يطالب الأمازيغ المغاربة بإقرار رأس السنة الأمازيغية الذي يسمونه بـ “إيض يناير”، عطلة رسمية بكافة أنحاء البلاد، وذلك على غرار رأسي السنة الهجري والميلادي، وباقي الأعياد الدينية والوطنية الأخرى. ويتجدد هذا المطلب سنويا، في الفترة التي تسبق رأس السنة بالتقويم الأمازيغي، الذي يوافق الثاني عشر من شهر يناير من كل سنة ميلادية. إلا أنه هذه المرة اكتسى طابعا تصعيديا من لدن الجمعيات الأمازيغية على مستويات متعددة.
ورفع التجمع العالمي الأمازيغي، سقف احتجاجاته على الحكومة المغربية. ففي الوقت الذي كان يكتفي الأمازيغ المغاربة فقط بمراسلة رئيس الحكومة المغربية والضغط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعا التجمع هذه السنة “الأحزاب السياسية والجمعيات إلى مقاطعة العمل والدراسة في الثالث عشر من يناير المقبل”.
وبحسب بلاغ للتجمع، توصلت “المفكرة القانونية” بنسخة منه، تأتي هذه الخطوة التصعيدية “عملاً بمبدأ الترسيم الشعبي، ومن أجل انتزاع الترسيم الرسمي لرأس السنة الأمازيغية كعيد بعطلة، خاصة في ظل سريان دستور 2011 الذي رسّم الأمازيغية إلى جانب العربية”.
وفي هذا الصدد، اعتبر الناشط الأمازيغي، منتصر إتري، في تصريح للمفكرة القانونية أن هذه الخطوة التصعيدية، هي “إعادة التأكيد على ضرورة الاعتراف أو الإقرار برأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة رسمية مؤدى عنها على غرار باقي الأعياد الوطنية والرسمية”، موضحا أن “الحملة انطلقت منذ أزيد من سنتين تقريبا”.
وقال “لقد راسلنا رئيس الحكومة السابق؛ عبد الإله بنكيران؛ لكن مع الأسف هذا الأخير أصر على تجاهل هذا المطلب الشعبي الذي يسعى إلى التصالح مع تاريخنا وهويتنا وحضارتنا، لأنه لا يعقل أن نحتفل بأعياد دينية وعطل رسمية ونستثني رأس السنة الأمازيغية التي ترمز لهوية المغاربة وترتبط بالأرض وحضارة المغاربة. وبالتالي هذا المطلب ملح اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ وآن الأوان لإقراره”.
وعن أسباب هذا التصعيد، يوضح إتري، أنه “كان من المتوقع أن ينتصر رئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني لمطالب الأمازيغ، نظرا لأصوله الامازيغية من جهة، ودفاعه عنها في وقت سابق”، من هنا “نعتبر أن هذه الفرصة مواتية للعثماني للتأكيد على مواقفه السابقة والانتصار لهذا المطلب الشعبي الذي لا يحتاج إلا إلى جرة قلم، مع الكثير من الجرأة والإرادة الحقيقية للتصالح والمصالحة مع الأمازيغية”، يضيف المتحدث.
وأضاف إتري، أن “المطالبة بإقرار السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة رسمية، يأتي نظرا لكون الأمازيغية لغة وثقافة ترمز لهويتنا، لثقافتنا، لحضارتنا، لجذورنا”، وبالتالي “تحقيق هذا المطلب هو جزء من التصالح مع أنفسنا”، يعلق المتحدث.
ويُذكر أن الحكومة المغربية السابقة، برئاسة عبد الإله إبن كيران، قد أحالت في دجنبر 2015 مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 يتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، على الغرفة الأولى للبرلمان، بعدما صادقت عليه في أحد مجالسها. وينتظر أن تعقد لجنة التعليم والثقافة والاتصال بالغرفة الأولى من البرلمان المغربي، في السابع والعشرين من الشهر الجاري، اجتماعا للمناقشة العامة لمشروع القانون التنظيمي، بعدما تم تقديمه في وقت سابق من طرف وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج في يوليوز الماضي. ويضم هذا القانون التنظيمي 35 مادة مبوبة في عشرة محاور، تتناول المبادئ العامة المؤطرة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وإدماجها في مجالات التعليم، والتشريع والعمل البرلماني، والإعلام والاتصال، والإبداع الثقافي والفني، واستعمال الأمازيغية بالإدارات وسائر المرافق العمومية، وفي مجال التقاضي، إضافة إلى مراحل تفعيل الطابع الرسمي لهذه اللغة وآليات تتبعه. وينص هذا المشروع على حماية الموروث الثقافي والحضاري الأمازيغي بمختلف تجلياته وتنمية وتعزيز قدرات الموارد البشرية العاملة بالإدارات العمومية بالقطاعين العام والخاص في مجال التواصل بالأمازيغية مع المرتفقين، فضلا عن تعزيز البحث العلمي في مجال تطوير الأمازيغية وتشجيع الترجمة إليها. وينص الفصل الخامس من الدستور المغربي على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، في حين يشدد على أن الأمازيغية هي أيضا لغة رسمية للدولة “باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء”. ويورد نفس الفصل أنه “يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية”.
ويضيف النص الدستوري أنه “يُحدَث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، مهمته، على وجه الخصوص، حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية باعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا”.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.