كلمة “المفكرة القانونية” ردًا على حملة الترهيب ضدّ الإعلام المستقل


2025-04-10    |   

كلمة “المفكرة القانونية” ردًا على حملة الترهيب ضدّ الإعلام المستقل

كلمة المحامية غيدة فرنجية مسؤولة التقاضي في المفكرة القانونية في المؤتمر الصحافي الذي عقده “تحالف حرية الرأي والتعبير في لبنان” اليوم الخميس 10 نيسان 2025 .

نهايتكم قريبة” بهذه العبارة اختتم الإعلامي جو معلوف فقرته خلال برنامج “صار الوقت” على قناة “إم تي في” الأسبوع الماضي، توّجه فيها إلى عدّة نوّاب ومنظمات، من ضمنها “المفكرة القانونية”، التي وصفها زميله الإعلامي مارسيل غانم بـ “المجموعات التخريبية”.

هذه العبارة التي تُظهر تحريضًا واضحًا وتهديدًا علنيًا في حقّنا تلخّص خطورة حملة الترهيب المنظّمة التي تتعرّض لها اليوم الأصوات الإصلاحية والمؤسسات الإعلامية المستقلة في لبنان، وفي مرحلة حساسة تشهد تحوّلات أساسية لمحاولة إنقاذ البلد ماليًا واقتصاديًا وأمنيًا واجتماعيًا.

إنّ أهداف هذه الحملة واضحة جدًا لنا وهي:

  • إضعاف قدرتنا على التأثير في مسار الإصلاحات من خلال التشكيك في مصداقيّتنا ونزاهتنا،
  • وتضليل الناس من خلال الترويج للمعلومات الكاذبة،
  • وتحريض الرأي العام من خلال خلق عدو وهمي،

كلّ ذلك بهدف قلب السرديّات لحرف الأنظار عن الخصم الفعلي الذي يريد أن ينقضّ على حقوقنا الاقتصادية والاجتماعية المشتركة من خلال: تحميل الدولة المسؤولية الكاملة عن خسائر القطاع المصرفي، وإعفاء بعض أصحاب المصارف من أي محاسبة عن مسؤوليتهم في الانهيار المالي الذي أضعف الدولة وأفقر المجتمع.

هذه هي الوسائل التي تستخدمها عادة الأنظمة التوتاليتارية القمعية بهدف نشر الرعب والفوضى والأكاذيب، ولتحويل الحقيقة إلى مجرّد وجهة نظر، فينجح الأقوى في تقسيم المجتمع والاستفراد بالمواطنين لتحقيق مصالحهم السلطوية. 

بالتالي، لا تنحصر خطورة هذه الحملة بكونها محاولة لاغتيالنا معنويًا كمنظمات وأفراد معنيين بالإصلاح والمحاسبة، ولكن تطال أيضًا الدولة والمجتمع ككل.

ونظرًا إلى هذه الخطورة، يهمّنا التأكيد على التالي: 

أوّلًا: نحن لسنا مخرّبين ولسنا أعداء المجتمع أو الدولة، بالعكس تمامًا، نحن من المدافعين عن الدولة والصالح العام وحقوق المجتمع، وهذا يضعنا بشكل طبيعي في مواجهة مع المافيات المتعدّدة التي استغلت الدولة وصادرت قرارها على مدى سنوات. هل “إم تي في” تدافع عن الدولة حين تسوّق لسردية جمعية المصارف ورياض سلامة الذي صدر قبل يومين في حقّه قرار ظنّي بجنايات اختلاس وسرقة أموال عامة والتزوير؟ وهل تدافع عن الدولة حين تتهجّم على كل قاضٍ يتجرّأ أن يتخذ أيّ خطوة لمحاسبة من شاركوا في الانهيار المالي ولحماية مصالح الدولة؟

ثانيًا: نحن نعتمد الشفافية حول مصادر الهبات التي نتلقاها وننشر ميزانيتنا وتقاريرنا المالية السنوية على موقعنا الإلكتروني ونصرّح عنها للدولة. هل “إم تي في” تقدّم حسابًا استثماريًا لوزارة الإعلام كما يلزمها القانون؟ 

ثالثًا: بصفتنا مؤسسة إعلامية حقوقية ومتخصّصة ومستقلة عن الأحزاب الحاكمة وعن لوبي المصارف، تخضع سياساتنا التحريرية لقناعاتنا ولمفهومنا للصالح العام، وتتمتّع باستقلالية تامة من دون تدخّل من قبل الجهات المانحة، ومنها مؤسسة المجتمع المفتوح. هل “إم تي في” وغيرها من المؤسسات المشاركة في هذه الحملة تتمتّع بالاستقلالية نفسها في سياساتها التحريرية تجاه مموليها؟ 

دفاعنا عن الدولة وشفافيتنا واستقلاليتنا ليس شعارات، إنّما هي مبادئ مُثبتة بأفعالنا وجهودنا القانونية والإعلامية والبحثية على مدى 15 سنة وبالتعاون مع العديد من الشركاء، من ضمنهم أعضاء “تحالف حرية التعبير” المجتمعين اليوم. فحين نعمل لاستعادة الدولة الأملاك البحرية من عكار إلى الناقورة، نكون نساهم  في بناء دولة قوية. وحين نعمل لصياغة 3 اقتراحات قوانين لتعزيز استقلالية القضاء العدلي والمالي والإداري وفقًا لأعلى المعايير الدولية، نكون نساهم ببناء دولة القانون. وحين نقف في مواجهة كلّ العراقيل التي يواجهها التحقيق في تفجير المرفأ، نكون نساهم ببناء دولة المحاسبة. وحين نقف إلى جانب ضحايا الجرائم المالية والبيئية، والحراكات المطلبية الاجتماعية والاقتصادية، نكون نساهم في بناء مجتمع أقوى وأكثر عدالة.

لكل هذه الأسباب، نحن نعتبر أنّ هذه الحملة المنظمة تضمّنت ارتكاب جرائم في حقنا، أبرزها التهديد والتعدّي على حقوقنا المدنية من خلال إعاقة إمكانيتنا عن التعبير عن رأينا ضمن بيئة آمنة تحترم الاختلاف، بالإضافة إلى نشر الأخبار الكاذبة والقدح والذم.

وبالتالي، تقدّمت اليوم المفكرة القانونية بدعوى قضائية ضد قناة “إم تي في” والإعلاميين مارسيل غانم وجو معلوف أمام محكمة المطبوعات كونها المرجع المختص في قضايا الإعلام.

نحن لجأنا للقضاء لمواجهة هذه الحملة، وندعو كلّ المواطنين، والإعلاميين بشكل خاص، إلى أعلى مستوى من التنبّه من الخطر الذي تتعرّض له الحرّيات العامة نتيجة أي تسامح مع هذا النوع من الترهيب والتهويل والتهديد. 

اليوم نحن ولكن غدًا أي جهة أخرى.

هذا هو حجم خطورة هذه الحملة، وعلى قدر الخطورة سنكون في المواجهة دفاعًا عن نفسنا ولكن أيضًا عن المجتمع والدولة والديمقراطية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، مؤسسات إعلامية ، نقابات ، حركات اجتماعية ، لبنان ، مقالات ، إعلام



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني