وقع جدال الأسبوع الماضي على صفحة مجموعة (group)على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، تحمل اسم "كلية العلوم- الجامعة اللبنانية". دار الجدال حول لباس الطالبات بين حرية ارتداء ما تراه الفتاة مناسباً لها وبين قمع إجباري عبّرت عنه مواقف الطالب في "كلية العلوم – فرع النبطية" محمد فحص المسؤول عن هذه المجموعة.
أما الجدال الذي سرعان ما أشعل مواقع التواصل الاجتماعي، فقد دار بداية بين فحص وطالبة أخرى تدعى ليال سبلاني، حول ملابس الفتاة في الجامعة. وقد جاء ردّ فحص عنيفاً ومما قاله "اكيد مع حظر كل شي لفوق الركبة والحفر، بس من الركبة ونص كم ما مشكلة يصطفلوا". وعندما سألت سبلاني "انتو عم تحظروا حالياً" أجابها "رسميا لا الا اذا اجت وحدة من غير هدوم طبيعي منتصرف بطريقة تانية، بس لي عم يجوا حفر وشورت او تنورة شبر هول موجودين وما عم نتطلع فيهم لأن منقرف بس مننتقدهم على الفايسبوك". وبمكان آخر قال "بتاكلها أتلة وبتتغطى بالقوة". أجوبة فحص وان كانت نابعة من موقف شخصي بحت لاقت مؤيدين له على صفحة المجموعة ومن ناحية أخرى أحدثت غضباً عارماً حيث وجد البعض في موقفه الذي بدا للوهلة عازماً على تطبيقه على أرض الواقع، أسلوباً سلطوياً فيه اهانة للمرأة ومحاولة لفرض سلطة دينية على جامعة هي لكل اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم الدينية والثقافية. وأن هذا الاسلوب الذي فيه الكثير من الترهيب يشوّه صورة الجامعة ويبعث الخوف لدى الطلاب او الراغبين في الانتساب اليها.
على ان الجدال لم يبق محصوراً ضمن "فايسبوك"، بل تحوّل الى مادة إعلامية دسمة مما دفع بإدارة الجامعة اللبنانية في "كلية العلوم – الفرع الخامس – النبطية" الى الرد واعتبار "بأنّ ما نشره الطالب محمد فحص على الصفحة يعبّر عن رأيه الشخصي" وان "إدارة الكلية غير مسؤولة عن هذا الكلام" و"انها عندما تريد التعبير عن أي موضوع يتعلق بالكلية فإنها تنشر على الموقع الرسمي الخاص بالكلية وضمن الانظمة والقوانين المرعية الاجراء في الجامعة اللبنانية".
وتداركاً للقضية ورفضاً "للتشهير" الذي طال الجامعة اللبنانية جراء هذه الواقعة، عقدت الأندية والمجموعات الطلابية في الجامعة اللبنانية من فروع وكليات عدة مؤتمراً صحافياً لها، نهار الاثنين 20/6/2016 امام مبنى الادارة المركزية للجامعة اللبنانية – المتحف بيروت وذلك للتأكيد على أن "المواقف المتطرفة التي صدرت عن بعض الطلاب على احدى صفحات الفايسبوك، هي مواقف تعبّر عن رأي أصحابها ولا يمكن لها أن تعبّر عن كافة طلاب الجامعة الوطنية". كما رفضت المجموعات "التشهير" الذي تعرضت له الجامعة من قبل بعض الوسائل الاعلامية التي "فبركت" بعض الحقائق بما يتناسب مع "مخيّلات معدّي هذه التقارير التي هاجمت ادارة وكليات الجامعة اللبنانية".
وأكدّ البيان الذي ألقته الطالبة خلود ابراهيم باسم أندية الجامعة والمجموعات الطلابية التي تضمّ كل من ("راديكال"، "نادي سما"، "سيغما"، "طلاب"، "النادي العلمي"، "التغيير"، "نبض الشباب"، "الوضع مش طبيعي") انّ النقد الذي تعرضت له الجامعة اللبنانية من قبل بعض تقارير وسائل الاعلام قد "تخطى مسألة الهيمنة الحزبية أو الفئوية أو غيرها على كليات الجامعة ليصل الى حد الافتراء، على الجامعة كصرح أكاديمي، بشكل لا يعكس الواقع بدقة وينعكس سلبا على الطلاب والطالبات ولا يرمي إلا لإضعاف الجامعة اللبنانية من أجل مصالح تجارية لبعض المتنفذين أصحاب بعض الجامعات الخاصة التي تعرف بدكاكين التعليم الجامعي دون المستوى الأكاديمي".
واعتبر البيان انّ "هذه الطريقة في التعاطي مع قضايا الجامعة، أدّت الى التعتيم حول واقع المعركة التي هي بين مؤيد للحريات التي يكفلها قانون الجامعة وبين من يريد قمعها ويلغي دورنا كمجموعات وأندية وما نقوم به من اجل جامعتنا الوطنية رغم محاولات التضييق علينا من مجموعات وفئات مختلفة".
وطالب البيان "رئيس الجامعة د. عدنان السيد حسين ومجلس الجامعة مجتمعاً، باصدار موقف واضح وصريح بشأن النزاع الحاصل بشكل عام ومسألة الحريات العامة في الجامعة بشكل خاص ووقف كافة الصفحات التي تدعي تمثيل كليات الجامعة أو على الأقل تغيير أسمائها".
كما أكدت المجموعات الطلابية والأندية على "ضرورة تفعيل دور المجلس التأديبي لمحاسبة كل طالب أو أستاذ يعمل على تشويه سمعة الجامعة ومستواها من خلال تعديه على حريات الطلاب وحقوقهم. كما أن الجامعة مطالبة بتأمين الضمانات اللازمة لطلابها لكي يمارسوا حريتهم الأكاديمية والفكرية والسياسية والثقافية والدينية، لما في ذلك خير على مستقبل الجامعة الأكاديمي والثقافي".
وأشار بيان الأندية الى ان هذا المؤتمر الصحفي هو النشاط الأول لهم مؤكدين على "استمرار النضال المشترك لاستعادة الحياة الطلابية والحركة الطلابية الديمقراطية داخل الجامعة اللبنانية". واعتبر البيان ان السبيل لذلك يكون في تحقيق مطالب عدة أبرزها "الانتخابات الطلابية وفق قانون نسبي يضمن سلامة التمثيل وقوننة عمل الأندية داخل الجامعة".
موقف إدارة الجامعة اللبنانية
إلقاء بيان الطلاب تم بحضور مدير العلاقات العامة في الجامعة اللبنانية، غازي مراد وفي حديث معه أكد ان "إدارة الجامعة لا تتبنى اي رأي"، وقال: "نحن مع التعددية وحرية الرأي وضد ما نشر وقيل في الصفحة لأن طلابنا هم من كافة شرائح المجتمع اللبناني".
ورداً على سؤال عن ان كانت الجامعة على علم بوجود مجموعات مماثلة على "فايسبوك" اشار الى ان"الجامعة على علم بذلك لافتاً الى وجود موقع رسمي وحيد للجامعة اللبنانية". وأضاف:" الحقيقة يجب ان تتم المتابعة مع ادارة الفايسبوك لوقف كل الصفحات التي تتكلم باسم الجامعة اللبنانية وهي لا علاقة لها بها".
واعتبر ان ما صرح به محمد فحص مجرد رأي على "فايسبوك" لا اكثر. ورداً على سؤال ان تعرضت فتاة لمضايقات بسبب لباسها هل يحق لها ان تشتكي لإدارة الجامعة أجاب: "الجامعة اللبنانية تعلم القانون وعلم الاجتماع وبالتالي تطبيق القانون ومبادئ علم الاجتماع من مسؤولية الجامعة اللبنانية".
آراء الطلاب
ومن المعروف ان الانتخابات الطلابية في الجامعة اللبنانية متوقفة منذ العام الدراسي 2007-2008 مما يعني ان المجالس الطلابية ممدة لنفسها منذ انتخابات العام الدراسي 2006-2007. هذا التمديد عطلّ الحياة الطلابية في الجامعة اللبنانية في كافة فروعها. الا ان الحراك المدني الذي ولد في صيف العام 2015 مع بروز أزمة النفايات ونتج عنه مجموعات مدنية عدة تتابع قضايا الناس سعياً للمحاسبة وصل تأثيرها الى أروقة الجامعة الامر الذي تولد عنه أندية ومجموعات طلابية غير مرعية في قانون الجامعة الا انها تسعى الى احداث التغيير في الكليات التي ولدت فيها.
وعن ذلك تحدث الطالب في كلية العلوم – الفرع الاول حسن حفار من نادي "رديكال" وقال: "الهدف الاول للنادي لدينا "نسوي" يسعى الى تعزيز دور المرأة في الجامعة عن طريق السياسة والمجتمع". حفار اعتبر ان "المشاكل الحقيقية في الجامعة تكمن مع الادارة، حيث ان تنظيم أي نشاط يأخذ وقتاً قبل ان تتم الموافقة عليه. كما ان كل نشاط في الجامعة يحتاج الى اذن من مخابرات الجيش".
وان علاقة النادي بمجلس الطلاب الحالي جيدة طالما يتمّ "اعلام المجلس بكل نشاط قبل القيام به فإما يوافق عليه وإما لا. ولكن بالنهاية الموافقة الاساس هي لمدير الكلية علماً انه قد يتعرض للضغط في حال كان الموضوع حساساً فيرفض". ولفت الى ان "السعي اليوم هو الى قوننة وجود الاندية في الجامعة اللبنانية وهذا ما سيمنح الشرعية لنا وبالتالي سيسهل قيامنا بالانشطة والتحركات".
أما غنى مجذوب الطالبة في كلية الفنون من نادي سما الذي يعنى بالانشطة الاكاديمية والفنية والثقافية، في الجامعة فلفتت الى ان "المشكلة مع الادارة تكمن في كون الأندية لا يوجد لها قوانين في الجامعة اللبنانية". واكدت :"ان حريتنا ليست مصادرة ضمن الجامعة اللبنانية الا اننا نشعر في اماكن انها محدودة بمناخ معين. نحن كنوادي نحاول كسر هذا الامر وبناء علاقة جيدة مع الادارة نظراً لضرورة القيام بأنشطة وتوسيع آفاقنا".
واشارت ان "وجود الأندية في السنوات الأخيرة حسن في وضع الجامعة بعض الشيء" مشيرة الى انه "في الجامعة اللبنانية فرع الحدث هناك طلاب امثال فحص يحاولون فرض فكرة معينة ولكن أحدا لا يكترث لهم". واكدت انه مضى على وجودها في الجامعة اربع سنوات ولم يتعرض لها احداً بسبب لباسها وقالت: "ربما قد يوجد افراد يسعون الى توجيه النصائح في هذا الموضوع ولكن ليس بالاسلوب الهجومي الذي انتشر عبر الانترنت".