قدّمت نقابة المحامين في بيروت دعوى إفلاسية ضد أحد المصارف على أساس القانون 2/1967 الصادر بتاريخ 16/1/1967، في محاولة منها لوضع حدّ لتوقف المصارف عن تسديد الودائع وتقييد حقوق المودعين لديها وفق ما تراه مناسبا من دون أن يترتب عليها أي نتائج على صعيد إدارتها أو موجوداتها. انطلاقا من ذلك، رأينا من المهم العودة إلى ظروف وضع هذا القانون والتي اتصلت بدرجة كبيرة بأزمة إعلان إفلاس بنك إنترا (المحرر).
“بإقرار مجلس الوزراء مشروع القانون المتعلق ببنك إنترا بالصيغة التي أقر بها، أي كقانون عام ينطبق على جميع حالات توقف المؤسسات المصرفية عن الدفع على نحو يهدد سلامة الوضع الاقتصادي – بإقرار هذا المشروع وضع مجلس الوزراء حدّا للملابسات التي كانت قد بدأتْ تحيط قضية انترا بشبكة عنكبوت تجعل الخروج منها مستحيلا، بل تجعل إعلان الإفلاس أمرا محتوما”. (مطلع مقال مانشيت النهار في 20/12/1966).
أزمة التضخّم والأزمة المصرفيّة التي ألمّت بلبنان في بدايات 1964 وتوجّت يوم 14 تشرين الأول 1966 مع توقف أكبر مصرف لبناني آنذاك (بنك إنترا) عن الدفع، دفعتْ الحكومة إلى إقرار مجموعة قوانين حفظاً لحقوق المودعين والدائنين، ومنعاً لارتدادات يمكن أن تنجم عن إجراءات الإفلاس قضائياً. كان لا بدّ من هذه التشريعات، لأن قانونيْ التجارة والنقد والتسليف لم يلحظا إجراءات خاصّة يمكن أن تتّخذ على إثر إفلاس مصرف، رغم أن حالة إفلاس المصرف مختلفة تماماً عن حالة إفلاس أيّ مؤسسة أخرى. ورغم تمنّع جمعية المصارف عموما عن وضع أي قواعد ناظمة للمصارف الخاصة (وهذا ما تجلى أيضا في مفاوضاتها عام 1964 مع بيروقراطيّي “مصرف سوريا ولبنان” حول إقرار قانون النقد والتسليف[1])، فإنها تقبّلت مبدأ وضع هذه القواعد لعلمها بأن من شأن غيابها أن يهدّد تكوين أي ثروة مودعة أو فائضة في الاقتصاد وتاليا مستقبل القطاع المصرفي برمته.
وكان قانون رقم 76/2 المعروف ب “قانون إنترا” أبرز التشريعات، ويتعلّق بتوقّف المصارف عن الدفع. وأشارت أسبابه الموجبة الى أن “النتائج العادية التي تترتب على توقف مؤسسة تجارية عن الدفع أو على إفلاسها تصبح غير عادية في حالة المصارف نظراً لما لها من تأثير على الاقتصاد العام”، وأن التصفية قد لا تكون في صالح مجموعة الدائنين وقد لا تتم على خطة تراعي أحوال بعض المؤسسات التجارية والصناعية. بمعنى آخر، حين يجازف مصرف ما بأموال ليست له، فهو يجازف أيضاً بالثقة بالقطاع الائتماني ككل. علماً أن هذه المجازفة يعظم شأنها في اقتصاد جُعل قائماً في بنيته على الخدمات المالية والتجارية وودائع المغتربين وودائع “ريع نفط الخليج العربي”.
وكان من مميّزات تلك الحقبة ممارسة المجلس النيابي دوره في النقاش السياسي، وكان حرص داخل المجلس على فصل النقاش القضائي عن النقاش السياسي -عبر إقرار أغلب النواب بالسلطة القضائية-، وعلى فصل النقاش السياسي بين سياسة (مالية) خارجية محكومة بتوازنات يضمنها غالباً رئيس الجمهورية، وسياسة (مالية) داخلية وهي المجال المتاح للمجلس للخروج بتشريعات إصلاحيّة أو رجعيّة في النظام. ولم تكن من معارضة فعليّة للنظام أو لصيغة التوازنات القائمة من داخل المجلس. فمن كان يطالب بقاعدة معلومات اقتصادية إحصائية شاملة لبناء اقتصاد منظّم وقتذاك، لم يأت من خارج القوى التقليديّة (كالكتائب) المتبنيّة لصيغة ميشال شيحا حول الليبرالية الاقتصادية. بالمقابل، يمكن مطالعة خطابات رؤساء حكومات سابقين (مثل سامي الصلح وصائب سلام) ينتقدون غياب الرقابة على المصارف، الأمر الذي أتى في معرض التنافس والانتقاد للحكومة التي كانت قائمة. أمّا الأطراف الأخرى (في مقدمتها جبهة بقيادة كمال جنبلاط)، فلم تكن توجّه نقداً للتوجّهات الاقتصادية العامة أو لجمعية المصارف بقدر ما كانت تكتفي بحفظ هامش في الحكم، وتمحور خطابها حول تعزيز السياسات التنموية، كالمطالبة ببنك قروض تنموية. الجانب التنموي هذا يلتقي مع التوجهات العامة لرئيس الجمهورية آنذاك شارل الحلو ومع أحد أبرز المرشحين الدائمين لرئاسة مجلس الوزراء رشيد كرامي. بالتالي، معظم المراسيم والتشريعات تلك الفترة، لم تخرج عن صيغة التوازنات هذه فيما يتعلّق بالوضع الاقتصاد الداخلي.
لا إحصاءات ولا مقاربات علمية للاقتصاد… والأزمة تلوح في الأفق
في السنتين اللاحقتين لإنشاء المصرف المركزي (عامي 1964 و1965)، كان الإداريون في المصرف يشكون من غياب المعلومات الإحصائية لتكوين صورة كاملة حول الاقتصاد الوطني. فلم تكن هنالك أيّة أرقام حول الناتج القومي الإجمالي. وهو ما دعاه النائب موريس جميّل بالاقتصاد العفوي (Spontanée) كردّ على رئيس الوزراء السابق صائب سلام الذي وصف الاقتصاد بالفوضويّ (جاء كلام الأخير في معرض نقده لحكومة عبد الله اليافي في إثر توقف بنك إنترا عن الدفع). لكن بالرغم من غياب الصورة الشاملة حول الوضع الاقتصادي، كان بالإمكان كشف الأسباب البنيويّة لأزمة التضخّم في أواسط الستينيات، مما توفّر من معطيات تشير بوضوح إلى غياب التوازن بين القطاعات الاقتصادية لمصلحة القطاع التجاري والمصرفي، علاوة على غياب التوازن في الميزان التجاري. أحد تقارير وزارة الاقتصاد، أشار إلى الخلل لصالح القطاع الخدماتي والذي شكّل وقتذاك أكثر من 66% من مجموع الدخل القومي، وأشار إلى أن “ميزان التجارة ما يزال يتميز بعجز كبير ضد مصالح لبنان نتيجة اتباع سياسة حرية التبادل التي تكاد أن تكون مطلقة”[2]. لكن كان يقدّم هذا الأمر على أنه مرتبط بالموقع الجغرافي والمناخ المعتدل للبنان، وأنه ميزة اقتصادية للبنان وليس خللاً بنيوياً. فبدلاً من السعي لتصليح هذا الخلل، ارتأى المركزي قبيل أزمة “إنترا” مداواة الداء بالداء عبر حلول من قبيل (رفع الضريبة عن الودائع المصرفية) [3].
في 8 نيسان 1965، افتتح وزير الاقتصاد بهيج تقيّ الدين جلسة نقاش لمجلس النواب حول غلاء المعيشة، فكان الوزير يشكو من تهديد جمعيّة التّجار بالإضراب إذا ما قامت الوزارة بتحديد أسعار السلع. وكانت إحدى المداخلات للنائب منير أبو فاضل أحد أعضاء مجلس إدارة في “بنك إنترا”، سعى فيها إلى التشويش على النقاش من خلال سرد أرقام حول ارتفاع حجم الودائع معتبراً أن لبنان يعيش في نعمة. قال أبو فاضل أن “الودائع في سنة 1952 كانت في هذا البلد الحبيب لا تزيد عن 600 مليون ليرة لبنانية، وفي سنة 1959 ارتفعت الودائع في لبنان إلى مليار و600 مليون ليرة لبنانية. أما اليوم فبفضل سياستنا الاقتصادية والمالية والسياسية الحرة، ارتفعت الودائع إلى مليارين و500 مليون ليرة لبنانية، وهذه الأرقام أثبتها حيث أني تثبتها من البنوك في لبنان.”… هكذا كانت تسير النقاشات اعتباطياً من خلال تقديم تضخّم الودائع على أنه تضخّم في الناتج، ومن دون أرقام توضح مسار الوضع المالي على حقيقته.
في نهاية عام 1965، تراجع التفاؤل المروّج له، بعد انهيار ثلاثة مصارف. ووجد المصرف المركزي نفسه أمام أزمة سيولة. بالمقابل، كانت الدولة تتّجه إلى مرحلة عجز في الموازنة العامة. في الواقع، كان القطاع المصرفي يدرك وجود أزمة. من هنا، أتى تفاهم رئيس جمعيّة المصارف بيار إدّه مع حاكم المصرف المركزي حول ضرورة تحديد عدد المصارف في لبنان [4]. ومن هنا دعوة المصارف الكبيرة للمصارف الصغيرة الى الاندماج فيما بينها [5]. ومن هنا أيضا دعوة جمعية المصارف، المصرف المركزي، إلى منع المصارف الأجنبية من افتتاح فروع لها خارج بيروت [6]. كلّ من هذه الدعوات الثلاث حصلت في الأسبوع الأول من عام 1966. حتى أنّ النقاشات حول وجود أزمة، والكلام عن مشاكل في حسابات مصرف إنترا، كان متداولاً في الصالونات السياسيّة دون أن يظهر على العلن، وهذا ما نتبينه من خطابات وتعليقات لاحقة على ظهور الأزمة.
لا زلنا في بداية العام 1966: افتتح رئيس الحكومة رشيد كرامي جلسة مناقشة للموازنة العامة قال فيها “أن الدولة عمدت منذ سنة 1961 إلى نهج سياسة اقتصادية مالية تتناسب مع سياسة العصر الذي تعيشه، أي توفير حاجة البلاد من الكهرباء والمياه والطرقات”. وتحدّث كرامي عن المشاريع التي تحمّلت الموازنة أعباءها ليخلص إلى أنه قد نتج عن ذلك استنفاد الاحتياط [7] (بمعنى آخر لم يكن الحديث عن “معجزة اقتصاديّة” أوّل الخمسينيات سوى تعمية عن غياب الخدمات والإنفاق الاجتماعي والتنموي قبل ثورة 1958). في 15 كانون الثاني 1966، قال رئيس الدائرة الاقتصادية في الجامعة الأميركية – وقتذاك – الياس سابا، في مقابلة له مع “جريدة النهار” معلقاً على كلام الرئيس كرامي، بأنه كان دبلوماسياً أكثر منه رجل علم إذ أن “مال الاحتياط لم ينفذْ وحسب هو قد وقع في عجز بلغ نهاية عام 1964 حوالي 94 مليون ليرة”. والسبب أن الدولة كانت تضع المشاريع دون تخطيط كافٍ لشكل الاعتمادات، بحيث كانت تدوّر سنة بعد سنة وتراكمت مجموعة مشاريع على هذا النحو [8]. وعلى الرغم من عدم كفاية واردات الدولة لمصاريف التنمية بعد نفاد الاحتياط، دأبت الأوساط المصرفية تبشّر بالمستقبل المشرق، فصرح بيار إدّه في شباط 1966، أنّه “لا مجال للخوف على مستقبل الاقتصاد اللبناني”[9]، ورأى أن لبنان سيكون مصرف العالم العربي.
في آذار من السنة نفسها، حصل أمر مثير للريبة في السوق المالية لبيروت، إذ عرضت كمية كبيرة من الدولارات في السوق المالية للبيع، والسبب وفقاً لأحد المقالات الصحافية، أن الذين باعوا تلك الكميات من الدولارات (12 مليون دولار خلال 11 يوم) [10] أرادوا شراءها لاحقاً على سعر منخفض وكسب المال من خلال هذه المضاربة. استمرّت التذبذبات في السوق المالية. ولم تدمْ الحكومة الثالثة في عهد الحلو طويلاً، وتمّ تكليف عبد الله اليافي بتشكيل حكومة جديدة، وستكون هذه الحكومة حكومة الأزمة. تطرّق البيان الوزاري، في 27 نيسان 1966، إلى مسألة النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، إلا أنّ البيان لم يتطرّق إلى إصلاح الوضع المالي والمصرفي، وكأنه لا توجد أزمة تلوح بالأفق. في المقابل كانت هناك دعوات من الخبراء لتصحيح الوضع المالي. وفي أواخر أيار، دعا الياس سابا وزارة المالية لتتحمّل مسؤوليتها في “عمليّة كبت جماح وتقويم شطحات النظام الاقتصادي الحر”[11]، على اعتبار أن الوزارة هي المهيمنة على السياسة المالية في البلاد (كان رئيس الحكومة نفسه وزيراً للمالية). كما دعا المصرف المركزي إلى تأمين سلامة الوضع المصرفي وجمع المعلومات والإحصاءات الكافية عن الحالة النقدية والاقتصادية في البلاد، وانتهى إلى القول أن “عدم الاستقرار هذا إذا استشرى سيؤدي من دون ريب إلى انهيار الكثير من مداميك الاقتصاد اللبناني”.
الشهرين الأولين: استنفار ونقاشات وإجراءات أوليّة لاستيعاب الصدمة
استمرّت اضطرابات السوق المالية وهو الأمر الذي اعتبره البعض حينها امتدادا للأزمة العالمية الحاصلة في أواسط عام 1966. وكان المركزيّ يعمل على تأمين سيولة لكلّ المصارف ضمن الحدود التي يتيحها له القانون لكن في ظلّ غياب المعطيات الاقتصادية الواضحة حول الوضع العام المالي للمصارف. وفي تشرين الأول، بدأ عدد من المودعين يتهافتون على المصارف لسحب ودائعهم، وبدأت المصارف تطالب المصرف المركزي بتأمين السيولة مجدداً، إلى أن توقف “بنك إنترا” عن الدفع في 14 تشرين الأول 1966. أدّى ذلك إلى استنفار عام سياسي واقتصادي. اتّخذت الحكومة إجراءات استثنائيّة لتأمين السيولة اللازمة لسائر المصارف عن طريق المصرف المركزي لقاء ضمانات من المصارف تكفل تسديد المبالغ المسلّفة. وطلبت الحكومة من المركزي اتخاذ التدابير اللازمة خارج نطاق قانون النقد والتسليف. بالمقابل، خُتمت مكاتب “بنك إنترا” بالشمع الأحمر[12]، ووضع تحت حراسة قوى الأمن. كما أبلغ عدد من النواب الصحافة أنهم يعدّون استجوابات للحكومة حول قضيّة “إنترا” [13]، تدور حول مسؤولية كل من وزارة المالية والمصرف المركزي (كان حاكم المركزي فيليب تقلا وزيراً للعدل). وجرت اجتماعات عدة للبحث في الوضع.
عقد رئيس الجمهورية شارل حلو اجتماعا مع رئيس مجلس الوزراء وبعض الوزراء، واستمع إلى رئيس جمعية المصارف وعدد من الخبراء الاقتصاديين، كانت نتيجته تطمينات حول الوضع الاقتصادي، وحلولا تهدف إلى تأمين سيولة لكل المصارف [14]. ولم يكن واضحاً حينها إذا ما كان “بنك إنترا بين هذه المصارف، إذ أنّ الأخير قد طلب وفق بلاغ القصر حول الاجتماع “صلحاً وقائيًا”، في وقت لم يصدر وفق “النهار” أيّ تصريح رسميّ من البنك حول هذا الطلب. وقد كان النائب نجيب صالحه –المفوّض بصلاحيات رئاسة مجلس إدارة البنك – مفوضاً منه بتقديم هذا الطلب في حال لم يتمكن من تأمين السيولة. أمّا الوضع القانوني للبنك، في ذلك الوقت، فبقي غامضاً. وقد اتهم الوزير كمال جنبلاط الذي كان من بين المجتمعين في القصر، أطرافا خارجية بالتسبب بالأزمة، لكن بتسهيل من مسؤولين في المركزي وفي الحكومة، وطالب بمحاكمتهم ومحاكمة المسؤولين أيضاً في مصرف “إنترا”، مقدّماً رزمة حلول للخروج من الأزمة [15].
في اليوم التالي، أي في 16 تشرين الأوّل 1966، صرّحت الحكومة أن “بنك إنترا” لا يدخل في عداد المصارف التي أوجبت الحكومة نفسها بتأمين السيولة لها، واعتبرته متوقفاً عن الدفع بعد تبلّغها قرار مجلس إدارة البنك بطلب “الصلح الوقائي”[16]. وخصصت 800 مليون ليرة سيولة للمصارف، وهو مبلغ عدّ آنذاك وافياً [17]. وبدأ العمل التشريعي المترتب على الأزمة، مع إعادة طرح مشروع قانون قديم كان طرحه النائب طلحت اليافي، ليأتي في سياق إيجاد حلّ لأزمة السيولة النقديّة [18]، وهو قانون يهدف إلى تأمين الودائع المصرفية ويتمحور حول إنشاء مؤسسة وطنيّة لهذه الغاية. نشرت “النهار” مشروع القانون في 18/10/1966، وهو كان مطروحاً قبل ذلك بعام لكنه بقي أسيراً لنقاشات دائرة بين المصرف المركزي وجمعية المصارف حتى ذلك الوقت، وتضمّن المشروع بنوداً حول مراقبة المصارف وأخرى حول إجراءات تتّخذ في حال عجز المصارف عن الدفع. اليوم نفسه عقدتْ جلسة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد للمجلس [19]، بداية الجلسة ألقى كبير السنّ سامي الصلح كلمة قال فيها: “مرارا وتكراراً نبّهنا المسؤولين إلى وجوب مراقبة المصارف، فتبيّن لنا أن المراقبة كانت غير جدّية والشعب اليوم يطلب منّا ملاحقة المهملين والمقصرين، والذين خالفوا القوانين واستغلوا وانتفعوا ومصّوا دم هذا الشعب المسكين. إن الشعب يطالب بملاحقة الذين سبّبوا هذه الكارثة”.
وفي 21/10/1966، دعتْ لجنة المال النيابية الحكومة إلى تدويل قضيّة “إنترا” عبر تأليف لجنة من الخبراء العالميين [20] تكون مهمّتها معرفة أسباب توقّف “بنك إنترا” عن الدفع والتدقيق في الوضع المالي للمصرف توصلاً إلى اتّخاذ التدابير الملائمة. وخلال إحدى المناقشات التي جمعت اللجنة المالية مع الحكومة، أشار حاكم المصرف المركزي فيليب تقلا إلى أن قانون النقد والتسليف الحالي “لا يُمكّن المصرف المركزي من الاطلاع الكافي على أوضاع المصارف”[21]. كما قال أن “المركزي مدّ يد المساعدة لإنترا عندما طلبها وأمّن له سيولة 15 مليون ليرة”. لكن العجز كان يفوق المطلوب ولم يكن بإمكان المركزي تأمين سيولة أكبر.
ولعلّ مصرف “إنترا” بطلبه سيولة أكبر، أراد من الدولة أن تجازف وأن توسّع إنفاقها تبعاً لحجم توسّعه بما يخالف المنطق، -وهو الأمر الذي شهدناه في أزمتنا الحالية حين نقارن رأسمال المصارف مع مجمل الناتج القومي للدولة-. وقد سُجّلت مداخلة مُلفتة لرئيس جمعية المصارف بيار إدّه ميّز فيها بين فعل المجازفة -والذي اعتبره أساس عمل المصارف وأنه “للمصارف اللبنانية فضلٌ في نشر العمران والازدهار لأنها جازفت”- و”التصرّف الذي يمنعه القانون”. معتبراً أن ما أسماه “حادثة إنترا” هي نتيجة “تصرّف بعيد المدى”، نافياً أن تكون السريّة المصرفية تمنع الرقابة، ومطالباً بهيئة مستقلّة عن البنك المركزي تتولّى مراقبة المصارف.
أمّا “بنك إنترا” فكان أمام خيارين: فإمّا أن يُقبل طلب الصلح الوقائيّ الذي تقدّم به، أو يجري التوصّل إلى حلّ يمكّن البنك من استئناف عمله، ونكون بذلك أمام معاملة خاصة للبنك. كما كانت الدولة أمام أمرين[22] يتعلقان ب “من يستفيد من الأزمة؟”: المجتمع ككل أم مصالح خاصة بعينها. مثّل الاتجاه الأوّل وزير الأشغال كمال جنبلاط عارضاً أن تشتري الدولة أكثريّة أسهم بنك إنترا (وكان ملفتاً اقتراح الوزير كمال جنبلاط في ظل الأزمة دمج شركات الطيران الوطنية على أن يكون للحكومة فيها أكثريّة الأسهم) [23]. ومثّل الإتجاه الثاني بيار إدّه عارضاً أن “تأخذ الدولة المبادرة في التشجيع على تكوين مجموعة مالية لبنانية تتولى هي “تعويم” بنك “إنترا”. تزامن النقاش مع الدعوات لاستقالة الحكومة، ولاقت اقتراحات جنبلاط اعتراضات داخل الحكومة.
أمّا على الصعيد القضائي، فقد استدعى مدعي عام الاستئناف في بيروت منيف عويدات في 26 تشرين الأوّل رئيس وأعضاء مجلس إدارة بنك إنترا “للتحقيق معهم في أسباب توقف البنك عن الدفع وفي موجوداته ومطلوباته” [24].
في غياب المعطيات الواضحة تحكم العفوية والتبصير والتلاعب
انتقلت النقاشات في الحكومة إلى المجلس النيابي، على مدى جلستين 31 تشرين الأوّل و3 تشرين الثاني لمناقشة مشروع قانون يقضي بتأمين السيولة للمصارف [25] (غير مشروع تأمين الودائع) والتصديق على التدابير الاستثنائية التي نفّذها مصرف لبنان بطلب الحكومة اعتباراً من 16 تشرين الأول، كما يقضي بأن تعمد الحكومة إلى تطبيق ذات التدابير كلياً أو جزئياً خلال ستة أشهر من نشر القانون. وتركّز الجدل خلال الجلسة حول معرفة أساس المشكلة المالية الاقتصادية الاجتماعية التي أوصلت لبنان إلى الأزمة. وبدا الجميع مدافعاً عن المصارف بإلقاء أغلب اللوم على الحكومة مع حرصهم على الإشارة إلى سلامة الوضع الاقتصادي للبلاد. وذهب عدد قليل من النواب المدافعين عن مصرف إنترا إلى لوم “الفساد”.
النائب صائب سلام أشار إلى علم مسبق بواقع الأزمة، فتحدّث عن اجتماع أواسط تموز مع عدد من النواب يطلعهم أحد الخبراء فيه أن “وضع بنك إنترا مزعزع، وهو عرضة للانفجار في أية ساعة” وأعطاهم الخبير أرقاما مفصّلة حول وضع البنك تؤكّد خطورة وضعه المالي وتشير إلى تلاعب في الأرقام المالية وإنشاء شركات وهميّة كانت تخسر سنوياً مبالغ كبيرة وتقيّد ربحاً في دفاتر “إنترا” (راجع المعلومات المفصّلة في كلمة سلام [26]). وانتقد سلام، كما انتقد نواب آخرون غياب الرقابة على المصارف، ورأى أن “اقتصادنا هو اقتصاد الفوضى بل (الاقتصاد السايب) الذي لا رابط له ولا نظام”. نواب آخرون، مثل أديب الفرزلي، رفضوا تحميل المسؤولية ل “يوسف بيدس”، واعتبر الفرزلي أن “سياسة غضّ النظر والاهمال عن السرقات المتتالية المتوالية في لبنان، في كل الوزارات، من زمن بعيد إلى اليوم، تدعو أياً كان لأن يستهتر ويدوس بقدميْه كل كرامات الحكم وهيبات الحكم”. وغضّ الفرزلي النظر عن الأرقام والمعطيات التي طرحها سلام، معتبراً أنهم (أي النواب) “فقراء” من الناحية الحسابية والعلمية المالية. وذهب أبعد في الدفاع عن بيدس فقال: “من التجنّي أن نقول إنه أسّس هذه المؤسسة ليصل بها إلى حدّ يبتز فيه أموال الناس ليثري.”
النائب نهاد بويز عرض الحلول المطروحة [27] والتأرجح بينها، قال “إذا قيل الإفلاس قيل أنه الحل البغيض” معتبراُ أنه الحل الأخير الذي يمكن اللجوء إليه. وأضاف “يقال أيضاً الصلح الواقي، ولكن يجب أن لا يعلن الصلح الواقي ترضية لتصرفات تشوبها أكثر من شائبة.” وتابع “يقال أن هناك حلا قد يكون الحل الأوحد أو الوحيد، وهو أن تتضامن بعض قوى الرأسمالية في هذا البلد وتنشل هذه المؤسسة.” وهنا رأى بويز أنه يجب ألّا توزّع الحكومة “من صناديق الشعب” لتعطي المصارف، بخاصة وأن الدولة لم تتدخّل لتساعد الناس جراء “غير آفات المصارف” من آفات طبيعية وقعت، معطياً أمثلة عن كوارث ألمت بالمحصول لمزارعين وكوارث طبيعية وقعت، وانتهى إلى أنه “يجب أن تترتب المسؤولية على الأشخاص الذين تعتبرهم الدولة مسؤولين”. لكن بويز لم يفصل ما هو شأن تشريعي مالي عمّا هو شأن قضائي كإعلان الإفلاس. كما أنه بدا في الظاهر يدافع عن المال العام، لكن انتهى إلى حلّ من خلال “قانون إلزامي يلزم القوى المالية والمصرفية وغيرها بالمساهمة بإنقاذ هذه المؤسسة”، وأن تدير هذه القوى المؤسسة، فتكون هي المستفيد الأكبر من تركة إنترا دوناً عن المجتمع.
أمّا النائب موريس جميل فميّز في القضايا المطروحة بين: السياسة المالية الخاصة الداخلية -السياسة المالية بالنسبة إلى الخارج- و”نواح أخرى تنظر إلى هذه القضية نظرة سوء التصرف بالمؤسسة من قبل إدارة المؤسسة”- و”النواحي القضائية أي تحديد المسؤوليات للقيام ببعض الأعمال لا يجيزها القانون.” واعتبر أن المجلس غير مؤهّل للنظر في النواحي التقنية أو الاقتصادية، ويجب النظر في “الأمور السياسية البحتة”. وأضاف “هل بامكاننا أن نشترع في قضية لا تتوفر لنا فيها الملفات ولا الإحصاءات؟ وهل يحق لنا أن نشترع في أمور نجهلها؟”. وخلص إلى أن التشريع في لبنان ناقص من نواح عديدة. قال “قوانين بدائية ناقصة لاقتصاد عفوي يسمى اقتصاد Spontanée “، وطلب عدم استخدام تعبير “اقتصاد فوضوي”، لأن هذا التعبير برأيه لا ينطبق تماماً على الاقتصاد اللبناني. وتابع أنّه “لم يعد يبحث الآن في كلمة اسمها اقتصاد حر بالمعنى المعطى لها في البلد ولا اقتصاد موجه. الاقتصاد في العالم كله اليوم هو اقتصاد منظّم. لأن الاقتصاد أصبح علماً وتقنية ومسائل حسابية.”
بناء على التمييز الذي أقامه جميّل، وفي السياسة، فإنّ أغلب النوّاب حمّل الحكومة مسؤولية الأزمة. النائب جوزيف مغبغب ارتأى تحميل الحكومة سبب الأزمة. قال أنّ “العبرة في السياسة تؤخذ من الأعمال ونتائجها وليس من الجهود والنوايا” وأضاف أنه في “الأعراف البرلمانية، بمجرد حصول حادث كالذي حصل في لبنان يجب أن تستقيل الحكومة، ومن باب أولى يجب أن تستقيل عندما تكون ضالعة بما وصلت إليه البلاد”. وأضاف أن يوسف بيدس “ربما يكون مسؤولاً عن أمور كثيرة ابتداء من توسع أعمال البنك إلى صرف النفوذ واستغلال المصرف لمنافع خاصة، وربما يقال إنه تصرف في لبنان كالشركات الاستعمارية التي افتتحت بلدانا مختلفة فأحكمت حولها الطوق وسيطرت على جميع مرافقها الحيوية. وربما يقال أيضاً إنه قامر وبذّر فخان الأمانة ولكن، ما كان يتيسر ليوسف بيدس ولا لسواه أن يتصرف هذا التصرف لو لم يبدأ بالسيطرة على أجهزة الدولة”. وأضاف أن هناك من جاء منذ أشهر يقول للحكومة بأن أوضاع بنك إنترا مهددة بأزمة سيولة متسائلاً “ماذا فعلت الحكومة منذ شهر تموز؟ حيث أنذرت خطياً ببوادر الأزمة وإلى منتصف شهر تشرين الأول؟…” وانتهى إلى أن “هذه الحكومة تعيش على هامش الأزمة وتعالجها بتدابير هي بالواقع، على هامش التدابير الجذرية.”
النائب عبد العزيز شهاب تساءل بدوره: “ألم يكن باستطاعة الحكومة، عندما علمت بأن حالة بنك إنترا تدعو إلى القلق، منذ شهر تموز أو آب، أن تتخذ، حيال هذا المصرف دون سواه، بعض التدابير التي اتخذتها بعد الكارثة فتجنب البلاد تلك الكارثة؟” أضاف: “لو فرضنا أن بنك إنترا يوازي جميع المصارف الأخرى، كان بإمكان الحكومة، بما لديها من معلومات مقلقة، أن تعطي 70 أو 80 مليون ليرة سيولة لبنك انترا، لا سيما وقد اعترفت بأن الضمانات التي تقدم بها هذا المصرف بلغت ما يوازي المئة مليون، إنما قررت الحكومة أن تطبق بحقه الحزم والشدة، وأن لا تعطيه مقابل المئة مليون إلا 15 مليون ليرة. وفي اليوم التالي أعطت باقي المصارف ما يوازي 65 بالمئة تقريباً، حسب قول رئيس جمعية المصارف، من مجموع الضمانات التي تقدمت بها المصارف الأخرى”. وفيما بدا دفاعاً عن المصارف بعامة قال: “عندما يقع تاجر بحالة عجز، تفتح دفاتره وتحصى ديونه وموجوداته في ظرف أسبوع على الأكثر. أما المصرف، فمن طبيعة أعماله التجارية أن يضع في صناديقه ما أودعه عنده المودعون وأن ينفق ويقوم بعمليات تمكنه من دفع فوائد على الأموال المودعة لديه. هذه هي وظيفة المصرف بصورة إجمالية. عندما يقال عن مصرف بأنه في حالة عجز، أصبح، بطبيعة الحال، معداً لأن يكون مديوناً بجميع الودائع الموجودة لديه بسبب تهافت المودعين”. وتابع: “لا يهمّنا ما حصل في مؤسسة من المؤسسات. هي حرّة في أن تطبق القانون أو أن تخالفه. نعم كل فرد حر بأن يخالف القانون، ولكن على الدولة أن تمنعه من ذلك. وكيف يكون ذلك، عندما يأتي هذا النص ويبحث باحتمال ارتكاب المخالفات حتى يستبق الحوادث”.
أمّا النائب عبد اللطيف بيضون (من الكتلة التي يتزعمها كامل الأسعد) فقد دافع عن رئيس الحكومة قال “يتفضل الزميل موريس الجميل ويقول أن المسؤول عن الكارثة هي وزارة المالية وأجهزتها. فأنا أخالفه هذا القول. إن المسؤول عن هذه الكارثة مجموع اللبنانيين الذين وثقوا بهذا المصرف الذي من حين نشأته إلى تاريخ إقفاله كان مصرفاً مشبوهاً”. أضاف بيضون أنه لا تتم الموافقة (من قبل النواب) على التشريعات التي تريد أن تعطي الحكومة حق المراقبة، “إذ لا يوجد تشريع يعطي الحكومة حق المراقبة إلا النص الذي تلاه الأمير عبد العزيز شهاب بالنسبة للمصرف المركزي”. وأضاف أن “لكارثة بنك انترا سببان، السبب الأول هو غياب المراقبة الفعلية من قبل الدولة على المصارف، والسبب الثاني هو التبذير والتوسع. فلقد ثبت بالبرهان أن الدولة غائبة، إلى حد بعيد، عن عالم المصارف”. ولكنه انتهى إلى موقف إيجابي خلاصته أنه “حان الوقت أيها السادة لأن تكون السيادة للقانون ولأن تصبح التضحية بالأفراد خيراً من التضحية بالشعب والاقتصاد الوطني” … “وأنه لا يجب التمييز في الإدانة مهما كان المتهمون أثرياء أو أصحاب نفوذ”.
… وخلال جلسة 3/11/1966، أقر المجلس ما سمي “مشروع السيولة” بالإجماع. وتحوّل النقاش خلال شهر تشرين الثاني حول ضرورة استقالة الحكومة وشكل الحكومة الجديدة التي سيجري تأليفها.
حكومة جديّة في ظل العفوية والتبصير: التوقف عن الدفع معطى لا يمكن تأويله
قضائياً، استمرت تداعيات قضية “إنترا”، وسجلت النيابة العامة دعوى الحق العام بتهمة “الإفلاس الاحتيالي والتقصيري”[28] بحق يوسف بيدس بتاريخ 9/11/1966. وباشر قاضي التحقيق الأول في بيروت رامز عطية التحقيق في الدعوى وأصدر مذكّرة إحضار بحق بيدس، وتحوّلت بعد ذلك إلى مذكرة توقيف غيابيّة، نظراً إلى كون الأخير لم يرجع إلى بيروت. وفي بداية كانون الأوّل، بدأ العمل على تنفيذ قانون “الخمسين مليون ليرة” لرد ودائع “صغار مودعي” بنك إنترا [29] (المقصود أصحاب الحسابات الصغيرة- وهو غير قانون إنشاء مؤسسة ضمان الودائع). في 6/12/1966، استقالت الحكومة، وكلّف رشيد كرامي بتأليف حكومة جديدة. لم يمضِ يومان وعقدت لجنة استشارية لدى مصرف لبنان مع لجنة خبراء مكلفة من قبل وزارة المال (كان رئيس الحكومة هو نفسه وزيراً للمال) اجتماعا برئاسة حاكم المصرف المركزي لدرس قضية إنترا وانعكاسات أزمته على الأسواق [30]. وقبل مضي أسبوع على التكليف، قبل نيل الحكومة الثقة، اجتمع كرامي بالوزراء المعنيين وبحاكم المصرف المركزي (كان بين الحاضرين سليم الحص والياس سابا بصفة خبراء)، وتلاه اجتماع آخر مع رؤساء الهيئات الاقتصادية والمعنيين بشؤون المال والاقتصاد. وجرى خلال الإجتماعين بحث كيفية تدارك مضاعفات أزمة “إنترا”[31]، والإجراءات الفوريّة التي يمكن اتخاذها. وتقرر تأليف لجنة اختصاصيين في المصارف لاستلام بنك “انترا” والتحقق من صحة الديون وتقييم ممتلكاته وإدارتها، كما تقرر الاستعانة بخبراء ماليين ومحليين تنجز عملها في ستة أشهر فإما يستأنف “بنك إنترا” أعماله أو يصفى تبعاً لسلامة وضعه المالي.
كانت توجيهات رئيس الجمهورية شارل حلو للحكومة الجديدة ب “وجوب الانصراف إلى البحث عن كل وسيلة تعيد الثقة إلى النفوس وتقضي بسرعة على الحالة الاستثنائية التي أثارتها قضية بنك إنترا” [32]. انتهت اللقاءات التي كانت تعقدها الحكومة المؤلّفة إلى إقرار مشروع قانون يتعلّق بحالات توقف المؤسسات المصرفية عن الدفع، وقالت جريدة النهار أنّه “بات من المنتظر، في إطار القانون العتيد، أن تضع الحكومة يدها على القضية فتنحّي مجلس الادارة الحالي وتعين لجنة إدارية مؤقتة تعمل باشرافها” [33]. وفي اليوم التالي في 20/12/1966، عقد جلسة برلمانية لمناقشة البيان الوزاري، وتطرّق البيان إلى كيفيّة معاودة الدور الإنمائي عن طريق تطوير بعض القوانين المالية والضريبية وتعديل بعض معدلات الضرائب باعتدال. ومما جاء في البيان أن الحكومة “تعدّ الآن بواسطة لجان خاصة مشروع قانون لضمان الودائع لدى البنوك ضمن حدود معينة، ومشروع قانون لتشجيع إنشاء المؤسسات التي تعطي التسليف المتوسط والطويل الأجل، كما أنّها تعد الترتيبات اللازمة لوضع مشروع بنك الإنماء موضع التنفيذ.” وورد في البيان كذلك أن توقّف أحد المصارف الكبيرة عن الدفع والمضاعفات المالية والاقتصادية المرافقة، وبعد دراسة الحكومة الوضع، “تكوّن لديها اقتناع بضرورة وضع تشريع لمثل هذه الحالات يوفر للسلطات المسؤولة المجال والأسس الصالحة لاعتماد الحل الأفضل والأكثر ملاءمة للأوضاع الحاضرة.” وأن الحكومة وضعت مشروع قانون لهذه الغاية أحالته على المجلس وأملت بإقراره بأسرع وقت ممكن. وقد منح الحكومة الثقة 51 نائباً وحجبها 16 وامتنع 9 عن التصويت.
أمّا حول سبب عدم وضع مشروع جذري لمعالجة مضاعفات قضية “إنترا” حتى ذلك الوقت، فكان الجواب من رئيس الجمهورية أن “المشاريع الجذرية لا يمكن أن تعتمد بمعزل عن الوقت الذي يلعب دورا كبيرا في توضیح معالم الأمور”. بالتالي فإنّ الرئيس كرامي بعد استئنافه الحوارات مع الهيئات الاقتصادية ومنها جمعيّة المصارف حول الحلول المطروحة، كان منسجماً مع رغبة الرئيس في “إخراج الوضع العام من حلقة (إنترا) المفرغة والانطلاق في مرحلة جديدة” [34]، على اعتبار أن الاستمرار في الدوران سيضرّ بمصالح هذه الهيئات قبل غيرها. بالمقابل لم نلحظ في ما وجدناه من معطيات اعتراضاً من قبل جمعية المصارف والهيئات الاقتصادية حول أهميّة المشاريع المطروحة. وقد أشار مقال في “النهار” إلى أن الهيئات الاقتصادية أبدت ارتياحا لمشروع القانون، رغم إبداء بعض التحفّظات، وأنها اعتبرت المشروع من نوع “لم يكن بالإمكان أفضل مما كان” [35].
قضائياً، في 21/12/1966، رفضت محكمة التجارة [36] طلبا تقدم به بنك “إنترا” لاسترداد أسهم الشركات التابعة بينها أسهمه في شركة طيران الشرق الأوسط، والتي كان وضعها لدى البنك المركزي قبيل توقفه عن الدفع كضمانة في مقابل استلافه 15 مليون ليرة لبنانية لتلبية طلبات أصحاب الودائع. وأتت مطالبة البنك بعدما عرض تسديد سلفة ال 15 مليون بعد حصوله على قرض بقيمة 50 مليون ليرة لبنانية من شركة كويتية، وذلك بانتظار إنجاز دراسة جدية لوضع المصرف.
في اليوم التالي، اطّلع مدّعي عام بیروت منیف عويدات [37] علي نتيجة تحقيق المستنطق الأول رامز عطيه مع أعضاء مجلس إدارة بنك إنترا ومديريه. وعليه، ادعى عويدات بجريمة الافلاس الاحتيالي والتقصيري على مجلس إدارة ومديري البنك والمسؤولين عنه وبينهم النائبان نجيب صالحه ومنير أبو فاضل [38]. وطلب عطيّه في كتابه إلى مدّعي عامّ التمييز نبيه البستاني مراسلة المجلس النيابي لرفع الحصانة عن النائبين صالحة لاستجوابهما.
بعد 3 أيام، أحالت الحكومة إلى المجلس النيابي مشروع القانون المتعلّق بالمصارف التي تتوقف عن الدفع [39] إلى المجلس النيابي [40]، ولعلّها كانت تهدف من وراء التعجيل في الأمر إلى مساندة الإجراءات التي تتم قضائياً بنص تشريعي ملائم لحالة إفلاس مصرفيّة.
الإفلاس وفق قانون خاص بالمصارف بديلاً عن الإفلاس وفق قانون التجارة
الأمور كانت تجري بسلاسة. ما أن أبلغ النائب ناظم القادري بطلب رفع الحصانة عن زميليْه حتى بادر إلى دعوة لجنة العدل النيابية الى عقد جلسة [41]. وممّا قاله القادري في إثر الجلسة: “أن الإصرار على معرفة تفاصيل أسباب ملاحقة النائبين صالحه وابو فاضل لم يعد واردا وإن الحرص على سمعة المجلس هو الذي انتصر في النهاية وكذلك الحرص على استقلال القضاء والامتناع عن التدخل في شؤون التحقيق”. إلّا أنه في المقابل دعا إلى التروي في مناقشة مشروع القانون المتعلّق بالمصارف التي تتوقف عن الدفع. وقد تألّفت لهذه الغاية لجنة فرعيّة عن لجنتيْ العدل والمال النيابيّتين لدراسة المشروع ترأسها النائب رنيه معوض وحضر جلساتها كلّ من وزير العدل وحاكم المصرف لمركزي ورئيس جمعية المصارف. هذه اللجنة بحثتْ في جزئيّة “تعيين اللجنة المكلفة إدارة المصرف” وقد تمّ تعديل عدد أعضاء اللجنة المقترحة بحيث أصبح بين 6 و10 بعدما كان بين 6 و12. وانتقل النقاش بعدئذ إلى صلاحيات اللجنة، ليُناط بها القيام بصلاحيات مجلس الإدارة والجمعية العمومية في آن واحد. “وتمّ الاتفاق، بعد اعتراض الأستاذ ببار إدّه حول نزع حقوق المساهمين، على أن تبقى صلاحية مجلس الادارة والجمعية العمومية العادية بيد اللجنة”، بمعنى أن المساهمين يحتفظون بدورهم في الجمعيات العمومية غير العادية [42]. وبعد أن تم المرور على مجمل المواضيع، عهدت اللجنة إلى وزير العدل مهمّة صياغة البنود التي اتّفق عليها، بشكل قانوني. وفي أوائل كانون الثاني رفعت اللجنة الصيغة النهائيّة للمشروع إلى رئيس المجلس النيابي صبري حمادة [43].
قضائياً، أصدر عطيه خلال الفترة ذاتها مذكرات توقيف بحق مفوضي مراقبة الحسابات لدى البنك[44] بتهمة الموافقة على موازنات لبنك انترا غير صحيحة، ما يعتبر اشتراكا في الافلاس الاحتيالي [45]. وفي 4/1/1967، أعلنت محكمة التجارة [46] برئاسة عبد الباسط الغندور حكمها في قضية بنك إنترا. رفض الحكم طلب الصلح الواقي وأشهر إفلاس البنك، وعين القاضي غندور قاضيا مشرفا وكلا من ريمون نقاش والياس سلامه وكيلين للتفليسة. وأتى في معرض نص الحكم [47] مجموعة أمور منها: عدم تقديم كامل الدفاتر التجارية الإلزامية وعدم مسك بعضها وفقا للأصول- عدم تقديم المستندات المثبتة لإنشاء الشركة وفقا للأصول- عدم تقديم ضمانات جدية- تبديد الأموال وإنقاص الموجودات- الخلل في تسيير العمل وسوء السياسة المصرفية. وفصّل الحكم هذه العناوين بالأرقام والمعطيات… فيما قال مصدر حكومي ل “جريدة النهار” أن “السلطة التنفيذية ستعمل من جهتها على حصر مضاعفات قضية إنترا في أضيق نطاق، وذلك بتعجيل إقرار مشروع قانون المصارف التي تتوقف عن الدفع”.
في 6/1/1967، قرّرت لجنة العدل رفع الحصانة عن النائبين أبو فاضل وصالحه، حتى أنّ النائبين أتيا بنفسيهما إلى اللجنة يطالبان برفع الحصانة على اعتبار أنهما مقتنعان ببراءتهما. وطرح خلال الاجتماع اجتهاد يقول أنه لا يجوز للمجلس الموافقة على طلب رفع الحصانة ما لم يطّلع على الأسباب الكامنة وراءه. ولكن غلب الرأي حول اجتهاد آخر يقول أنه لا يجوز إفشاء سرية التحقيق وأنه على المجلس أن يوافق فوراً على طلب رفع الحصانة دون مناقشة الطلب حتى. وبرزت أصوات قليلة داخل اللجنة عارضت الموافقة على الطلب من دون مناقشة، لكنها عادت إلى الموافقة بعد تبينها أنها ستصبح عرضة للنقد في حال خروجها عن إجماع اللجنة [48]. وأحيل القرار في اليوم نفسه إلى المجلس النيابي لمناقشته [49].
في 9/1/1967، اجتمع المجلس النيابي لمتابعة درس وتصديق بعض مواد المشروع الوارد بالمرسوم رقم 6333 القاضي بإخضاع المصارف التي تتوقف عن الدفع لأحكام خاصة، المعروف بقانون إنترا وأقر 18 مادة منه [50]. أثناء المناقشة، تحدّث رئيس الحكومة رشيد كرامي عن نتيجة الاجتماعات التي أجراها مع كافة الأفرقاء والخبراء. قال: “كان الرأي إجماعياً بضرورة وضع تشريع، إنما الغاية منه تفادي النتائج التي يمكن أن تترتّب على الإفلاس في حال إشهاره”. وأكّد في المقابل على مبدأ فصل السلطات وأنه لدى إرسال المشروع إلى مجلس النواب، كانت الحكومة على علم “بأن هناك قضية أمام محكمة التجارة، طلباً للصلح الواقي، وهذا الطلب حين كانت تنظر فيه المحكمة، كنا جميعاً نقدر بأنه لا بد من أن يصدر حكم سواء بإعطاء الصلح الواقي، وفي حال رفضه فبالإفلاس”. وتابع أنه وفق المناقشات التي أجراها تبيّن أنه “عندما يشهر الإفلاس، ستتضرر دون شك مصلحة الدائنين وتتضرر أيضاً مصلحة البلد، لأنه بذلك سيتحتّم على السنديك أن يحصّل الديون المترتبة على المديونين حالاً” (أي تبعاً للقانون القائم). وأضاف: “السنديك عندما يطرح إلى البيع موجودات البنك بالمزاد العلني وبالسرعة اللازمة فلا شك، بأن قيمة هذه الموجودات، لا يمكن أن تكون على البدل الذي يمكن تحصيله، فيما إذا تم تصريفها وتصفيتها على مدى أطول وبظروف أفضل”. وتابع كرامي: “عندما نظرنا إلى أن تحصيل الديون بالسرعة التي ينص عليها القانون، فكلنا يقدر مدى الارتباطات التي للتجار في هذا البلد، ولمختلف المؤسسات المالية والتجارية التي كانت تتعامل مع بنك انترا، والتي كانت تستمد منه الأموال عن طريق القروض التي كانت تعقدها. فكلكم يتصور إذاً، ما يمكن أن تكون النتيجة عند تحصيل هذه الديون فوراً؟”. أو بمعنى آخر، فالقانون لم يكن مجرّد رادع للمصارف في حالة الإفلاس، إذ أن هذا الرادع يلحظه قانون التجارة، إنما هو يتعلّق بطريقة التعامل مع حالة الإفلاس على نحو لا يضرّ بالاقتصاد ويكون مرضياً للدائنين. جرى مناقشة الموضوع مادة بمادة، وأجريت تعديلات عدّة عليه. أمّا في كل ما لم ينص عليه هذا القانون وما لا يتنافى مع مضمونه فتبقى جميع أحكام قانون التجارة نافذة وسارية المفعول. وفي اليوم التالي، أي في 10 كانون الثاني، تابع المجلس تصديق مشروع القانون فصدقه برمته بعد إدخال تعديلات إضافيّة. ولكن عرض على المجلس تمنٍّ مقدم من بعض النواب يتضمن الطلب إلى الحكومة بالتقدم، خلال مهلة ثلاثة أشهر بمشروع قانون ينظم مختلف أوضاع المصارف العاملة في لبنان لإكمال وتعديل التشريع الحالي، وصدقه المجلس.
خاتمة
تكمن أهميّة استرجاع النقاشات حول القانون 66/2 تلك الفترة، لكون رهانات الخمسينيّات المصرفيّة تكررت في التسعينيات. فبدلاً من أن تشكّل أزمة “انترا” درساً حول مدى هشاشة اقتصاد “المراهنات”، تحوّل مبدأ المراهنات والمجازفات ذاته في التسعينيّات سيّاسة معممة على كل المصارف بعد تغوّل النيوليبرالية عالمياً، وفي ظلّ حاكميّة وسياسية مالية حوّلت الجزء الأكبر من مخزون العملات الأجنبية (الدولارات) إلى فوائد لخدمة سندات دين المصارف، وأبقت على تثبيت سعر الصرف عند معدّل اعتباطي ثابت، ليسجّل المركزي بالمقابل حسابات دفتريّة وهميّة… إلى أن انفجرت الفقاعة في أواسط عام 2019. فمع شحّ سيولة الدولار، لجأت مصارف لبنانية إلى فرض “كابيتل كونترول” بإرادتها المنفردة، -جرت محاولات تعتيم إعلامي عليها-. وصولاً إلى إقفال المصارف بقرار جماعي بعد 17 تشرين الأوّل 2019، والامتناع عن تسديد المودعين ودائعهم في المصارف. وبذلك، أصبحت معظم المصارف بحكم المفلسة لكن من دون أن يجري التعاطي معها على هذا النحو، ودخلنا بدلاً من ذلك بفترة سماح طويلة في ظل استمرار تدهور سعر الصرف، ليتمّ شطب جزء غير بسيط من خسائر المصارف على حساب ثلاثة أطراف بدرجات متفاوتة: المجتمع ككل بسبب تدني الأجور وانهيار العملة الوطنية، المودعين بالليرة مع تقلص قيمة ودائعهم، والمودعين بالدولار وبخاصة ممن لم يستفيدوا من السياسات المالية السابقة بفعل إنكار حقهم بسحب ودائعهم.
أمّا ممثلو المصارف فقد برّأوا أنفسهم من المجازفات المالية بسرديّتيْ “إفلاس الدولة” لتعثّرها عن سداد الديون إلى الخارج و”فساد الإدارة”. فهل يستمرّ هذا الواقع؟
[1] Hicham Safieddine, Banking on the State: The Financial Foundations of Lebanon (Stanford University Press, 2019). p106
[2] تقرير وزير الإقتصاد عن قطاع التجارة والخدمات. جريدة النهار، 23/10/1966
[3] Hicham Safieddine, Banking on the State: The Financial Foundations of Lebanon (Stanford University Press, 2019).p121
[4] إده هناك تفاهم مع المصرف المركزي حول تحديد عدد المصارف في لبنان. جريدة النهار، 5/1/1966
[5] المصارف الكبيرة تشجع دمج المصارف الصغيرة. جريدة النهار، 6/1/1966
[6] اتجاه رسمي نحو منع المصارف الاجنبية من افتتاح فروع في المناطق. جريدة النهار، 4/1/1966
[7] دولة الإقتصاد الحر تعلن إفلاسها. جريدة الأنباء، 15 كانون الثاني 1966
[8] الياس سابا: مال الإحتياط لم ينفذ وحسب. جريدة النهار، 15/1/1966
[9] بيار إده: مستقبل الإقتصاد اللبناني مضمون. جريدة النهار، 8/2/1966
[10] تطورات مفاجئة في سوق بيروت المالية. 12/3/1966
[11] حتى لا ينقلب السحر على الساحر. جريدة النهار، 28/5/1966
[12] أزمة الثقة في طريق الإنفراج. جريدة النهار، 16/10/1966
[13] إجماع على اتهام الحكومة بالتقصير. جريدة النهار، 16/10/1966
[14] نص بلاغ اجتماع القصر. جريدة النهار، 16/10/1966
[15] حلول جنبلاطية للأزمة. جريدة النهار، 16/10/1966
[16] إنفرجت الأزمة: المال موجود والدفع الخميس!. جريدة النهار، 17/10/1966
[17] 800 مليون ليرة في المصارف صباح الخميس. جريدة النهار، 18/10/1966
[18] مشروع طلحت اليافي لحل أزمة السيولة النقديّة. جريدة النهار، 18/10/1966
[19] المجلس ينتخب حماده رئيساً له للمرة الحادية والعشرين. جريدة النهار، 19/10/1966
[20] نحو تدويل قضيّة “إنترا”. جريدة النهار، 22/10/1966
[21] اللجنة المالية البرلمانية (ونواب آخرون) تناقش الأزمة المصرفية. جريدة النهار، 22/10/1966
[22] إقتراحان على طاولة الرئيس. جريدة النهار، 25/10/1966
[23] الحكومة تضع يدها على شركات إنترا. جريدة النهار،27/10/1966
[24] رئيس إنترا أمام المدعي العام. جريدة النهار، 27/10/1966
[25] الوارد بالمرسوم رقم 5817
[26] http://www.legallaw.ul.edu.lb/parliament/P11/1966/P66N23/005.HTM
[27] http://www.legallaw.ul.edu.lb/parliament/P11/1966/P66N24/002.HTM
[28] النيابة العامة تدعي على يسف بيدس بصفته مديراً لانترا لا رئيساً لمجلس الإدارة. جريدة النهار، 13/11/1966
[29] دفع الخمسين مليون ليرة لصغار مودعي بنك إنترا يبدأ خلال ككانون الأول. جريدة النهار، 30/11/1966
[30] لجنة مصرف لبنان تدرس مع خبراء المالية قضية بنك إنترا وتأثيرها محلياً وخارجياً. جريدة النهار، 9/12/1966
[31] تأليف لجنة لاستلام بنك إنترا لمدة 6 أشهر. جريدة النهار، 13/12/1966
[32] الرئيس يدعو الحكومة إلى إخراج البلاد من حلقة “إنترا” والبت في دراسات الخبراء بشأن تمويل مشاريع التنمية. جريدة النهار، 21/12/1966
[33] تعديل قانوني المصارف والتجارة لتعويم إنترا أو تصفيته. جريدة النهار، 20/12/1966
[34] الرئيس يدعو الحكومة إلى إخراج البلاد من حلقة “إنترا” والبت في دراسات الخبراء بشأن تمويل مشاريع التنمية. جريدة النهار، 21/12/1966
[35] الحكومة تحيل إلى مجلس النواب مشروع القانون الخاص بالمصارف. جريدة النهار، 21/12/1966
[36] محكمة التجارة ترفض طلب بنك انترا استرداد أسهم الشركات. جريدة النهار، 22/12/1966
[37] الإدعاء على إنترا بالإفلاس الإحتيالي وطلب رفع الحصانة عن النائبين صالحه وأبي فاضل. جريدة النهار، 23/12/1966
[38] “والسادة ابرهيم عرب والشيخ نجيب علم الدين وشقيقه دياب وبدر الفاهوم وابرهیم بیدس واميل مسلم وفرنان اسبيرو خوري واسعد البرط وبولس فرح ومحمد عبد الرحمن وفؤاد سابا وکريم خوري والكسي ابوب وفريتز مروم”
[39] نص مشروع قانون المصارف التي تتوقف عن الدفع. جريدة النهار، 24/12/1966
(قبل إدخال تعديلات اللجنة الفرعية)
[40] المجلس أمام إحالتين: رفع الحصانة ومشروع التعويم. جريدة النهار، 25/12/1966
[41] اللجنة العدلية تجتمع في 6 ك2 لمناقشة طلب رفع الحصانة. جريدة النهار، 31/12/1966
[42] اللجنة الفرعية تناقش صلاحيات اللجنة التي ستدير المصرف المتوقف عن الدفع. جريدة النهار، 31/12/1966
[43] مشروع المصارف ينشر اليوم بالصيغة النهائية. 4/1/1967
[44] ” فؤاد سابا، كريم خوري، رتیب ایوب واندراوس طباع “
[45] توقيف مدققي حسابات إنترا. جريدة النهار، 4/1/1967
[46] المحكمة تشهر إفلاس إنترا. جريدة النهار، 5/1/1967
[47] لهذه الأسباب شهرت محكمة التجارة إفلاس إنترا. جريدة النهار، 5/1/1967
[48] اللجنة العدلية توافق بالإجماع على طلب المستنطق. جريدة النهار، 7/1/1967
[49] اللجنة النيابية ترفع الحصانة عن صالحة وأبي فاضل. جريدة النهار، 7/1/1967
[50] من أصل 66 نائباً، تغيب كل من: انطوان صحناوي، جورج كرم، عزيز عون، كمال جنبلاط، بشير العثمان، حبيب كيروز، سليمان فرنجية، الأب سمعان الدويهي، قبلان عيسى الخوري، محمد علم الدين، أنور الصباح، رفعت قزعون، شبلي العريان، ناظم القادري، جوزف هراوي، بهيج تقي الدين. – واعتذر كل من: رشدي فخر، شارل سعد، سيمون صحناوي، رشيد بيضون، سامي الصلح.