صحت مدينة صيدا على غير ما نامت عليه. بدأت ليلها بتظاهرات شكل الفتيان وشباب أول العمر عماد المشاركين فيها، بين مشكك بأهدافها وخصوصا لجهة الإنحياز للرئيس المستقيل سعد الحريري، بين مدافع عن عفويتها، كان الثابت الأهم أن الخارجين إلى الشوارع ليلاً لم يرفعوا غير العلم اللبناني، على وقع هتافات تسيّدها هتاف حراك تشرين 2019 “كلن يعني كلن”، وطاق طاق طاقية، كلن قرطة حرامية”.
وعلى غرار شوارع في مناطق ومدن أخرى من لبنان، خرج الشارع الصيداوي بالأمس برغم جهود العديد من الأطراف التي حاولت “ضبط الشارع” أو اعتقدت بأن “الثورة انتهت”. أما اليوم، الخميس 31 تشرين أول 2019، وفي حين أتى التحرّك في مدينة صيدا بالأمس عفوي وفتي، إذ غالبية الذي شاركوا بالتظاهرة في ساحة إيليا وفي المسيرات التي جالت في صيدا كانوا قُصّراً وشباب في أوائل العقد الثاني من العمر، فالعديد من الإشاعات انتشرت مشكّكة بعفويةّ التظاهرات وتأييدها لـرئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري. لكن في الواقع، أحداً من المتظاهرين لم يأت يهتف مع أي من رموز السلطة بل التزم المتظاهرون بهتافات الثورة منذ يومها الأول مثل: “كلن يعني كلن”، “الشعب يريد إسقاط النظام” و “طاق طاقية، كلن قرطة حرامية”. كما لم يحمل المتظاهرون في صيدا علماً سوى العلم اللبناني.
فقد استيقظت صيدا بشكل طبيعي من دون قطع طرقات مع الإلتزام بنقل الإعتصام من ساحة أيليا إلى “حديقة أبو مازن الناتوت”، عند تقاطع إيليا.
الخروج الليلي يبرره أحد الناشطين ب” “نحن لسنا في حرب كي نلتزم بأي هدنة، والهدن لا تعطى في الثورات” وفق ما قال في حديث مع المفكّرة.
حماس الشّباب
إلى جانب الشارع، بدا واضحاً تفضيل بعض “الناضجين” أو “المتريثين” الإلتزام بالإتّفاق مع الجيش اللبناني والقوى الامنية بهدنة الـ48 ساعة فاكتفوا بالوقوف إلى جانب الطريق وفي “حديقة الناتوت”.
لكن عودة التّظاهر إلى ساحة إيليا لم تكن بـ”عودة”، بالمعنى الفعلي للكلمة، إذ لم تذهب مظاهر الإعتصام عن ساحة إيليا بل انتقلت من الطريق العام إلى ما يسمّى بـ”حديقة الناتوت” في صيدا ظهيرة يوم أمس الأربعاء. أما الخروج مجدّداً إلى الشارع فبدأ مع تجمّع الطلاب في صيدا للإعتصام ضد قرار وزير التربية أكرم شهيّب بإعادة فتح المدارس اليوم الخميس.
“شاهدنا عبر التلفاز أن المعتصمين في كل المناطق عادوا إلى إغلاق الطرقات فعدنا إلى الشارع” يقول أحد الشباب المتظاهرين ل المفكّرة.
ولكن مع تفاقم الجو الحماسي في الساحة، حاول المتظاهرون إعادة الخيم التي عمل الجيش اللبناني صباح أمس على نقلها إلى الرصيف لإبقاء الطريق سالكاً للسيارات، ما استدعى تدخّل عناصر الجيش بالعُصي، ما أدّى إلى تكسير الخيم وإصابة 5 جرحى.
“في أول هذا النهار، أعادونا من نصّبوا أنفسهم ممثلين للشارع إلى منازلنا، لكننا لم نرد أن نعود. لم تنته ثورتنا في الشارع”، تقول إحدى المتظاهرات. لكن الجيش لم يسمح للمتظاهرين بإعادة قطع الطريق عند تقاطع إيليا فعادوا إلى الحديقة مع منتصف الليل.
الثورة تخلق مساحات عامة جديدة في صيدا
وفي العودة إلى حديقة الناتوت التي تركّز فيها الاعتصام منذ ظهيرة أمس، فقد تمكّن المعتصمون من تحويل الحديقة “المهجورة” أو “الجزيرة الخضراء” التي لم يكن يرتادها أحد بسبب توسطها طريقين سريعتين، تمكنوا من تحويلها إلى حديقة عامة تنبض حياة من خلال نصبهم الخيم، ووضعهم الكراسي والطاولات والأراكيل وبسطات بيع الذرة والفول تحت أشجارها.
كما نظّم مجموعة ناشطين من المدينة أمس الأربعاء حلقة حوارية حول سد بسري والسياسيات المائية في لبنان، باستضافة بول أبي راشد ورولاند نصّور من “الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري” حيث عرض خلالها المحاضرون الآثار السلبية للمشروع والبدائل الطبيعية “التقليدية” لحل مشاكل المياه في لبنان.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.