صدرت في الجريدة الرسمية في تاريخ 29/8/2023 الحركة القضائية للقضاء العدلي للسنة القضائية 2023-2024. وبذلك، كانت هذه الحركة الأولى التي تصدر خلال فترة ولاية المجلس المؤقت للقضاء الذي تصوره وكتب نصه الرئيس قيس سعيد والأولى كذلك في ظل دستور 2022. وهي على رمزياتها تلك لم تثبت لها صلة بالمؤسسة الأولى غير ما أدت له من تعطيل لها وبالدستور إلا بما شرّعته من خروقات له ظهر أثرها على القضاء وفي عمله طيلة السنة القضائية الماضية والتي كان من أول عناوينها قضاء عدلي من دون مجلس قضاء.
قضاء عدلي دون مجلس قضاء: حدثٌ غير مسبوق
سحبت الحركة القضائية المشار إليها آنفا خطة وكيل الدولة العامّ لدى محكمة التعقيب ورئيس المحكمة العقارية ممّن كانا يشغلانهما وكان من أثره إنهاء عضويتهما بالصفة في المجلس المؤقت للقضاء العدلي وبالتالي لصناعة فراغ فيه. بعدها، مباشرة تقدم الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وهو بصفته تلك رئيس للمجلس المؤقت للقضاء بمطلب في الرجوع في تمديد عمله لما بعد سن التقاعد وتمت الاستجابة له في ذلك. بعدها ومع بداية السنة القضائية، بلغ مدير المصالح العدلية سن التقاعد بما صنع شغورا في منصبه وفي مجلس القضاء وطلبت قاضية متقاعدة من أعضاء المجلس قبول استقالتها منه. تبعا لذلك، أفقدت الشغورات المجلس المؤقت للقضاء العدلي النصاب اللازم لانعقاده. وصنعت حالة فراغ مؤسساتي لم تسعَ السلطة القائمة لتجاوزها أو لبناء بديل مؤسساتي لها من خلال سنّ قانون مجلس القضاء الدائم المنصوص عليه بالدستور النافذ. ويكشف النظر في تاريخ النظام القضائي العدلي التونسي أن حالة الفراغ تلك غير مسبوقة.
إذ يذكر أنه وتجسيدا لأحكام الفصلين 54 و55 من أول دستور للجمهورية التونسية الذين ينصان على كون “تسمية القضاة تكون بأمر رئاسي بناء على ترشيح من مجلس القضاء الأعلى” و “أن الضمانات اللازمة للقضاة من حيث التعيين والترقية والنقلة والتأديب يسهر على تحقيقها مجلس أعلى للقضاء “، سُن القانون عدد 29 لسنة 1967 المحدث للمجلس الأعلى للقضاء المشرف على القضاء العدلي وتمّ إرساء تلك المؤسسة التي بقيت قائمة طيلة مدة الجمهورية الأولى. خلال الفترة الانتقالية بعد الثورة، و على رغم الاعتراضات القضائية والسياسية على دوره في صناعة قضاء السلطة، استعملت الحكومة مجلس القضاء بتركيبته القضائية الموروثة عن نظام بن علي في نظر رفع الحصانة القضائية والحركة القضائية السنوية وبررت ذلك بتمسكها باحترام الشكليات القانونية.
تاليا وبموجب القانون الأساسي عدد 13 لسنة 2013[1]، أرسيت الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي لتكون اول مجلس للقضاء منتخب في أغلب أعضائه من القضاة ولها ولاية كاملة على المسارات المهنية للقضاة من دون تدخّل من السلطة التنفيذية في ذلك ومارست دورها ذاك إلى حين تركيز المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 25-04-2017 والذي كانت له ذات الاستقلالية الهيكلية والوظيفية.
في هذا نلاحظ أن ما عايشه القضاء العدلي التونسي طيلة السنة القضائية 2023-2024 من غياب كلّي لمجلس قضاء يمثل حدثا غير مسبوق في تاريخه منذ سنة 1967. وقد رده لتاريخ سابق كان القائمون فيه على وزارة العدل يتحكمون بشكل كامل في إدارة القضاء وهي ثاني خاصيات تلك السنة.
سنة من المذكرات الوزارية: الخوف من النقلة والحلم بنيل الثقة..
أسند الفصل 14 من القانون الأساسي عدد 29 لسنة 1967، لمجلس القضاء النظر في “نقلة القضاة الجالسين قبل بداية العطلة القضائيّة من كلّ سنة ” وخوّل وزير العدل “خلال السّنة القضائيّة أن يأذن بنقلة قاض لمصلحة العمل ويعرض الأمر على المجلس الأعلى في أوّل اجتماع له”. ونصّ الفصل 15 من ذات القانون على كون “قضاة قلم الادّعاء العام خاضعين لإدارة ومراقبة رؤسائهم المباشرين ولسلطة وزير العدل”.
وانتهى جريان العمل فترة نفاذه لأن شملت الحركات القضائية قضاة المجلس والادّعاء العامّ من دون تمييز بينهما وكانت مذكرات العمل التي تصدر عن الوزير خلال السنة القضائية من الاستثناءات التي لا يلتجئ إليها إلا في حالات تحتسب على أصابع اليد الواحدة سنويا لسد شغور طارئ أو لمجابهة متطلبات استحداث محاكم جديدة أو لنقلة قضاة من محاكم لأخرى لظروف طارئة تتعلق بهم.
لاحقا ومتى استحدثت الهيئة الوقتية للإشراف العدلي، استاء وزير العدل مما قال أنه استحواذ منها عن جانب من صلاحياته في إدارة القضاء وحاول بتاريخ 13-10-2013 أن يفرض حقا له في تعيينات القضاة باستعمال مذكرات العمل خلال السنة القضائية بمقولة أن قانونها لم ينسخ القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء إلا جزئيا. تعهد القضاء الإداري بمقرراته تلك ليؤكد في قرارين صدرا[2] عنه في مادة إيقاف التنفيذ في 09-10-2013 على أن للهيئة وحدها صلاحية نقل القضاة وترقيتهم وتأديبهم وأن تدخّل الوزير في ذلك يخرق الدستور ويمسّ باستقلالية القضاء. بعدئذ، لم يسجّل أيّ تدخّل من ممثلي السلطة التنفيذية في تحركات القضاة إلى حدود تاريخ 29-04-2023 .
في هذا التاريخ، تجاهلت وزيرة العدل ما نص عليه المرسوم عدد 11 الذي أسند للمجلس المؤقت للقضاء صلاحية النظر “في إعداد حركة القضاة السنوية من تسمية وتعيين وترقية ونقلة وإعفاء وفي مطالب رفع الحصانة والاستقالة. … والمغادرة، بصفة تلقائية أو بطلب من رئيس الجمهورية، بمراجعة التعيينات وإجراء حركة قضائية جزئية والنظر في مطالب التظلم عند الاقتضاء لضمان حسن سير القضاء”، وتحديدا أن هذا المرسوم لم يمنحها أي دور في ذلك الاختصاص. وقد استندت بالمقابل للفصل 14 من القانون عدد 29 لسنة 1967 [1] لتصدر عشر مذكرات عمل سدّت بموجبها جانبا من الشغورات التي نتجت عن الإعفاءات وتعلقت بمناصب عليا على علاقة مباشرة بمنظومة العدالة الجزائية. بعد ذلك، وتحديدا خلال النصف الثاني من شهر جويلية، استعملت الوزيرة جفّال الفصل 54 من ذات القانون لتحجر العمل على خمسة قضاة مباشرين، بما أوجد واقعًا جديدا وبدا تمهيدا لما بعد تفكيك المجلس وهو ما توضح طيلة السنة القضائية المنقضية.
بعد تفكيك مجلس القضاء العدلي المؤقت، اعتمدت الوزيرة ذلك حجة إضافيّة لتصدر أكثر من مائة وخمسين مذكرة عمل ولتحجر العمل عن قضاة وليقبل رئيس الجمهورية استقالة قاض خارج الإجراءات القانونية. كما أنها ورغم أن السند القانوني الذي استعملته لتبرير مذكراتها ينص صراحة على كونه لا يتعلق إلا بفترة العمل القضائي، أصدرت بداية العطلة القضائية أكثر من خمسين مذكرة أخرى وسط حديث في الوسط القضائي عن عزمها ترقية قضاة ونقلة آخرين فيما يشبه الحركة القضائية باعتماد ذات الآلية وخارج أي تفويض قانوني.
ويلاحظ فيما تعلق بالمذكرات أن عددا منها كان من مفاعيله نقلة قضاة دون طلب منهم من مراكز عملهم إلى محاكم تبعد عن مقرّات سكناهم من دون أن يكون ذلك مبررا “بمصلحة العمل” التي عرفها الفصل 121 من الدستور النافذ[3] ” بضرورة تسديد شغور أو التّسمية بخطط قضائيّة جديدة أو مواجهة ارتفاع بيّن في حجم العمل” وفرضها كشرط موضوعي لتجاوز مبدأ عدم جواز نقلة القاضي بدون رضاه المقرر صلبه. كما أنّها لم ترد بعد “ثبوت عدم وجود راغبين في الالتحاق بمركز العمل المعنيّ” ولا وفق الإجراءات التي فرضها ذات النص الدستوري . كما أن عددا آخر من ذات المذكرات ميّز قضاة بإسنادهم خططا وبنقلهم إلى مراكز عمل يرغبون فيها من دون مراعاة مبدأ التناظر مع زملائهم ومن دون أيّ التزام بمعايير موضوعية تبرز استحقاقهم هذا التمييز.
وبهذا خرقت إدارة السلطة المسارات المهنية للقضاة ومعها الدستور الذي وضعته من دون أي حرج. وجازت قضاة وعاقبت آخرين بما يفترض معه أنها صنعت ولاء لدى من استفاد وخوفا لدى من يخشى ان تشمله عقابيا وهو ربما ما يفسر إلى حدّ بعيد انسجام المشهد القضائي مع سياسات السلطة خلال السنة القضائية التي مضت فيما يظهر للمتابعين.
سنة برسم القضاء المنخرط: خائف يخيف
خلال السنة القضائية 2023-2024، تمّت ملاحقة إعلاميين[4] بتهم المرسوم عدد 54 لسنة 2022 وذلك على خلفيّة تصريحات ومواقف صدرت عنهم. ومثاله إصدار قاضي التحقيق بطاقة إيداع أولى في حقّ الإعلامية والمحامية سنية الدهماني بتاريخ 13-05-2024 وثانية بتاريخ 11-06-2024 في قضيتين موضوع الاتهام فيهما رأي أدلت به في برنامج إذاعي تشارك في تنشيطه. كما أصدرت الدائرة الجناحية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بتونس حكمين الأول بتاريخ 26-07-2024 في حق الإعلامي برهان بسيس والثاني في حق الإعلامي مراد الزغيدي بتاريخ 31-07-2024 بالسجن النافذ مدة ثمانية أشهر من أجل تهم على علاقة بمواقفهما وبما ينشران. كما تمّت محاكمة الإعلامي محمد بوغلاب في عدد من القضايا بحالة إيقاف من أجل تدوينات له على علاقة بمادة إعلاميّة تولى العمل عليها.
خلال هذه السنة أيضا، تواصل إيقاف شخصيات سياسية معارضة بتهم على علاقة بقانون مكافحة الإرهاب بعد اتهامهم بالـتآمر من أجل قلب نظام الحكم في عدد من القضايا. كما تمّ إيقاف آخرين بتهم على علاقة بمواقف عبروا عنها ومثاله رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي التي تحاكم[5] بحالة إيقاف في عدد من القضايا بناء على شكايات من هيئة الانتخابات التي نسبت لها التشكيك في نزاهتها والعجمي الوريمي الأمين العام لحركة النهضة والقيادي بها محمد الغنودي واللذان تم إيقافهما وإحالتهما على قطب مكافحة الإرهاب بعد أيام قليلة من دعوة الأول انصار حزبه لممارسة حقّهم في إسناد التزكيات للمترشحين للانتخابات الرئاسية.
كما أثيرت تتبعات وصدرت بطاقات جلب و إيداع بالسجن في حقّ عدد ممّن كشفوا عن نيّتهم الترشّح لتلك المحطة الانتخابية ومثاله الحكم الذي صدر في حقّ كل من عبد اللطيف المكي ونزار الشعري ومراد المسعودي وليلى الهمامي و محمد عادل الدو بتاريخ 06-08-2024 من أجل تهم جرائم انتخابية على علاقة بتجميع التزكيات للترشح للانتخابات الرئاسية 2024 وذاك الذي صدر ضد ناجي الجلول من أجل تهم على علاقة بتزكيات ترشحه للانتخابات الرئاسية لسنة 2019. و تم إيقاف ناشطين بالمجتمع المدني وملاحقة آخرين بحالة سراح وإخضاع جمعيات للبحث على خلفية مواقف أو أنشطة تتعلق بمهاجري جنوب الصحراء بتونس[6] ومنهم سعيدة مصباح رئيسة جمعية منامتي التي أودعت بالسجن بداية شهر ماي 2024 بتهم مالية مباشرة بعد اتهام الرئيس للجمعيات الناشطة في مجال الهجرة بالخيانة. كما تواصلت محاكمات المحامين على خلفية إبداء مواقف في قضايا رأي عام ينوبون فيها ومنهم عياشي الهمامي وإسلام حمزة وسعيدة العكرمي ومحسن السحباني والناصر الهرابي.
وخلال هذه السنة وفي كل محاكم الجمهورية ومناطقها، مثل أمام القضاء بحالة إيقاف أشخاصٌ نشروا تدوينات فيها انتقاد لرئيس الجمهورية فصدرت في حقّهم أحكام بالسجن النافذ. لم يكن عدد هؤلاء معلوما لكن تواتر الروايات عن محاكماتهم وقسوة الأحكام فيها ربما كان ما اضطرّ رئيس الجمهوريّة لأن يعلن في تاريخ 24-07-2024 عفوا خاصّا “يقضي بإسقاط العقاب عن عدد من المحكوم عليهم ممن ارتكبوا جرائم تتعلق بنشر تدوينات على صفحات التواصل الاجتماعي” ولأن ينفي عن نفسه في تصريح بتاريخ 05-08-2024 أيّ دور في إثارة تلك الملاحقات.
في هذا، كان القضاء سنة 2024 متشددا فيما تعلق بجرائم انتقاد رئيس الجمهورية ومنسجما مع سياسته فيما تعلّق بالمهاجرين وبمواقفه من معارضيه ومن المجتمع المدني. وهو في هذا لم يكن يشبه ما كان عليه فترة الانتقال الديموقراطي متى اعتبر في أكثر من حكم أن انتقاد الشخصيات العامة من حرية التعبير ويجب حمايته. كما كان على غير ما ظهر سنتي 2021 و 2022 من قدرة على إبراز استقلاليته عن السلطة السياسية. و يبدو هذا التحول نتيجة لافتقار القضاة لكلّ ضمانات الاستقلالية وشعورهم بالهشاشة.
ونقدّر أن رفض الهيئة الوطنية للمحامين بتاريخ 11-07-2024 ترسيم القضاة المعفيين ومن استقالوا من القضاء[7] في جدول المحامين بعد تقديم عدد منهم طلبا في ذلك مما سيزيد في استضعاف القضاة ويدعم بالتالي مناخ الخوف في صفوفهم والذي يطرح السؤال إن كان سيمتدّ للقضاءين المالي والإداري اللذيْن غابت أخبارهما طيلة السنة القضائية الماضية.
محكمة المحاسبات والمحكمة الإدارية: لا خبر عنهما الى حين.
طيلة السنة القضائية 2023-2024 ، تواصل الشغور في منصب الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات لعدم تعيين رئيس الجمهورية احد المترشحين له رغم توصله بقائمة الترشحات منذ بداية سنة 2022 .كما لم يصدر تقريرها السنوي عدد 33 لعدم تحديد الرئيس موعدا لتسلمه .وخلافا لما كان فترة الانتقال الديموقراطي غاب الحضور الإعلامي لتلك المحكمة.وينتظر تاليا أن يحال على التقاعد شهر 09 من سنة 2024 الوكيل الأول لرئيس المحكمة ووكيل الدولة العام بها وكلاهما عضو بالمجلس المؤقت للقضاء المالي بما سيفرض انتظار ان كان رئيس الجمهورية سيختار تعيين من سيشغل المناصب الشاغرة ام سيتجه للامتناع عن ذلك بما سيعطل المجلس المؤقت للقضاء المالي و سيفرض فراغا في قيادة هذا القضاء يصعب تصور كيفية مواصلة العمل معه .
من جهتها وباستثناء ما كان من حديث عن تعهدها بعدد محدود من النزاعات الانتخابية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم غاب كل ذكر للمحكمة الإدارية خلال ذات السنة .كما لم يسجل في جانبها اصدار احكام يمكن ان توصف بالجريئة .
في المقابل يبدو ما يطرحه الاستحقاق الانتخابي الرئاسي من سؤال حول قدرة المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات على فرض شروط نزاهته من خلال ما هو موكول للإدارية من نظر نزاعات انتخابية وللمحاسبات من رقابة على تمويل الحملات الانتخابية مما سيرسم تصور دور القضاء في حماية قيم دولة القانون وربما يكون الامتحان الأصعب في تاريخ المؤسستين الذي على ضوئه يمكن تقييم استقلاليتهما وقدرتهما على الصمود في ظل سلطة الاستثناء المطلقة.
[1] قانـــون أساسي عدد 13 لسنــة 2013 مؤرخ في 2 ماي 2013 يتعلق بإحداث هيئة وقتية للإشراف على القضاء العدلي
[2] يراجع ميما تعلق بفقه القضاء في المجال القضاء التونسي خلال مرحلة الانتقال الديموقراطي: نحت الجسد الحي محمد العفيف الجعيدي -منشورات المفكرة القانونية صفحة 97 وما بعدها
[3] ورد بالفصل 121 من دستور 2022 تدقيق تفصلي فيما تعلق باستثناءات عدم نقلة القاضي بدون رضاه كان سابقا مجالها التشريع و ينص هذا الفصل الذي بما كان مما ينفرد به هذا الدستور عن غيره من الدساتير ” لا يُنقل القاضي دون رضاه، ولا يُعزل، كما لا يمكن إيقافه عن العمل أو إعفاؤه، أو تسليط عقوبة عليه، إلاّ في الحالات التي يضبطها القانون. ويتمتّع القاضي بحصانة جزائيّة، ولا يمكن تتبّعه أو إيقافه ما لم ترفع عنه الحصانة.وفي حالة التّلبّس بجريمة، يجوز إيقافه وإعلام مجلس القضاء الرّاجع إليه بالنّظر الذي يبتّ في مطلب رفع الحصانة.لا تحول أحكام الفقرة الأولى من هذا الفصل دون نقلة القاضي مراعاة لما تقتضيه مصلحة العمل
يُقصد بمصلحة العمل المصلحة النّاشئة عن ضرورة تسديد شغور أو التّسمية بخطط قضائيّة جديدة أو مواجهة ارتفاع بيّن في حجم العمل.
يتساوى جميع القضاة في تلبية مقتضيات مصلحة العمل. ولا يمكن دعوة القاضي إلى تغيير مركز عمله تلبية لمقتضيات مصلحة العمل إلاّ بعد ثبوت عدم وجود راغبين في الالتحاق بمركز العمل المعنيّ، ويُدعى للغرض القضاة المباشرون بأقرب دائرة قضائيّة مع اعتماد التّناوب، وعند الاقتضاء، يتمّ إجراء قرعة.
وفي هذه الحالة، لا يمكن أن تتجاوز مدّة المباشرة، تلبية لمقتضيات مصلحة العمل، سنة واحدة ما لم يعبّر القاضي المعنيّ عن رغبة صريحة في البقاء بالمركز الواقع نقلته إليه أو تعيينه به.”
[4] يراجع -في الموضوع بيان نقابة الصحافيين أوقفوا محاكمة الصحافيين
[5] بتاريخ06-08-2024 صدر في حقها حكما يقضي بسجنها مدة عامين في واحدة من تلك القضايا.
[6] يراجع بيان جمعيات من المجتمع المدني التونسي الصادر بتاريخ 18-06-2024
[7] قبل تلك القرارات كانت الهيئة الوطنية للمحامين في فترات الازمات السياسية تحرص على ترسيم القضاة الذين يتعرضون لعقوبات جراء تمسكهم باستقلاليتهم وأولائك الذين يستقيلون لكي لا يخضعوا للضغوط في جداول المحامين دون تأخير وبإبراز ترحيب خاص بهم لما في ذلك من انتصار لاستقلالية القضاء ومن حث للقضاة على التمسك بها .