قضيّة إيلّا طنوس: فرص ضئيلة لعقد الصّلح والقاضي يُباشر المحاكمة


2020-11-12    |   

قضيّة إيلّا طنوس: فرص ضئيلة لعقد الصّلح والقاضي يُباشر المحاكمة

لم تظهر بعد أيّة ملامح جدّية لإجراء صلح في قضيّة الطفلة إيلّا طنّوس التي بترت أطرافها الأربعة نتيجة خطأ طبّي. فمنذ اقترح القاضي بيطار قبل ثلاثة أسابيع على المتنازعين الصّلح، لم يُحدّد أيّ اجتماع أو اتّصال بين عائلة إيلّا والمستشفيات والأطبّاء المستأنف بوجههم. وكان القاضي بيطار قد نصح بالصّلح، مؤكّداً أنّه لا يعني بالضرورة تنازلاً من قبل ذوي إيلّا عن الحق، إنّما ضمانة أفضل لمصلحة الطفلة. 

وفي آخر جلسة انعقدت يوم الأربعاء 11 تشرين الثاني، لفت القاضي بيطار إلى أنّه مستمر بالمحاكمة، من دون أن يُغلق الباب أمام المتقاضين للبحث في مسألة الصّلح مبدياً ترحيبه بأيّ اتفاق قد يتوصّل إليه الأطراف المتنازعون خلالها. وباشر من بعدها الدخول في تفاصيل الملف عبر طلبه من الجامعة الأميركية تحديد الجهة التي قرّرت إرسال العيّنات الخاصّة بالطفلة إيلّا إلى مختبرات في ألمانيا بدلاً من المختبرات المحليّة ومن ثمّ تسطيره كتاباً إلى وزارة الصحّة للتحقّق من وجود مختبرات متخصّصة بالفحص التشخيصي الجزئي للبكتيريا العقدية الـ Streptococcus A.

لا صلح في الوقت الحاضر

قضيّة الصّلح اتّخذت حيّزاً واسعاً من الوقت خلال الجلسة. فالأخيرة كانت مخصّصة للتأكّد من قرارات المتنازعين بعدما أعطاهم القاضي بيطار مهلة ثلاثة أسابيع للبتّ بالقرار خلال الجلسة السابقة. وكان القاضي بيطار شرح أهميّة الصّلح بأنّه استفادة من الوقت لمصلحة الطفلة، وضمانة حقوق أفضل لها من تلك التي يُمكن أن تضمنها محكمة الاستئناف. وقد أكدّ بأنّ المحكمة مخوّلة النظر في التعويضات الشخصيّة التي حكمت بها محكمة البداية، كون عمل المحكمة ينحصر في تقليل هذه العويضات أو رفعها أو المصادقة عليها كما هي. 

وخلال الجلسة، ظهر اقتراح من جانب وكيل الطبيب عصام معلوف، المحامي صخر الهاشم الذي قال “ماذا لو يحصل الاتفاق على تقديم العناية الطبيّة للطفلة طيلة حياتها من قبل المدعى عليهم”. من جهة العائلة أظهر والد الطفلة رفضاً لهذا الاقتراح بتأكيده لـ”المفكرة القانونية” أنّ احتياجات ابنته لا تنحصر فقط بالرعاية الطبيّة إنما “تحتاج لمرافقة في المدرسة وفي البيت وعلاج فيزيائي وعلاج نفسي، وأطراف اصطناعيّة يجري استيرادها من الخارج، ونخشى أن يُفرض علينا نوعيّة معيّنة مثلاً لأنّها أرخص، هذا والكثير من الاحتياجات التي لا تستطيع المستشفيات تقديمها”. ويرى طنّوس أنّ المسألة متشعّبة ولا يُمكن حصرها في هذه الطريقة، مستبعداً الحصول على العناية الطبيّة من الجهات نفسها التي تسبّبت بالخطأ الطبّي لابنته. 

ويضيف على موقف العائلة وكيلها المحامي نادر عبد العزيز الشافي أنّ أيّ حلّ لمصلحة الطفلة هو جاهز لخوض النقاش فيه، مستبعداً في الوقت نفسه فرضيّة أنْ يتم الاتفاق على أخذ الرعاية الطبيّة من المستشفيات المستأنف بوجهها، وذلك انطلاقاً من الاختلافات في المناهج الأكاديميّة التي يتبعها كل مستشفى. ويسأل في حديث إلى “المفكرة”، “ماذا لو احتاجت الطفلة لرعاية طبّية، وأدلى أحد المستشفيّات أنّها بحاجة لعمليّة جراحية والمستشفى الآخر رفض، فكيف نتفق؟”. ويؤكدّ أنّ ما تحتاجه إيلّا هو التعويضات المستدامة أيّ أنْ تتكفّل المستشفيات بالتعويض للعائلة عن كل الاحتياجات التي تطرأ على الطفلة والتي ترتبط بحالتها. 

ويجد الشافي أنّ أكثر التعويضات عدالة هو أنْ تحصل الطفلة على تعويضات طيلة العمر لتتمكّن من دفع تكاليف العلاج والتأهيل الفيزيائي والأطراف الاصطناعيّة وهي تكاليف مستدامة وتستجد بشكّل دوري. 

وبسؤال “المفكرة” لوكيل مستشفى المعونات المحامي روي لبكي حول موقفهم من الصلح، اكتفى بتأكيده أنّ “الرهبانيّة المارونيّة مالكة المستشفى لا تريد الظلم لأحد، ونحن ننتظر أن نعرف مطالب الجهة المدعيّة”. 

مطالبات بإعادة استجواب الأطباء

بالعودة إلى وقائع الجلسة، يتضح أنّ مسألة الصلح حتى الساعة هي مسألة عالقة. فقد جرى تحديد موعد جديد للجلسة وتدوين مطالب جديدة من جهة المستشفيات والأطباء. من جهته، طلب وكيل الطبيب عصام معلوف، المحامي صخر الهاشم من المحكمة إعادة استجواب الطبيب معلوف بهدف توضيح نقطتين رئيسيّتين، الأولى تتعلق بما ورد في التحقيق بأنّه “شخّص حالة إيلّا خطأ”، والثانية لأجل تقديم شرح مفصّل حول مسألة الصدمة الانتانيّة shock Septic والقصور الكلوي. 

واتّضح خلال الجلسة أنّ مستشفى الجامعة الأميركيّة في بيروت كان قد تقدّم مؤخّراً بدعوى تزوير في التقرير الطبّي الصادر عن لجنة التحقيق الطبيّة التي أصدرت التقرير النهائي في قضيّة إيلّا، فأقدمت النيابة العامّة على حفظ الملف. وخلال الجلسة، طلب وكيل الجامعة الاميركية والطبيبة رنا شرارة، المحامي سيرج مالكوليان على ضوء حفظ الدعوى أن يجري تعيين لجنة خبراء جديدة والاستماع مجدداً إلى الطبيبة رنا شرارة. ومن ناحيته تقدّم وكيل الرهبانيّة المارونيّة مالكة مستشفى المعونات، المحامي لبكي بلائحة طلبات مرفقة بمستندات وطلب الاستماع إلى شهود، فيما أعلنت وكيلة مستشفى أوتيل ديو أنّه لا يوجد أي طلبات. 

المحكمة تبدأ البحث في التفاصيل

بين النقاش حول الصّلح وتفاصيل قضيّة الطفلة إيلّا، لم يُغلق القاضي بيطار النقاش أمام المتقاضين في مسألة الصّلح، فيما بدأ بفتح ملف إيلّا ليباشر الدخول في تفاصيل الملف منطلقاً من مسألة “إرسال الجامعة الأميركيّة لعيّنات الفحوصات الخاصّة بالطفلة إلى ألمانيا بدلاً من فحصها في لبنان”.

فتوجّه القاضي بيطار إلى وكيل الجامعة الأميركيّة سائلاً إياه عن الأمر. ويُشار إلى أنّ هذه النقطة تُعدّ إحدى الإشكاليات التي برزت في ملف الطفلة إيلّا خلال محاكمتها أمام محكمة القاضي المنفرد الجزائي. حينها، تم الكشف عن أنّ اختبار التشخيصي الجزئي للبكتيريا العقدية الـ streptococcus A  متوفّر في لبنان، ما يعني أنّه من غير المبرّر إرسال العيّنات إلى الخارج حيث تم تضييع نحو أسبوعين لمعرفة نوع البكتيريا التي أصابت إيلّا. وكانت الطبيبة رنا شرارة قد شرحت خلال استجوابها أمام القاضي المنفرد الجزائي في بيروت باسم تقي الدين، أنّها طلبت إجراء الفحوصات لإيلّا، وليست هي من اتّخذ القرار بإرسال العيّنات إلى الخارج، لكنّها برّرت وقتها أنّ ذلك حصل لعدم توفّر هذا النّوع من الاختبارات في لبنان. 

لذا، أعاد القاضي بيطار طرح هذه المسألة، وطلب من الجامعة الأميركيّة تزويد المحكمة باسم الشخص الذي قرر إرسال العيّنات إلى ألمانيا. ومن جهة ثانيّة، قرّر تسطير كتاب إلى وزارة الصحّة لأجل التحقّق من صحة وجود هذا الاختبار في لبنان في ذلك الوقت. وتم إرجاء الجلسة إلى 2 كانون الأول 2020. 

مقالات ذات صلة بقضية إيلّا:

قضيتا إيلا وصوفي تنتظران التقارير: لا آليات رقابة فاعلة على عمل المستشفيات

قضية الصغيرة إيلا على عتبة القرار الظني: سنتان من العناء والانتظار

قضية إيلا طنوس: القرار الظني صدر، والعائلة راضية

جلسة استجواب الأطباء في قضية الطفلة إيلا… روايات لا تلغي الضرر

تقارير طبية جديدة في قضية الطفلة إيلا طنوس: والدعوى تتجه لإكمال سنتها الرابعة

والدة إيلا طنوس تنفعل وتضعها على مكتب القاضي: انظروا بعين الإنسانية إلى ابنتي

تأجيل دعوى إيلا طنوس: تشديد على حضور شهود من اللجنة الطبية

“إيلا” و”صوفي” في معركة واحدة: مرافعة في قضية الخطأ الطبي

مرافعة مؤثرّة في قضية بتر أطراف الطفلة إيلا أمام محكمة بيروت: “ابنتي تقول إنها ستكبر وسيكون لها يدان ورجلان”

العدالة مؤجلة في قضية إيلا طنوس.. القاضي يفتح المحاكمة من جديد ويتنحى

 بعد تنحي القاضي تقي الدين، القاضية صفير تتولى النظر في قضية إيلا طنوس

وانتصرت إيلا…

قضيّة إيلّا طنّوس في الاستئناف: القاضي بيطار يطرح الصلح لحلّ القضيّة، هل ترضى المستشفيات؟

انشر المقال

متوفر من خلال:

سياسات عامة ، أطراف معنية ، قطاع خاص ، لبنان ، الحق في الصحة والتعليم



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني