لبنان في الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل (1): استقلال القضاء متروك للمبادرة النيابية من دون أي التزام (عن الحقوق المدنية والسياسية)


2021-01-17    |   

لبنان في الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل (1): استقلال القضاء متروك للمبادرة النيابية من دون أي التزام  (عن الحقوق المدنية والسياسية)

سيكون وضع حقوق الإنسان في لبنان محلّ مناقشة في 18/1/2021، وذلك في سياق الدورة الثالثة ضمن الاستعراض الدوري الشامل (والأخيرة جرت عام 2015)، لسجل حقوق الإنسان والذي يشمل مجمل دول منظّمة الأمم المتّحدة. وكانت الجمعية العمومية للأمم المتّحدة قد أطلقت هذا الاستعراض تزامناً مع تأسيسها لمجلس حقوق الإنسان في عام 2006 (القرار 60/251). فقد أنيط بهذا المجلس “إجراء استعراض دوري شامل يستند إلى معلومات موضوعية وموثوق بها، لمدى وفاء كل دولة بالتزاماتها وتعهداتها في مجال حقوق الإنسان على نحو يكفل شمولية التطبيق والمساواة في المعاملة بين جميع الدول”. وتهدف هذه المراجعة إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان من خلال الإضاءة على الانتهاكات والحث على معالجتها، وتوفير مساعدة تقنية للدول من خلال تقاسم أفضل الممارسات في ميدان حقوق الإنسان بين الدول وأصحاب المصلحة الآخرين[1].

ويستند هذا التقييم الذي يجري أمام مجلس حقوق الإنسان إلى آلية تعاون بين الدول الأعضاء، بحيث يُعتبر تقييماً بين “نظراء” (الدول). وتستند المراجعة إلى ثلاثة أنواع من التقارير المقدّمة إلى مجلس حقوق الإنسان، وفق الجهة التي تصدرها: 1) تقرير وطني يتعين على كل دولة تقديمه حول مدى احترامها لحقوق الإنسان (وقد أودعت فعلا الدولة اللبنانية تقريرها لدى مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 12 تشرين الثاني 2020)؛ 2) تقرير تعدّه المفوضية العليا لحقوق الإنسان بعد تنسيق المعلومات الصادرة عن وكالات الأمم المتّحدة المختلفة؛ 3) تقارير للمنظمات المدنية تقديمها، بشكل إفرادي وإما من خلال تحالف عدد منها. وتنتهي المراجعة بإقرار “تقرير النتائج” الذي تعدّه لجنة مؤلفة من 3 دول يتم اختيارها بالنسبة لكل دولة (تسمى الترويكا) تضمّنه موجزاً “عن المناقشات والأسئلة والتعليقات والتوصيات التي قدّمتها الدول إلى البلد قيد الاستعراض، علاوة على ردود الدولة المستعرضة”[2]. ويقتضي اعتماد “تقرير النتائج” هذا في الجلسة العامة التالية لمجلس حقوق الإنسان، حيث للدولة قيد الاستعراض أن ترد على الأسئلة وعلى التوصيات التي طرحتها الدول أثناء الاستعراض، كما للدول الأعضاء وللمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة الآخرين الإدلاء بتعليقاتهم. ويلحظ أن 223 توصية كانت وجّهت إلى لبنان في سياق الاستعراض الشامل السابق، وافق على 130 منها وأخذت علما بمجمل التوصيات الأخرى باستثناء توصيتين لصدورهما عن دولة إسرائيل.

وكما حصل في سنة 2015، شاركت “المفكّرة القانونية” بالدورة الثالثة للبنان القائمة حالياً، من ضمن التحالف الوطني لمنظمات المجتمع المدني الذي وضع تقريرا شاملا، كما شاركت فردياً من خلال تقرير خاص حول تعزيز استقلالية القضاء (مرفق ربطا).

هنا، سنتناول تباعا كيفية تعامل السلطات الرسمية مع التوصيات التي تلقتها من الدول الأخرى حسبما يتبدى من أدائها خلال الفترة المنصرمة وأيضا من تقريرها، وذلك ضمن 3 أقسام: (1) الحقوق المدنية والسياسية و(2) الحقوق الاقتصادية والاجتماعية و(3) أوضاع الأشخاص المهمشين.

الحقوق المدنية والسياسية

بما خصّ الحقوق المدنيّة والسياسيّة، تمّ توجيه 54 توصية إلى الدولة اللبنانية من أصل 223، قبلت منها 29 وأخذت علماً ب25 منها. كما لم تعترف بتوصية موجّهة إليها من الكيان الصهيوني.

1- استقلالية القضاء

توصية وحيدة متعلّقة بتعزيز استقلالية القضاء ومبدأ القاضي الطبيعي وجّهتها الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان إلى الدولة اللبنانية خلال الجولة الثانية عام 2015. وقد اكتفت الدولة اللبنانية حينها بأخذ العلم بهذه التوصية من دون الموافقة عليها، بما يؤشر إلى عدم اقتناعها بأهمية استقلال القضاء أو حاجتها إلى مزيد من الوقت للتفكير في مدى ملاءمة ذلك. وقد اكتفى التقرير الرسمي بالإشارة إلى أن عددا من النواب تقدموا باقتراح قانون للسلطة القضائية (وهم يقصدون اقتراح القانون الذي أعدته المفكرة القانونية) من دون أن يشير إلى أي التزام من قبل الحكومة. الأمر نفسه نسجله بشأن القضاء العسكري حيث اكتفى التقرير الرسمي بالإشارة إلى وجود اقتراحات قوانين عدة في هذا الشأن.

وطبعاً، تبقى الثغرات في استقلالية النظام القضائي اللبناني كبيرة جداً، إن في القضاء العدلي أو الإداري، وذلك في أوجه الاستقلالية المختلفة (مبدأ القاضي الطبيعي، والاستقلالية المؤسساتية والفردية، وحيادية المحاكم، ومحاسبة القضاة)، وجهد الدولة اللبنانية شبه غائب في هذا المجال. ونحيل القارئ لمزيد حول الموضوع إلى التقرير الذي قدّمته “المفكّرة” إلى جانب “شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية ANND” في إطار أعمال الاستعراض الدوري الشامل، والتوصيات الخاصة بتعزيز استقلالية القضاء (وتحديداً الإسراع بإقرار اقتراحي قانونين لاستقلالية القضاء العدلي – قيد النقاش أمام لجنة الإدارة والعدل – والقضاء الإداري – الذي أطلقته “المفكّرة” مؤخراً).

2- الوصول إلى العدالة وتحسين ظروف الاحتجاز

كانت قد وجّهت إلى الدولة اللبنانية 11 توصية متعلّقة بالوصول إلى العدالة، قبلت 4 منها واكتفت بأخذ العلم ب7 (منها 3 متعلّقة بإبرام إتفاقيّة المحكمة الجنائيّة الدوليّة). وتعلّقت 3 من هذه التوصيات برفع سنّ المسؤوليّة الجنائيّة للأطفال. على هذا الصعيد، ذكّر التقرير الوطني اللبناني المقدّم إلى مجلس الحقوق الإنسان أنّ وزارة العدل قدّ وقّعت عام 2017 على مذكّرة تفاهم مع منّظمة اليونيسيف حول نظام العدالة الخاص بالأطفال، ترمي إلى إنشاء غرف صديقة للأطفال داخل السجون والعمل على تعزيز إستخدام التدابير البديلة في المحاكم والعمل على فرص لإعادة التأهيل وإدماج الأطفال.

كما قبلت الدولة اللبنانية بتوصيّة متعلّقة ب”تحسين ظروف السجون ومراكز الاحتجاز، بما في ذلك القضاء على حالات الاكتظاظ”. غير أنّ جائحة الكورونا أبرزت بشكل صارخ مدى عدم إلتزام لبنان بهذه التوصيّة، إذ ما زالت نسبة الإكتظاظ في السجون مرتفعة جدّا.

لمزيد من القراءات حول هذا الموضوع:

هلع داخل السجون اللبنانية إزاء الكورونا: تخفيض عدد الموقوفين عملاً بسياسة تخفيف الأضرار

 10 آلاف محتجز في علب سردين في زمن الكورونا: سياسة منع التخالط تغفل السجون

اكتظاظ السجون أمام تحدّي الكورونا: مناقشة لحقوق المحتجزين على ضوء مبدأي التناسب وتخفيف المخاطر

“العفو العام” واكتظاظ السجون في زمن كورونا: الحق بالصحّة ذريعة لغايات سياسية وليست هدفاً

يذكر أن أهمّ تقدّم على صعيد ضمانات المحاكمة العادلة إقرار القانون 191/2020 الرامي إلى تعديل المادة 47 من قانون أصول المحاكم الجزائيّة، وقد كرّس الحقّ بالإستعانة بمحام وحضوره في التحقيقات الأوّلية بما يمنع الاستفراد بالمشتبه به أو الاستقواء عليه، ولكنّ “المفكّرة” كانت قد حذّرت في الوقت نفسه من بعض ثغرات في التعديل أهمّها تضمّنه اتجاهاً مقلقاً بشأن أمد احتجاز المشتبه به داخل النظارات.

3- الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي

تلقّت الدولة اللبنانية 11 توصية متعلّقة بالحقّ في الحياة والحريّة والأمن الشخصي. وقد اكتفت بأخذ العلم بها جميعاً. تعلّقت جميع هذه التوصيّات بإتخاذ خطوات متعلّقة بإلغاء عقوبة الإعدام، كالتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام. ولم يوافق لبنان على أيّ من هذه التوصيات، بالرغم من إعلانه الاستمرار في تجميد تنفيذ عقوبة الإعدام حسبما نقرأ في تقريره الرسمي (2020).

هذا مع العلم أن انفجار المرفأ أظهر أن الحكومات قد سفهت الأخطار العامة االتي تتهدد الحياة.

4- الحق في الجنسية

على هذا الصعيد، كانت الدولة اللبنانية قد تلقّت توصية وحيدة ترمي إلى وضع إطار شامل للحماية قائم على الحقوق للأشخاص عديمي الجنسية، من أجل تحديدهم وتسجيلهم وإصدار الوثائق لهم وضمان حصولهم على الحقوق الأساسية والجوهرية. وقد اكتفت الدولة بأخذ العلم بهذه التوصيّة دون التعهّد بمعالجة الموضوع وقد خلا تقريرها من أي معطى في هذا الشأن. وكانت “المفكّرة” قد خصّصت عدداً كاملاً لعديمي الجنسيّة في منطقة العالم العربي، منبّهةَّ فيه إلى المخاطر الآيلة إلى حرمان أشخاص من الجنسية.

5- التعذيب في لبنان

وجههت إلى الدولة اللبنانية 21 توصية متعلّقة بمكافحة التعذيب، قبلت 19 منها واكتفت بأخذ العلم ب2 منها.

وذكرت السلطات اللبنانيّة في التقرير الوطني أنّه وعلى إثر التوصيات التي تلقاها لبنان عام 2015، عمدت الدولة إلى إقرار القانون 62/2016 لإنشاء هيئة وطنيّة لحقوق الإنسان متضمنة لجنة للوقاية من التعذيب، وتمّ تعيين أعضائها. كما تمّ إقرار القانون 65/2017 المتعلّق بمعاقبة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المهنيّة. وكانت “المفكّرة” علّقت على هذا القانون، مشيرة إلى بعض شوائبه لا سيما التعريف المنقوص للتعذيب والإبقاء على صلاحيّة المحكمة العسكريّة للنظر في جرائم التعذيب. ولم تخلُ الفترة التي تلت التوصيات التي تلقاها لبنان عام 2015 وحتّى تلك التي تلت إقرار هذه القوانين من فضائح متعلّقة بقضايا تعذيب، أهمّها قضيّة زياد عيتاني وحفظ شكاوى التعذيب المقدمة من المتظاهرين بواسطة لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين.

كما يشار إلى تقدم بعض النواب باقتراح قانون يهدف لتصحيح عوامل الخلل في قانون معاقبة التعذيب. إلا أن الهيئة العامة للمجلس النيابي قررت إحالته إلى اللجان لمزيد من الدرس.

كما لحظ التقرير الوطني أخذ الدولة اللبنانية بالتوصية المتعلّقة بإلتزام الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة بمبادئ إستعمال القوّة والأسلحة الناريّة خلال التظاهرات السلميّة، من خلال وضع الجيش تعليمات تتوافق والقوانين الوطنيّة والمعايير الدوليّة، وإعتماده “مدوّنة قواعد سلوك” لتعزيز الضوابط والمساءلة والمحاسبة. كما ذكر التقرير بالتزام المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي بضمان حرّية إبداء الرأي والتجمع السلمي، كما وإلتزامها بإحترام “مدوّنة قواعد السلوك” المعتمدة في العام 2012، والتي تنصّ على إمتناع عناصرها عن إستخدام الشدّة إلّا في حالات الضرورة القصوى بعد إستنفاذ الوسائل غير العنفيّة.

غير أنّنا شهدنا في صيف 2015 إثر التظاهرات التي رافقت أزمة النفايات، كما في المرحلة التي تلت 17 تشرين 2019 استخدام العنف المفرط والتعذيب ضدّ المتظاهرين من قبل جميع عناصر الأمن من جيش وشرطة مجلس النوّاب وعناصر قوى الأمن الدخلي، بما في ذلك أثناء الإستجوابات. وقد رصدت “المفكرّة” الاستخدام التعسفي للعنف ضدّ المتظاهرين في عدد خاص لها في سنوية انتفاضة 17 تشرين (الثورة في مواجهة السلطة وعنفها)، وثّقت فيه الإعتداءات التي طالت المتظاهرين خلال المظاهرات من خلال استخدام الرصاص والغاز المسيل للدموع خلافا للمبادئ القانونيّة، وداخل آليات النقل والثكنات.

6- حرية الرأي والتعبير والاعتقاد

وجّهت 4 توصيات للدولة اللبنانية تتعلق مباشرةً بحرية الرأي والتعبير والاعتقاد في لبنان. وقد قبلت بتوصيتين: التوصية التي تتضمن مواصلة سياسة التسامح والتنوع بين المجموعات العرقية والدينية المختلفة، والتوصية التي تتعلق بضمان أن تمتثل القوى الأمنية، بما في ذلك الجيش، لمبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، خلال المظاهرات السلمية. كما واكتفت الدولة اللبنانية بأن أخذت علماً بالتوصية الهادفة إلى تعزيز التدابير الرامية إلى ضمان بيئة آمنة لأنشطة المدافعين عن حقوق الانسان. وبتلك المتعلقة بالنظر في وضع قانون مدني اختياري يأخذ بعين الاعتبار التزامات لبنان الدولية في مجال حقوق الإنسان وذلك بالتشاور مع المجتمع المدني.

وقد أشارت السلطات اللبنانية في تقريرها كما ذكرنا في القسم المخصص لمناهضة التعذيب، إلى عدد من الاجراءات المتخذة من الأجهزة الأمنية والعسكرية. كما أشرنا في ذلك القسم إلى ما شهدته البلاد من انتهاكات خطيرة وأساليب قمع جديدة، وبخاصة تبعا لانتفاضة 17 تشرين. وكانت “المفكّرة” قد اعتبرت ان القمع الحاصل والمستمر يجد تفسيره الأول في سواد “نظام المقامات” بشقيه السياسي والديني في لبنان الذي يشكل خطورة كبيرة على حريتي الرأي والتعبير.

لمزيد من القراءة حول هذا الموضوع:

القمع ليس حيث تنظر: نظام المقامات في لبنان

كما يجدر التذكير بأن المادة 15 من نظام الموظفين ما تزال تشكّل أساساً لقمعهم باسم موجب التحفظ وتمنعهم من الادلاء بأي تصريحٍ كان. للمزيد من القراءة حول هذا الموضوع: المادة 15 من نظام الموظفين تقمعهم: أداة مثلى لإفساد الإدارات العامة في لبنان.

كما تقتضي الإشارة إلى أنه تم إقرار قانون المعاملات الالكترونية بتاريخ 24 أيلول 2018 الذي تضمن عدة قيود لحرية التعبير، وقد أبدت “المفكّرة” ملاحظات حول هذا القانون معتبرة أن حرية التعبير أصبحت تحت رحمة النيابة العامة. كما لا يزال اقتراح قانون الاعلام قيد الدرس أمام اللجان النيابية منذ العام 2016، وأبرز سلبياته التراجع عن حريّة النشر دون رقابة مسبقة واستبدال نظام التصاريح بنظام الإجازة المسبقة لإنشاء مؤسسة إعلامية ووضع رسم باهظ (100 ألف دولار أميركي) لإنشاء موقع إلكتروني. لمزيد حول هذا الموضوع:

المشرع و”جرائم التعبير” اليوم في لبنان.

فيديو “المفكّرة القانونية” حول أبرز انتهاكات وسلبيات اقتراح قانون الاعلام

أبعد من ذلك، وبالرغم من التزام لبنان بتوصية مواصلة سياسة التسامح والتنوع إلا أن المجتمع اللبناني شهد مؤخراً تصاعداً في خطاب الكراهية، برز خصوصاً مع قضية “مشروع ليلى” وصل إلى حدّ الدعوة إلى العنف والأذية ضد هذه الفرقة الموسيقية ومهرجان ثقافي كان بصدد استقبالها وجمهورهما، أفضى إلى إلغاء الحفل “منعاً لهدر الدم” تحت ذريعة “تحقير الشعائر الدينية”. للمزيد من القراءة حول الموضوع:

بيان للمفكرة القانونية حول قضية “مشروع ليلى”: خطاب التسامح في مواجهة اللاتسامح.

المفكرة تذكّر بثلاثة أحكام رائدة حول التسامح الديني في لبنان: الدين، الحساسية المفرطة وحرية التعبير والإبداع.

بيان للمنظمات الحقوقية الموقعة والداعمة لإخبار 30 تموز : أول حقوق الإنسان، مكافحة اللاتسامح والكراهية.

المشاعر الدينيّة، بين الغريزة والعقلانيّة والمحبّة (ملاحظات حول قضية مشروع ليلى وتفرعاتها).

قرار قضائي يوسّع مدى حرية المعتقد في لبنان: لا محلّ للحساسية الدينية غير الطبيعية.

بالنسبة إلى حريّة الإعتقاد، لا يزال غياب القانون المدني الاختياري للأحوال الشخصية يشكل موقع استغلال لمنع كل من لا ينتمي إلى الطوائف ذات النظام الشخصي من ممارسة الحق بالزواج وبإنشاء عائلة، مما يشكل حسبما وصّفته “المفكّرة” “انقلاباً على النظام المدني اللبناني” الذي يعترف بحرية الاعتقاد المطلقة. للمزيد من القراءة حول هذا الموضوع:

مسألة الزواج المدني وتشويه طبيعة النظام اللبناني.

هل الزواج المدني يحتاج إلى تعديل دستوري؟ قراءة في المادة 9 من الدستور اللبناني.

عقد زواج مدني احتفالي على الأرض اللبنانية: الداخلية أمام استحقاق إعادة العمل بالانتظام العام.

7- حرية تكوين الجمعيات

تلّقت الدولة اللبنانية توصية وحيدة تتعلق مباشرةً بحرية تكوين الجمعيات وتتضمن التوقيع على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم، اكتفت أخذ العلم بها.

وبالرغم من تكريس حرية تكوين الجمعيات في الدستور اللبناني، إلا أنه لا تزال المادة 15 من قانون الموظفين تشكل سنداً لقمع الحريات النقابية وحرية إنشاء الجمعيات. ومن أبرز هذه الانتهاكات، عدم موافقة السلطة على تحويل رابطة موظفي الإدارة العامة إلى نقابة علماً أنها انضمت إلى هيئة التنسيق النقابية وشاركتها معاركها للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت في العام 2017. لمزيد من القراءة حول هذا الموضوع: المادة 15 من نظام الموظفين تقمعهم: أداة مثلى لإفساد الإدارات العامة في لبنان.

وقد شكل أيضاً التعميم الصادر عن مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 7/11/2018 الذي تضمن إنكار حق القضاة بإنشاء جمعيات بالاستناد إلى المادة 15 نفسها، انتهاكاً صارخاً لهذه الحرية. لمزيد من القراءة حول هذا الموضوع: قمع جديد لحرية القضاة اللبنانيين بالتجمع: هكذا خالف مجلس القضاء الأعلى معايير استقلال القضاء.

إلا أنه ورغم ذلك، نجح نادي قضاة لبنان في الحصول على علم وخبر بتاريخ 29 كانون الثاني 2019. وقد شكّل إنشاؤه تكريساً أساسياً لحرية القضاة بإنشاء جمعيات – حريّة لا زالت مقوّضة في الخطاب الرسمي القضائي اللبناني –، وانتصاراً لمسار طويل من النضال القضائي. لمزيد من القراءة حول هذا الموضوع:

أهم الحراكات الحقوقية 2018: نادي قضاة لبنان خرج إلى الواقع

والدراسة المخصّصة لحرية تجمع القضاة: حين تجمّع القضاة في لبنان

كذلك، سجلت عدد من المخالفات في رفض الداخلية منح العلم والخبر لجعيات ذات توجهات معارضة. مثلا على ذلك الجمعية البيئية “الطبيعة الأم” و“الطبيعة الأم” تظفر ب “العلم والخبر”: وزارة الداخلية رضخت لقرار شورى الدولة.

ويضاف إلى تلك الانتهاكات، التعميم الصادر عن وزير الداخلية والبلديات رقم 24/إ.م/2018 المتعلق بمراقبة الجمعيات من قبل الوزارة وفق آلية جديدة، والذي نص على أن امتناع الجمعيات عن إبلاغ الحكومة بالسجلات الواجب على الهيئة الإدارية للجمعية أن تمسكها وفق أحكام القانون يجعل منها سرية ويعرضها بالتالي للحل ولمصادرة أموالها. لمزيد من القراءة حول هذا الموضوع: توجه نحو تضييق حرية الجمعيات في لبنان؟ الداخلية تصدر تعميماً مخالفاً للدستور وقانون الجمعيات

أما فيما خص حق العمال الأجانب بتكوين جمعيات، فلا تزال السلطات اللبنانية حتى اليوم لا تعترف بنقابة العاملات المنزليات المستبعدات من تدابير الحماية الواردة في قانون العمل اللبناني مما يشكل حرماناً فادحاً لآلاف من العاملات من الحق في تكوين الجمعيات والتفاوض الجماعي بالرغم من الحاجة الملحة لممارسة هذا الحق كون الكثير منهنّ يتعرّض لمختلف أشكال الإساءة في لبنان.

وأتى ذلك رغم توجيه عدة توصيات تتعلق بحقوق العمال الأجانب إلى الدولة اللبنانية، كانت قد قبلت بتلك المتعلّقة بزيادة تعزيز وحماية حقوقهم وأخذ علماً بالتوصية التي تهدف إلى ضمان حقوق متساوية لجميع العمال في البلاد وفقاً للمعايير الدولية (وهذا ما نعود إليه في القسم المتعلّق بحق العمل). والملفت أن التقرير الوطني أشار إلى “الميثاق الاجتماعي” الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية الذي نص على ضرورة معالجة جميع أشكال التمييز ضد العمال المهاجرين. كما ذكّر ب “الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاجتماعية” الصادرة عن نفس الوزارة التي خصصت العاملات المهاجرات بفقرة خاصة لتحسين ظروف عملهن العادل والآمن.

8- المفقودون والاختفاء القسري

وجّهت إلى الدولة اللبنانية 3 توصيات تتعلق بالمفقودين والاختفاء القسري، قبلت بها.

وقد تضمنت التوصيات إنشاء إطار قانوني ولجنة تحقيق وطنية بشأن الأشخاص المفقودين، والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، ومتابعة الجهود لمعالجة ملف المخفيين قسراً. وتنفيذاً لهذه التوصية، أقرّ مجلس النواب القانون رقم 105 تاريخ 30/11/2018 حول “الأشخاص المفقودين والمخفيين قسراً” الذي كرس حق أسرهم والمقربين منهم في معرفة مصائرهم، وأفرد فصله السادس للأحكام العقابية مستحدثا هيئة مستقلة للمفقودين والمخفيين قسراً.

وكانت “المفكّرة” قد اعتبرت في تعليق لها أن أهم ما جاء في إقرار هذا القانون تكريسه قانونا للحق الذي كان كرسه مجلس شورى الدولة قضائيا وهو “حق المعرفة” لذوي المفقودين والمخفيين قسرا. ومن أبرز الآليات الكفيلة بتفعيل حق المعرفة التي وضعها هذا القانون هو إنشاء هيئة مستقلة ذات صلاحيات واسعة لتحديد مصائر المفقودين والمخفيين قسرا ووضع أصول خاصة للتعرف على هوية الجثث المدفونة في المقابر الجماعية وأيضا تحميل كل شخص يعرف، مسؤولية الإفصاح عما يعرفه للهيئة المستقلة المنشأة بموجب هذا القانون، تحت طائلة المساءلة القانونية.

إلا انه وبالرغم من تعيين أعضاء الهيئة الوطنية للمخفيين قسراً بتاريخ 18/6/2020 المشار إليها، فقد استقال عضوان من أعضائها دون أن يتم تعيين بديلاً عنهما حتى الآن. كما أنه لم يتم تعيين مقرّ خاص لها لكي تتمكن من ممارسة مهامها، كما لم يتم تخصيص الموارد المالية لها المنصوص عنها في القانون مما يعطل تطبيق القانون.

بالإضافة إلى ذلك، تم رصد انتهاك فادح لهذا القانون الحديث في قضية عامر الفاخوري التي قضت المحكمة العسكرية في قرارها بإسقاط دعوى الحق العام على جرم خطف وإخفاء الأسير علي عبد الله حمزه بمرور الزمن، بعدما انتهَت إلى اعتبار الأسير المخفي قسراً متوفياً من دون أي دليل جدّي ومقبول مما يشكل مخالفة لقواعد الاختصاص كما ويُسهِم في إطالة أمد هذا الإخفاء القسري، ما يُشكِّل تدخُّلاً فيه ويُعرقِل النفاذ إلى المعلومات المُتعلِّقة بالمخفي قسراً ويُشكِّل معلومات خاطئة تُضلِّل وتُعقِّد عملية تقفي أثره.

وفيما خص قضية العسكريين المفقودين، لحظ التقرير الوطني أن الجيش يتابع هذه القضية عبر انشائه لقاعدة بيانات لمعلومات ما قبل الفقدان يتم الحصول عليها من الأهل في حالات الفقدان خارج العمليات الحربية، وبتوثيقه لحالات المفقودين خلال العمليات الحربية. وتحفظ نتائج الحمض النووي لأهالي العسكريين المفقودين لدى مديرية القانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان المكلفة بمتابعة الملف.

أما فيما خص التوصية الثانية التي تضمنت التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، فبالرغم من قبول لبنان بها إلا أن النقاش لا يزال جارياً حول هذه الاتفاقية التي أحال مجلس الوزراء مرسوم إقراراها إلى مجلس النواب في العام 2007 حسبما جاء في تقرير الدولة اللبنانية.

لمزيد من القراءات حول الموضوع:

مجلس النواب يقرّ قانون المفقودين والمخفيين قسرا: منعطف أساسي في ذاكرة الحرب اللبنانية

خطوة متقدّمة لتكريس حق الأهالي في معرفة مصير ذويهم: تشكيل الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً

– مفقودو الحرب الأهلية: بين حاضر الإنتفاضة وتاريخ النضال.. حلواني: الإنتفاضة خرجت من رحم قضية المفقودين

9- الوصول إلى المعلومات

بالرغم من عدم ورود أية توصيات إلى لبنان تتعلق مباشرةً بالوصول إلى المعلومات، إلا أنه تمّ إقرار قانون “الحق في الوصول إلى المعلومات” رقم 28/2017 بتاريخ 10/2/2017 والذي صدر مرسوم تطبيقه رقم 6940 تاريخ 8/9/2020، والقانون رقم 175 تاريخ 8/5/2020 حول “مكافحة الفساد في القطاع العام وانشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد”.

وكانت “المفكّرة” قد قدمت ملاحظاتها حول قانون الحق بالوصول إلى المعلومات التي اعتبرته “إنجازا بأفخاخ كثيرة”، أهمها تضمن القانون لائحة بالمعلومات المستثناة من حق الوصول إليها ومن أخطرها “ما ينال من المصالح المالية والاقتصادية للدولة وسلامة العملة الوطنية.” والجدير بالذكر أنه ورد على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس النيابي في الجلسة التشريعية تاريخ 21/12/2020 اقتراح قانون لتعديل قانون حق الوصول إلى المعلومات بهدف معالجة الثغرات التي تتذرّع بها بعض الإدارات والمؤسسات العامّة بهدف التهرّب من الإفصاح عن المعلومات المطلوبة ولكن تمت إعادته إلى اللجان النيابية، لتكييفه مع مرسومه التطبيقي الصادر.

كما أن تطبيق قانون حق الوصول إلى المعلومات لا يزال معطلاً حتى اليوم، إذ أن نفاذه مرتبط ومعلق على إقرار قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كونه يعود لهذه الهيئة صلاحية النظر في الاعتراض على قرار عدم الاستجابة لطلب المعلومات. وبالرغم من إقرار قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بصيغته الجديدة بتاريخ 21/4/2020، غير أنه لم يتم حتى الآن تعيين أعضاء الهيئة.

بالإضافة الى ذلك، وقعت عدة مخالفات فادحة لقانون حق الوصول إلى المعلومات، أبرزها:

بالمقابل، ورد في التقرير الوطني الصادر عن السلطات اللبنانية أن وزارة العدل قد أطلقت موقعها الإلكتروني المحدث، لتمكين المواطنين من الوصول إلى المعلومات، ولتقليص تعاطيهم المباشر مع الموظفين في سبيل تحقيق الحكومة الالكترونية الموعودة. إلا أنه بمراجعة لائحة “مشاريع قوانين (ومراسيم)” المنشورة على الموقع، نلحظ أن الزمن وقف بها في العام 2014. كما وأضاف التقرير أن وزارة العدل تعمل على إنجاز مشروع الشبّاك الموحد ومكننة السجل التجاري وكافة معاملات المرفق العدلي والإداري المرتبط بها.

10- احترام مبدأ دورية الانتخابات وقانون الإصلاح الانتخابي

قبل لبنان بالتوصية التي تهدف إلى ضمان الطابع الديمقراطي بالتوافق مع المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من خلال إجراء انتخابات نيابية في موعدها من دون تأجيل، وكذلك ضرورة تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية وإقامة انتخابات نيابية. ويذكر أن توصيات 2015 صدرت في وقت كان المجلس النيابي مدد لنفسه أكثر من مرة.

وقد سردت السلطات اللبنانية في التقرير الوطني مرحلة انتخاب رئيس الجمهورية عام 2016 ومن ثم الانتخابات البلدية والاختيارية في العام 2016، ومن ثم الانتخابات النيابية في العام 2018 حيث اعتمدت للمرة الأولى القاعدة النسبية وآلية اقتراع للمغتربين في أماكن إقامتهم خارج لبنان، ومن ثم تشكيل الحكومة في العام 2019 واستقالة هذه الحكومة إثر الحراك الشعبي، من ثم تشكيل الحكومة الأخيرة في العام 2020 التي استقالت بدورها بعد انفجار مرفأ بيروت.

وقد أقرّ مجلس النواب اللبناني بتاريخ 17/6/2017 المشروع المقدم من قبل الحكومة اللبنانية لقانون جديد للانتخابات النيابية يعتمد النظام النسبي ويقسم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، إلى جانب إقرار الصوت التفضيلي. وقد اعتبرت “المفكّرة” أن هذا القانون يرسخ الطائفية ويخدم “الأقوى” كما أنه أفضى إلى تقويض فاعلية النظام النسبي. وقد أصدرت “المفكّرة” عدداً خاصاً بانتخابات 2018 النيابية والتي اعتبرتها “”عرس(ا) على حطام الديمقراطية” وذلك ردا على فيديوات وزارة الداخلية التي انتشرت على طوول الأراضي اللبنانية أنها “عرس للديمقراطية”.

كما وقد تم رصد عدة انتهاكات خلال الانتخابات النيابية من قبل مراقبي الهيـئات المدنية مما دفع بممثلة المجتمع المدني سيلفانا اللقيس في هيئة الاشراف على الانتخابات على تقديم استقالتها رافضةً أن تكون شاهدة زور.

للمزيد من القراءة حول هذا الموضوع:

ماذا تعلّمنا استقالة اللقيس من هيئة الاشراف على الانتخابات؟

مراقبو الهيئات المدنية يرصدون انتهاكات بالجملة ويتمسكون باستقلاليتهم.

سيلفانا اللقيس المرأة الصلبة الوفية للقسم

يضاف إلى ذلك، الخرق الدستوري الصارخ في الكتاب الصادر عن أمين عام مجلس الوزراء الموجه إلى وزارة الداخلية بتاريخ 10 أيلول 2020 معلما إياها أن رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء أعطيا الموافقة الاستثنائية لتأجيل الانتخابات الفرعية التي كان يجب أن تحصل نتيجة شغور مقاعد في مجلس النواب بسبب الاستقالة التي تقدم بها ثمانية نواب عقب جريمة انفجار مرفأ بيروت تحت ذريعة حالة التعبئة العامة التي أعلنت في البلاد بسبب جائحة كورونا والتي أصبحت وسيلة بيد السلطة من أجل منع المواطنين من ممارسة حرياتهم وحقوقهم الأساسية.

للمزيد من القراءة حول هذا الموضوع:

تأجيل الانتخابات الفرعية بحجة الطوارئ خرق للدستور.

استقالات النواب ونتائجها على مجلس النواب.

وسنتناول الحقوق المدنية الأخرى، سواء بما يتصل بحقوق النساء والحياة الخاصة أو اللاجئين أو عاملات المنازل والعمال المهاجرين ضمن فقرة المهمشن اجتماعيا.

 

***

لبنان أمام الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل (1): استقلال القضاء متروك للمبادرة النيابية من دون أي التزام (عن الحقوق المدنية والسياسية) 

لبنان في الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل (2): حديث عن التشريع في ظل انهيار اقتصادي ومالي شامل (الحقوق الإجتماعية والإقتصادية والثقافيّة)

لبنان في الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل (3): تجريم المثليين مسألة متروكة للقضاء وتوريث الفلسطينيين مسألة متروكة للإدارة

 

 

  1. الأمم المتحدة-مجلس حقوق الإنسان، “حقائق أساسية عن الاستعراض الدوري الشامل“، الموقع الرسمي للمجلس، 2020.

  2. المرجع نفسه.

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة وتعذيب ، المرصد القضائي ، لبنان ، محاكم إدارية ، دستور وانتخابات ، محاكم مدنية ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، تشريعات وقوانين ، اختفاء قسري ، حرية التعبير ، الحق في الوصول إلى المعلومات ، حرية التجمّع والتنظيم ، الحق في الحياة ، استقلال القضاء



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني