عودة غير مبررة إلى التجنيد الإجباري في المغرب


2018-08-24    |   

عودة غير مبررة إلى التجنيد الإجباري في المغرب

تفاجأ الرأي العام المغربي بقطع الحكومة المغربية لعطلتها السنوية وعقدها لاجتماع يوم  عطلة رسمية أيضا بتاريخ 20-08-2018 لدراسة نقطة فريدة في هذا الاجتماع[1] وهي  الدراسة والمناقشة والمصادقة على مشروع القانون رقم 18-44 المتعلق بالخدمة العسكرية. وقد أقر المشروع في نفس اليوم وتمت إحالته إلى البرلمان المغربي ليقول كلمته فيه.

ويأتي عنصر المفاجأة من كون موضوع التجنيد الاجباري لم يكن مطروحا للنقاش العمومي في المغرب أو تستدعيه ضرورة مستعجلة حتى تناقشه الحكومة والمجلس الوزاري وتصادق عليه بهذه السرعة. كما سبق للمغرب أن عمل بنظام الخدمة العسكرية الإلزامية منذ سنة 1967 إلى أن الغاها في سنة 2007 من دون معرفة سبب العودة اليها .

وقد اكتفى المشروع في ديباجته إلى بيان  الهدف من وراء هذا القانون بالقول بأنه يهدف إلى “إذكاء روح الوطنية لدى الشباب، في إطار التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة. كما يفتح أمامهم فرص الاندماج في الحياة المهنية والاجتماعية، وخاصة أولئك الذين يبرزون مؤهلاتهم ويتحلون بروح الوطنية والانضباط، لاسيما من خلال الانخراط في مختلف القوات العسكرية والأمنية”.

وبخصوص مضمونه، فإنه يهم فئة الشباب البالغة من العمر ما بين 19 و25 سنة. وقد حددت فيه مدة التجنيد ب 12 عشر شهرا، كما حددت فيه الإعفاءات المؤقتة أو النهائية والتي سوف يتولى نص تنظيمي وضع شروطها، ولا سيما ما يخص عدم القدرة البدنية المثبتة بتقرير طبي معتمد أو التحمل العائلي أو بسبب متابعة الدراسة مع إمكانية العودة على نظام التجنيد بعد زوال المانع المؤقت حتى بعد فوات سن 25. كما يستثني هذا القانون من التجنيد الاجباري الاشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جنائية أو بالسجن النافذ لمدة تزيد عن ستة أشهر، ما لم يحصلوا على إعادة الاعتبار.

وأكد مشروع القانون كذلك على أن الفئات المعنية بالتجنيد الإجباري سوف تخضع للقوانين والأنظمة العسكرية، خاصة القانون رقم 13-108 بشأن القضاء العسكري، والقانون رقم 12-01 المتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للعسكريين بالقوات المسلحة الملكية والظهير رقم 383-74-1 المتعلق بالمصادقة على نظام الانضباط العام في حظيرة القوات المسلحة الملكية، مشيرة إلى أنهم يحصلون على رتب حسب التراتبية المعمول بها، مع تحديده للمزايا المادية من تعويضات وتطبيب التي سيستفيد منها المعنيون بالتجنيد طلية فترته ويسجلون بعد نهاية التدريب في احتياطي القوات المسلحة الملكية المغربية .

وقد حدد مشروع القانون أيضا عقوبات عدم الامتثال للتجنيد الاجباري تصل إلى المعاقبة بالسجن من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2000 إلى 5000 درهم.

ومباشرة بعد المصادقة على مشروع القانون بهذه الطريقة توالت ردود الأفعال المتباينة لهذا القانون وخاصة من فئات الشباب. وقد ركزت فئة منهم على أن مشكلتها ليست في التجنيد الإجباري، وإنما في التعليم الجيد والصحة  للجميع والتشغيل. كما عبر آخرون عن تخوفهم من أن يهدف هذا القانون إلى محاصرة الحركات الاحتجاجية الاجتماعية. وفي هذا السياق  تشكلت صفحة على الفايسبوك للتعبير عن رفض القانون عرفت انتشارا واسعا منذ أول ظهور لها.

بالمقابل، رحبت بعض الفئات الاجتماعية في وسائل التواصل والمواقع الإعلامية بهذا القانون لأنه في نظرها سوف يؤدي إلى تقوية المواطنة ومحاربة خمول الشباب والإسهام في الدفاع عن الوطن الذي يقتضيه الفصل 38 من الدستور المغربي.

وينتظر أن يناقش البرلمان المغربي بعد الدخول السياسي المقبل هذا القانون ويصادق عليه. ولا ينتظر أن يجد صعوبة في تمريره ما دام أن الحكومة التي لها أغلبية برلمانية مريحة هي التي قدمته.

 


[1] – وفق المعلن عنه في جدول الاعمال الذي نشرته الأمانة العامة للحكومة بموقع الرسمي على الرابط الاتي :

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، حراكات اجتماعية ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني