في أول تصويت في الانتخابات البلدية للقوات الحاملة للسلاح بتونس: عزوف مخيب للآمال


2018-05-03    |   

في أول تصويت في الانتخابات البلدية للقوات الحاملة للسلاح بتونس: عزوف مخيب للآمال

لم يتقدم لمكاتب الاقتراع الثلاثمائة وتسعة وخمسين التي فتحت أبوابها بمختلف البلديات التونسية بتاريخ 29-04-2018 لتمكين الأمنيين والعسكريين من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البلدية إلا 4492 ناخبا أي 12% فقط من المدرجين في سجلات الناخبين ودون 5% من عموم تعداد هذه الفئة المهنية. وتبرز هذه المعطيات الإحصائية التي كشفت عنها بتاريخ 30-04-2018 الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حالة العزوف الانتخابي التي مست ناخبي القوات الحاملة للسلاح في أول انتخابات بلدية يكون لهم فيها حق الانتخاب وهي حالة لم تكن مفاجئة بفعل تعدد مسبباتها والتي تمثلت خصوصا في:

 

الدور السلبي للنقابات الأمنية

كانت النقابات الأمنية من ضمن القوى التي ضغطت على المجلس النيابي التونسي ليقر بموجب القانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017[1] حق أفراد القوات الحاملة للسلاح في الانتخاب بالانتخابات البلدية الجهوية. وكان  ينتظر منها بالتالي أن تلعب دورا هاما في إنجاح أول ممارسة لهذا الحق من خلال حثها  منظوريها على الإقبال بكثافة على التسجيل بلوائح الناخبين في مرحلة أولى وعلى مكاتب الاقتراع في مرحلة ثانية. ما كان منتظرا لم يتحقق مطلقا. وعلى نقيضه، بادرت عدد من تلك النقابات لقيادة حملات تنفير من الحق الانتخابي روجت لكون ممارسته تمس باستقلالية الأمنيين ويؤدي للزج بهم في الصراعات السياسية، بما كان معه هذا الجهد السلبي سببا أولا للعزوف المسجل.  

 

الأداء السيء للهيئة العليا المستقلة للانتخابات

كان ينتظر من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في سياق ممارستها لدورها وبعد معاينتها لتنامي خطاب التخويف من مشاركة الأمنيين والعسكريين في الانتخابات أن تخصص جانبا من جهدها الاتصالي لتشجيع هؤلاء على ممارسة حقهم الانتخابي سواء من خلال حملات دعاية خاصة يكون هدفها توعية الناخب بأهمية صوته الانتخابي وأخرى عامة تبرز فضل إقرار هذا الحق الانتخابي على التجربة الديمقراطية.

من جهة ثانية، تفرض خصوصية العملين الأمني والعسكري ألا يكون يوم الانتخابات يوم إجازة للأغلبية منهم خلافا لما هو الأمر بالنسبة لغيرهم من الناخبين. وكان ينتظر أن تتعامل الهيئة بإيجابية وجرأة مع هذه الخصوصية، فتنسّق مع القيادتين الأمنية والعسكرية لتتوصل لتحديد زمن انتخابي خاص يلائم خصوصية الناخب وتوزيع لمكاتب الاقتراع يسهل تنقله. وهو أمر لم يتحقق إذ كشفت تجربة اليوم الانتخابي أن عددا هاما من الناخبين لم يكن بمستطاعهم ممارسة حقهم الانتخابي بسبب التزاماتهم المهنية خلال مدة فتح مكاتب الاقتراع.

ويبدو في هذا الإطار عزوف الناخبين الأمنيين والعسكريين عن الانتخاب عنوان فشل هام للهيئة، على مجلسها والمهتمين بعملها دراسته ليتسنى تجاوزه مستقبلا، بما يجنب تنامي العزوف الانتخابي ويضمن  أن تكون المواعيد الانتخابية القادمة مناسبات لتثبيت قيم الديمقراطية في المجتمع التونسي.

 


[1]  قانون  أساسي عدد 7 لسنة 2017 مؤرخ في 14 -02- 2017 يتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 -05-2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، دستور وانتخابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني