كامل نتائج الجلسة التشريعية أيار 2020: محاصصة العفو العام تطيّر الجلسة بعد مناقشة 11 من أصل 37 مقترحا “مظلومية” النوّاب وخوفهم من كيدية القضاء غير المستقل تصون سريتهم المصرفية

كامل نتائج الجلسة التشريعية أيار 2020: محاصصة العفو العام تطيّر الجلسة بعد مناقشة 11 من أصل 37 مقترحا “مظلومية” النوّاب وخوفهم من كيدية القضاء غير المستقل تصون سريتهم المصرفية

عقدت الهيئة العامة للمجلس النيابي جلسة تشريعية بتاريخ يوم 28 أيار. وقد ورد على جدول أعمال الجلسة 37 بنداً متعلّقاً باقتراحات أو مشاريع قوانين معروضة على الهيئة العامة لإقرارها. وقد بدا واضحا عند النظر في انشغالات النواب طوال الشهر السابق واجتماعاتهم الموسعة والمتعددة في اللجنة الفرعية للجان المشتركة ومجريات الجلسة نفسها، أن اقتراح قانون العفو العام هو البند المركزي في جدول أعمال هذه الجلسة. وخير دليل على ذلك هو أن الإختلاف حول هذا البند أدى عمليا إلى تطيير الجلسة برمّتها في حين كان النواب ما يزالون في معرض مناقشة المقترح الوارد في البند 11 من جدول أعمال الجلسة من أصل 37 بندا.

وكان جدول الأعمال تكوّن بنسبة 78% من اقتراحات قوانين معجلة ومكررة (29 من أصل 37)، وهي اقتراحات تبلغ الهيئة العامة للمجلس بصورة مباشرة من دون أن تخضع مسبقا لأي نقاش في اللجان النيابية. كما أن أكثر من نصفها (15) تم تقديمها خلال الأسبوع الفائت تمهيدا لإدراجها على جدول الأعمال، وعمليا من دون أن يتسنّى لأحد الاطلاع والتعليق عليها. من جهة أخرى، إن 27 من أصل مجموع البنود البالغ 29(93%)  تمّ تقديمها من نائب بمفرده (16) أو من أكثر من نائب ينتمون إلى كتلة واحدة (11)، علما أن 9 منها تم تقديمها من نواب منفردين ومستقلين عن أي كتلة وأن 9 اقتراحات أخرى تم تقديمها من نائبين. ومن شأن هذا الأمر أن يؤشر إلى أن غالبية هذه الإقتراحات لم تشهد أي نقاش، حتى داخل الكتل نفسها، وأن إثنين فقط منها شهدا نقاشا بين نواب ينتمون إلى أكثر من كتلة وهما اقتراحي الكابيتال كنترول وتعيين عميد في الجمرك.

نستعرض في ما يلي أبرز نتائج الجلسة المجهضة وحصادها الهزيل بنتيجة مناقشة 11 بندا من أصل 37 مقترحا ورد على جدول أعمالها: فقد تم إقرار 7 مقترحات أبرزها اقتراح رفع السرية المصرفية عن العاملين في القطاع العام بعد إفراغه من مضمونه واقتراح التعيينات في وظائف الفئة الأولى؛ فيما تم بالمقابل إسقاط مشروع قانون وهو الموافقة على انضمام لبنان إلى المنظمة الدولية للهجرة وإسقاط صفة العجلة عن مقترحين أبرزهما اقتراح قانون “الكابيتال كنترول”؛ فضلا عن تأجيل البحث في اقتراح قانون العفو العام بعد اتضاح عدم نضوج التوافق حوله.

  • سقوط “العفو العام”

هنا يجدر التذكير أنه كان قد تمّ إدراج إقتراح العفو العام في صيغته الأصلية (اقتراح ياسين جابر وميشال موسى) على جدول أعمال أول جلسة تشريعية للمجلس النيابي بعد الثورة التي كان من المفترض عقدها في 12 تشرين الثاني 2019. وفيما هو شكّل آنذاك مدعاةً لإسقاط هذه الجلسة والجلسة التي أعقبتها (19 تشرين الثاني)، عاد مكتب المجلس ليُدرج الإقتراح نفسه على جدول أعمال الهيئة العامة في 22 نيسان 2020 من دون أي تعديل، حيث تم إسقاط صفة العجلة عنه. تبعا لذلك، واستجابة لتوجيهات رئيس المجلس نبيه بري، خصصت غالبية اجتماعات النواب خلال الشهر المنصرم داخل اللجان المشتركة لمناقشته وتدوير زواياه، بهدف الوصول إلى توافق سياسي مشترك. وفيما أقرت اللجان المشتركة صيغة جديدة للإقتراح بتاريخ 19 أيار 2020 تم توزيع صيغة معدّلة له في بداية الجلسة على النواب من دون أن يتضح مصدرها وكيفية إقرارها.

وفيما سجلت “المفكّرة” عدول الإقتراح في صيغته الأخيرة عن الكثير من الإعفاءات الخطيرة (أهمها التهرب الضريبي والجرائم البيئية وجرائم التعذيب.. الخ…)، فإنها وضعت ملاحظات عدة على النسخة المطروحة على النقاش أهمّها الآتية:

  • أنه يأتي بغياب أي إصلاح. فلا المظالم القضائية المدعى بها أتت مع إصلاح قضائي. ولا إهمال الدولة لمناطق أتى مع مشاريع تنموية. وكلها أمور تمهد عمليا لتكرار الأفعال الجرمية والمظالم نفسها،
  • أنه عفو سياسيّ وطائفيّ هدفه استمالة كل زعيم لطائفته وإيفاء وعود إنتخابية أملاً في ترميم مكانة الزعامات تبعاً لثورة 17 تشرين ضمن بيئاتها الإجتماعية – فئة الإسلاميين الذين تمت ملاحقة مئات منهم في قضايا الإرهاب والإنتماء لجمعيات أشرار – وهي فئة يعمل تيار المستقبل على استرضائها- والمنخرطين في زراعة المخدرات وتجارتها في بعلبك الهرمل – وهي فئة تهمّ بالدرجة الأولى الثنائي الشيعي- ، بالإضافة إلى عملاء إسرائيل وعوائلهم والذين فروا إليها في 2000 – وهي فئة تهمّ بالدرجة الأولى التيار الوطني الحرّ- )
  • أنه عفو ذاتي قائم في العديد من الحالات المقلقة، وأهمها الآتية: إعفاء جريمة الاستيلاء على الملك العام المنصوص عليها في المادة 737 من قانون العقوبات، وإعفاء جرائم التعدي على الحقوق والواجبات المدنية (329 من قانون العقوبات وتوابعها) وجرم التهويل (مادة 649 عقوبات)
  • أنه عفو طبقي من خلال فرض شرط موافقة الضحية للإستفادة من العفو في جميع الجرائم التي تؤدي إلى ضرر جسدي أو مادي. ومن شأن هذا الشرط أن يؤدي إلى تمييز طبقي بين المستفيدين من العفو، وفق قدراتهم المالية على استرضاء الضحية؛ فضلا عن مجموعة من الإستثناءات التي غالبا ما تستهدف الفئات الأقل حظوة، ومن أبرزها بعض جرائم التشرد (التي تشكل أحد رموز معاقبة الفقر) وجرائم المس بالأخلاق العامة (ومنها جرائم الدعارة والزنى والمثلية) والتي غالبا ما تقتصر ملاحقتها على الطبقة الأقل حظوة.
  • أنه عفو عن جرائم لم ترتكب بعد، بحيث أن قانون العفو نص على أنه ينطبق على الجرائم التي يشملها والمرتكبة قبل نفاذه أي قبل نشره في الجريدة الرسمية، وهو أمر يحصل إجمالا بعد شهر من إقرار القانون. (وهو أمر تم تصحيحه في النسخة المنقحة للإقتراح والموزعة في بداية الجلسة).

بدأ النقاش بقانون العفو العام في الجلسة النيابيّة المسائيّة. أثناء المناقشات طالبت وزيرة العدل ماري كلود نجم بإضافة عبارة “الدعاوى المحرّكة مباشرة بالإدعاء بالحقّ الشخصي” بحيث لا تعفى الجنح والجنايات المشمولة في القانون في حال وجود دعاوى مباشرة، فيما أن الصيغة الحالية لا تعفيها في حال وجود دعوى حق شخصي تبعا لدعوى الحق العام. كما طالبت بحذف المواد 140 و141 و143 من القانون 673/98 بحيث لا يشملها الإعفاء وهي جرائم التعدي على الموظّفين العموميين . كما طالبت بأن تضاف إلى لائحة الإستثناءات عن العفو في المادة الثانية المواد المتعلّقة بالإغتصاب والتهويل (المادة 649 من قانون العقوبات)، وأيضا بزيادة المادة 737 من قانون العقوبات ضمن الاستثناءات المشمولة في البند 15 من المادة الثانية من الاقتراح والمتعلق بالجرائم على أملاك الدولة في اقتراح القانون (وهما أمران كانت المفكرة أشارت إليهما). وطالبت بزيادة البند 16 إلى المادة الثانية من الإقتراح بحيث يشمل الجرائم الواقعة على السلطة العامّة (الفصل الثاني من الباب الثالث من الكتاب الثاني).

واعتبرت وزيرة العدل أنّ المادة 8 من اقتراح القانون التي تجعل من وزير العدل مشرفا على آلية عودة العملاء تخالف مبدأ فصل السلطات وطالبت بترحيلها إلى الحكومة. كما اعتبرت أنّ المادة 9، التي تعفو عمّن لم يشمله العفو في المادة الأولى في حال قضى ثلاثة أرباع محكوميّته، تخرج عن مفهوم العفو العامّ وهي تدخل ضمن مجال تنفيذ العقوبات.

أمّا النائبة بوليت يعقوبيان فطالبت بالإعفاء من المخالفات أسوة بالإعفاء عن الجنايات والجنح. فاعترض النائب هادي حبيش على ذلك متذرّعا بأنه ليس هناك سجناء لارتكابهم مخالفات. كما أن هذا الإعفاء سيؤدي إلى تخلي الدولة عن عائدات هي بأمسّ الحاجة لها.

أثار النائب أسعد حردان مسألة عودة العملاء واعتبر أن هناك آلية لإعادتهم عبر الصليب الأحمر وأن وضع آلية يلتزم بها المواطنون ستشعرهم بالإهانة. عندئذ تدخّل رئيس مجلس النواب نبيه بري وطالب بأن يظهر المجلس لجميع المواطنين الوحدة الوطنية عبر إقرار القانون بمادة واحدة، الأمر الذي رفضه النائب أسعد حردان.

هنا تدخّل النائب جميل السيد وسأل النائب ميشال معوّض إذا ما كان يقبل بترحيل الآلية إلى الحكومة. وتكلم عن إجماع كان حاصلا على المسودّة. وطالب إما بإرجاء التصويت أو الإجماع عليه. وتدخّل النائب جبران باسيل بالقول أن كتلته ضدّ العفو عن الجرائم. وأنها قبلت بالنقاش للمصلحة العامة. لكن النقاش قد حصل ولم يصل إلى نتيجة ما يدفعها لمعارضة الإقتراح. عندئذ رفع رئيس مجلس النوّاب نبيه بري الجلسة لمدّة عشرة دقائق. امتدّت لمدّة خمسة وعشرين دقيقة، عاد من بعدها النوّاب ليعلن رئيس المجلس تأجيل النظر بهذا الإقتراح.

رغم تغيّر صيغ الإقتراحات وتدخّل العديد من النواب والتقنيين لتشذيبها من العديد من الأحكام (وليس كلها) التي تشكل عفوا عن الإعتداءات السافرة على الأملاك العامة، يبقى أن تعميق روابط الزبائنية يفتح أمام القوى السياسية المعنية مجالات واسعة للعفو الذاتي. وما يزيد من قابلية هذا العفو للإنتقاد، هو أن هذا الهوس باستمالة الفئات المذكورة جاء منعزلا عن أي تفكير حقوقي أو اجتماعي. من هذا المنطلق، يأتي سقوط الإقتراح بمثابة انكسار جديد لنظام المحاصصة.

  • مقترحات متعلّقة بمكافحة الفساد ووقف الهدر:

التمسك بالسرية المصرفية يكشف عدم صدقية تشريعات مكافحة الفساد

اتّضح خلال الجلسة انعدام النية والجدية لدى البرلمان في مكافحة الفساد. ففيما دأبت القوى السياسية كلّها في اللجان النيابية وفي الهيئة العامة على تشييد بناء تشريعي يتبنى عنوان “مكافحة الفساد” – وقد تنافست كلّها لحمل رايته والمزايدة فيه ترميماً لقواعدها التي تضعضعت مع ثورة 17 تشرين واسترجاعاً “لثقة المجتمع الدولي” – فإن النتيجة التي أسفرت عنها مناقشة قانون “رفع السرية المصرفية” جاءت بمثابة دليل قاطع على انعدام الإرادة السياسية في مكافحة الفساد. ويتأكد ذلك من خلال عدم إدراج مشروع قانون الإثراء غير المشروع ولا اقتراح قانون استرداد الأموال المنهوبة واللذين كان تم إنجازهما من قبل اللجنة الفرعية للجان المشتركة من دون أن تصادق عليهما هذه الأخيرة بفعل انشغالها إلى حد الهوس بقانون العفو العام. كما لم يتمّ إدراج الإقتراحين المعجلين لجعل نقاشات اللجان النيابية علنية، وهو أمر أساسي لتعزيز شفافية العمل التشريعي. هذا فضلا عن التأخر غير المبرر في مناقشة اقتراح قانون استقلال القضاء وشفافيته في لجنة الإدارة والعدل.

كما ومن المؤشرات الخطيرة جدآً مزايدة النوّاب في التشكيك باستقلال القضاء وفي المظلومية والخوف من كيديّته. لابل تم استخدام “اقتراح قانون استقلالية القضاء” كحجة لنسف أو تأخير الإصلاحات، في حين أن البرلمان نفسه يتباطأ من خلال لجنة الإدارة والعدل وبشكل غير مبرّر في درس الاقتراح المذكور. المؤشّر نفسه ينسحب على “هيئة مكافحة الفساد” التي تستخدم كشمّاعة تعلّق عليها جميع الصلاحيات الإجرائية والتفعيلية لقوانين مكافحة الفساد – وهي هيئة لم تنشأ بعد ومشكوك باستقلاليتها حيث أن 4 من أعضائها ال6 معيّنون من مجلس الوزراء – لتبرير المضي بالممارسات غير الشفافة والمؤسسة للفساد، آخرها جعل رفع السرية المصرفية وقفا عليها، وعلى هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان.

وكانت 3 اقتراحات مرتبطة بمكافحة الفساد قد طُرحت ضمن البنود ال11 الأولى التي جرت مناقشتها وتصديقها جميعها. وهي:

  • تقويض رفع السريّة المصرفية عن العاملين في القطاع العام

خلال السنة االمنصرمة، سجّل النواب أكثر من إقتراح  معجل مكررمتعلّق بتعديل نظام السريّة المصرفية (تكتل لبنان القوي من جهة والنائبين بوليت يعقوبيان وسامي الجميّل من جهة أخرى)، تمّت دراستها في اللجان النيابيّة، بعد إسقاط صفة العجلة عنها في الهيئة العامة في جلسات مختلفة. آخر هذه الإقتراحات، الإقتراح الذي قدمه ميشال ضاهر وأسقطت صفة العجلة عنه الهيئة العامة في جلستها المنعقدة بتاريخ 21-22/4/2020. وكانت اللجنة الفرعيّة المنبثقة عن اللجان المشتركة برئاسة النائب إبراهيم كنعان قد درست الإقتراحات المختلفة (إقتراحي كتلة لبنان القوي والنائبين يعقوبيان والجميّل) وتوصّلت إلى إقتراح قانون موحّد برفع السرية (كاستثناء على المبدأ) بالنسبة للقيمين على خدمة عامة، بعدما رفضت اقتراح ضاهر على خلفية أنها ترمي إلى إلغاء السريّة المصرفيّة بشكل تامّ. وهذا ما تمّ إقراره في اللجان المشتركة. وكانت “المفكرة” قد فنّدت مسار القانون والملاحظات على الصيغة التي وصلت إلى الهيئة العامة.

خلال جلسة أيار 2020، صدّق اقتراح القانون الرامي إلى رفع السريّة المصرفيّة عن العاملين في القطاع العام والمتعاملين معه كما عدلته اللجان المشتركة في 21/05/2020، ولكن بعد تعديل المادة الأولى من الفقرة الثالثة “أ” منه بحيث لم يعد يسمح للقضاء برفع السرية هذه، إنما أصبح رفع السرية وقفا على قرار يصدر إما عن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (التي لم تنشأ بعد) وإما عن هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان (وهي تتمتع بهذه الصلاحية والتي رفضت ممارستها في سياق النظر في تحويل الرساميل إلى الخارج).

بهذا التعديل، يكون المجلس النيابي قد أفرغ أحد أهمّ القوانين الإصلاحيّة من جزء كبير من مضمونه حيث أنّه نزع من القضاء صلاحية رفع السرّية المصرفية تحت ذريعة التخوّف من “كيديّة بعض القضاة” في ظلّ مناخ قضائي غير سليم سائد بسبب عدم إقرار قانون استقلالية القضاء بحسب ما رشح عن النقاشات النيابية. وللتذكير، كانت اللجان المشتركة قد وجّهت أول ضربة للقانون بصرف النظر عن الحسابات في الخارج وحصر رفع السرّية بالحسابات داخل لبنان.

خلال النقاش البرلماني، اتفق جميع النوّاب على مدى أهمية هذا القانون وضرورة إقراره إلّا أن أكثرية الأصوات (كتلة المستقبل، الحزب الإشتراكي، حركة أمل…) علت في المجلس لتطالب بنزع صلاحية رفع السرية المصرفية من يد القضاء تحت ذريعة الخوف من الممارسات الكيدية والإنتقاميّة وضرورة إقرار قانون استقلالية القضاء قبل هذا القانون. وطالبوا بحصره هذه الصلاحية بيد الهيئة الوطنية لمكافحة لفساد وهيئة التحقيق الخاصّة. كما طالبوا برفع عقوبة الحبس والغرامات على المشهّرين، بما يذكر بالعقوبات القاسية التي كان المجلس فرضها على المشتكين في قضايا الإثراء غير المشروع في حال ثبت عدم صحتها.

وكان أبرز المدافعين عن هذا التوجّه النائب وائل أبو فاعور الذي استرسل في شرح الممارسات الكيدية للقضاء: من خضوعه لأحد وزراء العدل، إلى قضية قبر شمون وقرار توقيف أورور فغالي وسركيس حليس وقضية الفيول المغشوش إلى تصريحات نادي القضاة. كما صرّح رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنّ في لبنان قضاة لا قضاء. وطالب النائبان أنور الخليل وهادي حبيش بنزع صلاحية رفع السرية المصرفيّة من القضاء.

في المقابل، طالبت وزيرة العدل ماري كلود نجم وقلّة من النواب بالإبقاء على هذه الصلاحية. من هؤلاء، النائبة بوليت يعقوبيان والتي اعتبرت الإقتراح إيجابيا حتى وإن اعتبرت النسخة غير مطابقة تماماً لما جرى الإتفاق عليه في اللجان المشتركة. ومنهم، النائب جورج عقيص الذي طالب حتى بالسماح للهيئات الضريبية برفع السرية المصرفيّة. ومنهم النائب سامي الجميّل الذي اعتبر عدّة مرات خلال الجلسة وبعد إقرار القانون أنّه كان من الأفضل التروي أكثر في إقراره على إقراره بهذه الصيغة. ومنهم أيضا النائب حسن فضل الله الذي اعتبر أنّه في حال نزع هذه الصلاحية من القضاء نصبح أمام قانون مفرغ من مضمونه حيث أن نصوصا أخرى سمحت أصلا بنزع السريّة المصرفيّة من قبل هيئة التحقيق الخاصّة وهيئة مكافحة الفساد. وقد أشار إلى أن رفع السرية المصرفية على عكس الملاحقة لا يعرّض الحصانات الدستورية.

من ناحية أخرى، طالبت النائبة بوليت يعقوبيان إما بضّم كل أشخاص القطاع الخاص إلى الإستثناءات على مبدأ السرية المصرفية أو إخراجهم جميعا في حين اعتبرت وزيرة العدل أن شمول المتعهّدين وكلّ الجمعيات وليس السياسية فقط منها أمر أساسي.

أمّا النائب جميل السيد فاعتبر هذا القانون عودة إلى الوراء لأن رفع السرية في الفقرة الثانية يبقى ساريا على المعنيين بهذا القانون فقط لخمس سنوات بعد ابتعادهم عن مناصبهم فيما لا مرور زمن على جرائم قانون الإثراء غير المشروع.  كما طالب برفع الغرامة على المشهّرين وزيادة مدّة الحبس.

وأخيرا أوضح النائب ابراهيم كنعان أن عبارة “الإستثناء” المذكورة في الفقرة 2  من المادة الأولى التي انتقدها معظم النواب في معرض كلماتهم إنما تعبّر عن طبيعة النص الذي هو استثناء على قاعدة السريّة المصرفيّة التي أتت في قانون 03/09/1956.

  • قانون الشفافية والكفاءة في تعيين الموظفين العامين: حصر استنسابية الوزير ومجلس الوزراء في التعيينات

صدّق اقتراح القانون الرامي إلى تحديد آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامّة وفي المراكز العليا في المؤسسات العامّة” المقدّم من النائب جورج عدوان في 9/9/2019 والمعدل في لجنة الإدارة والعدل.

وكانت “المفكّرة” قد انتقدت الصيغة الأخيرة للإقتراح، معتبرة أنّ من شأن التعديلات التي أدخلتها لجنة الإدارة والعدل على صيغته الأصلية (وأهمها تمكين الوزير من إضافة أسماء جديدة على المرشحين الذين يتم اختيارهم وفق الآلية المحددة في القانون، وأيضا تمكين مجلس الوزراء رفض تعيين أي من المرشحين الذين يتم اختيارهم وفق الآلية المذكورة) أن تفرغ القانون من جوهره. كما كانت “المفكرة” انتقدت استثناء الصيغة المعدّلة “من تطبيق الآلية المذكورة في هذا القانون ملء وظائف الفئة الأولى الشاغرة في المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء ورؤساء وهيئات الرقابة”.

وبنتيجة النقاش في الهيئة العامة للمجلس، تم إدخال ثلاثة تعديلات أساسية:

  • أوّلا تمّ إسقاط التعديل الذي كانت أضافته لجنة الإدارة والعدل والرامي إلى إعطاء الوزير إمكانيّة إضافة إسم على لائحة المرشحين. وهو أمر يذهب في الاتجاه الجيد، حيث أن إبقاء هذه الصلاحية كان ليجرد عمليا الآلية من فعاليتها، من خلال تمكين الوزير من إسقاط مرشحين إضافيين بالباراشوت، من دون أن يتم مسبقا فحص سيرهم الذاتية ومؤهلاتهم ومقارنتها مع سائر المرشحين،
  • ثانيا، تمّ تعديل المادة المتعلّقة بالتعيين وصلاحية مجلس الوزراء. فبعدما كان بإمكان مجلس الوزراء فرض الأسماء الثلاثة المرشّحة، فإنه حصر إمكانية القيام بذلك لمرّة واحدة على أن يكون ملزما في المرّة الثانية بحسم خياره من ضمن المرشحين الثلاثة.
  • كما تمّت إضافة نشر المراكز الشاغرة والدعوة للترشح لملئها على الموقع الإلكتروني للوزارة المعنية.
  • بالمقابل، أبقت الهيئة العامة الوظائف المستثناة من هذه الآلية.

بدأ النقاش بمداخلة من النائب جورج عدوان الذي أكّد على أهميّة الإقتراح الذي من شأنه أن يسبّب قفزة إصلاحيّة نوعيّة بالنسبة لتعيينات الموظفين العموميين في ظلّ ثقافة الإستتباع الطاغية حاليا، وأنّ هذا القانون هو خطوة أولى لتحديد معايير للتعيين.

أثار النائب جميل السيّد مشكلة على مستوى صلاحيّات مجلس الوزراء، معتبرا أن لا جدوى بإقرار آليّة للتعيين إذا كان بإمكان مجلس الوزراء أن يتجنّبها أو يأخذ قراراً معاكساً، وطلب بإعادة المشروع إلى اللجان.

اعتبر النائب جبران باسيل أنّ من شأن هذا الإقتراح أنّ يمسّ بالصلاحيّات المعطاة للوزير في المادة 66 من الدستور ملوحا بإمكانية الطعن به في حال إقراره خلافا لهذه المادة، وأنّ الآليّة المقترحة ستطبّق بطريقة أستنسابيّة من قبل الحكومة حسب أهدافها وأهداف القوى السياسيّة. وقد ردّ عليه النائب أسامة سعد بقوله أنّ منصب الوزير سياسي ولذلك معاييره تكون سياسيّة، ولذلك لا يجب أن يتدخّل في التعيينات، وطلب شطب حقّ الوزير من إضافة الأسماء، ووافق العديد من النوّاب على هذه الفكرة.

وتدخّل النائب الياس حنكش ليطلب نشر المراكز الشاغرة والدعوة للترشح لملئها على الموقع الإلكتروني للوزارة وليس فقط على بابها “لأننا في القرن الحادي والعشرين”.

وجرى نقاش وتصويت على مسألة دستوريّة الإقتراح التي كانت قدّ تمّت إثارتها من العديد من النوّاب، وصوّتت الأغلبية على دستوريته. ثمّ تمّ التصويت على الإقتراح مع التعديلات المذكورة، وتمّ تصديقه.

 

  • حماية كاشفي الفساد: كشف الفساد أمام النيابة العامة محميّ أيضا

صدّق اقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي إلى إضافة فقرة إلى المادة 9 من قانون حماية كاشفي الفساد والمقدّم من النائب ميشال موسى بتاريخ 22/05/2020. يرمي الإقتراح إلى شمل كاشفي الفساد الذين تقدّموا بالمعلومات إلى النيابة العامّة التمييزيّة بالحماية نفسها التي يتمتّع بها الأشخاص الذين تقدموا بإخبارهم إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. ويتمتع حاليا فقط كاشفو الفساد أمام الهيئة بحماية تطلبها الهيئة عفوا أو بناء على طلب كلّ ذي مصلحة من النيابة العامّة المختصّة أو القوى الأمنيّة. وعلى هذه الأخيرة أن تأخذ الإجراءات الأمنيّة المناسبة لحماية الكاشف أو أعضاء عائلته من الضغوطات التي قد يخشى حصولها.

تمّ تعديل النصّ بناء على إقتراح النائب جبران باسيل الذي اقترح أنّ يشمل النص جميع النيابات العامّة وليس فقط النيابة العامّة التمييزيّة، ومن شأن ذلك أن يشجّع الأشخاص على تقديم المعلومات إلى النيابات العامّة. تمّ التصويت على الإقتراح بهذه الصيغة وصدّق.

بشكل من الأشكال، يتجه إقرار هذا القانون في اتجاه معاكس تماما لاقتراح السرية المصرفية، حيث تم تجريد القضاء من صلاحيته برفع السرية المصرفية، في اتجاه حصرها بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهيئة التحقيق الخاصة.

 

  • مقترحات متصلة بتداعيات إفلاس المصارف

غابت على هذا الصعيد أية رؤية شاملة ومتماسكة للتصدي لآثار أزمة إفلاس المصارف، وترتيب الأوضاع بين المودعين والمصارف، وتوزيع الأكلاف بشكل هادف وعادل. وفيما كان سجّل عدد من الإقتراحات المعجّلة المكررة المتصلة بتنظيم المصرف المركزي، فإنه لم يتسنّ للهيئة العامة التي ناقشت فقط 11 من أصل 37 مقترحا أن تناقش إلا اقتراحا واحدا هو اقتراح قانون “الكابيتال كنترول” المقدّم من النواب ياسين جابر، سيمون أبي رميا وآلان عون في 20/05/2020، والذي جرى الاتفاق على تأجيل البحث به وإحالته إلى اللجان بعد إسقاط صفة العجلة عنه.

وكانت “المفكّرة” أبدت ملاحظات عدة على هذا الاقتراح، أبرزها الآتية:

  • أنه غير واقعي بالنظر إلى نقص السيولة بالعملات الصعبة والذي بات أمرا يتهدد لبنان بفقدان القدرة على استيراد المواد الحيوية. ويرجّح أن يكون من هذا المنطلق مجرد اقتراح دعائي لاستمالة المودعين، اقتراح تنعدم منطقيا إمكانية إقراره.
  • -أنه يدخل إجراءات تمييزية بين المودعين من دون مبرر جدي. وأسوأ ما في هذا التمييز هو أنه يحصل لصالح المواطنين ذوي الإرتباطات والنشاطات خارج لبنان. ومن شأن هذا الأمر أن يؤدي إلى تمييز بين الدائنين من دون مبرر.
  • -أنه يؤدي إلى تشريع العديد من القيود والضوابط المصرفية، من دون أن يضع أي ضوابط على مدراء المصارف الذين يبقون مطلقي الأيادي في التصرف في أموالها وأموالهم الخاصة. وهذا الأمر يتعارض مع مجمل المبادئ التي ترعى التوقف عن الدفع، كما هو حال المصارف منذ تشرين الأول 2019،
  • -أنّه لا يضع آلية تضمن التقاضي أمام مرجع محايد ومستقل، ضمن زمن معقول.

أثناء النقاش شدّد وزير المالية غازي وزني على ضرورة دراسة هذا الإقتراح أكثر نظرا لأهميته. عندئذ تدخّل النائب جبران باسيل ليعتبر أن ما من اقتراح تنطبق عليه صفة العجلة أكثر من اقتراح الكابيتال كونترول لوقف النزف وحماية الشعب. كما أشار أنه لا يمكن السير بأي اتفاق مع صندوق النقد الدولي من دون إقراره.

أجاب رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن هدف هذا الاقتراح هو وقف الكابيتال كونترول حتى يتمكن ذوو التلامذة من تحويل أموال لإكمال دراستهم في الخارج. ولفت الإنتباه إلى أربعة مخاوف أساسية وردت من حاكمية مصرف لبنان متعلّقة بهذا الاقتراح وهي متعلّقة بالسيولة والسريّة المصرفيّة وتبييض الأموال والجهة المخوّلة بالمساءلة.

  • مقترحات متصلة بتداعيات الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية

 

اتّسم الأداء البرلماني على هذا الصعيد أيضاً بغياب أي رؤية شاملة للتصدي لآثار أزمة بحجم تلك التي يشهدها لبنان مهددة بوضع أكثرية اللبنانيين والمقيمين تحت خط الفقر، وبتهديد حقوق أساسية من سكن وعمل وضمان اجتماعي وصحة إلخ… وإن على صعيد المبادرة التشريعية (أغلبية الإقتراحات جاءت معجّلة مكرّرة وقدّمها نائب واحد أي دون أي نقاش في اللجان أو حتى ضمن الكتل النيابية نفسها أو بين الكتل) أو النقاش البرلماني. وقد برزت مقاربة النواّب للأزمة “كهواة” لا يمتلكون حقيقة الأرقام أو المعطيات التقنية أو دراسة الآثار الإقتصادية التي تسمح بتقدير جديّة وفعالية الإقتراحات التي يقدّمونها أو التي يناقشونها ويصوّتون عليها؛ من دون أن يمنعهم ذلك من تقديم مقترحات باتت أشبه بمواقف دعائية أكثر منها عمل تشريعي يهدف إلى نتيجة معينة.

وكانت مطروحة ضمن البنود ال11 الأولى التي جرت مناقشتها 3 مقترحات مرتبطة بتداعيات الأزمة المالية والإقتصادية والإجتماعية، جرى تصديق إثنين من بينها وإسقاط صفة العجلة عن الثالث.

والمقترحات التي صدّقت على هذا الصعيد هي الآتية:

  • فتح إعتماد إضافي في موازنة 2020 لمواجهة أزمة كورونا

صدق مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم الرقم 6279 الرامي إلى فتح إعتماد إضافي في موازنة العام 2020 بقيمة مليار ومئتين مليون ليرة لبنانية “المخصص لدعم شبكة الأمان الإجتماعي معدلا مع إضافة “بأن تحدد آليات التوزيع والمستفيدين عبر قرارات أو مراسيم صادرة من مجلس الوزراء”.

نذكر أن هذا المشروع كان ورد من خارج جدول أعمال الجلسة التشريعية المنعقدة في 21-22/4/2020 وتقرّر خلالها إحالته إلى اللجان النيابية لدراسته. وبالفعل، وبتاريخ 21/5/2020، أقرت لجنة المال والموازنة المشروع كما ورد، بعد الإستماع إلى نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر التي شرحت أن الهدف من المشروع هو “مساعدة الأسر الفقيرة وتشكيل شبكة أمان إجتماعية في ظل الوضع الإقتصادي الحالي السيئ وتدني قيمة رواتب القطاع العام وعمليات الصرف الجماعية لموظفي القطاع الخاص”.

خلال جلسة النقاش البرلمانية، لفت النائب إبراهيم كنعان إلى أهمية إقرار المشروع مذكراً بإقراره في لجنة المال والموازنة. وقد أيده كل من النواب حسن فضل الله، عدنان طرابلسي، علي حسن خليل وهادي أبو الحسن الذي سجل ملاحظة أنه يرتب دينا إضافيا على لبنان، واقترح وضع برنامج واضح للقطاعات المعنية بالمشروع.

وتمنّت النائبة بهية الحريري تخصيص مبلغ 300 مليار للتعليم الخاص وأيدها بذلك معظم النواب (أكرم شهيب ومروان حمادة والياس بو صعب وأنطوان حبشي وطوني فرنجية وعلي حسن خليل)، في حين ذكّر النائبان أنور خليل وأكرم شهيب بعدم وجود واردات في الموازنة لهذا الغرض.

وشرح رئيس مجلس الوزراء حسان دياب أن هدف المشروع هو تشكيل “شبكة الأمان الإجتماعي والمستفيدون منه هم أكثر من ربع مليون عائلة” وعادت وشدّدت النائبة بهية الحريري على وجوب تخصيص 300 مليار للتعليم الخاص على أن تضاف إلى 1200 مليار. أما النائب جبران باسيل فاعتبر أن هنالك ضرورة لزيادة 300 مليار للقطاع الخاص ورفض حجّة عدم وجود إيرادات. ووافقه النائب نعمة أفرام الذي تمنى على الدولة أن “تطبع أموالاً” إذا اقتضى الأمر. أما وزير الزراعة عباس مرتضى فتمنى دعم المزارعين في لبنان، وأن يكون هذا الدعم على شكل هبة.

من جهة أخرى، انتقد النائب نجيب ميقاتي غياب آلية واضحة لتوزيع الأموال فشرحت وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر مضمون الآلية التي اعتبرتها واضحة لتوزيع الأموال.

وأخيرا تم الإتفاق على توزيع هذا المبلغ على الشكل التالي: 600 مليار ليرة لشبكة الأمان الإجتماعي، و600 لباقي القطاعات. وطرح المشروع على التصويت، فصدق على أن يصار إلى وضع مشروع ثانون خاص بمبلغ 300 مليار يرصد لقطاع التربية.

 

  • الموافقة على اتفاقية قرض لمصلحة مصرف الإسكان

صدق مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 6250 الرامي إلى طلب الموافقة على إبرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع الإسكان (المرحلة الثانية) بتاريخ 7/4/2020.

إستهلت جلسة النقاش البرلمانية الصباحية بالإشارة إلى أن بوادر الأزمة الحالية الشاملة بدأت في قطاع الإسكان وامتدت إلى باقي القطاعات. وأوضح وزير الشؤون الإجتماعية رمزي مشرفية خلال المناقشة أنه بصدد دراسة “الخطة الإسكانية”.

اقترح النائب إدي أبي اللمع إعادة التفاوض مع الصندوق العربي لملاءمة سعر الشقق مع الوضع المالي الراهن نظرا لأهمية هذا القرض. من جهة أخرى، تم توجيه عدة إنتقادات إلى هذا المشروع منها أنه لا يأتي ضمن خطة إسكانية واضحة (النائبان أسامة سعد وحسن عز الدين)، وأنه ليس موجهاً إلى المؤسسة العامة للإسكان إنما لمصرف الإسكان الذي هو شركة تمتلك الدولة 20% من أسهمها (النواب سيمون أبي رميا وعلي حسن خليل وعاصم عراجي)، بالإضافة إلى أنه لا تستفيد منه فئة الدخل المحدود إذ يشترط أن يكون الدخل 10 أضعاف الحد الأدنى (وزير المالية غازي وزني والنائبان أسامة سعد وحسن عز الدين)، ولأن القروض المعطاة هي بالليرة اللبنانية التي فقدت الآن جزءاً كبيراً من قيمتها (وزير المالية غازي وزني)، ولجهة من سيتحمل خسائر فرق العملة إذ أن القرض بالدولار وسداده سوف يكون بالليرة اللبنانية (النائبين علي حسن خليل وحسن عز الدين ووزير المالية غازي وزني) وقيمة الفائدة (حتى لو كانت منخفضة) ومصاريف التشغيل لمصرف لبنان وسعر الصرف الذي سوف تسحب عليه (النائب أسامة سعد).

بالمقابل، لفت النائب محمد الحجار إلى إيجابية إقرار هذا القرض لضخّ أموال جديدة إلى السوق اللبناني وتعزيز موجودات المصرف بالعملات الأجنبية. واعتبر النائب إبراهيم كنعان أنه ضروري بالرغم من المعارضة الموجودة أمام إبرام أي قرض جديد. وأشار النائب ياسين جابر إلى عدم موافقة لجنة الشؤون الخارجية النيابية على المشروع لغياب مجلس الإنماء والإعمار ومصرف لبنان عن الجلسات المنعقدة. وتقرر تأجيل البت به إلى الجلسة المسائية ريثما تصل إجابات من مصرف لبنان حول سعر الصرف المعتمد.

وخلال جلسة النقاش المسائية، أوضح وزير المالية غازي وزني أنه تم التواصل مع البنك المركزي، وأنه سوف يتم التواصل مع مصرف الإسكان. وأكد على عدم إمكانية تحمل المصرف المركزي كلفة فرق سعر الصرف، وأنه على حامل القرض تحملها. واعتبر عندها النائب سليم سعادة أن هذا القرض “ذهبي ولا يوجد عليه شروط”، وأن هذه الوديعة تنتقل إلى مصرف لبنان، وأنه إستثمار وأن سعر الصرف ليس له قيمة لأن القرض بالعملة اللبنانية كله ويعاد بالعملة اللبنانية (وهذا ما يزيد من اللغط حول القيمة التي يقتضي إعادة القرض على أساسها). وطرح المشروع على التصويت وصدق.

إلى جانب التساؤل عن صوابية عقد قروض جديدة وتكبيد الخزينة اللبنانية مزيداً من الأعباء في ظل الأزمة غير المسبوقة التي تعاني منها مالية الدولة وجدية إمكانيات السداد، فإن المبلغ موضوع القرض بعيد جداً عن تأمين حاجات السوق الإسكانية التي تصل إلى حوالي 200  مليون دولار سنوياً بحسب الأرقام التي أعطاها وزير المالية السابق علي حسن خليل ورئيس مؤسسة الإسكان روني لحود.

ويطرح ذلك جدوى القرض الإضافي المعقود في ظل انعدام أي رؤية وأي سياسة إسكانية قادرة على حماية الحق بالسكن في ظل فقدان العديد من الأسر مداخيلها، بعيداً عن التوجّه الأحادي الذي يشجّع مسار تملّك المنازل بما يخدم مصالح رأس المال أولاً. ولا بدّ من التذكير أن هذه الاتفاقية تأتي في إطار الأزمة الحادة السكنية التي يشهدها لبنان، بعد توقّف القروض السكنية منذ عام 2007 بعدما عمد المصرف المركزي إلى إيقاف الدعم وضبط استخدام المصارف احتياطها الإلزامي في أول مؤشرات الأزمة الحادة التي يشهدها لبنان، وبغياب أي سياسة إسكانية موجهّة نحو تأمين السكن الميسّر للجميع.

أما الاقتراح الذي جرى إسقاط صفة العجلة عنه :

– تعويض على أساس الأجر قبل التخفيض

أسقطت صفة العجلة عن الإقتراح المعجل المكرر الرامي إلى تعديل المادة 51 من قانون الضمان الإجتماعي (المرسوم 13955/1963)، المقدم من النائبين بلال عبدالله وهادي أبو الحسن بتاريخ 28/4/2020. ويعمد الإقتراح تحديداً إلى تعديل البند أ من الفقرة 1 من المادة المذكورة المتعلّقة بأصول تحديد الأجر المعتبر كأساس لتعويض نهاية الخدمة. يهدف الإقتراح إلى إستبدال الأجر الأخير الذي تقاضاه صاحب العلاقة ب”الأجر الأعلى الذي تقاضاه صاحب العلاقة خلال الأربعة والعشرين شهرا التي سبقت تاريخ نشوء الحق بالتعويض”. كما يستبدل الإقتراح متوسط العمولة التي تقاضاها صاحب العلاقة خلال الإثني عشر شهرا بمتوسط الأربعة وعشرين شهراً التي سبقت نشوء الحق بالتعويض. كما ينتهى الإقتراح وفي الحالات الأخرى، أي عندما يكون “الأجر محسوبا على أسس أخرى”، إلى إرساء مبدأ على الصندوق اتباعه لدى تحديد المبلغ الواجب إستعماله لتعيين مقدار التعويض وهو “مصلحة الأجير”.

وخلال النقاش، أوضح أحد مقدمي الإقتراح النائب بلال عبدالله أنه جرى التداول بشأن الإقتراح مع وزيرة العمل، وأكّد على أهميته من باب عدم إلحاق الغبن بأصحاب الحقوق بسبب الأزمة وحفظ قيمة تعويضات نهاية الخدمة، “خصوصا أن هناك مؤسسات خفضت الرواتب إلى النصف”. وأضاف النائب هادي أبو الحسن أن “العامل اللبناني فقد القدرة الشرائية فلماذا ننحاز إلى رب العمل وليس العامل”. أما النائب أمين شري فتمنى إحالته إلى اللجان لمعرفة تكلفته على الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.

وعلى الرغم من أهمية الاقتراح الذي يؤدي إلى تحصين مصلحة الأجير من خلال السماح له بالاستفادة من قيمة أعلى للأجر المعتمد كأساس لاحتساب تعويض نهاية الخدمة بعد تردّي الأوضاع الإقتصادية الأخير، أسقطت بعد التصويت صفة العجلة عن الإقتراح وأحيل إلى اللجان للدراسة.

  • مقترحات أخرى

أما بالنسبة للمقترحات الأخرى التي كانت مطروحة ضمن البنود ال11 الأولى التي جرت مناقشتها فهي 3، جرى التصديق على اثنين من بينها وإسقاط الثالث.

المقترحات التي جرى التصديق عليها هي الآتية:

 

  • قانون مكافحة هدر الغذاء

صدق إقتراح القانون المتعلق بمكافحة هدر الغذاء المقدّم من كل من النواب ديما جمالي، هنري شديد، جورج عقيص، ميشال معوض وطارق المرعبي بتاريخ 20/6/2020 معدلاً.

يرمي هذا الاقتراح إلى مكافحة هدر الغذاء، عبر استحداث “موجب قانوني بتقديم المواد الغذائية غير المستهلكة أو المباعة مجانا على سبيل الهبة إلى بنوك الغذاء المتخصصة أو إلى المستهلكين أو المستفيدين المحتاجين”. كما ينص على “حوافز ضريبية إيجابية (إعفاءات) وسلبية (غرامات) تساهم في حسن إنفاذ القانون”. وأخيرا، يتضمّن تنظيم مكافحة هدر الغذاء بما يتطلب ذلك “من دقة وتحديد للمسؤوليات، لاسيما تداركا لأي خطر على سلامة الغذاء قد ينجم عن عملية نقل وتعليب وتغليف الأطعمة والمواد الغذائية”.

تبرر الأسباب الموجبة هذا الإقتراح بضرورة وضع نصوص تشريعية بهذا الشأن “أسوة بالعديد من دول العالم”، خاصة أن هذا الهدر يعد “كبيرا جدا في جميع مراحل الإنتاج والتوضيب والتوزيع والإتجار والإستهلاك، وفي جميع المؤسسات التي تتعامل بالمواد الغذائية. وبالتالي ينتج عنه نتائج سلبية إن على صعيد الفقر، الإقتصاد والبيئة.

بتاريخ 21/5/2020 أقرت اللجان النيابية المشتركة هذا الاقتراح معدلا وفق الصيغة المقرّة من اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة. وقد عمدت هذه الأخيرة في المنهجية المتبعة إلى مقارنة الإقتراح المقدم مع القانون الفرنسي رقم 138 تاريخ 11 شباط 2016، والذي يعالج المسألة نفسها. أهم التعديلات التي أجرتها هي “إسقاط فكرة إستخدام فائض الغذاء لدى المطاعم وشركات مقدمي الوجبات المحضرة مسبقا كما المواد الطازجة نظراً لشبه تأكّد استحالة ملاءمتها لمعايير سلامة الغذاء و”قلة كمياتها بعكس ما كان متوقعاً”، وإلغاء الضريبة المفروضة على تلف المواد الغذائية الصالحة للوهب. غير أنه تم الإبقاء على التحفيز الضريبي “لواهب فائض الغذاء تحت إشراف وزارتي المال والشؤون الإجتماعية”.

وخلال النقاش البرلماني، أشار النائب بيار بو عاصي إلى “الحاجة الملحة” لهذا الإقتراح بعد إجتماعه “مع كل المهتمين بالموضوع الغذائي وكل من يهتم بسلامة الغذاء”. وأضاف أن الهاجس كان وضع قانون يسهل تطبيقه. وأعرب هنا النائب بلال عبدالله عن أسفه لعدم تشكيل الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء لغاية الآن وتمنى على الحكومة إعطاء هذا القانون الأهمية القصوى، ووافقه الرأي النائب علي المقداد. أما النائب محمد خواجة، فاعتبر أن مهلة الشهر المنصوص عنها في المادة الثالثة (أي المهلة قبل إنتهاء مدة صلاحية المواد الغذائية التي يفرض على الواهب تقديم هذه المواد ضمنها إلى الجمعيات) هي فترة قصيرة وإقترح جعلها 3 اشهر. فبعد التداول تم جعلها شهرين. وطرح الإقتراح على التصويت فصدقت صفة العجلة وصدق الإقتراح معدلا.

 

  • تفسير المادة 67 من قانون الرسوم القضائية

صدّق اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم من النائب سمير الجسر في 27/09/2017 والرامي إلى تفسير عبارة “المبلغ المطلوب تحصيله” في المادة 67 الواردة في قانون الرسوم القضائية فأصبحت تعني بدون أي التباس القيمة الرائجة للعقار المدّعى به بتاريخ تقديم الدعوى فيما يتعلّق بتنفيذ الأحكام الصادرة في الدعاوى العقارية. وكان النائب سمير الجسر قد اعتبر خلال الجلسة أنّ الخلاف على تفسير العبارة – حيث أن بعض المحاكم تفسّرها على أنّها القيمة الرائجة للعقار المدعى به بتاريخ تقديم الدعوى فيما البعض الآخر تفسّرها على أنّها القيمة الرائجة للعقار عند تقديم طلب التنفيذ. فأوجب اقتراح هذا القانون حسما للجدل. إلا أن وزيرة العدل عادت ولفتت الإنتباه بأنه لم يكن هناك خلاف حول المادة 67 كما جاء في مداخلة النائب سمير الجسر حيث أن محكمة التمييز في إحدى قراراتها كانت قد وضّحت أنه المبلغ المقدّر عند الإستحقاق.

وكان قد تمّ دراسة هذا الإقتراح من قبل لجنة الإدارة والعدل النيابيّة والتي أقرّته معدّلاً في 24/1/2018. وقد عمدت اللجنة إلى إلغاء المادة الثانيّة من الاقتراح في صيغته الأساسية التي كانت تقترح العمل بالقانون “حيث تدعو الحاجة”، وهي عبارة كانت لتشكل سبباً لتطبيق استنسابي لهذا التفسير.

 

 

أما الإقتراح الذي سقط فهو مشروع القانون المتصل بعدم الموافقة على إنضمام لبنان إلى المنظمة الدوليّة للهجرة، حيث غلبت “الحساسية تجاه التوطين”.

يذكر أن هذه المنظمة أنشأها عدد من الدول في سنة 1951 بغرض تقديم خدمات للدول لإدارة الشؤون المتعلقة بالهجرة. وفي العام 2016، أصبحت هذه المنظمة منظمة “مرتبطة” بالأمم المتحدة بموجب اتفاق تعاون بين المنظمتين، ولا تخضع لآليات الرقابة العائدة للأمم المتحدة أو لقرارات الجمعية العمومية. وهي تضم حالياً 173 دولة. وقد تعاظم دور هذه المنظمة، خاصة بعدما أصبحت إشكاليات الهجرة ضمن أوليات السياسات العالمية، وبعدما كلّفتها الأمم المتحدة بمهام تنسيق الجهود الدولية المتعلقة بالهجرة.

يبرر مشروع القانون أهمية الإنضمام إلى هذه المنظمة بأمرين: الأول، هو “تنظيم العلاقة معها ورفع مستوى التعاون الثنائي إلى آفاق جديدة”، والثاني هي الإمتيازات والتقديمات والصلاحيات التي يستفيد منها أعضاء هذه المنظمة كالإستفادة من التقديمات المادية الآتية من برامج الدعم الخاصة بالمنظمة أو صندوق التنمية الخاص بها.

في المقابل، شددت الدولة اللبنانية في طلب الإنضمام على عدم المساس “بحق الدولة السيادي في تحديد الأولويات الوطنية والسياسات المتعلقة بالهجرة وإدارة شؤونها” و”عدم إنشاء أي إلتزامات جديدة بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بإدماج المهاجرين في البنية الإقتصادية والإجتماعية في لبنان”.

وبعدما وافق مجلس المنظمة على طلب لبنان الإنضمام إليها في شهر تشرين الثاني 2019، أقرّت لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين في مجلس النواب مشروع القانون بتاريخ 21/5/2020 كما ورد لها من الحكومة.

خلال النقاش البرلماني،  برز رفض عدد من النواب (وهم حسن عز الزين، أنور الخليل، مروان حمادة وحكمت ديب) إقرار المشروع لسببين أولّهما الأعباء المالية التي سوف تترتب على لبنان من جراء الإنضمام إلى هذه المنظمة، والثاني الحساسية تجاه “شبهة توطين المهجرين السوريين والفلسطينيين”، مما يعتبر مخالفاً للدستور. أما النائب جبران بسيل فبالرغم من معارضته إقرار المشروع، أوضح أن هذه المنظمة هي من المنظمات التي تعاون معها لبنان لتشجيع فكرة “العودة”، ولكن تبيّن لاحقاً أنها تسهل الإندماج والتوطين، و”هذا أمر تحفظنا عليه في الفقرة الخاصة بالمنظمة والمرفقة بمذكرة المنظمة”. أما النائب جميل السيد  فاعتبر أنه يوجد منظمة للأمم المتحدة UNHCR تقوم بنفس عمل هذه المنظمة، وأضاف أن النزوح السوري يتسبّب بثلث عجز الميزان التجاري في لبنان. وطلب تحديد جلسة خاصة لتحديد سياسة النزوح.

أما النائب ياسين جابر فكان مع إقرار هذا المشروع مدليا أن هذه المنظمة تسهل “التوطين في الخارج” ولا أعباء مالية مترتبة من جراء الإنضمام إليها.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، استقلال القضاء ، لبنان ، بيئة وتنظيم مدني وسكن ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني