أصدرت الهيئة الاتهامية في بيروت المكونة من الرئيس نسيب إيليا والمستشارتين عبير صفا وناديا جدايل، قرارا بتاريخ 22/5/2025 بردّ طلب إخلاء سبيل رياض سلامة، في القضية المعروفة بقضية “حساب الاستشارات” أو عمولات أوبتيموم. ويأتي هذا القرار في سياق نظر الهيئة بطلبات عدة، قدّمها رياض سلامة والمحاميان ميشال تويني ومروان عيسى الخوري، بعد إحالة الملف إليها في إثر صدور القرار الظني من قبل قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة بلال حلاوي في نيسان الماضي.
وبالتفاصيل، ردّ القرار طلب إخلاء السبيل المقدم من سلامة، والذي اعتبر فيه الأخير أن مدة توقيفه قد تجاوزت الحد الأقصى لمدة التوقيف في الجناية، والمحدّدة بستة أشهر (قابلة للتجديد مرة واحدة) في المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. ووجدت الهيئة وفقًا لسلطتها التقديرية أنّ الأفعال المسندة لسلامة تتسم “بدرجة من الخطورة”، وأن إخلاء سبيله قد يؤدي إلى عرقلة حسن سير التحقيق والتأثير على سير العدالة وإثارة اضطرابات اجتماعية واقتصادية، فقرّرت إبقاءه موقوفًا.
في المقابل، استجاب القرار لطلب المحاميين تويني وعيسى الخوري من خلال فسخ القرار الظني جزئيًا لجهة اعتبار أفعالهما من نوع التدخل في جنايات التزوير واستعمال المزوّر (المواد 459/460/220 و454/459/460/220 عقوبات) وذلك لعدم الحصول على إذن ملاحقة من نقابة المحامين في بيروت بشأن ورقة الطلب الإلحاقية التي ادّعت فيها النيابة العامة المالية بالأفعال المذكورة بحق المدعى عليهما. بالمقابل، قرّرت الهيئة ردّ استئناف المحامييْن جزئيًا لجهة وجوب الاستحصال على إذن ملاحقة بالنسبة للتدخّل في جرم الإثراء غير المشروع نظرًا لأن قانون الإثراء غير المشروع اعتبر أنه لا تحول دون الملاحقة الجزائية الأذونات أو التراخيص المسبقة الملحوظة في القانون. وعليه، قررت الهيئة تسطير كتاب لنقابة المحامين في بيروت لإيداع الملف جوابها الصريح سلبًا أوإيجابًا بمنح الإذن بملاحقة المحاميين بالنسبة لجرميْ التدخل في التزوير واستعمال المزور خلال مهلة أسبوع من تبلغ القرار.
كما استجابت الهيئة إلى طلبات التوسّع في التحقيق المقدمة من كلّ من المدعى عليهم، انطلاقًا من “سلطتها الشاملة في تقدير الأدلة ومقاربتها” وقرّرت وفقًا لما طلبوه “تسطير مذكرة إلى أمانة سرّ المجلس المركزي في مصرف لبنان لإيداع الملف صور طبق الأصل عن محاضر الجلسات المنعقدة بتاريخ 2/12/2015 و30/3/2016 و1/6/2016 و23/6/2016، وذلك خلال مهلة أسبوع من تاريخ تبلغها القرار الراهن، وعلى أن ينظر لاحقًا بالمقتضى”.
بالإضافة إلى ذلك، بتّ القرار في طلبي المحاميين المدعى عليهما لإلغاء مذكرتي التوقيف الغيابيتين الصادرتين في حقهما. وكان قاضي التحقيق قد أصدر المذكرتين إنفاذًا لقرار الهيئة الاتهامية في بيروت بتاريخ 19/2/2025 التي فسخت قراره بترك المحاميين لقاء كفالة مالية. وفي هذا القرار، ردّت الهيئة طلب تويني باسترداد المذكرة في حقه نظرًا لعدم موافقة النيابة العامة عليه، وهو شرط لازم لقبول طلب الاسترداد وفقًا للمادة 110 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. في المقابل، قبلت طلب عيسى الخوري إبطال المذكرة الصادرة في حقّه، وذلك بسبب عدم قانونية إجراءات تبليغه بموعد الجلسة، ما ينفي حالة التواري عن الأنظار التي تبرّر التوقيف الغيابي. وعليه، دعت الهيئة عيسى الخوري للمثول أمامها في تاريخ 17/6/2025، على أن يصار إلى إجراء المقتضى القانوني في ضوئها، مبقية على قرار منع سفره لمدة شهرين.
هذا القرار يستدعي الملاحظات التالية:
تطبيق ضمني لمفهوم الجناية “ذات الخطر الشامل”؟
يثير هذا القرار، في شقّه المتعلق بردّ طلب إخلاء سبيل سلامة، مسألة بالغة الأهمية تتعلق بالمدة القصوى للتوقيف الاحتياطي. وبحسب المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن الحد الأقصى للتوقيف الاحتياطي في الجنايات هو ستة أشهر، قابلة للتجديد مرة واحدة بقرار معلّل. غير أنّ المادة نفسها تستثني في فقرتها الثانية بعض الجنايات المحددة من هذا القيد الزمني، وهي جنايات “القتل، والمخدّرات، والاعتداء على أمن الدولة، والجنايات ذات الخطر الشامل، وجرائم الإرهاب”، حيث يمكن تمديد التوقيف من دون سقف محدّد.
وكان سلامة قد أعاب على قاضي التحقيق ردّ طلب إخلاء السبيل كون مدّة توقيفه قد تجاوزت السبعة أشهر من دون أن يعلل قرار إبقائه موقوفًا، ما يستدعي إخلاء سبيله لا سيما نظرًا لوضعه الصحي الدقيق. وفي قرارها، لم تكتفِ الهيئة الاتهامية بتمديد توقيف الحاكم السابق لمصرف لبنان لستة أشهر إضافية، بل اعتبرت أن وضعيته تندرج ضمن الفئات التي لا تستفيد من قاعدة الحدّ الأقصى للتوقيف الاحتياطي مما يُجيز توقيفه خلال محاكمته من دون أي سقف زمنيّ. ويلحظ هنا أن الهيئة اكتفت بالإشارة إلى “اتّسام الأفعال المسندة إليه بدرجة من الخطورة أتى مطلع الفقرة الثانية من المادة 108 أ.م.ج. على ذكرها”. ومؤدى ذلك أنها اعتبرتْ ضمنًا أنّ الجرائم المنسوبة لسلامة (اختلاس وسرقة أموال عامة وتزوير واستعمال مزوّر) قد تشكّل “جنايات ذات الخطر الشامل” من دون أن تجد حاجة لمزيد من التعليل في هذا الخصوص.
والواقع أن إعراض الهيئة عن تعليل موقفها يقبل الانتقاد، لسببين: الأول، أن مؤدى قرارها هو حرمان سلامة من قاعدة الحدّ الأقصى للتوقيف الاحتياطي والتي تشكل إحدى ضمانات الحرية الشخصية وقرينة البراءة. ومن هنا ونظرا لخطورة نتائج هذا التوجه وتأثيرها على تمتع مواطنين بحقوق دستورية، فإنه كان حريا بالهيئة أن تعلل قرارها التعليل الكافي لهذه الجهة. والثاني، أنّنا وفق المعلومات المتاحة لدينا أمام التطبيق القضائي الأول لمفهوم “الجناية ذات الخطر الشامل” المنصوص عليه في المادة 108 المذكورة أعلاه. ومن هنا، كان حريا بالهيئة أن تعمل على ضبط هذا المفهوم وتفسيره بصورة ضيقة منعا لأيّ توسع أو تعسف في استخدامه على نحو يؤدّي إلى تقويض ضمانة الحدّ الأقصى للتوقيف الاحتياطي. فما هو السبب الذي حمل الهيئة إلى اعتبار الجنايات المنسوبة إلى رياض سلامة جنايات ذات خطر شامل؟ وهل يرتبط موقفها المذكور بالمنصب الذي كان يشغله سلامة عند ارتكابه الأفعال المعزوة إليه وهو منصب حاكم مصرف لبنان، مع ما يتيحه هذا المنصب من تحكم بثروات اللبنانيين وسلامة نقدهم؟ أم أنه يرتبط بانعكاسات هذه الأفعال على النقد والاقتصاد الوطنيين، مما يجعلها جنايات ذات خطر شامل؟ وهل هي كذلك بحدّ ذاتها أم بحكم اندراجها ضمن سلسلة من الأفعال المماثلة يرجح أن تكون تسببت في الهندسات المالية والفجوة المالية الضخمة الناجمة عنها؟ أم أنه يرتبط بطبيعة الأموال موضوع الجريمة (أموال مصرف لبنان العامّة) أو حجمها (علما أن الأموال التي تشملها هذه القضية تصل إلى 44 مليون د.أ فقط) أم بالأساليب المستخدمة لارتكاب الجريمة؟
ويذكر هنا أن النائب بلال عبد الله كان قدم اقتراح قانون بإلغاء الاستثناءات المنصوص عنها في هذه المادة والتي استندت إليها الهيئة الاتهامية لرد طلب إخلاء سبيل سلامة مقابل رفع سقف مدة التوقيف القصوى في الجرائم الخطيرة.
أمّا لجهة ضرورة استمرار توقيف سلامة، فقد اعتبرت الهيئة أنّ إخلاء سبيله قد يؤدي إلى “عرقلة حسن سير التحقيق والتأثير على سير العدالة، مثل احتمال إتلاف الأدلة أو التأثير على الشهود والضغط عليهم، أو حتى إثارة اضطرابات قد تتصف بالطابع الاجتماعي أو الاقتصادي”. وإن جاء هذا التعليل مقتضبًا، إلا أنّ الأسباب التي استندت إليها الهيئة تتلاءم مع شروط التوقيف الاحتياطي المنصوص عنها في المادة 107 من أصول المحاكمات الجزائية التي توجب أن يكون قرار التوقيف معللا وأن يهدف إلى حماية حسن سير العدالة والتحقيق، علمًا أنّ الممارسة القضائيّة الحالية نادرًا ما توضح المصالح التي تستوجب استمرار التوقيف. ويسجّل بالمقابل أن الهيئة لم تتوقف في قرارها أمام الوضع الصحّي لسلامة رغم إدلائه بذلك، وهو أمر ضروري من أجل إحقاق التوازن بين ضرورة استمرار التوقيف لمتطلبات التحقيق وضمان حقوق الموقوف، بخاصّة نظرًا لتداول أنباء عن تدهور وضعه الصحّي.
توسّع غير مبرّر لـ “حصانة” المحامين
من جهة أخرى، أعاد القرار بشقه المتصل بطلبات المحاميين تويني وعيسى الخوري مسألة الحصانات في قضايا الفساد إلى الواجهة. فقد فسخت الهيئة القرار الظنّي لجهة اعتبار أفعالهما من نوع التدخّل في جنايات التزوير واستعمال المزوّر والإثراء غير المشروع، لعدم الحصول على إذن مسبق من نقابة المحامين في بيروت بشأن ورقة الطلب الإلحاقية التي ادّعت فيها النيابة العامة بالأفعال المذكورة. وقد ذهبت الهيئة في هذا الاتجاه رغم أن النقابة كانت منحت الإذن بملاحقة المحاميين في جرائم التدخّل في جنايات الاختلاس والسرقة في القضية نفسها. وعليه، قررت الهيئة الاتهامية الطلب من نقابة المحامين إيداع “جوابها الصريح سلبًا أو إيجابًا” بشأن الإذن بملاحقة المحاميين خلال مهلة أسبوع (وليس شهرًا) من تاريخ تبلغها القرار. ولم نتمكن من التبثت بعد ما إذا كانت النقابة قد استجابت لهذا الطلب.
وكانت الهيئة قد قررت في تاريخ 4/12/2024 أنّ الادعاء الإلحاقي بحقهما يستوجب الاستحصال على إذن ملاحقة جديد لاعتبارها أنّه “لا يستقيم القول بأن الإذن بملاحقة المحامي الممنوح من نقابة المحامين هو إذن عام، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 79 محاماة المنوّه عنها قد حددت صراحة أن الإذن المعطى محصور بفعلٍ واحدٍ ولا يمتدّ على أفعال جديدة ظهرت أو استجدّت أثناء السّير بإجراءات التحقيق أو المحاكمة”، وأنّه “إذا ظهر أيّ فعلٍ جرميّ جديد أو استجدّ أيّ فعلٍ آخر بعد الاستحصال على الإذن المنوّه عنه بالملاحقة، وجب على المرجع القضائي الملاحق الاستحصال على إذن جديد بالفعل الجديد أو المستجدّ، باعتبار أنّ كلّ فعلٍ جرمي، سواء كان ناشئًا عن ممارسة المهنة أو خارجًا عنها، هو مستقلّ من حيث طبيعته وخصائصه والعقوبة المفروضة عليه.” وقد وجدت الهيئة أنّ “بعضًا من الأفعال” موضوع الإدعاء الإلحاقي “لم ترد في الملاحقة الأولى” والتي على أساسها حصل الإذن الأوّل، مما يستوجب طلب إذن جديد من مجلس النقابة المحامين.
إلا أنّ الهيئة لم توضح في كلا قراريها (السابق والحاضر) ما هي هذه الأفعال الجديدة، مما يُصعب، في ظلّ سرية ملف التحقيق، تقييم مدى توّفر شرط الأفعال الجديدة الذي يبرر طلب إذن جديد، خصوصًا أن القرار الظني أيضًا لم يتضمن ما يكفي من المعلومات لتحديد مدى استناد الإدعاء الإلحاقي إلى الأفعال نفسها التي استند إليها الادعاء الأساسي، ما قد يعني عدم ضرورة طلب إذن ملاحقة جديد من نقابة المحامين، أو استنادها إلى أفعال جديدة قد تبرر الحاجة لطلب إذن جديد.
وهذا التوجه يقبل الانتقاد لأسباب عدة:
أولا، أن إذن الملاحقة، بحسب المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، ينبق على الأفعال موضوع الملاحقة ومدى ارتباطها بممارسة مهنة المحاماة، وليس على التوصيف القانوني الذي قد تعتمده النيابة العامة أو القاضي لاحقًا. وهذا ما كانت قد أكدته محكمة التمييز في عدد من قراراتها [1].
ثانيا، أن قاضي التحقيق كان قد طلب قبل إصدار قراره الظني وتحديدا في تاريخ 30/1/2025 من نقابة المحامين منحه إذنا بالملاحقة. وقد ردّ مجلس النقابة على ذلك في تاريخ 31/3/2025 (أي بعد شهرين) بكتاب مبهم طلبت فيه “التريث بإعطاء الإذن إلى حين تزويدها بالمستندات اللازمة”، مشددة على أنّه “لم يتمّ إعطاء الإذن بملاحقة المحامي مروان عيسى الخوري لا بشكل صريح أو ضمني بالأفعال الموصوفة بالتزوير واستعمال المزور والإثراء غير المشروع في دعوى شركة أوبتيموم”.
وفيما تنصّ المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة على أن على مجلس النقابة إصدار قرار صريح خلال مهلة شهر من تاريخ إبلاغ النقيب من دون جواز التريث في بت الطلب، تحت طائلة اعتبار الإذن واقعًا ضمنًا إذا انقضت المهلة دون صدوره، كان بإمكان الهيئة اعتبار أنّ الإذن قد مُنح بشكل ضمني. إلا أنها تجاوزت هذه القاعدة من دون توضيح الأسباب لذلك.
ومن هنا، تبرز مسؤولية النقابة في التعامل مع هذه القضيّة بما يتناسب مع خطورتها. فالهدف من حصانة المحامين هو حماية استقلالية المحامي في ممارسة مهنته في الدفاع عن موكليه، وليس بحال من الأحوال تمكين أي منهم الإفلات من العقاب. وكانت المفكرة قد وثقت حالات عدة تمت الإساءة فيها في استخدام هذه الحصانة، منها ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، والقضية التي عُرفت بقضية “سماسرة العدلية“.
لا حصانات في قضايا الإثراء غير المشروع
في المقابل، يسجل للهيئة الاتهامية ردّها طلب المحامييْن بفسخ قرار قاضي التحقيق الظني بشأن التدخل في جرم الإثراء غير المشروع، معتبرة أنّ المادة 8 من قانون الإثراء غير المشروع القديم (رقم 154/1999)، وكذلك الفقرة “ج” من المادة 11 من القانون الجديد (رقم 189/2020)، تنصّان بوضوح على أن الأذونات أو التراخيص المسبقة المنصوص عليها في القوانين لا تحول دون الملاحقة الجزائية.
وإن كانت الهيئة قد أشارت إلى القانون الجديد، إلا أنها استندت فعليًا إلى نص القانون القديم لتثبيت وجهتها، علمًا أن قاضي التحقيق في قراره الظني كان قد اعتبر أيضًا أن القانون القديم هو الواجب التطبيق على الدعوى، خلافًا لموقف النيابة العامة المالية التي استندت إلى القانون الجديد. وقد اعتبرت “المفكرة” أنّ هذا التوجه غير مبرّر قانونًا، باعتبار أن المعيار الذي يُفترض اعتماده لتحديد القانون الواجب التطبيق هو تاريخ انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، وليس تاريخ ارتكاب الفعل.
التوسّع في التحقيق ضرورة لضمان العدالة
من بين أبرز ما تضمّنه قرار الهيئة الاتهامية، توسّعها في التحقيق في القضية، من خلال طلبها من المجلس المركزي في مصرف لبنان إيداع صور عن محاضر جلسات محدّدة، ضمن مهلة أسبوع من تاريخ تبلّغ القرار. وعلى الرغم من أنّ هذا التوسّع جاء تلبيةً لطلبات مقدّمة من المدعى عليهم، إلا أنّه يُعدّ ضرورة في جميع الأحوال لضمان حسن سير العدالة.
وقد سبق أن دعت “المفكرة القانونية” إلى هذا التوسّع في تعليقها على القرار الظني، الذي رأت فيه ما يبعث على القلق لناحية حصر التحقيق بمبالغ محدودة نسبيًا، وبعدد من الأشخاص دون غيرهم، من دون التطرّق إلى جريمة تبييض الأموال، رغم المعطيات التي تشير إلى عمولات ضخمة مرّت عبر “أوبتيموم”، ما يُرجّح تورّط أطراف إضافية قد تكون عرضة للملاحقة الجزائية والمدنية.
وتزداد جدّية هذه المخاوف بالنظر إلى الإجراءات التي اتُّخذت سابقًا لكفّ يد النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، عن الملف، ومنها مخاصمتها أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، والتعميم على الضابطة العدلية بعدم تنفيذ إشاراتها، ورفض حاكم مصرف لبنان بالإنابة، وسيم منصوري، تزويدها بالمعلومات، فضلًا عن إقصاء هيئة القضايا عن مسار التحقيق، في محاولة للتحكّم بإطاره دون أي رقابة خارجية.
وعليه، فإنّ التوسّع في التحقيق يُشكّل ضرورة جوهرية، ومن أبرز مظاهره الواجب اعتمادها إشراك الدولة في الدعوى كمدعية، بصفتها الطرف الأكثر تضررًا، إذ يُعدّ وجود الدولة طرفًا مدعيًا ضمانة أساسية وفعّالة لحسن سير العدالة، وسلامة الإجراءات، وصون الحق العام.
[1] قرار رقم 2 صادر عن محكمة التمييز (الغرفة الجزائية الثالثة) بتاريخ 10/1/2017 منشور في موسوعة صادر الالكترونية:
“حيث إن الإذن المعطى من قبل وزير الاتصالات يكون شاملًا كل الوقائع المتعلقة بمجريات التحقيق المتعلقة بالإهمال الوظيفي وهدر المال العام ومنظومة الاتصالات الحاصلة خلافًا للأصول القانونية… يعود للنيابة العامة المالية استنادًا إلى النصوص الجزائية بالأوصاف القانونية التي وجدتها ملائمة تبعًا لما استقته من التحقيقات الأولية الجارية في القضية والتي جرى على أساسها إعطاء الإذن بالملاحقة، والتي يعود في كل حال بعد ذلك لقضاء التحقيق الواضع يده على الدعوى إعطاء التكييف القانوني الذي يراه ملائمًا لها. وحيث إن إذن الملاحقة ينحصر في المرحلة السابقة للادعاء وتحريك دعوى الحق العام ولا يتعدّاه إلى ما بعد هذا الادعاء ليشمل الأوصاف القانونية التي جرى ذكرها في الادعاء…”
قرار رقم 302 صادر عن محكمة التمييز بتاريخ 3/10/2007، منشور في موسوعة صادر الالكترونية:
“حيث أنه من الرجوع إلى الأوراق يتبيّن أن المميز عليه قدم شكوى عدد فيها الأفعال التي ينسبها إلى المدعى عليه المميز وأن قرارًا صدر عن نقابة المحامين رخّص بملاحقته وقد ادعت النيابة العامة لاحقًا استنادًا إلى الشكوى والترخيص. وحيث إن ما يعوَّل عليه هو الأفعال الجرمية المدعى بها بصرف النظر عن الوصف الذي اعتمدته النيابة العامة، وبذلك فإنه لا يحتاج الأمر لترخيص آخر يصدر عن النقابة”