“
ما معنى أن يشعر سكان منطقة بأكملها أنهم مُحاصرون ومُطوّقون من قبل معامل ومصانع ومقالع تموضعت وانتشرت من حولهم بشكلٍ غالباً ما يوصف بأنه عشوائي وغير منظم؟
عندما بدأنا عملنا الميداني في شكا والكورة العام الفائت، لفَتنا أنّ أهلها يسمّونها “بلدات الطوق”، وهو مصطلح يُستخدم عادةً لفصل مكانٍ ما عن محيطه ومحاصرته من كافة الجهات من قِبل جهةٍ معادية.
أنشئت معامل الإسمنت على ساحل شكا والهري في ظل غياب رؤية تنموية متكاملة أو خطة توجيهية شاملة، وتوّسعت أعمالها من دون رادعٍ متجاهلةً البيئة وصحة الناس والمقومات الاقتصادية المحلية. لم تتمكّن الصناعات من أن تكون بديلاً مستداماً للزراعة والنشاط البحري كمصدرَين أساسيّين للدخل، وأصبحت المنطقة اليوم مثالاً قاتلاً لما تولّده السياسات العامة وسوء التخطيط في لبنان.
فالتفكير في التنمية والتخطيط في لبنان يتمّ دوماً على نطاقٍ جغرافي ضيقٍ وبشكلٍ مجتزأ. ورغم أنّ “الخطة الشاملة لترتيب الأراضي” الصادرة عام ٢٠٠٩ كانت مناسبةً لإعادة الطابع الوطني للسياسات العامة، فإنّ تمادي الإدارات العامة في الخروج مراراً عن المبادئ التي أرستها أدّى إلى تناقضاتٍ ومساوئ تؤثّر مباشرةً في حياة الناس.
لذلك بهدف التصدّي لهذه التحوّلات ودعماً لجهود المجتمع الأهلي في الكورة، نطلق هذه المسابقة المفتوحة لحشد حلولٍ بديلةٍ ودامجةٍ لمشكلة البيئة والاقتصاد المحلي والعمران في شكا وبلدات الطوق. كما تهدف المسابقة إلى أن تكون منصة لفتح نقاش حيوي حول التنمية المستدامة وغير المجتزأة في لبنان بشكل عام.
تُنظّم المسابقة بالتعاون بین “استودیو أشغال عامة” ونقابتي المهندسین والمعماریّین في بیروت وطرابلس، وبرعایة اتحاد بلدیات الكورة.
لمن تتوجه المسابقة؟
لأصحاب وصاحبات المهن المتخصصة والمؤسسات الأكاديمية الضليعين/ات في
التخطيط العمراني،
والمصممين/ات،
وعلماء وعالمات البيئة،
والزراعيين/ات،
والاقتصاديين/ات
بالإضافة إلى ذوي وذوات الخبرة في العلوم الاجتماعية والسياسات العامة،
من أجل الاستجابة لمفهوم التنمية المستدامة وحاجات الناس الآنيّة من فرص عملٍ واقتصاد محلي، من دون المساومة على الصحة والبيئة والموارد الطبيعية، آخذين بعين الاعتبار التحديات التالية:
– طغيان قطاعٍ اقتصادي على ما سواه
– التخطيط المُدني المجتزأ
– عدم تطبيق القوانين
– سطوة شركتي الإسمنت على شرائح اجتماعية معيّنة
– التدهور البيئي والصحي
ما هو نطاق التدخّل؟
تطرح المسابقة العمل على ثلاثة مواقع مهمة إنمائياً للمنطقة، وجدنا فيها قابليةً لتدخّلاتٍ تكمّل بعضها البعض.
١- سهل الكورة الأوسط: الذي تعرّض للحفر من قبل شركات الإسمنت من ستينيات حتى ثمانينيّات القرن الماضي بغرض استخراج مادة الأرجيل (الطين)، ما أوقع أضراراً جسيمةً في التربة وأشجار الزيتون.
٢- شاطئ شكا والهري: الذي تعرّض إلى آثارٍ سلبيةٍ نتيجة التلوث الحاصل وانتشار الصناعات والتعدّيات على الأملاك العامة البحرية.
٣– المقلع الممتد على نطاق بلدات شكا وبدبهون وكفرحزير: مع تجاهلٍ تامٍ لاعتبارات البيئة والصحة والمناظر الطبيعية.
ما المطلوب من المشاركين والمشاركات؟
العمل على ثلاثة مستويات:
لجنة التحكيم
الجوائز
ستقوم لجنة التحكيم بتقييم المشاريع المقدّمة واختيار عددٍ منها لتضمينها في معرض ومنشور/ كتاب. ويهدف المعرض والمنشور إلى زيادة الوعي وإطلاق نقاشٍ عامٍ يروّج لرؤىً وحلولٍ بديلةٍ تكون لها تبِعاتٌ على المستوى الوطني بما يتجاوز المنطقة المعنية بالمسابقة.
يحوز الفائزون/ات بالمسابقة على جائزةٍ نقديةٍ قدرها 10000 دولار أميركي وشهادات إنجازٍ وتقدير، بالإضافة إلى تضمين المشاريع المشارِكة في المعرض والمنشور، على أن تقرّر لجنة التحكيم كيفية توزيع الجائزة النقدية على الفائزين/ات.
التسجيل
أبواب التسجيل للمسابقة مفتوحة عبر الموقع الالكتروني www.beyondcement.org
وذلك من 16 أيلول/ سبتمبر 2019 إلى 15 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
ويُترك المجال للمشاركين/ات بطرح الأسئلة لغاية 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 عبر البريد الالكتروني [email protected]
يمكن للمشاركين تحميل موجز المسابقة وكذلك الملفات والمعلومات الوفيرة الخاصة بها (خرائط، دراسات…) مباشرةً عبر الموقع الالكتروني.
ندعو الجميع للعمل سوياً وتوظيف خبراتهم/ن وخلفياتهم/ن المتعددة في قضيةٍ وطنيةٍ لا تقتصر على السياق المحلي، ومن أجل تعزيز حسّ الانخراط في الشأن العام.
نأمل من هذه المسابقة أن تساهم في دعم جهود المجتمع الأهلي والحراك القائم في الكورة، وفي تشكيل تحالفاتٍ واسعة النطاق للمناصرة من أجل بيئةٍ غير إقصائيةٍ وملائمةٍ للعيش، ورؤيةٍ تنمويةٍ تحكمها مبادئ العدالة الاجتماعية بدلاً من المصالح الاقتصادية المحدودة.
“
