عفو ملكيّ واسع يشمل صحفيين ومعارضي التطبيع: ويستمرّ استثناء نشطاء الحراكات الاجتماعية


2024-08-05    |   

عفو ملكيّ واسع يشمل صحفيين ومعارضي التطبيع: ويستمرّ استثناء نشطاء الحراكات الاجتماعية

أصدر العاهل المغربي محمد السادس بمناسبة عيد العرش الذي يصادف مرور ربع قرن على توليه الحكم عفوا ملكيا، شمل 2460 شخصا، من بينهم صحافيون ومدونون فضلا عن عدد من المحكومين في قضايا الإرهاب. وفي الوقت الذي رحبت فيه هيئات مدنية وحقوقية بالمبادرة معبرة عن أملها في أن تشكل خطوة للانفراج السياسي بعد توالي الانتقادات الموجهة للمغرب من طرف منظمات دولية بسبب التضييق على حرية التعبير والنشر، اعتبرت فيه هيئات أخرى أن فرحة العفو كانت ناقصة لاستثنائها نشطاء الحراكات الاجتماعية التي عرفتها البلاد في الآونة الأخيرة، خاصة نشطاء حراك الريف وحراك فكيك.

عفو ملكي.. صحافيون ومدونون خارج القضبان

بحسب بلاغ وزارة العدل، فقد أصدر العاهل المغربي عفوه عن مجموعة من الأشخاص منهم المعتقلين ومنهم الموجودين في حالة سراح، المحكوم عليهم من طرف مختلف المحاكم المغربية وعددهم 2460 شخصا. وذكر البيان إن العفو شمل مجموعة من المحكومين في قضايا التطرف والإرهاب، بعد إخضاعهم إلى مراجعات فكرية، وإعلانهم بشكل رسمي تشبثهم “بثوابت الأمة ومقدساتها والمؤسسات الوطنية، وبعد مراجعة مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، ونبذهم للتطرف والإرهاب”، وعددهم 16 شخصا.

كما شمل العفو الملكي مجموعة من الصحافيين الذين اعتقلوا في الآونة الأخيرة في قضايا حظيت باهتمام الرأي العام الوطني والدولي، وفي مقدمتهم الصحفي توفيق بوعشرين رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم، وصحفي التحقيقات عمر الراضي والصحفي سليمان الريسوني، الذين أدينوا من أجل جرائم تتعلق اعتداءات الجنسية، ظلوا طيلة إجراءات المحاكمة ينفونها ويعتبرونها مفبركة.

وقد شمل العفو أيضا عددا من المدونين من بينهم رضا الطاوجني ويوسف الحيرش وسعيدة العلمي ومحمد قنزوز، والذين توبعوا بجرائم تتعلق بالتدوين والنشر طبقا لفصول القانون الجنائي، عوض قانون الصحافة والنشر الخالي من العقوبات السالبة للحرية.

كما شمل العفو أيضا نشطاء مناهضين للتطبيع ويتعلق الأمر بعبد الرحمان زنكاض، عضو جماعة العدل والإحسان، الذي حكم بالسجن لمدة أربع سنوات بتهمة “الإهانة، والإساءة في حق مؤسسة دستورية بواسطة الوسائل الإلكترونية، والتحريض على ارتكاب جنايات، وبث وتوزيع وقائع كاذبة بقصد التشهير”، والناشط سعيد بوكيوض، الذي أدين بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة “الإساءة إلى الملك” على خلفية انتقاداته للتطبيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي في العام 2020، الى جانب الناشط مصطفى دكار، الذي أدين خلال شهر ماي 2024، بالحبس سنة ونصف بتهم “التحريض على التمييز والكراهية”.

ترحيب حقوقي رغم الفرحة الناقصة

هنأت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي المفرج عنهم، وعائلاتهم”، معتبرة، أنّ الإفراج يعدّ مكسبا هامّا، وأكدت على أن الفرحة تظلّ “منقوصة ما لم يتمّ إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، والمدونين وغيرهم”.

في نفس السياق باركت جماعة العدل والإحسان للمعتقلين السياسيين ومناهضي التطبيع نيلهم حريتهم واسترجاعهم لحقوقهم التي يستحقونها منذ البداية بالنظر إلى “سياق محاكماتهم، والتهم الملفقة لهم وتوظيف القضاء والمؤسسات بشكل انتقامي ضدهم، مما جعلهم يقضون مدداً طويلة مسلوبي الحرية مع ما رافق ذلك من معاناة نفسية ومادية واجتماعية”. واعتبرت المنظمة الخطوة ناقصة ما دامت لم تشمل كل المعتقلين الآخرين الذين تتوفر فيهم الشروط نفسها، مؤكدة على ضرورة إيجاد ضمانات عدم تكرار هذه المآسي وترسيخ انفراج حقوقي كامل في البلاد، وتأمين استقلال القضاء ونزاهته وتطبيق كل ضمانات المحاكمة العادلة، داعية الى تبييض السجون من المعتقلين السياسيين وإقرار مصالحة وطنية واسعة.

من جهتها استنكرت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين “هِمَم” عدم شمول قرار العفو للعديد من المعتقلين السياسيين، وحرمانهم بذلك من حقهم في استرجاع حريتهم المسلوبة تعسفا.

وقالت “همم” في بيان لها إن فرحة اللقاء بالمفرج عنهم تظل غير مكتملة بسبب إقصاء العديد من المعتقلين السياسيين الذين لم يشملهم قرار العفو، مما يؤدي إلى تمديد معاناتهم ومعاناة ذويهم، ويعد إصرارا على إبقاء ملف الاعتقال السياسي مفتوحا، كما يشكل دليلا على غياب الإرادة السياسية لطيه وخلق شروط انفراج سياسي، ينهي حالة الاحتقان ويضع حدّا لمسلسل القمع الممنهج للحقوق والحريات.

العفو الملكي انفراج لحظي في انتظار انفراج دائم

اعتبر خالد البكاري الناشط الحقوقي أن العفو الملكي عن مجموعة من المعتقلين، يستجيب في جزء كبير لمطلب الحركة الحقوقية بالإفراج عن معتقلي الرأي، معربا عن تفاؤله بأن يطال العفو باقي الملفات في أقرب مناسبة وطنية.

وأضاف :”أنه ورغم الاستثناء الذي طال ملفات أخرى كملف النقيب زيان ومعتقلي حراك الريف، إلا أنه لا يمكن تبخيس هذا العفو لأنه شمل أعدادا كبيرة من معتقلي الرأي في ملفات مختلفة ومن مشارب إديولوجية متنوعة”. وأردف قائلا “لا ننظر للعفو الملكي على أساس أنه نوع من الاستجداء أو التعبير عن أن هؤلاء المعتقلين قد أخطأوا والدولة صفحت عنهم، بل ننظر إليه في جانبه المسطري والحقوقي الذي يعتبر العفو حقا من حقوق المعتقلين، ومن بين أهداف هذا العفو تصحيح بعض الأحكام الخاطئة أو التي نجمت عن محاكمة غير عادلة، كما أنه مؤشّر على أنه يمكن أن نشهد في المرحلة المقبلة انفراجا سياسيا وحقوقيا، فـ”حينما نعود للمقارنة، نجد أنه كلما كان هناك عفو يشمل عددا كبيرا من المعتقلين السياسيين، إلا ويتزامن مع مرحلة من الانفراج الحقوقي والانفراج السياسي”.

من جهتها، تعتبر  سارة سوجار، أن الانفراج السياسي، هو قرار سياسي بالدرجة الاولى، وهذا القرار، يجب أن يكون مرتبطا بالقرار الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، حيث أن مسألة الانفراج هي منظومة متكاملة تكون عبارة عن إجابة عن المطالب المجتمعية والمشروع الاجتماعي الذي نُريد، إذ أن مسار الدمقرطة هو متداخل وجدلي وفيه جميع العوامل”.

وتسجل سوجار غياب الفاعل المؤسساتي، كمؤسسات الحكامة، والمؤسسات الوطنية والتشريعية والتنفيذية، مشيرة إلى أن هذا الغياب يُعرقل مسارين، الأول هو مسار تأسيس الحوار، والبناء والفهم لاستيعاب هذه التحولات والديناميات الموجودة، و الثاني، متعلق بغياب الفاعل المؤسساتي مما أدى إلى أن نكون أمام سياسات غير منصفة، وغير عادلة تجاه المواطن. وتخلص للقول: “نحن أمام سلسلة مظالم تسري علينا من خلال هذه السياسات، بفعل الاعتقالات وعدم وجود الثقة بين المواطن والمؤسسات وغياب آليات الديمقراطية التي تمكن المواطن من التأثير في القرار السياسي، وأمام أزمة اقتصادية واجتماعية رأينا تجلياتها عبر الحركات الاحتجاجية، وأمام ملفات كثيرة عنوانها الاعتقال السياسي وما يرافقها من معاناة وألم عند عائلات المعتقلين”. وتابعت قولها: “نحن بحاجة إلى انفراج ليس لحظيا ولا مرحليا، بل الانفراج الذي يستمر في الزمن ويضمن عدم التكرار، والانفراج المبني عن قناعات موضوعية وليس فقط عن ظروف آنية أو موسمية”، معتبرة أنه: “في كل أزمة، نُعود للحديث عن الانفراج وكأن الانفراج هو حالة استثناء، بينما لتأسيس الديمقراطية يجب أن يكون عندنا الانفراج السياسي حالة عادية، بينما الحالة الاستثنائية هي الأزمة”.

مواضيع ذات صلة

بعد حملة تضامن واسعة.. عفو ملكي على الصحافية هاجر الريسوني

عفو ملكي عن 189 معتقلا في حراك الحسيمة: لا عفو عن قيادات الحراك

مقترح قانون للعفو العام عن المحكومين ابتدائيا في أحداث الحسيمة

مدافعات عن الحقوق من دون حقوق

أول تقرير رسمي حول حراك الريف في المغرب: إقرارٌ بأحقية الحراك يلازمه تسليمٌ بمعاقبة ناشطيه

قرار ترحيل المحكوم عليهم في حراك الريف: الأهالي يطالبون بتجميعهم في مدينة واحدة

قائد حراك الريف” يضرب عن الطعام “حتى الموت”.. وإدارة السُجون: ظروف الاعتقال مطابقة للقانون

العفو العامّ لا يشمل “جرائم الرأي والفكر”: أو انتقاد الحكم جريمةٌ لا تغتفر

العفو العامّ” واكتظاظ السّجون في زمن كورونا: الحقّ في الصحّة ذريعة لغايات سياسية وليس هدفاً

رئيس الجمهورية التونسية يتخلى عن مسؤولية دستورية “العفو”: “من قتل نفسا بغير حق جزاؤه الإعدام

رابع محاولة لتمرير العفو العامّ تحت جنح الكورونا: وتبقى حسابات المحاصصة هي الغالبة

العفو العامّ” يطرح خلافات النظام السياسيّ على “مسرح الأونيسكو” ومفاوضات “الكواليس” تفشل في تلقين الشعب درس “الوحدة الوطنيّة

صيغة معدلة لاقتراح العفو العام تسقط بالباراشوت على مجلس النواب قبل قليل

العفو العام” استنهاضاً للعصبيّة ضد المحاسبة: خطاب مظلوميّة يمهّد لمزيد من المظالم

انشر المقال

متوفر من خلال:

حرية التعبير ، مقالات ، المغرب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني