عاملات الفلاحة: خادمات الأرض، ضحايا الموت والإنكار


2025-05-13    |   

عاملات الفلاحة: خادمات الأرض، ضحايا الموت والإنكار
صورة من مسيرة نظمتها عاملات الفلاحة وعدد من مكونات المجتمع المدني، وسط العاصمة تونس، يوم الأربعاء 7ماي 2025

ليلة 26 أفريل 2019، انتاب هدى شعور غريب وشعُرت بانقباض في صدرها، واقترحت على شقيقتها الصغرى أن لا تذهبَا لمباشرة العمل في أحد الحقول، غير أنّ شقيقتها امتنعت وأقنعتها بالذّهاب حتّى يتسنّى لهما جمع مبلغ من المال قبل حلول شهر رمضان، ولا تجدان نفسَيهما مُضطرَّتَيْن للعمل تحت أشعّة الشمس في شهر الصّيام. كانت هدى تشعُر بأنّ مكروهًا ما سيحصُل، خصوصًا بعد أن طلبت منهما والدتُهما بأن تظلّا في البيت. ولكن أمام إصرار البنت الصغرى -التي كان عمرها آنذاك يُناهز الخمس عشرة سنة- على الذّهاب، وافقت هدى.

استيقظت البِنْتان صباح يوم 27 أفريل، وأعدّت الأخت الصغرى كوبًا من القهوة لشقيقتها حتّى لا يغلبها النّعاس في الطّريق، وحملت كلّ واحدة منهما لحافًا لتتدثّر به عند ركوب الشاحنة الفلاحيّة، وكان ابن عمّهما معهما في الشاحنة يُغالبه النعاس. جلست هدى قُربه لتأخذ قسطًا من الراحة وتتقاسم معه اللّحاف، ولكنّه مازحها قائلًا: “ابتعدي عنّي، دائما تلاحقينَني حتّى وأنا على حافّة الموت”؟ لم يكن يُدرك هذا الصبيّ أنّه سيلقى حتفه في تلك الحادثة المرعبة الّتي راح ضحيّتها اثنا عشر شخصًا، إثر انفجار إطار عجلة الشاحنة الخفيفة التي كانت تُقلّ العاملين والعاملات من قرية “البلاهديّة” إلى إحدى الضيعات بسيدي بوزيد، في 27 أفريل 2019. ولم تكن الأخت الصغرى التي أصرّت على الذّهاب لجمع بعض النقود تعلم أنّها لن تعود بعد تلك الرّحلة.

فاجعة أفريل 2019 الكاشفة

تروي هدى الخضراوي للمفكرة القانونيّة تفاصيل تلك الحادثة، الّتي ظلّت عالقةً بذاكرتها، وهي لا تنفكّ تردّد “كنت أشعر أنّني مُقيَّدة ولا أقوى على الحراك”، “كنت أُغالب نفسي على الاستيقاظ والقيام”، “شعرت بغصّة في حلقي لا أدري مأتاها”. كان يومًا ثقيلًا عليها، وهي التي كانت تبلغ من العمر آنذاك عشرين سنة، ويومًا كاشفًا لقصور السياسات العامّة في تأمين نقل لائق للعاملات الفلاحيات .

أسفرت هذه الحادثة عن سقوط 12 ضحيّة، من بينهم نساء وأطفال قُصَّر، وإصابة حوالي 20 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، نتيجة انفجار إطار العجلة المطاطية للشاحنة الخفيفة في منطقة السبالة التي تبعد 54 كيلومترا عن سيدي بوزيد، ما تَسبَّب في انحراف الشاحنة عن مسارها واصطدامها بشاحنة ثقيلة قادمة من الجهة المُقابلة. أثارت هذه الحادثة استنكارًا واستياءً شديدَيْن في الأوساط الحقوقيّة والسياسيّة في ذلك الوقت، وتمّ سنّ قانون في المجلس التشريعي آنذاك يتعلّق بإحداث صنف نقل للعاملات والعَمَلة بالقطاع الفلاحي، إلى جانب سنّ المرسوم عدد 4 لسنة 2024 المؤرخ في 22 أكتوبر 2024 المتعلّق بنظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات. لكنّ هذه القوانين لم تُغيّر من واقع النساء العاملات في القطاع الفلاحي شيئًا، لأنّهن ظللن يعتمدن وسائل نقل غير آمنة تأخذهنّ إلى الحقول، يُطلقن عليها عبارة “شاحنات الموت”. 

وفق أرقام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي كشف عنها في بيان صادر بتاريخ 16 جانفي 2024، فإنّ عدد حوادث النقل التي تعرّضت لها عاملات الفلاحة قد بلغ 69 حادثًا منذ سنة 2015، خلّفت 835 من الجرحى و55 ضحيّة. كما يُشير بيان آخر للمنتدى حول العَمَالة الفلاحية أنّ عدد النساء العاملات في القطاع الفلاحي قد بلغ 521.306 عاملة من أصل 946.773 عامل وعاملة، في سنة 2019، وفق أرقام الإدارة العامة للدراسات والتنمية الفلاحية، أي ما يمثّل 55% من جملة العاملين في القطاع الفلاحي. وفي بعض المواسم الفلاحية تكتسح النساء الحقول والضيعات بنسبة 90% وفق أرقام المنتدى، بسبب تدنّي أجور النساء مقارنة بالرّجال، وخضوعهنّ في معظم الحالات إلى سوء المعاملة “لأنّ الرجل لا يقبل الإهانة وقد يغادر العمل، في حين تتغاضى بعض النساء عن سوء المعاملة حتّى لا تخسر مورد رزقها وقوت يومها”، وفق ما ذكرته فاطمة، إحدى النساء العاملات في القطاع الفلاحي للمفكرة القانونية.

قصّة هُدى: تجربة فرديّة تُخفي واقعًا مُشترَكًا

تقول هدى إنّها انقطعت طواعيةً عن الدراسة، ولكن في الحقيقة لو كانت الظروف الماديّة أفضل لواصلت تعليمها. انقطعت شقيقة هدى التي توفّيت في الحادث عن الدراسة لأنّها لم تتحمّل توبيخ معلّمتها في كلّ مرّة لا تجلب فيها أدواتها وكرّاساتها. أمّا الأختان الأخريان فتواصل إحداهُما الدراسة، فيما ظلّت الأخرى تشتغل من حين لآخر بصفة عرضيّة في الحقول الزراعيّة بعدما تزوّجت. كنّ أربع أخوات يعمَلْن في الحقول الفلاحيّة المجاورة، يشتغلن طيلة السنة باختلاف المواسم الفلاحيّة، خلال موسم حصاد القمح والشعير، وجني الزّيتون، وغراسة الثوم والبصل والفلفل والطماطم. لا يقتصر العمل على قطف الثمار فقط، ولكن أيضا تشكيل الأحواض وعزق الأرض وتقليب التربة، وحمل صناديق المحاصيل لمسافات ليست بالهيّنة. تقول هدى إنّ أكثر ما يُرهقها هو حمل الصناديق وتشكيل الأحواض، الّذي يُسمّى “تحمير”، خصوصًا وأنّ آثار حادثة أفريل 2019 مازالت محفورة في جسدها. “لا أذكر شيئا سوى أنّني كنت أضحك وأمزح مع من كانوا معي في العربة الخلفيّة، وفجأة سمعت دويًّا لم أُدرك ما هو، وإذا بي أشعر بأنّ شيئًا ما جثم على صدري، وفقدت الوعي. استفقت لوهلة فرأيت إحدى جاراتنا التي كانت معي على متن الشاحنة تلفظ أنفاسها الأخيرة، رأيتها كيف تموت. كنت عاجزة عن الحركة، مُلقاةً على الطّريق، وعندما تحسّست أسفل قدميّ وجدت أحد الركّاب مضرّجًا بالدم حتّى لا تكاد تميّز ملامحه، ورأيتُ فتاةً صغيرة فقدت يدها. فقدت الوعي مُجدّدًا ولم أستفق إلا وأنا في المستشفى”.

تعتبر هدى نفسَها محظوظةً لأنّها لم تفقد حياتها في تلك الحادثة، ولكنّها تحمل إصاباتٍ مازالت آثارها عالقة بجسمها إلى الآن، حيث كُسرت ساقُها وأجرت عمليّة جراحيّة على مستوى الرّكبة وفقدت جزءًا من قدمها الأخرى، وأُصيبَتْ بخَلْع في كتفها وهي لم تتماثل للشفاء إلى حدّ الآن. ظلّت تعمل رغم كلّ ذلك حتّى تجمع المال وتؤمّن ثمن ذهابها وعودتها إلى سيدي بوزيد المدينة، حيث تخضع للعلاج في المستشفى الجهوي. “ظللت ستّة أشهر أتردّد على مستشفى سيدي بوزيد حيث أخضع إلى العلاج الطبيعي وأراجع لدى طبيب نفسانيّ لتجاوز صدمة الحادث، ثمّ انقطعت وظللت أُباشر فقط لدى طبيب العظام والمفاصل، وحدّد لي موعدًا بعد سنة. عدت إلى العمل في الحقول رغمًا عنّي خلال تلك الفترة لتأمين مصاريف التنقّل والدّواء. كان عليّ أن أدفع أجرة التنقّل وتحمّل أعباء العلاج لأنّني اضطررت إلى إجراء تحاليل وصور بالأشعّة في عيادة خاصّة”.

تستيقظ هدى في الساعة الثالثة فجرًا ولا تدري هي ورفاقها ورفيقاتها إلى أيّ حقل سيأخذهم الوسيط. تقول إنّ الأجر يتغيّر من حقل إلى آخر ومن فلاح لآخر، في بعض الأحيان ترتفع أجرتُها إلى 25 دينارًا إذا عمِلت بجدّ، وفي حال قدمت متأخّرة أو كانت متعبة يتدنّى الأجر إلى 15 دينارًا.

تَنَظُّم النساء الفلّاحات

قصّة هدى تُشبه قصص منيرة، ونورة، ونزيهة، وأحلام، وأميرة، وغيرهنّ من النساء العاملات في القطاع الفلاحي اللائي كُنّ حاضرات في النسخة الثانية من مؤتمر أصوات عاملات الفلاحة الّذي انتظم بقصر المؤتمرات في تونس العاصمة يوم الأربعاء 07 ماي، مع بعض الفوارق البسيطة. لكنّ الألم والشعور بالضّيم كان القاسم المُشترك بين هؤلاء النّساء. بعضهنّ انتظَمْن في حراك أصوات عاملات الفلاحة الّذي يضمّ أكثر من 300 امرأة عاملة في القطاع الفلاحي، موزّعات على ثلاث مناطق، وهي جبنيانة من ولاية صفاقس، وسيدي بوزيد والقيروان. انتظم المؤتمر الثاني لحراك أصوات الفلاحات الّذي تؤطّره جمعية “أصوات نساء”، بعد خوض سلسلة من التحرّكات بدأت بتنظيم أول مؤتمر في 07 مارس 2023، عنوانه الرئيسي توحيد أجور النساء العاملات في القطاع الفلاحي وضمان حقّهنّ في التغطية الاجتماعيّة وتوفير نقل آمن لفائدتهنّ تطبيقًا للقانون عدد 51 لسنة 2019. كما نظّمت النساء وقفة احتجاجيّة في تحرّك “ثائرات” في 25 نوفمبر 2023 من أمام وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ بالعاصمة، للتعبئة حول قضيّتهنّ في الحياة الكريمة وفي حقوقهنّ الاقتصاديّة والاجتماعيّة، على اعتبار أن عدم المساواة في الأجر تُعدّ نوعًا من أنواع العنف الاقتصادي وتكوّنت أوّل نقابة أساسية للعاملات الفلاحيات راجعة بالنظر إلى الجامعة العامة للفلاحة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل بجبنيانة في 20 مارس 2022، تهدف إلى التشبيك مع مختلف النساء العاملات في القطاع الفلاحي في مختلف الولايات وتكثيف التحرّكات وتعبئة المنخرطات في النقابة لتفعيل المطالب الاقتصادية والاجتماعيّة. أمّا المؤتمر الثاني، فيُجدّد المطالب الاجتماعيّة ذاتَها ويُطالب الدّولة بأن تعترف بالعمل الفلاحي كمهنة تُضمَّن في بطاقات التعريف الوطنية للعاملات الفلاحيّات، إذ لا يُعقَل أن توضع عبارة “لا شيء” في بطاقة الهوية الرسمية للعاملة الفلاحيّة، والحال أنّها كلّ شيء، وفق عبارة الناشطة منيرة بن صالح منسّقة حراك أصوات عاملات الفلاحة في جبنيانة.

تقول نزيهة الدبابي المنتمية إلى النقابة الأساسية لعاملات الفلاحة في جبنيانة في  مؤتمر أصوات عاملات الفلاحة إنّ النساء يتعرّضن إلى مضايقات من الفلاحين ومن الوُسطاء الّذين ينقلون الفلاحات على متن الشاحنات الخفيفة: “عندما يعلَم صاحب الأرض أو الوسيط أنّ المرأة المُزارعة تُشارك في ورشات تدريب أو تنتقل إلى العاصمة لخوض تحرّك احتجاجي، يطردُها من العمل لأنّه يستغلّ ضعفها ولا يريد أن يستوعب كيف أنّ هذه المرأة واعية بحقوقها وترفع مطالب اجتماعيّة إلى الدّولة. الوسيط أيضًا لا يسمح للمرأة بركوب الشاحنة إذا علِم أنّها قد شاركت في وقفة احتجاجيّة، فتلجأ النساء إلى وسائل نقل بديلة مثل الكريطة (العربة التي تجرّها دابّة)”. تُشير نزيهة أيضًا إلى العنف الرّمزي والمادّي الّذي تُمارسه بعض الأوساط الذكورية على المرأة التي تناضل من أجل كسب حقوقها، حيث يتمّ تشويه سمعتها والنّيل من كرامتها، وهناك من تتعرّض للعنف الزّوجي.

تتقاطع شهادة نزيهة من جبنيانة مع ما ذكرته نورة العاملة الفلاحيّة أصيلة سيدي بوزيد، حيث تقول: “نحن نتحدّث بسبب الضيق والمرارة واحتقار الدّولة لنا. لم نكن واعيات بالخطر الّذي يُهدّد حياتنا ونحن نستقلّ العربات الخلفيّة للشاحنات. كنّا فقط نتسابق من أجل الصعود في العربة ولم نكن ندرك أنّنا نحمل أرواحنا بين أيدينا. الآن صرنا أكثر وعيًا وفهما لحياتنا”.

عرض مسرحي للعاملات: نصف ساعة مكثّفة

 في ذلك المؤتمر، شاركت النساء في عرض مسرحي من إخراج هالة عياد، مدّته 38 دقيقة، كان فرصة لتسليط الضوء على معاناة النساء العاملات في الفلاحة، والمفارقة بين الأجر الذي يتقاضَينَهُ، والمصاريف اليومية للنّساء والشباب. ففي أحد المشاهد، تظهر فتيات يتحدّثن عن مساحيق التجميل، وعن الزيوت النباتية، وعن مزايا النظام الغذائي النباتي، ثم تظهر امرأة مُزارعة لتقول إنّ خيرات الأرض التي يتمتّع بها الجميع هي لا تكاد تجني منها شيئا سوى آلام الظهر والمفاصل. ثمّ يحتدم الحوار حول غلاء الأسعار وارتفاع ثمن الموادّ الأساسية، لتظهر العاملة من جديد وهي تشتغل وتملأ الصناديق البلاستيكية المثقلة بالخضراوات، في إشارة إلى تحمّل العاملات أعباء إضافية لا تقتصر فقط على جني المحاصيل وإنّما تعبئتها وحملها وفرزها. 

وفي مشهد آخر، يدور حوار بين فتاة شابّة وعاملة فلاحية حول العناية بالبشرة واستخدام الواقيات الشمسية وكريمات الترطيب. تشكو الشابة آثار الشمس والأتربة على جودة بشرتها، فتقول لها العاملة إنها تتعرض يوميا لأشعة الشمس ولرائحة المبيدات التي تسبّب لها حساسية. فتقول لها الفتاة: “لماذا لا تعملين بعيدا عن أشعة الشمس؟ ولماذا لا تعتنين ببشرتك؟ هذه الكريمة ليست باهظة الثمن”، مثيرةً بذلك ضحك الحضور. 

ثمّ يظهر مشهد سريع تظهر فيه فتاة تسأل صديقها: “لماذا منحت النادل عشرة دنانير كإكرامية (بقشيش)؟ فيجيبها بأنّ هذا المبلغ زهيد لا يُضاهي ما تمّ استهلاكه، وهو في الحقيقة يُعادل ثمن يوم من العمل يبدأ فجرًا وينتهي بعد الظهر، في أفضل الحالات. 

ثم يتقدّم عدد من الشباب في لوحة أخرى يُخطّطون فيما بينهم لاختيار عدد من العُمّال لخدمة الأرض، ثمّ يتّفقون على اختيار النّساء لأنّهن أدنى أجرا وغير متطلّبات. وعندما اقتُرِح ذلك الأجر على العمّال انتفضوا ورفضوا وقالوا “لن نعمل بمثل هذا الأجر”، فيما تواصل النساء عملهنّ في صمت.

كما تطرح المسرحية مسألة البيروقراطية التي تزيد من تعقيد وضعية المرأة العاملة في الفلاحة، بسبب الإجراءات والوثائق التعجيزية التي تطلبها الإدارات من النساء الراغبات في بعث مشاريع فلاحية خاصة بهنّ، بدلًا من العمل كأجيرات في حقول الآخرين، ولكنّهنّ يصدمن بتكلّس إداري يجعلهنّ مُكْرَهات على مواصلة العمل في الضيعات، إلى جانب المحاباة والكيل بمكيالَيْن في منح التسهيلات لبعث المشاريع.

ثمّ يظهر في المشهد الأخير مجموعة من الرجال والنساء، وكأنهم نواب في البرلمان، يُظهرون فخرًا شديدًا بإعدادهم لقوانين تضم مئات الصفحات لحماية حقوق العاملات الفلاحيات، ثمّ تظهر النساء محتجّات وغاضبات إزاء هذه التدابير التي لم تغيّر حقيقة من واقعهنّ.

انشر المقال

متوفر من خلال:

عمل ونقابات ، حركات اجتماعية ، مقالات ، تونس ، حراكات اجتماعية ، حقوق العمال والنقابات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني