في الذكرى الرابعة لتفجير 4 آب: الأهالي يحملون مطرقة العدالة ويسمّون المعرقلين  


2024-08-04    |   

في الذكرى الرابعة لتفجير 4 آب: الأهالي يحملون مطرقة العدالة ويسمّون المعرقلين  
العلم / العريضة الذي حمله الأهالي في المسيرة

4 أعوام على تفجير المرفأ، ومشهدية الذكرى نفسها، ووجع الأهالي نفسه، ولربّما من أقدار اللبنانيين أن يمتزج وجعهم اليوم مع أوجاع أهالي غزة والضاحية الجنوبية وجنوب لبنان، حيث تسيل الدماء، دماء المدنيين والأطفال، دماء تشعل وجوه الناجين بالوجع والغضب في آن، تمامًا كما وجوه أهالي ضحايا وشهداء تفجير 4 آب 2020.

في الذكرى الرابعة لتفجير مرفأ بيروت، حمل أهالي الضحايا والشهداء مجسّمًا على شكل مطرقة يرمز إلى مطرقة العدالة ووزّعوه على المشاركين، لأنّهم قرروا هذا العام “إجراء محاكمة شعبية لمعرقلي التحقيق” كما قالت المحامية سيسيل روكز شقيقة الشهيد جوزيف روكز في كلمتها. وتلت أسماء السياسيين والقضاة الذين عرقلوا التحقيق وخالفوا القانون، وسط صيحات التأييد من المشاركين وتصفيق حاد.  

أربعة أعوام  لم تكف لتبديد رائحة دخان الانفجار التي لا تزال تملأ سماء بيروت، ولا لتبريد قلوب أهالي الضحايا، ولا لتضميد جراح المصابين ولا حتى لننسى نحن أهالي المدينة ذلك اليوم المشؤوم.  

كيف ننسى انفجارًا قتل ما لا يقلّ عن 242 (حسب آخر تحديث لـ Beirut 607) هم أطفال وشباب ووأمّهات وآباء وأبناء وبنات وأخوة وأخوات وأجداد وجدّات، وأصاب أكثر من 7 آلاف شخص، بعضهم أصيب بإعاقات دائمة، وبعضهم لا يزال يعاني من أوجاع منذ ذلك اليوم والبعض الآخر لا يزال في غيبوبة معلّقًا بين الحياة والموت. كيف ننسى انفجارًا دمّر مدينتا، وطال أكثر من 50 ألف وحدة سكنية نصف سكّانها لم يعودوا إليها، ولم يتمّ التعويض عليهم، إلّا بالقليل.

كيف ننسى، والحقيقة لم تظهر بعد ولم يخضع أحد للمساءلة والمحاسبة، ولم يحمّل أحد المسؤولية عن المأساة التي وقعت في 4 آب 2020، بل بدلًا من ذلك، استخدمت السلطة كلّ السبل التي في متناولها لتقويض التحقيق وعرقلته ومن ثم تجميده لحماية نفسها من المسؤولية، وترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في البلد.

أربعة أعوام لم تكن كافية لتثبيط عزيمة أهالي الشهداء والضحايا والجرحى والمتضررين، ورغم علمهم بأن رحلة تحقيق العدالة طويلة، يعودون كل شهر إلى موقع التفجير وكل عام، لا ليبكوا ضحاياهم فقط، بل ليطالبوا من دون كلل أو ملل بتحقيق العدالة لهم. يعودون تحت شعار واحد: “العدالة لبيروت” ومطلب واحد: “كشف الحقيقة”. حقيقة لم يتراجعوا خطوة واحدة عن المطالبة بها، حقيقة من المسؤول عن تخزين أطنان نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12، حقيقة من الذي تسبب بقتلهم، ومن تواطأ ومن تدخّل في عمل القضاء وهدّد ووضع العراقيل أمام التحقيق. 

مسيرتان والوجع واحد 

وخلال إحياء الذكرى الرابعة، نظّم أهالي شهداء وضحايا تفجير 4 آب وجرحاه ومتضرّروه، يشاركهم حشد من  اللبنانيين، الذكرى الرابعة، مسيرتين متزامنتين، انطلقت الأولى من ساحة الشهداء والثانية من مقرّ فوج إطفاء بيروت في الكرنتينا، وصولًا إلى مرفأ بيروت، وتمثال المغترب مقابل الاهراءات. 

الأهالي ساروا في المسيرتين ولكن الوجع في عيونهم واحد، وجع فقد أحبّة وأعزّاء، وجع استوطن قلوبهم وقلوب الكثير من اللبنانيين والمقيمين الذين شاركوا الأهالي في إحيائهم الذكرى، آتين من كل المناطق ومختلف الانتماءات. وبدا واضحًا أنّ الجرح لم يندمل حتى اللحظة، فهو لا يزال قادرًا على التجلّي بوضوح في لحظات استذكار من قضى في الانفجار، تمامًا كما وداد والدة الشهيد شربل طانيوس كرم التي تقول لـ “المفكرة القانونية”: “أربع سنوات، يسألوني عن حالي، وأسأل نفسي عن حالنا. لكنني لم أجد جوابًا مقنعًا، فكابوس الظلم والقهر، إذا أضيف إلى الحزن، يحرق الأعصاب ويكتم الأنفاس ويفتّت العظام. إذًا أنا لست بخير ولا حتى بنصف خير، لربما العدالة تكون الدواء لي وتشفيني”. 

وحمل المشاركون في المسيرتين مجسّمًا صغيرًا يشبه مطرقة القاضي كتب عليها: act for justice أي “العمل من أجل العدالة”، وحمل عدد آخر علمًا لبنانيًا كبيرًا ملطخًا بالأحمر، كتب عليه نصّ عريضة موقّعة من الأهالي والمتضامنين  كانوا رفعوها قبل عامين إلى مجلس حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة.

وكعادتهم، اتّشح الأهالي بالسواد حاملين صور أحبّائهم، كما رفعوا علمًا لبنانيًا كبيرًا وحمل آخرون لافتات كُتب على بعضها: “إنّ العدالة آتية ولو بعد حين”، “العدالة لبيروت ولبنان”، “العدالة مهما فرّ الفارون وعرقل المعرقلون”، “لن نكِنّ ولن نستسلم قبل تحقيق العدالة”. 

وتقدّمت المسيرة  آليّتان لفوج الإطفاء رُفع عليها علم لبناني كبير، سبقتهما دراجات نارية من شباب وشابات الأحياء المحيطة بالمرفأ، تلاهم الأهالي والمشاركون رافعين صور الشهداء والضحايا. وبالقرب من تمثال المغترب، وضع الأهالي صورًا لعدد من المدّعى عليهم في القضية والسياسيين والقضاة الذين ساهموا في عرقلة التحقيق إلى جانب لافتة كتب عليها: “وقف التحقيق جريمة، حماية الهاربين من العدالة جريمة، عرقلة مسار العدالة جريمة، عدم تنفيذ مذكرات التوقيف جريمة، إطلاق سراح الموقوفين جريمة، طلبات الرد جريمة، كف يد المحقق العدلي جريمة، السكوت عن الحق جريمة” 

وبعد وصول المسيرتين إلى نقطة  التجمّع المركزي أمام المرفأ، تليت أسماء الضحايا وسط تصفيق متواصل من المشاركين. لكن والدة الشهيد رامي الكعكي لم تسمع اسم ابنها لسبب ما فاقتربت من المنصّة محتجّة، فما كان من كيان طليس، شقيق الضحية محمد طليس، والذي كان يتلوا الأسماء أن أعاد تلاوة اسمه مضيفًا “رامي بطل الأبطال”.     

كما أعاد أهالي الضحايا تلاوة القسم الذي يؤكد استمرار تحرّكاتهم الساعية للوصول إلى الحقيقة ومحاسبة كلّ المتورطين والمتسببين بالتفجير. 

وعند الساعة السادسة و7 دقائق، توقيت وقوع التفجير، صمت الجميع وارتفع صوت يشبه صوت انفجار تلاه صوت مؤذّن يرفع الأذان على صوت قرع أجراسٍ كنسية، ترافق كلّ ذلك مع إطلاق صفارات من بواخر في المرفأ ومن سيّارتي فوج الإطفاء اللتين استقلّهما قبل أربع سنوات في مثل هذا التوقيت عناصر فوج إطفاء بيروت متوجّهين إلى المرفأ حيث نشب حريق تحوّل بعد دقائق إلى انفجار قتلهم أوّلًا قبل أن يدمّر المدينة ويقتل من يقتل. 

كلمات الأهالي

بعدها، عاهدت المحامية روكز الضحايا “الذين قتلوا في البيوت وفي أشغالهم وعلى الطرقات وداخل حرم المرفأ، نحن أهلكم وعدناكم لن نترك حقكم بالعدالة والمحاسبة، ولن نترككم بمؤازرة قانونية لمكتب الادعاء في نقابة المحامين”.

وقالت إنّ الأهالي سيجرون هذا العام محاكمة شعبية ليس لمن فجّروا المرفأ لأنّهم يحترمون التحقيق، بل لمن يعرقلون التحقيق وأبرزهم: رئيس مجلس النواب والسلطة التشريعية نبيه بري لأنّه “منع مرسوم التشكيلات القضائية”، والوزير يوسف خليل لـ “رفضه توقيع مرسوم التشكيلات القضائية”، والوزراء السابقون المدّعى عليهم علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس لـ “التعسّف في استعمال حق الدفاع”، والوزير محمد فهمي لـ “حجب الإذن عن مدير عام الأمن العام”، والمسؤول في حزب الله وفيق صفا لـ “التهديد داخل قصر العدل”، وحزب الله لمحاولة “افتعال حرب أهلية سقط فيها ضحايا لقبع القاضي وشن حملة تشويه وضغط وترهيب إعلامي على القضاء”، والوزير راوول نعمة لـ “تدخّل سلطة سياسية بالسلطة القضائية”، وزير الداخلية بسام المولوي لـ “مخالفته قانون التبليغ”، ووزير العدل هنري خوري لـ “محاولاته قبع القاضي عبر القاضي الرديف هو ومجلس القضاء الأعلى وعدم اتخاذ موقف من مخالفات (غسان) عويدات”، والوزير السابق نهاد المشنوق، ومدعي عام التمييز غسان عويدات “أكبر فاسد في قلب العدلية الذي ادعى على القاضي بيطار باغتصاب السلطة بينما هو من يغتصب السلطة”، والمدعين العامين صبوح سليمان، وعماد قبلان وغسان خوري. 

وبدورها  طالبت رئيسة جمعية أهالي ضحايا الانفجار ماريانا فدوليان شقيقة الضحية غايا مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجّار التراجع عن كلّ القرارات غير القانونية التي اتخذها سلفه غسان عويدات، كي تتمكّن الضابطة العدلية من القيام بعملها وأن يستكمل القاضي طارق بيطار تحقيقاته. 

وقالت في كلمتها: “4 سنوات مرّت بكثير من القهر والوجع والاشتياق ولكن من دون حقيقة ولا عدالة ولا حتى أي تقدم بالملف”. وأضافت: “نريد حقيقة كاملة وليس حقيقة ناقصة، لأننا ننتظر عدالة كاملة وليس عدالة ناقصة”، مطالبة بعدم عودة الموقوفين الذين أطلق سراحهم عويدات قبل انتهاء التحقيق وجلاء الحقيقة كاملة”.  كما شددت على أنّه “لا إعادة لإعمار المرفأ قبل جلاء الحقيقة”، قائلة: “نحن بهذا نعطّل المس بمسرح الجريمة قبل انتهاء التحقيق”.

من جهته، أكد بول نجار، فيما حملت زوجته ترايسي صورة طفلتهما الضحية ألكسندرا، أنّ حشد اليوم يؤكّد استمرار قضيّتهم، مؤكّدًا استمرار أهالي الضحايا ببذل قصارى جهدهم والضغط حتى تحقيق العدالة لكونها حقًا لهم، وسيستمرّون بالنضال بشكل يومي من أجل دماء أبنائهم في وجه معرقلي التحقيق والعدالة. 

ووجّهت ميراي خوري والدة الضحية الياس كلمة باللغة الانكليزية إلى سفراء الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والدول التي سقط لها ضحايا بين قتلى وجرحى في انفجار المرفأ، فدعتهم إلى الضغط باتجاه تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية واستكمال التحقيق من أجل رعاياهم الذين سقطوا في 4 آب ولإحقاق العدالة لهم. ودعتهم إلى مساعدة أهالي الضحايا اللبنانيين من أجل تحقيق تلك العدالة، معتبرة أنّ المسؤولين اللبنانيين يسعون بعد 4 سنوات على الجريمة، إلى طمس الحقيقة وإلغاء الملف. 

من جهته خصّص وليام نون شقيق الشهيد جو كلمته لتوجيه الانتقادات إلى حزب الله واتهامه بعرقلة التحقيق وبازدواجية المعايير بين تضامنه مع ضحايا غزّة وحرمانه ضحايا 4 آب من العدالة، مؤكّدًا أنّ القضاة تعرّضوا للتهديد لثنيهم عن استكمال التحقيق. إلّا أنّ الأهالي مصمّمون على الاستمرار في تحرّكهم حتى الوصول إلى الحق والحقيقة وتحقيق العدالة. 

ختام الكلمات كان مع السيدة نجوى الحايك والدة الشابة لارا الحايك التي ما زالت في المستشفى منذ 4 سنوات وهي في حالة غيبوبة، لكن والدتها لم تنقطع يومًا عن زيارتها وعن الأمل بعودتها إلى الحياة. وقالت في كلمتها: “بنتي لارا تفجّر دماغها من 4 سنين بس قلبها عم يدق”، لتسأل: “كيف علينا أن نسكت؟” وتجيب نفسها: “لن نسكت حتى تتحاسبوا على كل جرائمكم”. 

عرقلة التحقيق مستمرّة والأنظار تتّجه إلى النيابة العامّة التمييزية

إذًا، 4 سنوات مرّت، ولا يزال التحقيق اللبناني معطّلًا منذ عامين ونصف العام بسبب العراقيل العديدة التي وضعها بعض المدّعى عليهم والقوى السياسية وغيرها من الجهات الرسمية، كالتذرّع بالحصانات والتعسّف في استخدام حقوق الدفاع من خلال تقديم العديد من دعاوى الرد والمخاصمة، وآخرها “الانقلاب” الذي نفّذه المدعي العام التمييزي السابق غسان عويدات في بداية العام 2023 بهدف منع المحقق العدلي طارق بيطار من استكمال التحقيقات وإصدار القرار الإتهامي. 

وفي موازاة تعطيل التحقيق، لا تزال الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي تنظر في دعاوى المخاصمة معطلة، كما تعطّل أيضًا المجلس العدلي الذي يجب أن ينظر في محاكمة قضية المرفأ بعد صدور القرار الاتهامي. وبدأت معالم تعطيل القضاء اللبناني برمتّه في مجمل القضايا الكبرى تظهر، لتتعمّق فجوة العدالة أكثر وأكثر. 

واليوم تتجه الأنظار إلى النائب العام التمييزي جمال الحجّار الذي استلم مهامه في شباط 2024 حيث ينتظر منه أن يستعيد دور النيابة العامّة بالدفاع عن الحق العام وأن يتّخذ إجراءات لإلغاء مفاعيل انقلاب سلفه وتسهيل عودة التحقيق. كما يُنتظر من مجلس النوّاب، بالإضافة إلى إقرار قانون لاستقلالية القضاء العدلي يسهّل إجراء التشكيلات القضائية من دون عرقلتها من قبل الحكومة، أن يقرّ تعديل المادة 751 من أصول المحاكمات المدنية لمنع التعليق التلقائي للدعاوى والتحقيقات بمجرد تقديم أحد المتقاضين دعوى مخاصمة. 

وفي ندوة عقدت الخميس في الأول من آب في نقابة المحامين، حمّل مكتب الادّعاء المسؤولية الرئيسية للتعطيل للنيابة العامّة التمييزية وطالبها بالقيام بدورها كما بتحديد الوسائل المطلوبة لتحريك التحقيق، بعد أن عرض أسباب التعطيل التي اعتمدها بعض المدّعى عليهم والجهات الإدارية والقضائية. وأكّد نقيب المحامين في بيروت فادي المصري لـ “المفكّرة” أنّ “النيابة العامّة (التمييزية) أمام مسؤولية تاريخية لكسر منطق اللاعقاب”، مشددًا على التزام النقابة مواصلة النضال لكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين. 

كما اعتبر نقيب المحامي في طرابلس سامي الحسن في بيان أنّ “استمرار توقف التحقيق في جريمة الرابع من آب هو تذكير دائم بأن الجرح ما زال مفتوحاً، وبأن العدالة معطلةٌ بفعل فاعل، فقد آن لهذه الفاجعة أن توقظ فينا الانتفاض على عجز دولتنا ومؤسساتنا وقوانيننا عن إحقاق الحق، وهذا دينٌ مستحقٌ لما بُذل من دماء وتضحيات في ذلك اليوم الرهيب.” 

وذكر “نادي قضاة لبنان” في بيان أسباب عرقلة التحقيق أيضًا وهي: “تعسّف في استخدام الحق من بعض المشتبه بهم بتكرار تقديم طلبات الرد وطلبات النقل للارتياب المشروع وطلبات المخاصمة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز المعطلة. ⁠توقّف إجراءات الملاحقة منذ ما يقارب السنة ونصف سنة، ⁠تدخّلات سياسية. ⁠تهديد للمحقق العدلي وبعض القضاة الآخرين. ووضع العراقيل لمنع تشكيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز”.

واعتبر أنّ المطلوب اليوم أن “يقوم كلّ من مجلس النوّاب ومجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة التمييزية والوزراء المعنيين، بدوره وفقًا للقانون، بما يسمح للمحقق العدلي بعدها بمواصلة عمله وإعادة تسيير التحقيقات أصولًا نحو مبتغاها، وصولًا إلى إظهار الحقيقة وإقامة العدل للضحايا من جهة، وللمدعى عليهم وللمشتبه فيهم إدانة أو براءة من جهة أخرى”.

ومع تأكيده على بياناته السابقة في قضية تفجير مرفأ بيروت، طلب النادي من الجميع وقفة حق جريئة مع الضمير، فالعدالة المتأخرة هي الظلم سواء للضحايا وللمدعى عليهم وللمشتبه فيهم”.

من جهته، ذكّر المدير التنفيذي للمفكرة القانونية نزار صاغية في تغريدة عبر منصة “إكس” أنّ “مؤيدي العدالة في قضية المرفأ ممّن يحاربون العدالة في القضايا الأخرى كقضايا المصارف والفساد أو لا يبالون بالإبادة في غزة بأنّ الانتقائية في مطلب العدالة هو اجتزاء وتسييس  طالما يقارب قضايا العدالة ليس من منطلق المبدأ بل أيضًا وفق الغنم أو الضرر السياسي منها”. 

كما ذكّر “القوى التي عطلت العدالة في هذه القضية أنّ وسائلها المستخدمة أدّت ليس فقط إلى تعطيل التحقيق فيها بل إلى نسف القضاء برمّته وإلى تعطيل مئات القضايا المحقة بفعل المادة 751 الشهيرة وأنّ نسف القضاء يعني التسليم بشريعة الأقوى. يعني التسليم بغلبة صاحب القوة وبقهر صاحب الحق”. وأشار إلى أنّ هذه الذكرى التي تأتي في ظل استمرار الإبادة في غزة واتساع فجوة اللاعدالة إنّما تضع مرايا أمامنا جميعًا على أمل أن يختار أغلبنا طريق العدالة. 

وفي هذا السياق، ذكرت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، عائلات الضحايا خلال لقائهم السبت في 3 آب أنّ “انفجار مرفأ بيروت كانت له أصداء في جميع أنحاء العالم. وأنّ رؤية هذه العائلات تتعرّض للظلم مرارًا وتكرارًا بسبب الفشل في تحقيق العدالة حتى الآن مؤلم”. وأوضحت أنّ “الغياب التام للمحاسبة عن كارثة من صنع الإنسان كهذا الانفجار يعدّ أمرًا مذهلًا. فالمتوقع من السلطات المعنية أن تعمل بلا كلل لإزالة جميع العوائق أمام التحقيق – سواء كانت هيكلية أو سياسية – ولكن ما يحدث هو العكس تمامًا”.

وأعادت المنسّقة الخاصّة التي زارت الأهالي اليوم أيضًا أثناء تجمّعهم أمام فوج الإطفاء، التأكيد على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لإجراء تحقيقٍ محايدٍ وشاملٍ وشفّاف لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة والمحاسبة. كما أكّدت على أهمية وجود قضاء مستقل وناجز في لبنان جنبًا إلى جنب مع تفعيل وتمكين مؤسسات الدولة الأخرى. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، قرارات قضائية ، استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات ، مجزرة المرفأ ، ضحايا 4 آب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني