افتتحت يوم أمس الأربعاء 30-01-2019 السنة القضائية الجديدة في المغرب تحت شعار “القضاء ضمانة للحقوق والحريات” والتي حضرها أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى جانب العديد من الشخصيات السياسية والحقوقية، من أهمها رئيس مجلس النواب الحبيب المالك ووزير العدل محمد أوجار وبعض الوزراء في الحكومة إلى جانب ممثلي ووسائل الاعلام والجمعيات المهنية للقضاة ومسؤولين قضائيين من مختلف مناطق المغرب.
وتميزت افتتاح السنة القضائية بالإضافة إلى تقديم محكمة النقض حصيلتها السنوية، بحدثين مهمين وهما حضور الجمعيات المهنية القضائية بدعوة رسمية لأول مرة وخروج خطاب الرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام عن المألوف وتقديم حصيلة تهمّ عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة وليس فقط ما يتعلق بنشاط محكمة النقض.
الإطار القانوني المؤطر لافتتاح السنة القضائية في المغرب
رغم أنه حدث مهم ويحظى بمتابعة إعلامية كبيرة وبحضور وازن لمسؤولي الدولة فيه، فإن الافتتاح الرسمي للسنة القضائية لا ينظمه أي إطار قانون إلى حد الآن، بل هو فقط تقليد سنوي قديم جرى به العمل وتم تنظيمه لأول مرة في سنة 1979 بمنشور لوزير العدل لا غير، وينص على أن ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ تفتتح إما تحت ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ للملك ﺃﻭ ﺑﺈﺫﻥ منه، ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺔ ﺭﺳﻤﻴﺔ ﺧﻼﻝ ﺷﻬﺮ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ بمحكمة النقض وبباقي محاكم الاستئناف بعد ذلك. إلا أن قانون التنظيم القضائي الجديد الذي صادق عليه البرلمان بشكل نهائي وأحالته الحكومة إلى المحكمة الدستورية – اختياريا – للفصل فيه، عاد ونظم حدث افتتاح السنة القضائية في صلب المادة الثامنة بنفس المضمون الذي ورد في منشور وزير العدل.
حضور للجمعيات المهنية القضائية
اللافت في حفل افتتاح السنة القضائية هو حضور الجمعيات المهنية له بدعوة رسمية من الرئيس الأول لمحكمة النقض لأول مرة، وفق ما نشره نادي قضاة المغرب على صفحته النادي بالفايسبوك. ويأتي هذا الحضور بعدما كان سبق للمفكرة القانونية أن أشارت في تغطيتها في افتتاح السنة القضائية الماضية إلى عدم دعوة هذه الجمعيات المهنية مع أنها فاعل كبير في الساحة القضائية.
كما أن دعوة هذه الجمعيات تأتي بعد التصعيد في الخطاب غير المسبوق الذي عرفته سنة 2018 بين نادي قضاة المغرب والمجلس الأعلى للسلطة القضائية بسبب عدم نشر المجلس لنتائج أشغاله، وما اعتبره النادي خرقا للقانون في جانب من هذه الأشغال. وقد تمّ بعد ذلك استدعاء عدة قضاة ينتمون إلى النادي للمفتشية العامة التابعة للمجلس قصد البحث معهم بخصوص تدوينات كتبوها في صفحات الفايسبوك بمناسبة بلاغ النادي، قبل أن يتم نزع فتيل التوتر بين النادي والمجلس باجتماع بينهما تم الاتفاق فيه على حل المشاكل عن طريق الحوار.
خطابات رسمية مختلفة لمسؤولي محكمة النقض
بخلاف ما جرت عليه العادة، لم يقتصر خطاب الرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام هذه السنة على عمل محكمة النقض، بل شمل عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة. كما أن الخطاب القضائي خرج عن الطابع الكلاسيكي والروتيني، ليتضمن عددا من الرسائل إلى الرأي العام والحكومة ممثلة في وزارة العدل وأيضا إلى القضاة. ومن أهم هذه الرسائل، الآتية:
الشكوى من نقص الإمكانات وقلة عدد القضاة، وهو خطاب غير مألوف في المؤسسات الرسمية بل هو خطاب شبيه بخطاب الجمعيات المهنية،
مطالبة وزير العدل بالعمل مع الحكومة لإخراج النصوص التنظيمية (لمراسيم الحكومية) المحددة لتعويضات القضاة بمناسبة العمل الإضافي الذي يقومون به،
توجيه رسالة للبرلمان فيما يتعلق بالنقاش حول استدعاء الوكيل العام للبرلمان لمناقشة تقرير السياسة الجنائية، حيث أكد هذا الأخير على أن التقرير السنوي للنيابة العامة ينشر للرأي العام وترسل نسخة منه للبرلمان. وهذا يستعيد تصريحاته الإعلامية السابقة والتي أسند فيها موقفه بعدم االحضور على قرار المجلس الدستوري المتصل بالقوانين التنظيمية للسلطة القضائية،
التأكيد على أن مؤسسة المجلس تتمسك بالمحاسبة والتخليق ومحاربة الفساد، ولكنها لن تتسامح مع الوشايات الكاذبة على القضاة. وهي رسالة موجهة لبعض الجهات الحكومية التي كانت تطالب أثناء مناقشة النظام الداخلي للمجلس بالسماح بالبحث في الشكايات المجهولة ضد القضاة. وقد قال بهذا الصدد: “لا بد من التأكيد على أنه بقدر حرصنا على تكريس قواعد الشفافية ومبادئ المسؤولية والمحاسبة، فإننا بالمقابل لن نتساهل أمام الشكايات الكيدية التي تتم بسوء نية بغرض التأثير أو الضغط والتشويش”،
الدعوة إلى تولية السلطة القضائية مهمة الإشراف على المعهد العالي للقضاء أمام وزير العدل وهو موضوع خلافي الآن بين الوزارة والمجلس،
الدعوة إلى إخراج قانون للمفتشية العامة للشؤون القضائية وهي رسالة موجهة للبرلمان والحكومة،
الإسهاب في تعداد إنجازات النيابة العامة في محاربة الرشوة، ولا سيما وضع الخط المباشر والمفتوح والذي بفضله تمت الإطاحة بعدد من المسؤولين من خلال نصب كمائن لهم لإثبات حالة التلبس بالرشوة. وهذه الرسالة هامة جدا، إذ هي تؤكد على محاربة السلطة القضائية الفساد في الإدارات العامة، بعدما كان الحديث السائد يتصل بمحاربة الحكومة للفساد القضائي،
الدعوة إلى تكوين قضاة النيابة العامة والمحامين على تحرير مذكرات النقض لكون عدد من الملفات بمحكمة النقض يتم الحكم بعدم القبول بسبب الإخلالات الشكلية حيث تبلغ هذه النسبة 30.43%. ونشير هنا أن النيابة العامة لدى محكمة النقض عازمة خلال السنة الجارية على عقد دورات تكوينية لفائدة السادة نواب الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف المكلفين بتحرير مذكرات الطعن بالنقض.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.