بتاريخ 16-10-2014، أعلن وزير العدل اللبناني، أشرف ريفي، عن موقفه المؤيد لإلغاء المحكمة العسكرية أو تعديل قانونها ليشمل فقط محاكمة العسكريين والقضايا العسكرية. وقد اعتبر أنه من غير المقبول استمرار وجود محاكم استثنائية فيما البلدان الحديثة تخلت عن ذلك، مضيفاً أنه “لا يجوز أن تكون الهيئات الحاكمة إلا قضاة لا مدنيين وعسكريين“[1]. وقد جاء الإعلان في سياق تأييده لاقتراح القانون الذي كان قد قدمه نائب “القوات اللبنانية” إيلي كيروز.
وهذا الموقف يستدعي الملاحظات الآتية:
1) أن التوجه الذي أعلن عنه ريفي ينسجم في مبدئه مع المطلب الحقوقي الذي ينطلق أساساً من وجوب ضمان مبادئ المحاكمة العادلة وأبرزها حق الدفاع ومبدأ القاضي الطبيعي والمثول أمام قاض يتمتع بضمانات الاستقلالية ويعمل ضمن أصول تراعي مبدأ الشفافية. ومن نافل القول إن هذه الضمانات لا تتوافر لدى المحكمة العسكرية قط، حيث إن غالبية القضاة فيها هم ضباط يعملون وفق أصول تنتفي معها العلانية وموجب التعليل، فتقتصر الأحكام على إجابات من قبيل “نعم” أو “لا”. ومن هذا المنطلق، تدعو المفكرة جميع المواطنين اللبنانيين الى التوقف عند هذا الإعلان ومناقشته بجدية مع تغليب المنطلق الحقوقي على أي حسابات سياسية ضيقة، على اعتبار أن من شأن توجه كهذا أن يلبي مصلحة اللبنانيين جميعاً؛ 2) أن هذا التوجه ينسجم مع الحراك العربي الحاصل في المنطقة، حيث شكل مبدأ عدم محاكمة المدنيين أمام المحاكم الاستثنائية محوراً للمطالب الشعبية. وهذا ما شهدناه في كل من مصر وتونس والمغرب والأردن[2]، علماً أن هذا المطلب قد ترك بصمات واضحة في عدد من الدساتير الجديدة وأيضاً في عدد من التشريعات، أهمها القانون المغربي[3]الصادر في 23-7-2014 والذي آل الى حصر صلاحيات المحكمة العسكرية على نحو يحول دون محاكمة المدنيين أمامها؛
3) أن هذا التوجه يُفترض أن ينسحب على مجمل المحاكم الاستثنائية، وفي مقدمتها المجلس العدلي. واللافت هنا الى أن الوزير لزم الصمت بهذا الشأن فضلاً عن أن ولايته شهدت إحالة مزيد من القضايا الى هذا المجلس[4]؛
4) أن الهدف الداعي الى إلغاء المحاكم الاستثنائية هو بالدرجة الأولى ضمان مبادئ استقلالية القضاء والمحاكمة العادلة. ومن هنا، فإن هذا التوجه يفقد معناه ما لم يترافق مع رؤية واضحة لتحصين استقلالية القضاء العدلي وتعزيز دوره وإمكاناته وفي مقدمها إقرار مبدأ انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى ومبدأ عدم جواز نقل القاضي إلا برضاه. نشر هذا المقال في العدد | 22 |تشرين الأول/أكتوبر/ 2014 ، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.