهم مطالبين بتخفيض مبالغ هذه الواجبات، خاصة وأن الأسر هي التي تتحمل المسؤولية في موضوع التعليم عن بُعد، من حيث اقتناء الأجهزة الإلكترونية لأبنائها وتوفير صبيب الأنترنيت. كما يطالب الطرف الثاني أيضا بإعفاء الأسر التي تضررت بدورها من الحجر الصحي بسبب التوقف عن العمل، وهو ما جعل عددا منهم يدعون إلى سحب أطفالهم من التعليم الخصوصي وتسجيلهم في التعليم العمومي.

مواضيع ذات صلة:

حكم قضائي ينتصر لتلميذ ضد إدارة مدرسة خاصة في المغرب: المصلحة الفضلى للطفل أولى بالاعتبار

التعليم عن بعد في المدارس: سقفه إبقاء التلامذة في جو الدراسة.. ولسان حال الأهل يقول: “هيدي مش شغلتي


[1]– أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بمكناس في ملف استعجالي رقم 310/1101/2020، بتاريخ 06/02/2020.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، الحق في الصحة والتعليم ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني