مسألة "البدون" (الإسم المعطى لعديمي الجنسية) في الكويت ليست بالجديدة إلا أنها تعود إلى الواجهة مع كل تقييم للحقوق الأساسية في الكويت، إذ أن الأشخاص المنتمين لفئة "البدون" محرومون منها، ويتعرضون لإنتهاكات حقوق الإنسان بشكل فادح ودائم.
في إطار التقييم الدوري لمتابعة إلتزام الدول بتطبيق بنود اتفاقية حقوق الطفل التي قامت الكويت بالمصادقة عليها منذ عام ١٩٩٠، استعرضت مديرة المكتب الفني بالجهاز المركزي لمعالجة أوضاع "المقيمين بصورة غير قانونية" إيمان عبد اللطيف الناصر امام لجنة الامم المتحدة لمتابعة اتفاقية حقوق الطفل تقريرا يحتوي على بيانات وإحصاءات تطرح فيها "إنجازات" دولة الكويت في توفير الحياة الكريمة وضمان حقوق الاطفال البدون.
إلا أن الحقيقة مختلفة تماماً وهذا ما أصر المجتمع المدني الكويتي على إثباته من خلال إرسال تقرير ظل من منظمة تدعى "مجموعة 29" مواز لتقرير الحكومة الكويتيةاستعرضت خلاله جملة من الانتهاكات التي يتعرض الأطفال البدون لها الى اللجنة. يبين التقرير من جهة نصوص إتفاقية الطفل المنتهكة، كما يسرد عددا من الشهادات تعكس الواقع المأساوي لأطفال البدون. وقد زودت هذه الشهادات بصور ثبوتية تؤكد صحة وقوعها.
ومن أبرز الحريات المنتهكة الواردة في التقريرحرية التعبير والتجمع السلمي. فبحسب الحالات المعروضة في التقرير، يصرح أطفال بدون شاركوا بتجمع في ساحة الحرية في تيماء أن "أطلقوا الدخان علينا " و"هجمت علينا الشرطة دون أي سبب. لم نفعل شيء، ضربوني وأخي وإعتقلوه ".
بالإضافة إلى ذلك، أوضح التقرير أنه لا يُسمح للبدون بإنشاء أي جمعية أو ناد، فوزارة الشؤون الإجتماعية والعمل تضع شروطاً لإنشاء الجمعيات، من ضمنها عدم السماح بإنشاء الجمعيات لغير الكويتين ولمن هم دون سن الواحد والعشرين، الأمر الذي يخالف اتفاقية حقوق الطفل في المادة 15 التي صدقت عليها الكويت.
أما بما يخصالرعاية الصحية وحقوق الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة، يبين التقرير أن بعض أفراد فئة البدون ممن يحملون البطاقة الأمنية والتي يشترط أن تكون سارية الصلاحية يعاملون معاملة الكويتيين إلا أن الأطفال الذين هم دون سن الخامسة من فئة البدون لا تصدر لهم البطاقات الأمنية.أما بالنسبة للأولاد المعوقين من البدون لا يشملهم قانون رقم8|2010 الخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهم محرومون من أي رعاية أو علاج تأهيلي ولا تستقبلهم المراكز الخاصة للمعاقين الكويتية.
أما بما خص حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي، تم رصد حالات عديدة لأطفال بدون يمارسون البيع المتجول تحت أشعة الشمس الحارقة لساعات طويلة، لم يستكمل بعضهم الدراسة بسب الحاجة لإعالة الأسرة. لا يتمتع هؤلاء الأطفال بحقوق الضمان الإجتماعي أو الحماية من الإستغلال الإقتصادي ومن "أداء أي عمل يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الإجتماعي" كما توصي اتفاقية حقوق الطفل. ويتعرض الأطفال العاملون إلى إلقاء القبض عليهم أو مصادرة بضائعهم من قبل بلدية الكويت.
من ناحية التعليم، يعاني الأهالي من دفع رسوم إضافية على ما يدفعه الصندوق الخيري للتعاليم، وهي رسوم تفرضها المدارس الخاصة للبدون، الأمر الذي يحرم أطفال البدون من ذوي الدخل المحدود والمعدوم من الإلتحاق بالمدارس، كما أنهم يواجهون مصاعب في حال رسوب الأطفال –الشيء الذي يحصل بغالب الأحيان لأن معظم الأولاد يعملون ولا يتسع لها الوقت لإنجاز فروضها-إذ لا يتكلف الصندوق الخيري برسوم الطلبة الراسبين، وعلى الأهل أن يتحملوا تكاليفها الباهظة.
كما أشار التقرير إلى قيامالجهاز المركزيبخطوة جديدة تصب في خانة التمييز العنصري مفادها إصدار وتوزيع البطاقات الملونة على أبناء فئة البدون التي من شأنها خلق نوع جديد من التفرقة.
ختمت المجموعة 29 تقريرها بعددمن التوصيات للحد من الانتهاكات التي يتعرض لها حقوق الطفل متأملةً التعاون مع المجتمع الدولي للوصول إلى نتائج ملموسة وايجاد الحلول عملية لقضية البدون بشكل خاص وقضايا حقوق الانسان بشكل عام.
الصورة منقولة عن موقع قناة العلم
متوفر من خلال: