عندما هدمت إسرائيل 6 طوابق على رؤوس 125 شخصًا: مجزرة عين الدلب وخديعة الأمان للنازحين


2024-10-18    |   

عندما هدمت إسرائيل 6 طوابق على رؤوس 125 شخصًا: مجزرة عين الدلب وخديعة الأمان للنازحين
مقبرة جماعية لعدد من شهداء المجزرة الإسرائيلية في عين الدلب

ضاعفت الهواتف النقالة مأساة عائلات شهداء المجزرة الإسرائيلية في عين الدلب، قضاء صيدا الذين لامس عديدهم عتبة 75 شهيدًا. ولكن الهواتف عينها ساهمت في إنقاذ العديد من الجرحى المقدّرين بنحو 52 جريحًا. جاءت المأساة من متابعة أقارب الشهداء انقطاع الأمل في نجاتهم مع انقطاع الاتصال بهم، فيما ساهم تحديد بعض الجرحى أماكنهم والإبلاغ عن المجزرة لحظة وقوعها في العثور عليهم. وشكّل استهداف عين الدلب في 29 أيلول الاعتداء الثاني في العدوان على النازحين الذي بدأها إسرائيل بغارة جوّية على منزل يستضيف نازحين في بلدة بعدران، الشوف في 27 أيلول.  

فما أنّ أغار الطيران الحربي الإسرائيلي، ومن دون أي إنذار مسبق بالإخلاء، على مبنى مؤلّف من ست طبقات في عين الدلب، تحتضن شققه الـ 17 أكثر من 125 شخصًا من أصحاب الشقق وضيوفهم من النازحين، حتى فتح الشاب محمد عبدالله اتصال فيديو بأصدقائه من تحت الركام “أنا تحت الردم، أخوي إبراهيم حدّي، أمي وأبوي ما بعرف شو وضعهم، نحن بحي المغارة بوجّ جامع الفرقان، ساعدونا لنطلع، ساعدونا”. 

وإذا كان محمد قد طمأن الناس لاحقًا في منشور على صفحته على فيسبوك أنّه بخير مع عائلته، فإنّ قصصًا أخرى انتهت باستشهاد عائلات كاملة أو أفرادًا.

ما بقي من المبنى من 6 طبقات الذي قصفته إسرائيل في عين الدلب

جوليا: “ملاك عين الدلب”

كان البحث عن ناجين وعن شهداء “دقيقًا وصعبًا للغاية”، يؤكّد الناجي عبد الحميد رمضان لـ “المفكرة”: “العدوان دمّر المبنى من الطبقة الرابعة فوق الأرض إلى الطابقين السفليين تحت الأرض، صارو كلّهن ركام فوق بعضهم البعض، وبينهم السكان”. نجا عبد الحميد مع ابنه أشرف، فيما استشهدت ابنته “ملاك عين الدلب” جوليا (28 عامًا) التي قضت مع والدتها جنان البابا (مواليد 1966)، فيما نُقل هو وشقيقها أشرف مع الجرحى إلى مستشفيات صيدا.  

تحدّثت جوليا من تحت الركام، وكان أصدقاؤها ينتظرون خروجها سالمة أو على الأقل بجراح ستنتصر عليها بإرادتها وتشفى، هي المشهورة بقوّتها وبتلك اللائحة الطويلة من الأحلام وطموحات لا تنتهي. حتى أنّ المقربين منها أخبروا على صفحاتهم، ومباشرة على الهواء، وتزامنًا مع أعمال رفع الركام، أنّ رجال الدفاع المدني قد مدّوا أنبوب ماء إلى جوليا لمساعدتها على الصمود ريثما يصلون إليها. بعدها بنحو ساعة، وعلى وسائل التواصل نفسها، نعى الرفاق جوليا بعدما انقطع التواصل معها وخنقها الركام. “ديبك (ذئبك) أنا يا معلّم”، هي العبارة الأحب إلى قلب عبد الحميد، والدها: “كانت جوليا تضلّ تقلي ديبك أنا يا معلّم، بنتي، صغيرة البيت ودلوعته، لي حسّت من تاني سنة جامعة إنه معاشي التقاعدي كعسكري ما بيكّفي، وصارت تشتغل وتدرس بجامعتين لتكفي دراستها، وحتى أوقات تساعدني بمصروف البيت”.       

الشهيدتان جوليا رمضان ووالدتها جنان البابا

تقع عين الدلب على بُعد أكثر من 50 كيلومترًا عن أقرب نقطة من الحدود مع فلسطين المحتلّة، ومع توالي التّهجير القسريّ الذي فرضته إسرائيل على بلدات وقرى جنوب الليطاني، تشبّهت البلدة التي تقع شرق صيدا، بمركز القضاء، المدينة، وشرّعت منازلها وبيوتاتها، كما صيدا، بوابة الجنوب وحاضنته، لمئات العائلات النازحة من بلدات أقضية بنت جبيل وصور والنبطية ومرجعيون والزهراني. 

وفيما اكتفت إسرائيل بالإعلان، وكما عند كلّ استهداف لمدنيين، أنّها “تواصل شنّ هجمات ضدّ حزب الله”، أو تنفيذ “استهداف دقيق”، كانت فرق الإنقاذ تواجه صعوباتٍ كبيرة في رفع الركام لانتشال الشهداء والجرحى، بعدما حوّلت 4 صواريخ أطلقها الطيران الحربي ستة طوابق إلى ركام على نحو 125 مدنيًا يسكنونه من ملّاك وضيوف نازحين. يقول رمضان لـ “المفكرة” إنّ معظم الشقق الـ 17 فُتحت لاستقبال أقارب وأصدقاء وجيران وجدوا أنفسهم في الشارع. وفيما سرت معلومات عن استهداف مسؤول اللجنة الأمنية لحزب الله في صيدا في غارة مبنى عين الدلب، يؤكد رمضان الذي يملك شقة في البناية نفسها منذ العام 2003، أنّ المبنى لم يكن يحتوي سوى على مُلّاك الشقق وضيوفهم من النازحين “أنا ما بخاف من حدا، ولا من تحميل المسؤولية لحدا، أنا بنتي وزوجتي استشهدتا مع 75 شهيدًا وأنا وابني أصبنا بجروح مع 52 جريحًا، ولكننا وعلى مدى كل تلك السنوات لم نرَ أي مظاهر مسلحة أو مؤشرات تدل على إيواء شخصيات عسكرية في المبنى”. ويضيف: “ما بعرف إذا في ناس محزّبين، بس ولا مرّة كان في أي نشاط مش طبيعي”. حتى أنّ حياة عائلة الشخص الذي قيل إنّه المستهدف “كانت لا تدلّ على التزام أو نشاط عسكري، ولاده متل أولاد كل هالناس، ولا مرّة شفناهم ملتزمين بأيّ جهة أو منخرطين بنشاط عسكري”. 

ويؤكّد رمضان أنّ رفع الأنقاض والركام لم يكشف عن وجود أي سلاح في المبنى أو مستلزمات عسكرية: “أنا بقولها ع راس السطح، أنا عندي بارودة كلاشنكوف محتفظ فيها لأني قاومت إسرائيل فيها بالثمانينات مع جبهة المقاومة الوطنية، وبدي طالب فيها لأنّها غالية ع قلبي وتاركها ذكرى بالبيت، وبدي استرجعها لحطّها بكادر وأعرضّها بالصالون وافتخر فيها”. ويشير إلى أنه علِم، بعد رفع الأنقاض، باستشهاد 34 نازحًا في الطابق السفلي من المبنى “الناس كانت عم تتضامن مع بعضها وتساعد النازحين حتى ما يتبهدلو بالشارع، وهيدا لي استهدفته إسرائيل، وأنا هلأ، بعد تدمير بيتي كنت تبهدلت لو ما رجعت أنا وابني سكنّا عند أمي”.     

فيديو للحظة انهيار المبنى على ساكنيه ونازحيه في عين الدلب

الانتظار المرّ

على مدى يومين متتاليين، عاشت عائلات المفقودين تحت ركام العدوان على مبنى عين الدلب، ومعهم الأقارب والأصدقاء، أوقاتًا عصيبة. 48 ساعة افترش فيها هؤلاء محيط المجزرة آملين بالعثور على ناجين، ولكن لم يخرج سالمًا من المجزرة سوى من كانوا خارج المبنى “سقط الجميع بين شهيد وجريح، جرحى كانوا محظوظين في ظل عنف الاعتداء ووحشيته، 4 صواريخ سوّت 6 طوابق بالأرض فوق بعضها البعض، الحمدالله ل بقي حدا عايش”، تقول ناجية لـ “المفكرة”. 

وصيدا التي احتضنت النازحين، فتحت مراكزها الطبية كافة لمداواة الجرحى، ولم تبخل بترابها لاحتضان جثامين الشهداء. وخرج أهلها، رغم المسيّرات التي لم تغب عن سمائها، وراء هؤلاء في موكب تشييع جماعي لـ 21 شهيدًا من بينهم، حيث ووري ثراها 19 شهيدًا وشهيدة، من بينهم، “وديعة” في مقبرة جماعية، بينهم أطفال، بانتظار انتهاء الحرب لتشييعهم إلى قراهم، مسقط رؤوسهم، فيما توّزع البقية في مواكب تشييع فردية إلى قرى يمكن الوصول إليها، وإن لم يبق مكان بمنأى عن الاستهداف.  

ومن حارة صيدا، ودّعت الشاهدة على المجزرة، الناجية رباب أحمد عبدو مع ولديها أحمد وجود، رب أسرتهم الشهيد مازن أحمد الزين (المؤهل في الجمارك اللبنانية) وماسة ابنتهما، حيث ووريّا الثرى ثاني يوم المجزرة في الحارة.

وشاركت فلسطين عين الدلب وصيدا مأساة المجزرة، حيث استشهد جميع أفراد عائلة محمد جلال مرضعة، الفلسطيني الذي تهجّر من سوريا، من مخيم النيرب. استشهد محمد مع زوجته اللبنانية آمال حكواتي وأولادهما جلال، ونهال وملاك وريهام، وحفيديّهما، أبناء ريهام، رزان وريان فرهود. كما نعت حركة فتح الشهيد المقدم رضوان صالح إبراهيم عبدالله الذي قضى في غارة عين الدلب.

ورغم طريق النزوح الدموية من النبطية إلى عين الدلب، تمكّن عديّ علي أحمد من الوصول إلى بيت أصدقائه في المبنى المستهدف في البلدة، ليستشهد مع ولديه حسين وحوراء، فيما أصيبت زوجته وابنته الثانية بجروح نُقلتا على إثرها إلى المستشفى. وفي كفررمان، قضاء النبطية، ووري عدي وحسين وحوراء ثرى البلدة، من دون أن تتمكن الأم والإبنة، الناجيتان، من وداعهم، بسبب الإصابة. 

عائلة فارس (موقع بنت جبيل)

خديعة الأمان المُستهدف

وما أن اتّضح واقع إجرام مجزرة عين الدلب، حتى صارت قصة عائلة فارس على كلّ لسان، بعد أن استشهد ثمانية أفراد منها جنبًا إلى جنب، فيما نجت سيدة من بينهم مع رضيعتها، قبل أن يرتاحوا من رحلة نزوحهم تحت نيران إسرائيل والتهجير القسري الذي فرضته عليهم، وعلى كامل قرى جنوب الليطاني، وفي قلبه بلدتهم عيترون، وعلى جزء كبير من شماله. 

يحكي جميل فارس” لـ “المفكرة” عن أبناء عمّه حسين علي فارس ومحمد يوسف فارس وعائلتيهما “كانوا عشرة، أصيبوا جميعهم في المجزرة، استشهد ثمانية منهم ونجت زوجة محمد، بتول حمادي وطفلتها الرضيعة فقط”. دفنت العائلة في جبّانة الوردانية في منطقة إقليم الخرّوب كـ”وديعة” مؤقتة، وستُنقل رفاتهم لاحقاً إلى مسقط رأسهم بعد انتهاء العدوان. يضيف جميل أنّ ابن عمّه حسين استشهد مع زوجته هدى موسى وابنته يارا وابنه علي وزوجته حوراء حمادي وطفليهما حسن وحسين. أمّا محمد الذي استضافه ابن عمه حسين فقد استشهد مع ابنته حوراء (5 سنوات) فيما نجت زوجته بتول حمادي، وطفلتهما الحديثة الولادة.

وعين الدلب هي المحطة الثانية التي تهجّر إليها آل فارس بعد صريفا حيث لحقت بهم آلة القتل الإسرائيلية، فاضطرّوا إلى النزوح مجددًا، واعتبر نجل حسين نفسه محظوظًا، وهو طبيب في مستشفى حمّود في صيدا، عندما أمّن لأهله وعمه وعائلته، منزلًا في مبنى عين الدلب، حيث وقعت المجزرة.    

مع نازحين آخرين، وقعت الممرضة نسرين بدران (27 عامًا) في خدعة الأمان الزائف، فلا مكان آمنًا في ظلّ الإجرام الإسرائيلي واستهداف النازحين. ومن لحظة استهداف مبنى عين الدلب، كانت معاناة الانتظار القلق طويلة على عائلتها ومحبّيها والمسعفين. كانت نسرين تعمل قابلة قانونية في مستشفى الراعي في صيدا، واضطرّت مع تصاعد حدّة العدوان على بلدتها دير الزهراني في الآونة الأخيرة، إلى اللجوء لمنزل زميلتها المقيمة في المبنى المنكوب، لكي لا تتغيّب عن مسؤوليّتها في خدمة الناس والمرضى.

عن نسرين تقول قريبتها فرح “صبية حلوة، الضحكة لا تفارق وجهها. هي مُعيلة والدتها منذ وفاة الوالد. استضافتها صديقتها في عين الدلب لتُجنّبها اجتياز الطرقات البعيدة من الزهراني إلى عملها في صيدا”. أنهت نسرين دوامها ووصلت إلى بيت صديقتها في عين الدلب لتستريح قبل وقوع الغارة بقليل. وهرع زملاء الممرضة لإبلاغ الأهل أنّ ابنتهم مفقودة، فيما نُقلت صديقتها جريحة إلى المستشفى، في وضع حرج.

تروي فرح معاناة البحث عن نسرين: “جالت العائلة على كافة مستشفيات مدينة صيدا، وبحثت بين الجرحى وحتى بين الجثث مجهولة الهوية، وعَمّم معارفها وأقاربها صورة ومعلومات عنها للمساعدة في الإسراع لإيجادها ضمن المفقودين، أو التعرّف إليها”.

تضيف فرح: “عندما لم نعثر على نسرين في المستشفيات تأكّدنا أنّها ما زالت تحت الأنقاض. تأمّلنا في انتشالها جريحة حيّة، ولكن للأسف بعد مرور 24 ساعة تمّ العثور على جثمانها، شهيدة الإجرام والحقد الصهيوني”. نسرين ووريت الثرى في جبانة بلدتها دير الزهراني يوم الثلاثاء 1 تشرين الأول.

“قبضة جوليا” مستمرّة…

وجوليا رمضان، “ملاك عين الدلب”، كما وقّع كثيرون نعيها تحت صورتها، انخرطت، وبمجرد أن امتلأت عين الدلب بالنازحين، في أعمال الإغاثة والمساعدة. ومعها انخرطت عائلتها لتخفيف عبء أزمة النزوح في مدينة صيدا. وجوليا التي تسكن منذ العام 2003 مبنى عين الدلب المستهدف، نشطت وعائلتها في تأمين وإعداد الطعام وتوزيعه على العائلات النازحة. كانت صغيرة العائلة و”دلّوعتها” كما وصفها والدها، قد عادت للتوّ من توزيع الوجبات الساخنة على العائلات النازحة “فاتت أخدت دوش وقعدت معنا” يقول الوالد المفجوع، وجاء الطيران الحربي الإسرائيلي بصواريخه الأربعة. 

قبل أن تُشفى جراح شقيق جوليا، أشرف رمضان (34 سنة) المدرّب الرياضي، وشريكها في أعمال الإغاثة، من إصابته من الغارة بشكل نهائي، خرج من المستشفى وقرّر أن يواصل مسيرة عائلته الإنسانية ومتابعة إغاثة النازحين عبر إطلاق مبادرة “قبضة جوليا” باسم شقيقته. وكانت جوليا قد حوّلت صفحتها على فيسبوك إلى خليّة نحل لمساعدة الناس. كانت تقطن في بيروت بسبب مكان عملها، وتتواصل مع أصدقائها في صيدا لإحصاء عدد النازحين والتنسيق لمساعدتهم، فيما تتعاون والدتها وجدّتها في تحضير الطعام، وجوليا تساعد أشرف ووالدهما على الأرض في صيدا خلال عطلة نهاية الأسبوع.

يشير أشرف إلى أنّه لم ينزح وعائلته من عين الدلب لأنّ “المنطقة آمنة جدًا ولم يتمّ تحذيرنا في أي وقت وكانت غير مستهدفة ولم تعتد إسرائيل قصفها”. ولهذا السبب لجأ إليها عدد كبير من النازحين: “بعد تدمير المبنى الذي نسكنه تفاجأنا بهذا العدد الكبير للشهداء من النازحين”، يقول، فيما يضيف والده عبد الحميد رمضان أنّ “34 شهيدًا من النازحين قضوا في الطابق السفلي للمبنى”. 

قوّة الإجرام والمصيبة، محت ذاكرة لحظة الاستهداف، جلّ ما يذكره هو عودته وجوليا من مهمة توزيع الوجبات: “كنا نجلس في منزلنا مثل أي عائلة، وفجأة حوالي الساعة 4 تقريبًا تم قصفنا بـ 4 صواريخ في وقت زمني قصير بين أوّل صاروخين والدفعة الثانية، وشعرنا بهبوط المبنى. والدتي هرعت إلى إحدى الغرف وسارعت جوليا إلى اللحاق بها”. “أختي كانت قريبة لمكان والدي، وأنا بعيد عنهما قليلًا، ولكن بقيت بكامل وعيي تحت الردم، وكنت أتواصل مع والدي وجوليا” يروي.

انتُشل أشرف تقريبًا بعد ساعتين من الاستهداف، ويفيد أنّ إصابته كانت متوسّطة، أما والدته فكانت أوّل مَن انتُشل من تحت الأنقاض، لكنها استشهدت داخل غرفة العمليات في مستشفى دلاعة.

عائلة رمضان المتبقية، والمؤلفة اليوم من أشرف وشقيقه حسن المغترب ووالدهما والجدّة وأصدقاء جوليا، قرروا استكمال مهام المساعدة وتوسيع نشاطهم بعد الانتهاء من مراسم العزاء لجوليا ووالدتها جنان “بدنا نكفّي طريق جوليا وأمّي وطريقنا بمساعدة الناس”، يختم. 

وعبد الحميد رمضان، رب الأسرة الذي خسر زوجته وابنته، يضع يده في يد أشرف لمتابعة إرادة جوليا وأمها في مساعدة النازحين، رغم خسارته بيته، جنى عمره، هو العسكري المتقاعد الذي انهار راتبه، يكابر على الألم: “كلّ يوم بوعى الصبح وبقول بدي كفي وأنا قوي”. وحدها تلك الورقة البيضاء التي حصل عليها قبل يومين هدّته “لمّن سلموني وثيقة الوفاة، تطلّعت فيها، وكأنّي لمّن قريت اسم جوليا بنتي، وجنان، مرتي، أدركت إنّهن راحو..راحو.. راحو.. وما رح يرجعو عنجد”. 

ليست حياة عبد الحميد وحدها التي لن تعود كما كانت بعدما راحت جنان وجوليا “بعرف إنّي مش وحدي، كلّنا في شي انطفا جوّاتنا وراح”، يقول. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، لبنان ، مقالات ، جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية ، العدوان الإسرائيلي 2024



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني