
منذ شباط الماضي، دأبتْ محطّة MTV على شنّ حملاتٍ هجوميّة منظّمة تستهدف مجموعاتٍ وأفرادًا يعملون في المجال العام، ومنهم المفكرة القانونية، لتشويه سمعتهم والمسّ بمصداقيّتهم مع توجيه اتهامات بالجملة بارتكاب مخالفات مالية وتنفيذ أجندات خارجية. وإذ أعلنت أغلب هذه المجموعات التزامها بالشفافية وخضوعها للرقابة المالية، دققت المفكرة القانونية في مدى التزام القنوات التلفزيونية (الفئة الأولى خصوصا) بأحكام قانون تنظيم البث التلفزيوني والإذاعي وتحديدُا المادة 42 منه التي نصت حرفيًا على أنّه “على الشركة صاحبة الترخيص أن تقدّم كلّ ستّة أشهر إلى وزارة الإعلام حساب الاستثمار العائد للمؤسّسة”. ويُشار إلى أنّ تقديم هذا التّصريح بالغ الأهميّة، حيث أنّه يفترض أن يحتوي المبالغ أو الموارد التي تنتج عن ممارسة المؤسّسة الإعلاميّة أنشطتها وفقا للمفهوم المهني والقانوني، وهو المحتوى الذي يفترض أن يشكّل مادة تخوّل وزارة الإعلام ممارسة الرقابة عليها وعن مدى توافقها مع قانون الإعلام.
وعند مراجعة رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع السيّد عبد الهادي محفوظ في هذا الشأن، أفاد أنّ قناة MTV كما سائر قنوات الفئة الأولى لم تقدّم أيّ جردة استثمارية لوزارة الإعلام منذ عشر سنوات على الأقل. وهذا الأمر إنما يعني أن الوزارة لا تمارس الرقابة على موارد هذه القنوات، ومنها MTV أي رقابة من أي نوع كان، وتحديدًا فيما إذا كانت مداخيلها مشروعة أو غير مشروعة (مالي سياسي مثلا أو مال يسدد لغاية تضليل الرأي العام أو بث مادة إعلامية هي في عمقها إعلانية من دون البوح بذلك). واللافت أنّ الوزراء المتعاقبين أحجموا كليًّا رغم تقاعس وسائل الإعلام عن اتخاذ أي إجراء لإلزام قناة MTV بالتصريح وفق القانون، محجمين في الوقت نفسه عن ممارسة أي رقابة أو مباشرة أي ملاحقة قضائية على خلفية عدم التصريح.
يشار إلى أنّ المادة 45 من القانون نفسه تفرض على وزير الإعلام الطلب إلى محكمة المطبوعات إصدار القرار بوقف المؤسسة عن البث أو الإرسال لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وستة أشهر في حال تبيّن أنّ مصادر التمويل غير مشروعة. أكثر من ذلك، فإنّ الوزراء المتعاقبين امتنعوا حتّى اللحظة عن اقتراح المرسوم المتعلق بتطبيق الرقابة على مداخيل المؤسسات التلفزيونية والاذاعية، سندا للمادة 46 من القانون نفسه.
الآن ونحن نتبين خطورة انحدار العمل الإعلامي إلى مستويات غير مسبوقة بلغت أوجها في حلقة صار الوقت في تاريخ 3 نيسان الماضي، ندرك أن فرض تقديم التصاريح المذكور وإعمال الرقابة عليها باتا يشكّلان مدخلًا رئيسًا للحؤول دون تحوّل وسائل الإعلام إلى أدوات سهلة لخدمة مصالح غير مشروعة. بانتظار أن تتحرك وزارة الإعلام والحكومة في هذا الاتجاه.
متوفر من خلال: