عادت “هيئة التنسيق النقابيّة” إلى الشارع في تشرين الأول 2015 بعدما كانت قد علّقت إضراباتها منذ آب 2014. وكان أساتذة التعليم الثانويّ قد نجحوا في تنفيذ إضرابين شاملين في 19 و20 تشرين الأول الماضيين، أدّيا إلى تعطيل التعليم في المدارس الرسميّة. على أثره، هدّد وزير التربية إلياس بو صعب الأساتذة باللجوء الى نظام الموظفين الذي يمنع في عدد من مواده الموظفين في القطاع العام من الإنضمام إلى النقابات، والتحريض على أو الإضراب عن العمل. فتراجع الأساتذة عن الإضراب. واعتبر بو صعب أن التلويح بإستعمال النظام يندرج ضمن صلاحيّاته. لكنه، وفي الوقت عينه، شدّد على ضرورة تعديله، ورأى أنه من حق موظفي القطاع العام الإنخراط في نقاباتٍ تنظّم مهنتهم /نّ وتساهم في الدفاع عن حقوقهم /نّ. ما جرى في أواخر 2015 يدفعنا إلى التذكير بحادثةٍ مشابهة وقعت في العام 1972. فقد لجأ حينها وزير التربية نجيب أبو حيدر في حكومة الرئيس صائب سلام إلى نظام الموظفين أيضاً، وتحديداً المادّة 65 منه، التي تنصّ على إعتبار الموظف الذي يضرب عن العمل مستقيلاً من الخدمة. يومها، علّق الأساتذةاضرابهم الذي استمرّ لمدّة شهر بعدما وعدهم وزير التربية بتحقيق مطالبهم. لم يتوانَ أبو حيدر عن إستعمال مختلف أساليب الضغط عليهم /نّ، من التلويح بإستخدام القانون إلى تجميد رواتبهم ومحاولة شقّ صفوفهم /نّ. نعود في هذا المقال إلى إضراب كانون الثاني – شباط 1972، فنعرض أسبابه، وظروف تضييق السلطة على الأساتذة وصولاً إلى تعليقه.
حجز حرية وتهديد بالطرد
بدأ /ت معلمو /ات المدارس الرسميّة والتكميليّة إضراباً عاماً مفتوحاً في المحافظات اللبنانية الخمس في 18 كانون الثاني 1972. الإضراب الجزئيّ في اليوم الأول تحوّل إلى إضرابٍ شاملٍ في اليوم الثاني. وبالتالي، توقّفت الدراسة في 1271 مدرسة رسميّة، تضمّ 248223 تلميذاً، ويعلّم فيها قرابة 13500 أستاذ.
قرّر هؤلاء اللجوء إلى الإضراب للضغط على حكومة الرئيس صائب سلام، بعدما كانت الحكومات المتعاقبة على مدى أكثر من ثلاث سنوات قد وعدتهم بتنفيذ مطالبهم /نّ. أمام هذا التلكؤ، وفي ظلّ تراجع مستوى التعليم الرسميّ بشكلٍ فاضح وإنتهاك أبسط حقوق الأساتذة، تقرّر تشكيل لجان متابعة بين المحافظات، واتخذت هذه الاخيرة قرار الإضراب بعد إجتماعٍ في “مقهى الروضة” في بيروت. المقهى، تحوّل إلى مكتبٍ للجان طوال فترة التحرّك. رأى الأساتذة أن الإضراب الفوريّ والمفاجئ سيحميهم /نّ من مماطلة الحكومة، لاسيما مع إقتراب موعد إجراء الإنتخابات النيابيّة. كما أنهم كانوا قد شارفوا على اليأس، بعدما إستنفذ قواهم /نّ وزير التربية الدكتور نجيب أبو حيدر خلال عدّة جلسات حوارٍ لم تفضِ إلى نتيجة.
وضع الأساتذة سلسلة مطالب أصرّوا على تنفيذها لوقف الإضراب.
1- “الترخيص بإنشاء رابطة المعلمين الرسميّين.
2- إعطاء 40 % للمدرّسين كافة مع إضافة تعويض غلاء المعيشة وتعويض إداريّ للمديرين.
3- إعطاء المعلّم الحقّ في طلب إحالته على التقاعد أو التعويض، بعد مرور 25 سنة على بدء خدمته الفعليّة.
4- إنشاء تعاونيّة إستهلاكيّة للمعلمين الرسميّين، وإحداث صندوق المعلّم.
5- مساواة المعلّمين الرسميّين بسائر موظفي الدولة لجهة الإجازات الصحيّة واليوم الشهريّ (للمدرّسات).
6- إعطاء ورثة المعلّم الرسميّ تعويضاً في حال وفاته في الأحوال الأخرى.
7- تصنيف المدرّس الرسميّ حسب شهادته لا حسب الصفّ الذي يدرّسه.
8- إعطاء مدرّسي ما قبل 1951 درجة عن كلّ ثلاث سنوات خدمة.
9- تثبيت المدرّسين المتعاقدين في التعليم الإبتدائيّ.
10- توسيع صفوف الحضانة وتطويرها لتشمل الأطفال بين 3 و5 سنوات.
11- إعطاء المدرّسين المعيّنين بعد عام 1964 درجة إستثنائية”[1].
لم ينتظر وزير التربية طويلاً كي يتحرّك. ففي اليوم الثاني للإضراب، إستُدْعيَ 20 عضواً من أعضاء اللجان إلى مديريّة التعليم الإبتدائيّ، وأُجبِروا على البقاء في المكاتب إلى حين إنتهاء الدوام. إعتبر المعلّمون تصرّف المديريّة بأنه “حجز للحرية”، فيما وصفه مدير التعليم الإبتدائيّ الدكتور نايف معلوف بـأنه كان مجرد بادرة للتعرّف إلى المعلمّين المضربين. لم يخفِ معلوف تفاجئه من التحرّك، لكنه سعى فوراً للتقليل من أهميّته. فنقل أن المضربين هم قلّة لا تتعدى نسبتها 20% من المعلّمين. في موازاة ذلك، أصدر وزير التربية تعميمين هدّد فيهما المضربين بالصرف كما هدّدهم بتجميد الرواتب إن لم يتراجعوا عن الإضراب. وذكّر الوزير في التعميم الأول أفراد الهيئة التعليميّة بأحكام “نظام الموظفين” التي “تحظر على الموظف أن يضرب عن العمل أو يحرض غيره على الإضراب”. واستند إلى الفقرة (د) من المادة 65 من المرسوم الإشتراعيّ نفسه التي تنصّ على إعتبار الموظّف الذي يضرب عن العمل مستقيلاً من الخدمة، ويجوز في هذه الحالة تعيين بدل عنه ممن تتوافر فيهم شروط التعيين للوظيفة التي كان يشغلها بإستثناء شرط المباراة[2]“. كما أصدر الوزير تعميماً أخر يحظر بموجبه “دفع رواتب أيّ معلّم من أفراد الهيئة التعليميّة ما لم يحصلوا على إفادة خطيّة من المسؤول عن المدرسة تثبت أن المعلّمين الذين يدرّسون في مدرسته قد ثابروا على أعمالهم وقاموا بالتدريس كالمعتاد إبتداءً من 22 كانون الثاني 1972[3]“. تلقّى مديرو المدارس تعليمات بإيداع وزارة التربية بيانات يوميّة بأسماء المضربين وغير المضربين. وأرسلت الوزارة عدداً من المفتشين إلى مدارس بيروت لتسجيل أسماء المضربين.
دعماً لقرارات وزير التربية، أدان رئيس الجمهورية سليمان فرنجية ورئيس الحكومة الإضراب، وعبّرا عن إستيائهما من المعلّمين الذين تجاهلوا “دقّة الظروف التي تجتازها البلاد[4]“. ودعيا أبو حيدر إلى إتخاذ أقسى العقوبات التأديبيّة في حقّ الأساتذة في حال أصرّوا على الإستمرار في الإضراب.
على الفور، عقد مندوبو المعلّمين مؤتمراً صحافيّاً رفضوا فيه تحذير وزير التربية لهم، وانتقدوا لجوءه “إلى الملاحقات البوليسيّة وإقدامه على حجز بعض المعلّمين في سجن وزارة التربية وتصاعد حملاته بالتهديد بالصرف والإحالة على المجلس التأديبيّ وقطع المعاش[5]“. وطالبوا زملاءهم بمواجهة قرارات الوزير من خلال الإلتزام بالتحرّك والحرص على تحقيق أعلى نسب مشاركة في جميع المناطق اللبنانيّة. وبالفعل، لم يتأخر الأساتذة في تلبية النداء، فانضمّ إلى المضربين المدرّسون المتعاقدون مع مجلس الجنوب، وزملاؤهم في المناطق النائية. كما أعلن المعلّمون الثانويّون تأييدهم الكامل لمطالب أساتذة التعليم الإبتدائيّ والتكميليّ.
الدولة ترمي بثقلها ضدّهم: وقف الرواتب
إثر تفاقم الأزمة، قرّر الرئيس سلام التدخّل مباشرةً، فطلب من وزير التربية إعداد لوائح بالمدارس التي شملها الإضراب، ومتابعة درس مطالب المعلمين للحؤول دون إستمرار إضرابهم “لأن الظرف الحالي لا يسمح بسلبيّات، والمطلوب مناخ ملائم”. وهاجم رئيس الحكومة المضربين محمّلاً إياهم مسؤولية التأخير في تطبيق برنامج العام الدراسيّ. وأسِف من “أن تكون هذه الطبقة المثقفة المسؤولة عن رعاية النشئ وتربيته، تخلّت عن الشعور بالمسؤوليّة[6]“. وأعرب سلام عن تأييده الكامل لقرارات أبو حيدر بصرف وقطع الراتب عن المضربين، فالأولوية بالنسبة إلى رئيس الحكومة تبقى بإبعاد أسباب القلق عن المجتمع. وفي سياقٍ متّصل، نقلت جريدة “النهار” عن مصادر حكوميّة تأكيد المسؤولين على التمسّك بموقفهم الرافض لمحاورة الأساتذة طالما الإضراب مستمر. كما اعتبروا أن هدف هذا التحرّك هو تأجيج الفوضى والشغب في البلاد. ووصفوا الإضراب بـ”غير الشرعيّ”، معتبرين أن قرارات وزير التربية صائبة وإستندت على هذاالمبدأ. على ضوء هذا الدعم الحكوميّ، لم يتردّد الوزير في إصدار تعميمٍ إداريّ يجمّد بموجبه رواتب المضربين.
لم يكتفِ أبو حيدر بهذا القدر من الضغط على الأساتذة لدفعهم إلى التراجع عن قرارهم. فكلّف بعض المصوّرين المتعاقدين مع الحكومة بتصوير الحاضرين في إجتماعات اللجان في “مقهى الروضة”. وطلب من عناصر الأمن العام مراقبة الإجتماعات، وتسجيل محاضر دقيقة بالمداولات، كي يتمكن من تحديد هويات المحرّضين على الإضراب!
نجحت هذه الممارسات البوليسيّة بدفع الأساتذة إلى الإجتماع بأبو حيدر في منزله، بعدما رفض سلام إستقبالهم قبل فكّ الإضراب. لم يقبل أبو حيدر الإستماع حتى إلى مطالب المعلمين، بل أجبرهم على الإطلاع على مشاريعه لتطوير التعليم الرسميّ. رفض فكرة إنشاء رابطة نقابيّة متحجّجاً بالقوانين التي تحظر على الموظفين إنشاء نقابات. ووضع شرطاً أساسيّاً لمنح زيادة الـ40%، يقضي برفع الحصانة عن المعلّمين. إذ اعتبر أن معظمهم لا يستحق الزيادة. في المقابل، وافق على إنشاء التعاونيّة وصندوق المعلّم. ولم يتردّد أبو حيدر بتهديد الأساتذة صراحةً، فقال لهم: “رح نضربكم، بس مش رح نوجّعكم”، ملمّحاً إلى إمكانيّة إستعمال المادة 65 والتوقّف عن دفع الرواتب. وأكّد لهم أنه ليس خائفاً من الإضرابات “لأنو نفسي طويل، وبعد فترة رح يقوموا الأهالي ضدكم[7]“. خرج الأساتذة من اللقاء محبطين جرّاء تعنّت وزير التربية، لكنهم أعلنوا إستمرار الإضراب إلى حين تحقيق المطالب. وكان المدير العام للوزارة الدكتور جوزيف زعرور قد قطع الطريق أمامهم في ما خصّ إنشاء الرابطة، معتبراً أن “المعلّم يخضع للنظام التوظيفيّ العام، ولا يشكّل المعلّمون فئةً خاصّةً ضمن الدولة لها نظامها الخاص. وعندما تعدّل القوانين الحالية، يستفيد المعلّمون من الأوضاع الجديدة أسوةَ بسائر موظفي الدولة[8]“.
سرعان ما أدّت الضغوطات الرسميّة إلى زعزعة الإضراب. فمن جهة، قرّر الاساتذة في بيروت تعليق إضرابهم بعد توسّط أمين سر نقابة معلّمي المدارس الخاصّة عباس قاسم بينهم وبين الوزير. وكان أبو حيدر قد أظهر بعض التجاوب من خلال موافقته على تشكيل لجنة لدراسة المطالب، والعمل على تنفيذها. وبناءً عليه، إستأنف بعض أساتذة المناطق التدريس أيضاً، معتبرين أن الحركة الإحتجاجيّة تراجعت على المستوى التنظيميّ بعد مرور 16 يوماً على بداية الإضراب وعدم تمكّن الأساتذة من تحقيق أيّ نتيجةٍ إيجابيّة. كما رأوا أن كثرة المطالب التي وضعتها اللجان ستحول دون تنفيذ أيٍّ منها، وفضّلوا قبض رواتبهم على الإضراب. وعليه، إستمر هذا الأخير بشكلٍ جزئيّ في عددٍ من المناطق.
التظاهرات الطلابيّة تعيد الأساتذة إلى الإضراب
إعتقدت السلطة أنها قد نجحت في القضاء على التحرّك، وصبّت إهتمامها في التحضير للإنتخابات النيابيّة. لكنها فوجئت بتحرّك طلّاب المدارس الرسميّة خارج بيروت. إرتأى هؤلاء مساندة مطالب أساتذتهم /نّ، فأرسل تلامذة تكميليّة جديدة المتن برقيّة إلى فرنجية إعتبروا فيها أن “طلّاب لبنان مشرّدون بسبب تعنّت وزير التربيّة وعدم الإسراع في تنفيذ مطالب المعلّمين المحقّة”. وفي زحلة، تظاهر حوالي ألفي طالب تأييداً لمطالب المعلمين وهتفوا: “سكابا يا دموع العين سكابا… على صائب وأبو حيدر وسابا[9]“.من جهة أخرى، نظّمت الهيئة التعليميّة في النبطيّة، بالإشتراك مع طلّاب دار المعلّمين والثانويّة، مسيرةً صامتةً تأييداً للمعلمين. وفي صور وبعلبك وبنت جبيل، تظاهر الطلّاب والمعلّمون والأهالي، ورفعوا شعارات منها: “تنفيذ مطالب المعلّمين يعني عودتنا السريعة إلى الصفوف[10]“.
نجحت هذه التظاهرات في حثّ أساتذة بيروت على العودة عن وقف إضرابهم، فأصدروا بياناً دعوا فيه الأهالي إلى “تفهّم الإضراب الهادف إلى رفع شأن التعليم الرسميّ”. واستنكروا “القرارات التي إتخذها المسؤولون، والقاضية بحسم أجور أيام الإضراب[11]“. بفضل التلامذة، عاد الأساتذة وقرّروا التصعيد بعد يأسهم من تجاوب الحكومة. فدعوا إلى مسيرةٍ صامتة في 11 شباط 1972 تنطلق من أمام كليّة الآداب في الجامعة اللبنانيّة – الأونيسكو إلى السراي الحكوميّ. ضمّت التظاهرة حوالي 8 آلاف شخص بينهم طلّاب من الجامعتين “اللبنانية” و”بيروت العربيّة”، ووفودٌ من الطلّاب والمعلّمين من المحافظات الأربع. حمل المعتصمون حوالي 35 لافتةً كتبت عليها شعاراتٌ عدّة مثل: “الحسم، النقل، الصرف: تزيدنا تمسكاً بمطالبنا” و”نريد من الذين يمثلون عليكم ولا يمثّلونكم أن يعطونا حقّ إنشاء رابطة”. وأصرّ أحد الأساتذة على رفضهم تحقيق زيادة الرواتب عبر زيادة الضرائب. وردّد المتظاهرون هتافات ضد سياسة الدولة التربويّة، منها: “من تويني[12] لبو حيدر مطالبنا ما بتتغير”، و”بو حيدر عامل فارس بدو يلغي المدارس[13]“. وتلا محمود حيدر بياناً بإسم الأساتذة أكّد فيه أن “المعلّمين يتحمّلون مسؤوليتهم بكلّ جرأة وأمانة، ولن تثنيهم عن مواقفهم أيّ تهديدات أو إجراءات زجريّة، ويعلنون أن أيّ عقوبة في حقّ أي مضرب تعتبر مسّاً بكرامة المعلّمين ولا تزيد الموقف إلا تعقيداً[14]“. إستمرت التظاهرات المواكبة للإضراب، فعاد الطلّاب والأساتذة إلى الإعتصام في طرابلس (3500 متظاهر) وزحلة (5000). في مواجهة هذا كله، بقي أبو حيدر متمسّكاً بموقفه، فرفض الإلتزام بجدولٍ زمنيّ لتحقيق مطالب الأساتذة، قبل حلّ الإضراب. كما لم يتخذ موقفاً صريحاً من الملاحقات والإجراءات القانونيّة التي اتُخذت بحقّ المعلّمين المضربين. لكن إصرار وزير التربية اصطدم بتظاهرةٍ ثانيةٍ ضخمةٍ مشى فيها المعتصمون إلى ساحة النجمة، حيث هدّدوا بمقاطعة الإنتخابات النيابيّة. أحاطوا بسيّارة رئيس مجلس النواب آنذاك كامل الأسعد خلال محاولته الخروج، وصرخوا: “حرامي حرامي[15]“. فطلب الأسعد مساندة رجال الأمن للخروج من بين الحشد.
وعد الوزير فعلّق الاضراب
في ظلّ الجمود والعجز عن طرح مخرجٍ للأزمة، قرّر نقيب الصحافة آنذاك رياض طه التدخّل بين الأساتذة ووزير التربية. وافق ممثلو لجان المحافظات على الإجتماع مجدّداً بأبو حيدر. وانتهت المفاوضات بموافقة الأساتذة على تعليق إضرابهم بعدما أظهر الوزير “تجاوباً صادقاً لدرس مطالب المعلمين وتحقيقها بروح طيبة”. وكان وزير التربية قد ردّ على مطالب الأساتذة بالتالي:
– زيادة الـ40% لحملة البكالوريا القسم الأول درجة إضافية، وحملة البكالوريا القسم الثاني درجتين. أما حملة البريفيه وشهادة دور المعلمين فيخضعون لدورات تدريبية، وعلى أساس نجاحهم فيها ينظر في شأن زيادة رواتبهم وقيمتها.
– الموافقة على إنشاء تعاونية.
– إقرار القانون المتعلّق بالتعويض بعد الوفاة.
– تعيين خبيرين لوضع دراسة تمهد لإنشاء صندوق المعلّم.
– تعليق مصير إنشاء الرابطة إلى حين الإنتهاء من إعداد النظام الداخليّ للمدارس الإبتدائيّة والتكميليّة[16].
– إحالة مسألة تثبيت المتعاقدين إلى مجلس الخدمة المدنيّة.
– توقيف الإجراءات بحقّ الأساتذة المضربين فور إنهاء الإضراب[17].
كما تقرّر تأليف لجنة متابعة، مكوّنة من 20 عضواً (4 عن كلّ محافظة)، ينتخبها المعلّمون، وتكون على إتصالٍ دائمٍ بمدير التعليم الإبتدائيّ. إستأنف الأساتذة التدريس في 22 شباط 1972، فيما أبدى مندوبو الجنوب إمتعاضهم من تعليق الإضراب، كما رفض مندوبو البقاع الإشتراك في لجنة المتابعة إحتجاجاً على التعليق.
مرّ الوقت واتضح أن هذه القرارات لم تنجح سوى بتأجيل الجولة الثانية من المواجهة إلى ما بعد الإنتخابات النيابيّة. فكما جرت العادة، لم تلتزم الحكومة بجميع وعودها، تماماً كجميع الحكومات التي لحقتها إلى حين إندلاع الحرب الأهلية في العام 1975. عاد الأساتذة إلى الساحات والإضرابات، سعياً لتحقيق كافة مطالبهم. والأسباب في ذلك عديدة، لعلّ أبرزها ضغط السلطة عليهم من خلال التهويل وإستعمال المواد المتعلّقة بمنع التظاهر والإضراب في نظام الموظفين، وتهديدهم بتجميد رواتبهم وطردهم من عملهم والسعي الدائم لشقّ صفوفهم وتحريض الأهالي والطلّاب عليهم.
وبالتالي، بقيَت السلطة تتحكم بمصير أساتذة التعليم الرسميّ، فماطلت لسنواتٍ قبل إقرار سلسلة رتب ورواتب مجحفة بحقهم في أواخر العام 1998. وها هي اليوم تعتمد السياسة عينها للتهرّب من تصحيح أوضاع هؤلاء الأساتذة وموظفي القطاع العام، من خلال التأجيل المستمر لمناقشة مشروع السلسلة الجديد، منح طلّاب الشهادات الرسميّة الإفادات بغية إفشال التحرّكات الإحتجاجية، والتهديد بتطبيق المادة 15 من نظام الموظفين لمنع الإساتذة من الإضراب، كما حصل عام 1973.
نشر هذا المقال في العدد | 39 | أيار/مايو 2016، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:
حالة إعتراضيّة ضد اعيان النظام.
[1]اضراب 13500 معلم في المدارس الابتدائية والتكميلية. جريدة النهار، 19 كانون الثاني 1972، ص. 6
[2]المادة 65 (معدلة وفقاً للمرسوم رقم 15703 تاريخ 6/3/1964 والقانون رقم 63/64 تاريخ 30/12/1964)
الحالات التي يعتبر فيها الموظف مستقيلا:
د- الموظف الذي يضرب عن العمل
.
أضيفت الفقرة التالية بموجب القانون رقم 63/64 تاريخ 30/12/1964
:
ويجوز في هذه الحالة تعيين بديلا عنه ممن تتوفر فيهم شروط التعيين للوظيفة التي كان يشغلها باستثناء شرط المباراة.
[3]المعلمون: حجزوا حرية 20 منا. جريدة النهار، 21 كانون الثاني 1972، ص. 6
[5]المعلمون: صامدون برغم التهديدات وحجز الحرية والملاحقات البوليسية. جريدة النهار، 22 كانون الثاني 1972، ص. 6
[6]مد وجزر في اضراب المعلمين. جريدة النهار، 22 كانون الثاني 1972، ص. 6
[7]رح نضربكم بس…مش رح نوجعكم. جريدة النهار، 28 كانون الثاني 1972، ص. 6
[8]غداً استئناف الدراسة والاضراب في الابتدائيات والتكميليات الرسمية. جريدة النهار، 30 كانون الثاني 1972، ص. 6
[9]اضراب في صيدا وتظاهرة في زحلة. جريدة النهار، 3 شباط 1972، ص. 6
[10]تظاهر اليوم وغداً تأييداً للمعلمين الرسميين. جريدة النهار، 10 شباط 1972، ص. 6
[11]المرجع المذكور اعلاه.
[12]اشارة الى غسان تويني، وزير التربية الاسبق.
[13]بو حيدر عامل فارس بدو يلغي المدارس. جريدة النهار، 12 شباط 1972، ص. 6
[14]المعلمون في مؤتمر صحافي: من 3 اعوام ونحن نطالب. جريدة النهار، 12 شباط 1972، ص. 6
[15]دعوة في تظاهرة المدرسين الى مقاطعة الانتخابات النيابية. جريدة النهار، 19 شباط 1972، ص. 6-11
[16] أنشأت الرابطة في أيار 1972.
[17]تراجع الوزير عن تصلبّه فعلّق المدرسون اضرابهم. جريدة النهار، 22 شباط 1972، ص. 6