Time in the Shadows- Confinement in Couterinsurgencies- Laleh Khalili
Stanford University Press, 2012.
تروي لاله خليلي الباحثة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن ممارسات الاحتجاز والحبس في أعقاب الحرب على الإرهاب. وهي تركّز بالأخص على سياق عمليات مكافحة التمرد التي قامت بها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. يستعرض الكتاب تطور هذه الاستراتيجيات كاشفا عن امتدادها لممارسات الحروب الاستعمارية. لذلك، ليس من المفاجئ أن تستند العقيدة العسكرية التي تحكم مكافحة التمرد الأمريكية اليوم بالأساس على وعي الممارسين لها العميق بالتجارب التاريخية الاستعمارية السابقة واستحضارها للتعلم منها. تكمن أهمية كتاب خليلي في مقاربته المعتمدة على المنهج التاريخي المستوحى من فوكو لتحليل أصول وتطور أنماط الحبس والاحتجاز من خلال دراسة معمقة لسياقات جغرافية متعددة في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. وخلافاً لادّعاءات منظري عمليات مكافحة التمرّد، التي تزعم أنّ الهدف منها هو تأمين السكان وحمايتهم، تدحض خليلي هذه الافتراءات معتبرة أن السجن هو جزء لا غنى عنه من عمليات مكافحة التمرد التي تقودها الأنظمة الليبرالية مع استحضار واضح للقانون والشرعية كهيكلة بنيوية لسلوك الحرب.
فالاعتماد على الاحتجاز والحبس كتكتيكات مركزية لمكافحة تمرّد السكان تحديداً يكشف تناقضات الحرب غير المتكافئة في علاقة بما يسمّى بدول العالم الثالث. هذه الممارسات غير الليبرالية، وفقًا للخليلي، محورية جدًا في عقيدة وأداء حرب مكافحة التمرد وليست حالات استثنائية ضلّت فيها الأنظمة الليبرالية طريقها. لا بل هي مكوّنات أساسية في إنتاج النظام الليبرالي على المدى الطويل وبخاصّة حين تسعى دولُه إلى التوسّع خارج حدودها. وعليه، نرى أن القانون حاضر في ممارسة الحبس والاحتجاز، بدرجات متفاوتة، وأن التركيز على الخطاب القانوني يؤدّي في حالات كهذه إلى شرعنة الانتهاكات والفظائع التي تمارس بحقّ المدنيين والمقاتلين. وعليه، تصبح الجيوش منظّمات بيروقراطية، تخضع لنفس الإجراءات الإدارية التي تخضع لها الشّركات. فالقانون ليس منفذًا للعدالة بل هو موظّف أساسًا لشرعنة السّلطة.
يتناول الكتاب أربعة أنماط من الاحتجاز والحبس لفهم آليات الحروب غير المتكافئة هذه. الأول هو الاحتجاز خارج الحدود الإقليمية مثل سجن غوانتانامو والتي تكشف الطرق التي يصنف بها القانون الدولي المحتجزين عبر اعتماده على معيار “الحضارة”. فتبحث الكاتبة في هذا الصدد في المرجعية الاستعمارية الكامنة في الأعراف الأكثر شيوعاً والمعتمدة كحجج قانونية لتبرير الاحتجاز في إطار مكافحة التمرد وهي استخدام سوابق المعتقلين لتبرير التجاوزات في حقّهم. وعليه فإننا لسنا في حضرة غياب للقانون بل نحن أمام فائض من القوانين المدافعة عن نفوذ دول الشمال. النمط الثاني هو السجون التي تدار بالوكالة فيكون الهدف منها هو إبقاء المحتجزين غير مرئيين والسيطرة غير المباشرة عليهم من قبل وكيل. يوفر هذا الوضع ذريعة مريحة للتنصل من ممارسات العنف البشعة في حقهم. أما النمط الثالث فهو اعتقال المقاتلين والتي تُستعمل فيها إجراءات دقيقة لا تتطلب مهارة أو تفكيرا من قبل الجنود المعنيين بتنفيذها مثل التعذيب للحصول على معلومات أو التحكم في الغذاء بهدف التجويع بالإضافة إلى برامج “إعادة تأهيل المعتقلين”. وهنا لا تعتبر خليلي إن تفشي العنف هو مجرد سلوك سيئ يقوم به مخالفون للقانون، بل هو نتيجة لتسرّب العنف بشكل منهجي من خلال تخوم القانون عبر التشريعات المنظمة للمحاكم العسكرية والقوانين الاستثنائية والأحكام العرفية… وأخيراً معسكرات الاعتقال الجماعي للمدنيين والتي غالبًا ما يتم تقديمها كحل عسكري تكتيكي، بينما هي أضحت مشروعًا ضخمًا لإعادة تشكيل المجتمعات. وتهدف تدابير السيطرة والانضباط فيها إلى إجبار الشعب المحتل على الاعتراف بالهزيمة والاعتراف بقهره.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.