كلمة لمؤتمر صحافي: نحو مشروع قانون لضمان حق السكن المفكرة القانونية، 31-3-2015


2015-04-01    |   

كلمة لمؤتمر صحافي: نحو مشروع قانون لضمان حق السكن المفكرة القانونية، 31-3-2015

صحيح أن قانون الايجارات القديمة أصبح غير عادل منذ تدني قيمة العملة الوطنية في منتصف الثمانينات. صحيح أنه ضمن حق السكن بشروط غير متكافئة، فظُلم مالكون واستفاد منه مستأجرون من ذوي المداخيل المرتفعة جدا. ولكن، في فترة اعداد القانون الجديد، كان يتعين أن يُعاد تحديد الشروط بشكل عادل، وفي حال الغاء الضمانة المعطاة للمستأجرين القدامى، استبدالها بضمانة موازية. وفي مطلق الأحوال، كان يتعين أن تفكّر الدولة بكيفية تحملها مسؤولية ضمان السكن للمواطنين على نحو يتناسب مع مداخيلهم، ضمن سياسة اسكانية للجميع وليس فقط للمستأجرين القدامى.

ما حصل هو تحرير المالك من عبء الاسكان من دون أن تأخذ الدولة على عاتقها هذا العبء الا بشكل مجتزأ، ملتبس، غير كاف وربما وهمي، مع ما يحتمل ذلك من أهداف خفية أو غير معلنة على صعيد الاستثمارات أو الفرز الطائفي والطبقي. وبالنتيجة، تم تجريد المستأجر من ضمانة السكن المتمثلة بالتمديد القانوني، من دون أن يُعطى أي ضمانات بديلة موازية.

فالأمران اللذين وضعا تخفيفا على المستأجرين القدامى هما:

–       رفع تدريجي للبدل لفترة معينة. وقد أدى تحديد بدل مثل مرتفع جدا (5%) الى الغاء هذه الضمانة أو التخفيف منها الى حد كبير. 

–       صندوق لمساعدة المستأجرين من ذوي المداخيل المتدنية. الا أن هذا الصندوق بقي فارغا وغير موجود بعد سنة من اصدار القانون. وهذا ما أسميناه في حينه سياسة الصناديق الفارغة. ومن المعبر جدا أنه بعد سنة من القانون، تتساءل لجنة الادارة والعدل البارحة، بحضور وزير المالية، للمرة الأولى عن كيفية ملئه. 

وبالطبع، تم وضع السياسة الاسكانية جانبا واستئخار التفكير فيها بحجة ضرورة انصاف المالك بسرعة.
ردود الفعل على هذا القانون جاءت صحية أكثر من مناقشته: فحق السكن الذي كان مغيبا، برز بشكل قوي ليس فقط في الخطاب العام انما أيضا في الكتابات الفقهية وبشكل خاص في القرار الصادر عن المجلس الدستوري. وهو حق لا تقل قيمته الدستورية عن حق الملكية. وهكذا، ومقابل قانونٍ عمد الى تقديس حق الملكية، ذهب الخطاب العام الى ابراز حق كان منسيا (هو حق السكن) الذي على الدولة أن تصونه. ومبادرتنا اليوم تأتي كتتمة وتكليل لهذا الخطاب العام، لتمنهج ردود الأفعال وتعمقها وتمأسسها ليس فقط للمستأجرين القدامى بل لجميع المواطنين من دون استثناء.

فمن دون التقليل من أهمية انصاف المالكين (والمقصود المالكين القدامى حقيقة)، يتعين الاقرار بأن العمل التشريعي أتى مبتورا ومبنيّا على معطيات مجتزأة وأحيانا غير صحيحة، بمعزل عن الضوابط الحقوقية الضرورية. ومن هنا، وتصويبا للمسار، وفي  ظل تفاقم الأزمة السكانية الراهنة، بدا ضروريا العمل على النحو الآتي:

–         اعتماد الشمولية في التشريع في اتجاه اقرار قانون موحد يتضمن أسس السياسة الاسكانية المراد ارساؤها كافة، وعلى أن يشكّل تنظيم الايجارات القديمة فصلا من فصوله. والفائدة من وضع مشروع قانون مماثل تتأتى من اعادة حق السكن الى واجهة التشريع والخطاب العام، وفي الاسهام في فرض رؤية أكثر شمولية وتكاملا وعدلا. ومن المهم أن تتمّ صياغة هذا القانون بشكل تشاركي ومنهجي ومتعدد الاختصاصات تعزيزا للمعرفة والتفاعل والتخاطب الاجتماعيين في هذا الشأن. ومن الأسئلة الواجب التحري عن أجوبة لها، الآتية:

o       ما هي السبل الممكن اعتمادها لضمان حق السكن للمواطنين في مختلف فئاتهم؟  

o       ما هي مسؤولية الدولة في تنظيم سوق الايجارات ضمانا لبدلات عادلة تتناسب مع معدل دخل الأفراد والعائلات؟

o       ما هي سبل تدخلها في سوق الايجارات، سواء للتأثير على العرض والطلب، أو لتحديد حد أقصى لبدلات الايجار في مناطق معينة؟ وما هي الشروط المؤسساتية والحوافز الضريبية الملائمة في هذا الاطار؟

o       ما هي مسؤولية الدولة في تأمين سكن لائق للفئات الهشة؟ وما هي امكانات الدولة في هذا المجال؟ وما هي الضوابط الواجب توفيرها ضمانا لمبدأ المساواة أمام القانون؟

o       ما هي العلاقة بين السياسة الاسكانية وسائر سياسات الدولة في مجال التنظيم المدني والدمج الاجتماعي؟ وما هي الضوابط الضرورية في هذا المجال؟

o       وبخصوص الايجارات القديمة، من هم المالكون القدامى؟ ومع التسليم أن كثيرا منهم تعرضوا للظلم، فهل ينطبق هذا الأمر على كبار المتعهدين الذين اشتروا مؤخرا شققا وأبنية مؤجرة اجارة قديمة بنصف ثمنها؟ وما هي نسبة هؤلاء؟ وهل يتعين معاملة هؤلاء بالتساوي مع سائر المالكين؟ ومن هم المستأجرون القدامى؟ هل هم فئة واحدة؟ وفيما أن بامكان بعضهم التجاوب مع شروط السوق من دون أي حاجة لتمديد زمني، ثمة فئات أخرى لا موارد هامة لها، كالمتقاعدين أو كبار السن أو المعوقين، وينتظر ان تقل مواردها مع مرور الزمن، مما يفرض حلولا مختلفة بشأنها. 

o       وما الى ذلك، من أسئلة ضرورية لوضع القانون المذكور.
 
–         بانتظار وضع قانون مماثل مع ما يفترضه من منهجية وفق ما أشرنا اليه أعلاه، الغاء قانون الايجارات الصادر في حزيران 2014 ووضع قانون مؤقت بتمديد عقود الايجارات المبرمة قبل 23 تموز 1992، على أن يتضمن أفكارا تصحيحية، انصافا للمالك القديم.  
 
أصحاب المبادرة: 

المفكرة القانونية،

الجمعية الاقتصادية اللبنانية،

الأشغال العامة

الصورة من أرشيف عبير سقسوق

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني