بتاريخ 21/11/2015، وعشية الاستعداد للإحتفال بعيد الاستقلال، نظم الحراك الشعبي في لبنان وقفات تضامنية تحت عنوان "استقلال الشعب" في جميع محافظات لبنان في توقيت موّحد.وهذه الخطوة هدفت بالدرجة الأولى الى الدعوة والحشد للتحرك الكبير ظهر الأحد 22/11/2015 في ساحة الشهداء.
وأتى هذا التحرك تحت عنوان "يوم الاستقلال عن نهج المحاصصة والفساد والعودة الى نهج الدولة" من جهة والاستقلال عن تقاعس الشعب إزاء هجرة أبناءه في قوارب الموت والسكوت عن تلوث بيئته من جهة أخرى. كما أنه كان يوم "لتوجيه التحية الى المنسيين الحقيقيين في هذا الوطن، أهالي المفقودين والمهجرين والمعوقين المحرومين من التعليم والأسرة المحتجزين في عرسال والى كل إمراة وطفل يعاني من العوز والتمييز على أرض البلد الحبيب".
وبالعودة الى يوم السبت، فقد شهدت مدينة طرابلس "وقفة مواطنية"، أمام السراي شارك فيها مجموعة من الناشطين في المجتمع المدني. وانضمت اليهم مجموعة من أساتذة الجامعات والمدارس فضلاً عن ممثلين عن لجنة الدفاع عن المستأجرين القدامى وعدد من الجمعيات المدنية أبرزها منتدى المعاقين في لبنان الشمالي.
المشاركون في الوقفة إلتزموا بشعار الحراك الشعبي في كل لبنان فرفعوا يافطة كتب عليها "عيد استقلال الشعب… الاستقلال عن المحاصصة والفساد". وحدهم الناشطون في منتدى المعاقين في لبنان الشمالي رفضوا ان تفوتهم الفرصة في إعلاء صوتهم أمام وسائل الإعلام والرأي العام وهم أكثر الفئات حرماناً وتهميشاً في لبنان. فرفعوا يافطات حملت مطالبهم منددين بعدم تطبيق قانون ذوي الاحتياجات الخاصة 220/2000 حتى اليوم. ومن الشعارات" للأشخاص ذوي الإعاقة الحق في التواصل وين لغة الاشارات؟"، "الحق في المساءلة السياسية وين مراكز التصويت المجهزة؟"، "الحق في العمل وين الحق بـ3%؟"،"الحق في الرياضة وين مبنى التجهيزات الخاصة فيها؟".
وعن طبيعة هذة "الوقفة" تحدث الدكتور سامر انوس: "هذا العيد عيد استقلال الشعب ونحن لا يوجد لدينا لا هيئة ادارية ولا عقل مدبر، حتى ان هناك العديد من المنظمين الذين رفضوا الحديث الى الوسائل الاعلامية وهذا امر ايجابي جدا. لاسيما في طرابلس لانه في الفترة السابقة شهدنا بعض الطفيليات التي تنسب نفسها للمجتمع المدني بينما تأخذ تحركاتها طابع الشخصنة او يبيعون مواقفهم الى سياسي معين او فريق معين، وبالتالي فإن هذا الامر جيد جداً وهو بداية لتغيير".
كما شدد على ان التحرك لم يشهد مطالب تخص أهالي طرابلس دون سواهم بل كان هناك التزام بالبيان الموحد وبالتالي لم يتم رفع شعارات ومطالب أخرى. وقال: "قمنا بتوزيع البيان للناس لندعوهم للنزول الى ساحة الشهداء وكان من الجميل الاستماع الى آراء الناس ومواقفهم. أثناء ذلك كان البعض يسأل "انتو مين" والبعض قال "ما بيطلع من أمرنا شي في هذا البلد" ولكن أهمية ذلك تكمن في خلق هذا النقاش".
ولفت الى أن هذا الحراك يطال: "أي فرد يشعر انه مهمش وان هذا النظام يمنعه من ان يعيش حياته كمواطن". كما طالب بالكف عن تخوين الحراك الشعبي وإعطاءه الفرصة لاثبات وجوده، مؤكداً أن"ايجابيته تكمن في تنوعه وأن يكون لكل الأطراف فيه مساحتها الخاصة". وختم قائلاً:"نحن نريد بناء وطن بعيدا عن المحاور الدولية والاقليمية التي لا علاقة لها بمعاناة المواطن الحياتية من النفايات وغيرها".
بدوره تحدث الناشط جهاد جنيد وهو أحد المنظمين للوقفة: "جئنا اليوم لنقول انه في 22/11/2015 سنحتفل بعيد الاستقلال ولكن ليس ذلك الذي يتم الاحتفال به كل عام، وانما هذا النهار اعلناه استقلال عن المحاصصة والفساد. اليوم عند الساعة الحادية عشر صباحاً هناك أشخاص يقرأون بياناً واحداً في ثماني محافظات في لبنان للدعوة الى نفس التحرك والاهداف وهذا ما يعجز عن القيام به أكبر حزب في لبنان. والغاية إظهار الصورة الواحدة الموحدة لإرادة الشعب والتي نحاول نشرها بكل لبنان".
واكد جنيد ان هذا النهار هو في رمزيته أما المطالب محصورة في البيان الموحد وتابع: "قمنا بهذا التحرك حتى نستقل عن هذه الطبقة السياسية التي ارسلت اولادنا بعبّارات الموت والتي الى الآن عجزت عن حل قضية المخطوفين والمخفيين قسراً والتي لم تحل قضية العسكريين الذين مضى على اختطافهم 408 ايام".
يعتبر الدكتور بشير مواس ان مشاركة الناس ضعيفة بالمقارنة مع خطورة الأوضاع التي تمر بها البلاد وان هناك حاجة الى تفعيل الحراك واعطاءه الزخم. وشرح عن سبب مشاركته: "انا اعتبر أن الوضع في لبنان لم يعد يجوز السكوت عنه من قبل كل مواطن يشعر بأن هذه السلطة لا تزال توغل في ممارساتها التي تتناقض مع مصلحة الوطن والمواطن. لم يعد يجوز قبول هذه الممارسات السلطوية التي أصبحت في مستوى غير مسبوق من السرقة والنهب العلني. إنها سلطة المحاصصة المذهبية التي لم تتوقف عند حد. كنا نسمع سابقا عن صفقات وسمسرات لكنهم لم يكونوا على هذا النمط اللااخلاقي. أي مشروع لا يمكن ان يصبح حقيقيا إلا إذا حصل أحد أطراف السلطة على حصة أو عمولة وليس آخرها موضوع النفايات وقبله الخليوي وقبله الكهرباء الخ".
يشعر المحامي خالد مرعب بالخيبة من ضعف المشاركة في الوقفة المواطنية ويعتبر ان ما يمر به البلد يحتاج مشاركة كثيفة من الناس. وعن ذلك قال: "شاركت لان المطالب محقة ولانني ادعم اي حراك حاصل بغض النظر عمن قام بتنظيمه لاننا ننزل دفاعاً عن قضايا وليس من أجل أشخاص".
لا يؤمن الناشط سامر دبليز كثيراً بمقولة إستقلال لبنان ويعتبر ان هذه القناعة مترسخة عند شريحة كبيرة من المواطنين. "أشارك في هذا التحرك لتأكيد أمر واحد في هذه المناسبة وهو تمسكنا بالبلد وتمسكنا بالوطن. انا مع ان يأخذ الناس المبادرة في محاسبة المسؤولين على الرغم من ان لدي الكثير من المآخذ. الا ان هذا الأمر صحي ويجب ان يحدث لأنه قد يؤدي الى اعادة صياغة الوضع القائم في هذا البلد".
بعد 72 عاماً على نيل لبنان استقلاله، يعبر مواطنون في المحافظات الستّ ضد سلطات الفساد والمحاصصة التي تدير شؤونهم وفقاً لمصالحها. فهل يتحقق الاستقلال الحقيقي "استقلال الشعب؟"
الصورة من تصوير حسن عثماني