في زمن الكورونا .. حملة تشهير واسعة تطال مجتمع الميم بالمغرب


2020-05-04    |   

في زمن الكورونا .. حملة تشهير واسعة تطال مجتمع الميم بالمغرب

المفكرة القانونية

تفاجأ عدد من المثليين بالمغرب بتعرضهم لحملة تشهير واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانتهاك حقهم في الخصوصية، وذلك تزامنا مع  فترة الطوارئ الصحية التي أعلنت عنها السلطات في البلاد لمواجهة خطر تفشي وباء الكورونا.

اختراق تطبيقات المواعدة

تعود فصول القضية إلى مجموعة فيديوهات نشرها متحول جنسي مغربي يقيم بالخارج، على موقع إنستغرام كشف فيه عن تطبيقات المواعدة الجنسية الخاصة بالمثليين التي تستخدم في المغرب، ودعا من خلالها النساء المغربيات إلى كشف الميول الجنسية لأزواجهن من خلال الدخول على تطبيقات المواعدة المذكورة. كما قام بفتح صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر صور الأشخاص المثليين والحث على مطاردتهم وفضحهم بين عائلاتهم.

نسيج مدني يدعو إلى حماية حق “مجتمع الميم” في الخصوصية

أصدرت عدد من الجمعيات الحقوقية بالمغرب بيانا مشتركا للمطالبة بحماية مجتمع الميم في حقه في احترام الخصوصية، الببان الذي وقعته أزيد من 10 جمعيات[1]، جاء فيه أنه “خلال الآونة الأخيرة بدأ أحد الأشخاص المقيمين بالديار التركية والحامل للجنسية المغربية، في بث مقاطع فيديو (…) تكشف عن هويات ومعلومات شخصية لمغاربة ومغربيات من مجتمع الميم، في الوقت الذي يحتمي الكثير منهم ومنهنّ في المنزل مع أسرهم بسبب تفشي كوفيد-19، وما تفرضه الظرفية الحالية من اتباع مجموعة من الاحتياطات الآمنة للأشخاص”.

وقد تضمّنت الفيديوهات، المذكورة بحسب البيان “مهاجمة واستهانة بمختلف جمعيات المجتمع المدني، وجمعيات محاربة فيروس الإيدز التي تعمل وفق برامج وأنظمة عملية، وتبذل جهودًا كبيرة من أجل الوصول إلى المعلومة والخدمات الصحية، وضمان سلامة وأمن ورفاه مجتمع “+LGBTQA“، والمجتمع المغربي ككل”.

وأضاف البيان أنّ مقاطع الفيديو هذه المنتشرة بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي أدّت إلى “زيادة استخدام بعض تطبيقات الدردشة والتواصل الخاصة بالمثليين، وهو ما أدى إلى نشر “صور ومعلومات مجموعة أفراد مجتمع الميم. (…) بغرض التشهير، والإشاعة، في خرق سافر للقوانين الجاري بها العمل لحماية المعلومات، ومحاربة الاستفزاز، والتشهير الرقمي”.

وشدّد البيان على أنّ المثليّين المغاربة الذين طالما عانوا من “رهاب المثلية، والعبور الجندري الممنهجين”، قد تعرّضوا “بسبب هذا الفعل إلى تهديد سلامتهم البدنية والشخصية والتشهير بهم “.

من جهتها اعتبرت منظمة هيومن رايتش ووتش أن “كشف التوجه الجنسي المفترض قد يضر بسبل عيش أفراد مجتمع الميم، وسلامتهم، وصحتهم النفسية، وقد يُعرضهم للأذى الجسدي، والمتابعة القضائية، والتدابير التمييزية”. ودعت السلطات المغربية إلى أن تتدخل فورا لحماية خصوصية أفراد مجتمع الميم، وإلغاء قوانين التي تناهضهم والتي لا يمكن إلا أن تُغذي السلوك المعادي للمثلية“.

في نفس السياق دعت جمعية بيت الحكمة إلى “فتح تحقيق في واقعة التشهير”، التي تسيئ بشكل خطير إلى “صورة المجتمع المغربي الذي كان دائما مثالا للتعايش والاحترام المتبادل”، مطالبة السلطات وأسر الضحايا وجمعيات المجتمع المدني وأخصائيي علم النفس والقانون بـ “توفير جميع أشكال الدعم والمساندة للضحايا“.

فتح تحقيق قضائي ومطالب بالدعم النفسي لضحايا التشهير الرقمي

أمام تفاعلات هذه القضية وطنيا ودوليا، أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني أن “مصالح الشرطة القضائية لم تتوصل مؤخرا بأي شكاية أو وشاية أو تبليغ أو إخطار هاتفي حول جرائم تتعلق باستهداف أشخاص أو ممارسة التمييز أو الكراهية ضدهم على أساس الاختلاف حول الحرية الفردية”، موضحة بأن “المصالح التقنية للأمن الوطني المكلفة باليقظة المعلوماتية رصدت، في الآونة الأخيرة، وبشكل تلقائي، قيام أحد الأشخاص بنشر تسجيلات ومحتويات رقمية على مواقع التواصل الاجتماعي، يهدد فيها بشكل صريح بكشف معطيات حول بعض الفئات المجتمعية، وهي القضية التي تعاملت معها مصالح الشرطة القضائية بالحزم اللازم طبقا للقانون، نظرا لكون الأفعال المرتكبة تشكل تحريضا على العنف والتمييز والكراهية والمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات”.

وأكد مصدر أمني أنه “تم فتح بحث تمهيدي في هذه القضية من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بصرف النظر عن ميولات أطراف القضية؛ وذلك للكشف عن طبيعة الأفعال الإجرامية المرتكبة، والمتمثلة في التحريض على العنف والتمييز والكراهية والمساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات”.

من جهة أخرى أعلنت منظمات حقوقية عن توفير جلسات المساعدة النّفسيّة عن بعد لضحايا حملات التشهير الرقمي من مجتمع الميم، تمكنهم من الحديث دون ذكر هويّاتهم لأسباب الحماية، وفي هذا السياق عمّمت الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية المعروفة اختصارا بـ (مالي) مقاطع توعوية بمعاناة المثليين المغاربة، واختبائهم خوفا من الاعتداء والاعتقال، وهو الخطر الذي يتفاقم خلال فترة الحجر الصحي.

حماية المثليين وفق القواعد العامة للقانون

ما يزال القانون المغربي ككثير من بلدان المنطقة العربية، يجرم المثلية الجنسية في الفصل 489 من القانون الجنائي. وسبق لمؤسسات وطنية رسمية، ومنها المجلس الوطني لحقوق الانسان، وجمعيات حقوقية عديدة، أن طالبت برفع التجريم عن المثلية الجنسية، وتكريس حق الأشخاص في احترام الخصوصية. كما أبدت النيابات العمومية مؤخرا تحولا ملموسا في التعاطي مع الاعتداءات التي تطال المثليين، من خلال تكريس حقهم في احترام السلامة الجسدية وحقهم في احترام الخصوصية، وهو ما وقع في حادثتي مراكش وفاس، حيث فتحت النيابة العامة تحقيقا في الاعتداءات الموثقة بالصوت والصورة التي تعرض لها مثليون، دون تحريك متابعة في حقهم  بسبب اعترافهم بسلوكهم المثلي المجرم قانونا.

وتعتبر عدد من الجمعيات الحقوقية المغربية أن حملات التشهير التي طالت أفرادا من مجتمع الميم هي “فرصة مناسبة لإعادة النظر في عدد من المقتضيات القانونية الجنائية”، ومن بينها “إلغاء تجريم المثلية الجنسية”، و”تدقيق الفقرة الأولى من الفصل 431 من القانون الجنائي المرتبطة بجريمة التمييز، وذلك بإدراج التمييز على أساس الميول الجنسي والهويات والتعبيرات الجندرية في هذا الفصل”.

مواضيع ذات صلة:

تأسيس أول جمعية للمثليين بالمغرب

مقابلة مع رئيس جمعية “أقليات” المغربية: قررنا اللجوء إلى القضاء

انتحار “مثلي” يعيد فتح النقاش بالمغرب حول إلغاء التمييز ضد “الأقليات الجنسية”

القضاء المغربي ينتصر لحق المثليين في السلامة الجسدية

هل يحرم تجريم المثلية المغرب من امكانية تنظيم كأس العالم 2026؟

أقليات تدعو البرلمان المغربي إلى تشريع قانون يجرم الكراهية والعنف ضد المثليين

مبادرة بألوان قوس قزح تخلق جدلا واسعا بالمغرب

تداول فيديو يظهر استهزاء بمثلي داخل مستشفى في المغرب: غضب على مواقع التواصل الاجتماعي ضد انتهاك حقوق المرضى

سياسات التهميش ضد الأقليات الجنسية في مصر

جدل بخُصوص تأخر مصادقة البرلمان على تعديلات القانون الجنائي في المغرب

المغرب: السجن لمثليين بسبب قبلة

منظمات حقوقية تنتقد توقيف قاصرتين بالمغرب بتهمة المثلية

انتقادات واسعة للتشهير بمحتجز مثليّ في المغرب: الشرطة مطالبة بحماية خصوصية الأشخاص

الحراكات العربية فتحت نوافذ حرية “غير كافية” لمجتمع الميم


[1]-يتعلق الأمر بالجمعيات التالية: جمعية أقليات لمناهضة التجريم والتمييز ضد الأقليات الجنسية، مجموعة أطياف للتعددية الجنسية والجندرية بالمغرب، مجموعة لقاءات فن العيش معا، مجموعة نسويات، دينامية الترانس، الاتحاد النسائي الحر، الملجأ للرعاية الصحية والاجتماعية-النفسية، منتدى الحداثة والديمقراطية، معهد برومثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان، مجموعة شابات من أجل الديمقراطية، جمعية عدالة، مجموعة الفعل النسوي المغرب، ائتلاف 490 خارجة على القانون ، المؤسسة العربية للحريات والمساواة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني