كيف تُقيم حجّة لنشاطٍ “مجّاني” في بلدٍ تتسابق فيه المشاكل الحياتية والمسائل “الاضطرارية”؟ كيف تقيم حجّة لنشاط لا يتحرك المستفيدون منه أنفسهم لأجله؟ هذه هي اليوم حال المساحات الحرجية في مدينة بيروت، ومنها دالية الروشة وحرج الصنوبر. ونحن قد نكون على مشارف اختفاء ربما نصف مجموع هذه المساحات مع الإعداد الجاري لدالية الروشة من قبل مالك أرضها لتتحول إلى مشروع سياحي خاص.
يطرح هذا المقال إطاراً نظرياً لمقاربة نشاطات ما يُسمّى”بالترفيه”، عبر عرض لدراسة عالم التاريخ والاجتماع الألماني نوربير إلياس للألعاب الرياضية. ثم يحاول أن يبرز بعض خصائص دالية الروشة، كإطار علاقات اجتماعية ترسمها ظروف المكان اللاهندسية والجغرافية، لتقوم مقام حجّة لترك الدالية على حالها وللعمل على توسيع الأماكن المشابهة والمساحات العامة ذات الوجهة الترفيهية في مدينة بيروت.
“ترفيه” و”حضارة”
“لدينا قناعة بأن معرفة الرياضة هي مفتاح معرفة المجتمع”. عندما كتب هذه الجملة في مقدمة لنشر مجموعةمقالاته مع زميله إريك دونينغ بعنوان “رياضة وحضارة”[1]، لم يكن عالم الاجتماع والتاريخ الفذّ نوربير إلياس يقصد تسطيح فهم المجتمع، مثل الذي يقول ان رموز المجتمع مُوَظّفة جميعها في الرياضة (أو مثل الذين يستشهدون بالقرآن لتفسير سولوكيات “المسلمين”). فمؤرخنا كان قد اشتهر في حقل علم الاجتماع لعَمَله الدَسم على ساحة تاريخية ومجتمعية بعيدة كل البعد عن الرياضة، ألا وهي مجتمع البلاط المَلكي الفرنسي قبل نشوب الثورة الفرنسية. وكان الكاتب قد قَصد من خلال استفزاز القارئ أن يُلفت نظره إلى ما شكّل قاعدة مشتركة لأعماله المُتنوعة، وقوامها مراقبة وتعريب العواطف والمعايير الحِسّية في المجتمع بما هي ظاهرة اجتماعية تفرض لُغتها على أفعال الناس وينبغي بالتالي على علم الاجتماع والمعرفة العلم اجتماعية معالجتها واعتمادها من بين مكوّناتها النظرية. فالعواطف تبقى ظاهرة هامشية في العلوم الاجتماعية، إذا ما قورنت بغيرها من الظواهر المرسومة نظرياً والخاضعة في قسم منها للتقنيات الإحصائية، أو لتلك التي تحقق شهرة واسعة مثل “الخطاب” (يُفضل مهدي عامل تسميته “القول”) على امتداد دوائر علم الاجتماع بين ضفتي المحيط، أو خارجها في الإعلام (والصحافة العربية متآلفة في بعض صفحاتها مع تفرّعٍ نظري “للخطاب” رَسمه إدوارد سعيد، “الاستشراق”). وهي (أي العواطف)، أكثر هامشية في الخطاب الإعلامي عندما لا تكون بأسوأ حالاتها فيه، مَتروكة للتبسيط الكلامي الخاص بمهنيي هذا الوسط ونزوع إدراكهم للأمور إلى منطق المواجهة والثنائيات.
لا شك بأن مجال العواطف والأحاسيس عند فئات المجتمع المتنوعة، يلقى تلمساً ما عند أهل الكلام المهيمن. فمنه نعدد سلسلة تطول من المصطلحات الكلّانية التي تجد في الكلام المهيمن على المجتمع مكانها، في نصوص الصحافيين والسياسيين خاصةً، لتسد حاجة هذه المهن في السيطرة على الواقع الاجتماعي المُتفلت، ومنها مثلاً “الحقد” و”عشق الدم”، أو “الإحباط المسيحي”، أو “المظلومية السنية” مؤخراً.
لكن مقالات نوربرت إلياس لم تنطلق من كلام أو قول الصحافيين والمعلّقين، بل أخذت موضوعاً لها إحدى ساحات العواطف المُحددة، وهي الرياضة بقواعدها الحديثة، مع التركيز على لعبة كرة القدم، مراقباً وزميله نشأتها، ومأسستها في اتحادات ونوادٍ، وتطوّر انتشارها، في موازاة نظرة موسّعة للتطور السياسي والاجتماعي لإنكلترا حَيث وُلدت هذه اللعبة وغيرها من الألعاب بصيغتها “المسالمة” التي نعرفها الآن. وفي هذا الإطار، أشار الياس خاصة الى ضوابط جديدة للتلذذ باللعب من جهة ومشاهدته من جهة ثانية، قوامها إطالة أمد اللعبة والحرص على سلامة اللاعبين الجسدية. والنزعة الكامنة وراء هذه الضوابط بدأت، برأي إلياس، مع لعبة صيد الثعالب في القرن الثامن عشر، حيث أصبح تمديد وقت اللعبة وتأخّر القبض على الثعلب من ضرورات نجاحها بالنسبة للّاعبين، كما أن الثعلب كان يُترك عند القبض عليه لعناية الكلاب، وهو دليل مجانيتها المادي.
أما في “مجانية” هذه الألعاب، ووصفها العادي “بالترفيه” وبالتسلية، فيذّكر إلياس ببديهية أنه لا يوجد على مر التاريخ مجتمع لم يؤمّن لأعضائه ألعاب تسلية. فالترفيه عند إلياس ليس “مجانياً” واختيارياً بالمعنى الذي يَفصله عن “العمل”، الضروري والاضطراري، وهو موجودٌ ليُلبي أو ليجاري مناحيَ من سيكولوجية الأفراد لا مهرب منها.
وعليه، فإن الرياضة ومراقبة تطوّر أنظمة ألعابها وقواعدها كفيلةٌ بإخبارنا شيئاً عن المناحي السيكولوجية لهواتها من جهة ولمشاهديها من جهة أخرى، ومنهم عن المجتمع بشكل أوسع. وأبرز ما لاحظه إلياس ودوننغ في انتشار الرياضة الحديثة، المبنية على ضمان سلامة اللاعبين، بالمقارنة مع العصر الأولمبي الأول، الإغريقي، حيث كان مقتل اللاعب نتيجة مُتوقعة أثناء مباراة مصارعة، من تطوّرٍ مُكتسب (والتشديد هنا على عامل الاكتساب) في حساسية الجمهور إزاء مظاهر العنف. كذلك مثلاً، اعتبر الياس أن استقرار الرياضة في مرحلة أولى عند طبقات المالكين والارستقراطيين الإنكليز على قواعد اللّذة في اللعب أتت بموازاة استقرار اللعبة السياسية الإنكليزية على قواعد “البرلمانية” وذوبان عواطف التنافس المتطرفة عند أعضاء الطبقة المسيطرة. والخلاصة أن في الأعمال “المجّانية” مثل الرياضة والترفيه جزءاً مهماً من صورة فهم السلوك البشري ككل، يوازي بأهميته ما تقوله الأفعال في أُطُرها الوظيفية أو الاضطرارية، إذ إنها تجاري مناحيَ أساسية في شخصيات الأفراد لا تجاريها دوائر حياتهم الأخرى.
ميزانان للعوطف
هكذا إذاً هي العواطف: مكانها في الكلام هامشي وتبقى في كثير من الأحيان عصية على الفهم بسبب اختفائها. مع أن تلمسها يحصل أحياناً، ويجد قاموساً له في اللغة السياسية كما أشرنا. كذلك يبرز تشخيص آخر لها، على قاعدة تعميمية وتبسيطية مختلفة، مثل القول بأن “اللبنانيين شبعوا”، أو “اللبنانيين بدّن ينبسطوا” الخ. وهو قول ليس بقليل – ولو لم يحك بشيء ذي قيمة من الناحية المعرفية — إذ يترجم محاولة تكيّف ما للطبقة المسيطرة المحلية مع التبدلات في آراء الناس حيث تعجز الشعارات السياسية عن اللحاق بها. وهي الدينامية التي أمكن مراقبتها مثلاً في الأسبوع الأول من شهر حزيران 2014، مع اقتراب موعد مباريات كأس العالم في كرة القدم المقامة في البرازيل ومسألة نقل المباريات المباشر على شاشات التلفزيون. وقد جرى نقاش في الإعلام وصل لمقدمات النشرات الإخبارية المسائية حول ما إذا كان سيحظى اللبنانيون بتغطية مجانية من قبل “تلفزيون لبنان” (تقدمة من الحكومة القطرية) أو عن طريق الاشتراك الفردي المكلِف مع شركة “سما”، المالكة الحصرية لحقوق نقل الدوري لهذا العام. ولم يؤثر سقوط ثلث العراق في أيدي مجموعات مسلحة طائفية في المرحلة نفسها، والذي أجمع المحللون على اعتباره ممهداً “لخلط الأوراق السياسية” في المنطقة كلها، باحتلال أزمة نقل كأس العالم مقدمات الأخبار. وقد تورّط وزراء الإعلام والمالية والاتصالات في لعبة الوعود العلنية لحل الأزمة، ولحفظ “حق الناس بالفرح” و”التفرّج”.
وحيث قد تشفع لموضوع كأس العالم العقيدة المهيمنة المنادية بوجوب “مواكبة لبنان لدول العالم” و”للعالمية” و”بالعيب” الذي سيلحق به و”التخلّف” الناتج من حرمان الناس من مشاهدة كأس العالم، تنقلب الصيغة بالنسبة للمساحات العامة في مدينة بيروت، إذ ترى موضوعها شبه غائب عن النقاش الإعلامي والرسمي.
وهكذا دخل موضوع دالية الروشة هامش التغطية الإعلامية بعد انتهاء اعتصام الصيادين القاطنين في المنطقة سابقاً، أي عندما باتت مسألته قضية “مساحة عامة للترفيه” بامتياز. وهو كان أصلاً غائباً عن المناقشات النيابية مثلاً، التي تناولت مشروع القانون 402 قبل إقراره في عام 1995[2]. وهو القانون الذي أعاد تمديده مجلس النواب في جلسة الأول من نيسان 2014، دون الحاجة الى مناقشة، والذي يسمح بتوسيع عامل الاستثمار في العقارات التي تتخطى العشرينألف متر مربّع في لبنان. فبينما طرح نواب عديدون موضوع الاستملاك على شاطئ البحر من باب تعارض المشروع مع قانون “الإثراء غير المشروع”، بقيت قضية حق الناس بالبحر شبه مغيبة وعلى الأقل خافتة. ففيما ذكرها النائبان زهير العبيدي وبشارة مرهج وحدهما، فإنهما سارعا الى ربطها “بالسياحة” (ربما اضطراراً). كما أن مداخلاتهما في هذا الصدد لم تلقَ ردّاً يذكر من قبل المدافعين عن مشروع القانون باستثناء اعتبار الوزير محمد عبد الحميد بيضون كلامهما “عاطفياً”.
تذويب أُطر المواجهة: الدالية نموذجاً
بعد ظهر يوم أحد حيث طقسه صيفي وحار، سابق لموسمه، تنزل الناس عبر شق في السياج المحيط بمنطقة “دالية الروشة” والذي وضع مؤخراً تأكيدا على أنها ملك خاص. متنزهة بهدوء غير مبالية بالانتشار البوليسي المعزز عند هذا “المدخل” المُستحدث والمؤقت للحرجالذي اعتادت قصده منذ سنوات. وحدها مجموعة من الشباب المتحركين من أجل الاعتراض على إقامة السياج[3] تبادلوا الكلام بين الحين والآخر مع عناصر القوى الأمنية. ترجل المواطنون المنحدر الحاد الذي يرافق الجهة المطلة على صخرة الروشة واتجهوا جميعهم إلى النقطة نفسها في أسفل العقار، الصخرية والملامسة للبحر، حيث حرارة الرياح أنعم وحيث تتكوّن بين الصخور مجالات للسباحة على مياه هادئة. فالبحر كان هائجاً في هذا اليوم.
بمقربة من الساحة الصخرية، أقام أحدهم بيتاً من الخشب وجعله مطعماً، موزعاً كراسي وطاولات في محيطه وقد احتلتها مجموعات من الشباب والشابات. منهم من طلب الأركيلة، وجميعهم كان في لباس خفيف، أو الأنسب القول “مخفف”، بحسب معايير الحشمة المختلفة والمتنوعة. عند إحدى الطاولات، وقفت فتاتان ترقصان كلا بقرب مقعدها على لحن آلة المجوز الصادرة عن موسيقى المطعم، بينما لزم الشباب الرجال من رفاقهم أماكنهم دون أن يظهر عليهم أي شعور بضرورة مشاركة صديقتيهم (وربما أكثر) الرقص. لا شك بأن انفراد الفتاتين بالرقص في مساحة المطعم والمشاع من حولهما، بـ”استقلالية” بادية بالنسبة للغة أجساد رفاقهما، وهما مخففتا اللباس وقد بدت على معصم إحداهما آثار وشم، لا شك بأن هذا المنظر جذب أنظار من حولهما من الشباب على وجه الخصوص. لكن الأنظار بقيت خجولة، شبه ملتفتة الرأس وكأنها لا تريد أن تطيل النظر. فواقع الحال، حيث الجميع ثابت وملزم بمساحة محدودة، يجعل الإمعان بالنظر فعل وقاحة. والوقاحة هذه، التي قد يجدها المرء إذا ما تَنزَّه على رصيف “الكورنيش” البحري، تُصبح في هذا المكان فِعل استفزاز ودعوة “للمشكل”. كما أن استقرار الناس في هذه المساحة وكثرتهم وقابلية الكثيرين منهم “للتدخل” في حال حصول “المشكل” تحرم من إمكانية حسمه السريع و”الظافر” لمصلحة “المشكلجي”.
تنجلي هنا إحدى خصائص المكان الأساسية، بحيث هو مجالٌ مُعطِّل “للعدائيّة”، أو لمنحى “مواجهة”، قد يَلقاها المَرء على مقربة مئة مترٍ في الجوار صعوداً فقط. لكن يمكن للتحليل أن يذهب أبعد، إذ يمكن اعتبار الكورنيش البحري، بحكم وجوده ضمن التركيبة المدينية والاجتماعية الحالية، أي كمساحة تنزه ورفاهية أساسية وشبه وحيدة في بيروت وضواحيها القريبة، مولدة للمواجهة، إذ يتجمع على حافتها الشباب والفئات الدنيا يتفرجون على الفئات العليا تتنزه على واقع عقيدتها “الرياضوية” (والتي لا تخلو من جمالية أجساد صارمة)، فتختلط لغات الأجساد ولغات اللباس بالمعتقدات والتصورات المكتسبة على وقع التصادم، وذلك على حساب مزايا الكورنيش، من حيث هو مكان يسمح للتنزه البطيء والمتأمل، ولتنشق هواء مختلف.
لكن الكورنيش بهندسته وحدها لا يتحمل أبداً مسؤولية سلبياته، إنما هي نتيجة البنية الترفيهية لمدينة بيروت برمّتها، أي نتيجة لما تقدمه بيروت من مجالات ومساحات “للترفيه”، بالنسبة لطلب فئات أهليها وبحسب ما تجاري هذه المساحات من مناحي شخصيات الأفراد الذين يؤلفون مواطنيها ومن إمكانياتهم المادية. وللبعد هذا الأهمية الأبرز في تفسير ما يخص الكورنيش البحري، أقله في ما يخص “سلبياته” التي يشتكي منها مواطنو الفئات العليا خاصةً، وهي “المواجهة” مع أبناء الفئات الدنيا، و”فلتان” هؤلاء. فالمواجهة لا تستقيم دون وجود نزعات يكتسبها المرء من أطر حياته اليومية الأخرى، ومنها الإطار المهني، والإطار التلفزيوني والفنون وغيرها. والأماكن العامة قد تحمل جميعها بالنسبة للأفراد، بحسب فئاتهم الاجتماعية، مقوّمات تبعث لديهم حس المواجهة: من تشنج وشعور بالحرج والحث على الكلام البذيء الخ. ومعالجة هذه لا تأتي بإلغاء كل الأمكنة، بل بطرح المزيد منها وبخصائص مختلفة، بحيث يجد المرء في محيطه أماكن قد تستفزّه (بشكل واعٍ أو غير واعٍ) لا محال، كما يمكنه أن يجد بالمقابل أماكن تُلطّف مزاجه، وتلطّف الاحتقان الذي يولّده مكان آخر، وبالتالي تهذّبه. هذه الأشكال من المعالجة لم تغِب عن بال المخططين المدينيين لعاصمة مثل باريس مثلاً، حيث تلتقي مساحات التنزه بالأبنية الرسمية الكبيرة والمسرحية في لعبة مسافات وأحجام محددة، لتذوّب شخصية الأفراد من فئات المواطنين المُهيَّأة لقراءتها بانبهار في آداب تسليم أمورهم للدولة، على أن تصبح الدولة ومجالها (أي أرض “الوطن”) صورة مُجمَّلة للمواطن نفسه يريدها المواطن نفسه.
نزولاً أكثر بمقربة من البحر، حيث يقع الجزء الصخري من الدالية، تشكلت مستنقعات من المياه الهادئة حيث شرعت الناس تسبح. ويطغى طبعاً عنصر الشباب الذكور بين السابحين، كما تجد بينهم فتيات مراهقات يسبحن بأثوابهن. بالنسبة الى خطاب وعقل المواجهة التسطيحي للواقع، قد يبدو مشهد هذه الفتيات مشهداً نموذجياً لما يحذر منه، من سيطرة الدين والتشدد على الأجساد. أما في هذا المكان، فترانا أمام نموذج فئات واسعة من المجتمع، تتوزع مساراتها الحياتية بين قطبي المواجهة وتحمل من الاثنين شيئاً من معانيها وإدراكها، وتصالح في ما بينها، فيُبرِز إطار السباحة المتاح في الدالية، وجو الألفة الذي يحكم السلوكيات، صيغة حياتية مختلفة للعين الراصدة، ويشكل لها مجالاً للاكتمال الهادئ والمستقر الذي لا تؤمنه مساحات أخرى. ولا يبالغ الحالم إذا قال إن لبنان آخر يتجلى في هذه المساحة الصغيرة، العالقة بين مشاريع عقارية تنظر اليها بازدراء.
نشر هذا المقال في العدد | 18 |حزيران/يونيو/ 2014 ، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه: