طرد فاعتذار فإقصاء، هكذا تتلخص السنة الجامعية بالنسبة للطالب بكلية الطب بتونس وجيه ذكار الذي عمدت إدارة الكلية خلال شهر نوفمبر 2019 إلى طرده لمدة 4 أشهر بسبب تدوينة عرج فيها على واقع كليته وسوء تصرف الإدارة مع الطلبة. ولكن هذا القرار فجر ضغطا ميدانيا وإعلاميا شديدا مما جعل الإدارة تتراجع عنه لتعلن الصلح مع الطالب. بعد أشهر، يكتشف وجيه ذكار أنه كان ضحية لوعود كاذبة من الإدارة حيث فوجئ يوم نشر التربصات بعدم مصادقة الإدارة على تربصاته مما يجعله راسبا بشكل آلي.

هذه الحادثة دفعت المنظمة التونسية للأطباء الشبان إلى اصدار بيان لها يوم 28 فيفري 2020 عبرت من خلاله عن رفضها لما وصفته تراجع إدارة كلية الطب بتونس عن تعهداتها والتزاماتها في خصوص ملف الطالب وجيه ذكار.

كلية الطب بتونس شعارها نكث العهود

أمام الضغط الكبير الذي تلا انتشار خبر إيقاف الطالب وجيه ذكار[1] عن دراسته وبعد تحرك قوى المجتمع المدني والإعلام وتنفيذ المنظمة التونسية للأطباء الشبان بالدخول في إضرابين عامين وطنيين يومي 4 نوفمبر 2019 و20 جانفي 2020 تراجعت إدارة الكلية عن قرارها بعد أن اجتمع الطالب وجيه ذكار بكاتب عام كلية الطب في أواخر شهر نوفمبر 2019  واتفقا على إيقاف الضغط مقابل أن تضمن الكلية عودته إلى مقاعد الجامعة وإلى تربصاته إضافة إلى ذلك تعهد الكاتب العام للكلية بتوجيه مراسلة استثنائية إلى المؤسسة التي يباشر فيها الطالب تربصه لإلغاء أيام الغيابات التي سجلت. لكن بعد رفض الإدارة المصادقة على تربصاته تملصت الإدارة من كل المسؤوليات حيث صرح الطالب أن الكاتب العام أنكر وجود أي تعهد من جانبه ورفض التدخل مطلقا.

ردا على ذلك اعتبر الطالب وجيه ذكار في تصريح إذاعي أن إدارة كلية الطب في تونس تتمادى كثيرا في تجاوزاتها التي بدأت بتجاوز القانون  وانتهاكها لحقه  في حرية التعبير داخل الحرم الجامعي ليصل بها الأمر إلى التنصل من تعهداتها، وهذا سيدفعني إلى التصعيد.

ولا تبدو هذه الحالة معزولة عن ممارسات باقي المؤسسات العمومية القائمة على التسويف ونكث العهود في سبيل تنفيس الأزمات بدل البحث عن حلول جذرية لها على غرار ما أتته وزارة التربية في قضية المعلمين خريجي شعبة التربية أو قضية عمال النظافة وغيرها من الملفات التي ما تزال مفتوحة في كل القطاعات تقريبا.
 

منظمة الأطباء الشبان الملاذ الأخير للطالب وجيه ذكار

أمام تواصل انتهاك حقوق الطالب وجيه ذكار عبرت المنظمة التونسية للأطباء الشبان في بيان لها يوم 28 فيفري 2020 عن استنكارها الشديد لتنكر الإدارة لالتزامها بإنقاذ السنة الجامعية للطالب وجيه ذكار واعتبرت أن تنكر الإدارة في تنفيذ ما وعدت به يعتبر تماديا في التسلط والتشفي، كما أكدت المنظمة استعدادها للدفاع عن حق الطلبة والأطباء الشبان في التعبير بكافة الطرق المتاحة. في هذا الإطار اعتبر عضو المنظمة التونسية للأطباء الشبان زياد بوقرة في تصريحه للمفكرة القانونية أن ما قامت به الإدارة يعتبر انتهاكا جسيما لحق الطالب وجيه ذكار في مواصلة دراسته وتشف واضح منه، خاصة أنها رفضت تحمل المسؤولية وأنكرت وجود أي تعهد بينهما، ناهيك أن ما يعيشه الطالب وجيه هو تجسيد ومثال لمعاناة الأطباء الشبان عموما الذي تعتبرهم الدولة دائما الحلقة الأضعف التي يسهل انتهاك حقوقها، ونحن مستعدون في الأيام القادمة إلى الدخول في تحركات هامة قد تصل إلى حد الإضراب العام لإيقاف هذه المهزلة المتواصلة.

لا تقتصر المضايقات في قطاع الصحة على ما يتعرض له وجيه ذكار بل إن تلكؤ وتعد السلطة على الأطباء الشبان قد انطلقت منذ سنوات حيث اعتبر في هذا السياق عضو منظمة الأطباء الشبان زياد بوقرة في تصريحه للمفكرة القانونية أنه هناك نية واضحة للتشفي والانتقام من الطلبة المقيمين والشبان منذ انطلاق حراك 76 بداية سنة 2018 حيث ترتب على هذا الحراك مضايقات متكررة ومختلفة سواء في التربصات أو حتى داخل الحرم الجامعي نفسه عبر المعاملة السيئة التي يتعرض إليها زملاؤنا من قبل بعض الأساتذة. ناهيك أنه ما تعرض له وجيه ذكار من عدم إيفاء الإدارة بوعدها له سبق وتعرضنا إليه حيث تعهدت لنا وزارة الصحة في عديد المناسبات بحلحلة ملف الأطباء الشبان والنظر في قضايانا إلا أنها غالبا ما كانت تنكث تعهداتها، عموما سياسة المماطلة التي تتخذها الإدارات التونسية في علاقة بملف الأطباء باتت لا تطاق مما دفع الكثيرين إلى النفور نحو دول أجنبية بحثا عن ظروف ملائمة أكثر لاستكمال الدراسة وللعمل.